المظاهرة الشعبية في كابل تكشف خديعة السنوات الأربع
2 جمادى الأول 1427

أشعل حادث المرور الذي وقع شمال العاصمة كابل ظهر الاثنين 29 مايو، وتسبب في مقتل أفغاني وجرح 6 آخرين بعربة أمريكية مدرعة ـ بحسب رواية الجيش الأمريكي ـ ، غضب الأهالي بشكل واضح، في مؤشر يدل على الحنق والغضب الذي يعتري الأفغان، ويكشف مدى هشاشة النظام الأفغاني القائم على دعم واشنطن، ومدى زيف المعلومات المقدمة حكومياً (في واشنطن وكابل) عن موالاة الأفغانيين لحكومة كرزاي.<BR><BR>فخلال دقائق قليلة، اجتاحت المظاهرات شوارع العاصمة التي من المفترض أن تكون _حسب الادعاءات الحكومية_ أكثر المدن الأفغانية تأثراً وقناعة بالحكومة الموالية للاحتلال، وخرج المئات من شمال العاصمة إلى وسطها، مرددين هتافات ضد الاحتلال الأميركي، وضد الحكومة الموالية له.<BR><font color="#0000FF">لا مبالاة الأمريكيين: </font><BR>التصرفات التي يقوم بها جنود الاحتلال الأمريكي في أفغانستان زادت من حدة ردة الفعل الشعبية على الحادث الذي وقع الاثنين في كابل، حيث اصطدمت عربة عسكرية أمريكية مدرّعة بسيارة مدنية أفغانية، ما تسبب بمقتل 5 أفغانيين على الأقل وجرح نحو 17 آخرين.<BR>وتعاملت قيادة الاحتلال مع الحادث كما لو كان الحادث أسفر عن مقتل كائنات حية غير بشرية.<BR>حيث قام الجنود الأمريكيين بالتأكد من سلامة الجنود في العربة العسكرية، دون الالتفات إلى ما أصاب الأفغان، الذين هرع الأهالي لنجدتهم ومساعدتهم، فيما طلب الأمريكيون منهم الابتعاد عن المنطقة ضماناً لحماية جنودهم.<BR>ونقلت وكالة الاسوشيتدبرس عن أحد الشهود العيان قوله: " وقعت أحداث اليوم؛ لأن الأميركيين يقتلون الأبرياء دوماً، ولن نتوقف عن المظاهرات حتى يغادر الأجانب المدينة".<BR>وفي تعليقها على الحادث قالت وكالة الأنباء الأمريكية: " إن الأفغان غالباً ما يشكون من ما يسمونه " الأساليب العدوانية في تعامل القيادة العسكرية الأميركية"، وأضافت تقول: " القوافل العسكرية الأمريكية تمر في كثير من الأحيان في المناطق المكتظة بالسكان والسيارات بسرعة عالية، دون التقيّد بقواعد السير، ويقول الجيش الأمريكي "إن هذه الأساليب ضرورية لحماية الجنود من أي هجوم".<BR>وهو ما يعد اعترافاً ضمنياً بالأخطاء التي يقوم بها الجنود الأمريكيون بحق المدنيين الأفغان، الذين لا معنى لحياتهم مقابل حماية القوافل العسكرية المدرّعة!<BR><font color="#0000FF">شرارة المظاهرات: </font><BR>الموقف الجديد الذي حدث شمال العاصمة الأفغانية أثار حفيظة المدنيين الموجودين على مقربة من الحادث، والذين استشاط بهم الغضب فهبوا في مظاهرة ألقوا خلالها الحجارة على القافلة الأمريكية المكوّنة من 3 عربات عسكرية، فيما قابلت قوات الاحتلال الحجارة بالرصاص الحي، ما أسفر عن مقتل عدة أفغانيين وجرح عدد أكبر.