أهل السنة في العراق ..لا بواكي لهم
25 محرم 1427

كشفت الأحداث الأخيرة التي شهدتها العراق خلال اليومين السابقين، مدى الاحتقان لدى الشيعة العراقيين، ومدى تعاضد الشيعة في الداخل والخارج، ومقدار حجم التأييد والدعم الذي يحصلون عليه من قبل أطراف خارجية، ضد المسلمين السنة.<BR>ولم تقف تداعيات الموقف عند هذا الحد، إذ أوضحت هذه الأحداث مدى العزلة التي يعيشها المسلمون السنة داخل بلادهم، ومقدار التفكك العربي والإسلامي الذي لم يتخذ موقفاً واضحاً وحازماً تجاه مقتل العشرات من أهل السنة، وهدم مساجدهم وبيوتهم.<BR><BR><BR><font color="#FF0000">أزمة الانفجار: </font><BR>استهدف الانفجار الأخير الذي أشعل فتيل الأزمة، مسجداً يضم ضريحين يعدان من الأضرحة المقدسة لدى الشيعة، وهما ضريح الإمام علي الهادي، الذي يعتقد أنه توفي عام 868م، وضريح ابنه الإمام حسن العسكري، الذي يعتقد أنه توفي عام 874. وهما من أئمة الشيعة الاثني عشر.<BR>كما يضم المجمع مقام الإمام محمد المهدي (الإمام الثاني عشر والأخير) الذي يدّعي الشيعة أنه دخل قبو داخل المجمع، في عام 878م، وأنه سوف يعود في آخر الزمان!!<BR><BR>بخلاف الخرافات التي يعتقدها الشيعة ، إلا أن الأئمة الاثني عشر على أي حال يعدون بالنسبة للمسلمين السنة، من أهل البيت، أحفاد علي بن أبي طالب _رضي الله عنه_ وينظر إليهم بتقدير واحترام. <BR><BR>كما أن لدى السنة مشروع حقيقي للدفاع عن العراق، واستهداف القوات الأمريكية المحتلة، ما يجعل إشعالهم لفتيل أزمة تهدد بنشوب حرب أهلية، مسألة بعيدة.<BR>فضلاً عن ذلك، فإن الانفجار استهدف المسجد الذي يضم الأضرحة الشيعية، في مدينة يتولى الوقف السني إدارته، ما يعني أن انفجاراً فيه سوف يشير بأصابع الاتهام باتجاه السنة ذاتهم، وبالتالي فلا أحد من أهل السنة سيفكر في تفجيره.<BR>كما لم تعلن أية جهة سنية حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم، وإن كانت بعض أصابع الاتهام أشارت إلى تنظيم (القاعدة) في بلاد الرافدين، إلا أن التنظيم كان ليعلن مسؤوليته فور حدوث التفجير.<BR><BR>ويبدو أن الجهة التي قامت بتفجير المسجد كانت تهدف تماماً إلى إشعال أول طرف في الفتنة الطائفية بالعراق، خاصة وأن جميع الجهود الدبلوماسية والعسكرية والسياسية لم تفلح في إيقاف المقاومة المسلحة، خاصة السنية منها. ودخول أهل السنة في صراع مع الشيعة في هذه المرحلة، من شأنه أن يوقف أعمال المقاومة تجاه القوات الأمريكية لمدة ليست بالقصيرة، ويذهب ببأس المقاومة لغير صالحها.<BR><BR><font color="#FF0000">الرد الشيعي الجاهز! </font><BR>من أغرب ما حدث في العراق، أن اللحمة الشيعية كانت على أهبة الاستعداد لفعل كل شيء خلال الساعات الأولى من حدوثه.<BR>- الحكومة العراقية الشيعية -بامتياز- أعلنت الحداد على مستوى الدولة مدة 3 أيام، في وقت لم تعلنه لمقتل آلاف العراقيين من أهل السنة، كما لم تعلنه عند تدمير مدينة الفلوجة السنية، أو اجتياح مدينة القائم والمدن الأخرى، بل ساعدت الأمريكيين في ذلك.<BR>- (المرجع الشيعي الأعلى في العراق) علي السيستاني، أعلن الحداد سبعة أيام (!)، لتفجير الضريح، داعياً إلى خروج الشيعة في مظاهرات منددة بالحدث، شكّلت البؤرة الأساسية التي خرجت منها أحداث العنف باتجاه المسلمين السنة.<BR>- الزعيم الشاب مقتدى الصدر، قطع زيارته إلى لبنان، داعياً أتباعه إلى أخذ الثأر من المسببين بالانفجار.<BR>فجأة بات لدى أتباع الصدر أسلحة كاملة العتاد، على الرغم من الاتفاق المعلن في وقت سابق بين قيادة الاحتلال والصدر، لنزع أسلحة ما يسمى (