<BR>قيادة الاحتلال الأمريكية ادعت أن الحادث أدى إلى مقتل مدني واحد وإصابة 6 آخرين، إلا أن وكالة فرانس برس نقلت عن الشرطة الأفغانية قولها: " إن الحادث أدى إلى اصطدام عدة عربات مدنية، ما أسفر عن مقتل 5 وإصابة 17 آخرين".<BR>ووفقاً لبيان من قصر (الرئيس الأفغاني) حامد كرزاي؛ فإن شاحنة كانت ضمن قافلة أمريكية اصطدمت باثنتي عشرة عربة وقتلت 5 أشخاص على الأقل.<BR><BR>كما ادعت قيادة الاحتلال الأمريكية أن جنودها أطلقوا النار في الهواء لتفريق المتظاهرين في مكان الحادث، إلا أن لقطات متلفزة عرضتها قنوات فضائية (منها قناة الجزيرة الفضائية والسي إن إن) أظهرت سيارة عسكرية مسرعة تطلق النار على جموع المتظاهرين الذين كانوا يهربون فوق التلال هرباً من الرصاص الحي.<BR>سرعان ما انتقلت هذه الأنباء عبر وسائل الإعلام والشهود إلى مناطق متفرقة من أفغانستان، ووجدت أصداءً لها وسط العاصمة الأفغانية، التي اشتعلت فيها مظاهرات في محيط المناطق الحكومية، وانتشرت في أماكن أخرى متفرقة لتشمل معظم العاصمة كابل.<BR><font color="#0000FF">موقف قوات الأمن الأفغانية: </font><BR>برز الموقف السلبي لقوات الأمن الأفغانية العميلة بشكل بارز خلال أحداث الاثنين، حيث اتخذت هذه القوات مواقف دفاعية عن قوات الاحتلال الأمريكية، وقدمت الدعم اللازم لحمايته، وتصدّت للمدنيين الأفغان الذين ارتفع عدد القتلى بينهم برصاص الأمن الأفغاني.<BR>ولم تكتف قوات الأمن بذلك، بل سارعت إلى إغلاق الشوارع أمام المظاهرات، وتطويقها بالسيارات والجنود، وإطلاق النار عليهم بشكل مباشر.<BR>الموقف الذي اتخذته قوات الأمن لم يكن غريباً، خاصة وأنها كانت قد تدرّبت على يد القوات الأمريكية لتولي مهام الدفاع عن الأمريكيين وحمايتهم والامتثال لأوامرهم ضد أي أفغاني معادي للوجود الأمريكي.<BR>أما الرئيس الموالي للاحتلال حامد كرزاي، فقد تصدى للأزمة بإعلانه أن المدنيين الأفغان هم " انتهازيون ومحرضون"!!<BR>وقال في كلمة متلفزة وجّهها للشعب الأفغاني بغية تهدئة الأوضاع (...): "إن انتهازيون ومحرضون قاموا بتغذية الاضطرابات"! محذراً الأفغان من أنهم "لن يستطيعوا تحمل ترك أعداء الداخل يدمرون البلاد". حسب زعمه.<BR>وقال كرزاي الذي عيّنته الولايات المتحدة بعد أن كان مدعوماً في الخارج من قبل واشنطن قبل احتلال أفغانستان: "ما أريده من المواطنين أن يتعاملوا بجدية أينما واجهوا مثل هذه العناصر، وألا يسمحوا لهم بتدمير وطننا مرة أخرى"!!<BR>هذه الكلمات العقيمة، زادت من غضب الأهالي المدنيين، الذين لم يجدوا في خطاب العميل الأمريكي أي لوم على قوات الاحتلال، ولم يجدوا أي نصر شفهي لهم في محنتهم أمام الاحتلال، ما زاد من أعمال العنف في البلاد.<BR><font color="#0000FF">اشتعال المظاهرة: </font><BR>مع عصر يوم الاثنين، ارتفعت وتيرة المظاهرات في المدينة، حيث تجمّع الآلاف منهم وسط العاصمة متجهين إلى مناطق حكومية حساسة، بغية التأكيد على نفاذ صبرهم من تحكم واشنطن وأعوانها في البلاد.<BR>وحاصر أكثر من ألف منهم البرلمان، فيما اتجه آخرون إلى القصر الجمهوري، وسمعت طلقات الرصاص عندما أطلقت الشرطة وجنود الجيش الأفغاني النار على المتظاهرين الذين سقط العشرات منهم بين قتيل وجريح.<BR>كما توجّهت جموع أخرى باتجاه الحي الدبلوماسي الذي طوٌقته قوات أمريكية وقوات من الائتلاف الدولي (إيساف) التي وصلت إلى العاصمة من قواعدها العسكرية القريبة، بغية تأمين الحماية للأمريكيين وللحكومة العميلة.<BR>وردد المتظاهرون هتافات ضد الرئيس كرزاي، وأظهرت لقطات بثتها قناة (الجزيرة) الفضائية مسناً أفغانياً وهو ينتقد كرزاي بشدة على ما فعله من تدمير لأفغانستان وموالاة لأمريكا.<BR>وقالت وكالة رويترز للأنباء: " إن المئات توجهوا إلى السفارة الأمريكية وهم يهتفون بشعارات "الموت لأمريكا" وأحرقوا أعلاماً أمريكية".<BR>مضيفة أن بضع عشرات من المتظاهرين شقوا طريقهم ليتجاوزوا نطاق الشرطة المضروب الذي يحرس الطريق إلى السفارة الأمريكية الحصينة، والقوا حجارة على عربات تقل أجانب إلى داخل مجمع السفارة.<BR>وأحرق الأفغان الغاضبون خلال مظاهراتهم عربتين للشرطة الأفغانية على الأقل، ودمروا نوافذ فندق (سيرينا) الموجودة وسط كابل، والذي كثيراً ما ينزل فيه الأجانب. كما حاصروا عدة مراكز للشرطة، ما اضطر رجال الأمن للفرار.<BR>كما هاجم المتظاهرون الغاضبون صحفيين غربيين، دون أن يسفر ذلك عن وقوع قتلى بينهم.<BR>وأمام تلك التحركات التي تعد الأعنف منذ احتلال البلاد أواخر عام 2001، قامت قيادة الاحتلال الأمريكية بإغلاق السفارة الأمريكية وإخلاء الموظفين هناك، وأمرت بتطويق المنطقة بقوات أفغانية تشكّل حاجز أمني بين المتظاهرين والأمريكيين الذين لجئوا للداخل.<BR>كما طلب من الأجانب عدم الخروج إلى الشوارع، وتحصّن عمال وموظفو المنظمات الدولية بحصون وملاجئ خوفاً على أرواحهم من الهبّة الشعبية.<BR>وكالات الأنباء الغربية قامت بتغطية متحيّزة للأحداث، حيث ذكرت وكالة الاسوشتدبرس _على سبيل المثال_ أن المتظاهرين نبهوا المحلات التجارية ومقار الهيئات الدولية للمعونة، وأضرموا النار في مكاتب تلك المنظمات.<BR>فيما حاولت وكالة وريترز الإشارة إلى عدم صحة أنباء مقتل المدنيين الأفغان برصاص الاحتلال الأمريكي، مشيرة إلى أنهم قتلوا برصاص القوات الأفغانية فقط، وكتبت تقول: " ويبدو (!!) أن إحدى السيارات الأمريكية المحاصرة أطلقت النار في الهواء(!). وفتحت الشرطة الأفغانية النار أيضا عندما وصلت لمساعدة الجنود الأمريكيين".<BR>وتظهر الأحداث الجديدة مدى الحنق الذي يعيشه الأفغان بسبب استمرار تحكّم الولايات المتحدة ببلادهم، وتسلّط حكومة موالية للاحتلال بهم، مدعومة من قبل القوات الأمريكية والدولية.<BR>كما تشير الأحداث الجديدة إلى عدم رضا الأفغانيين عما يدور في بلادهم، وهو الأمر الذي حاول الإعلام الأمريكي والأفغاني الحكومي إظهاره بشكل ملفّق على الدوام.<BR><br>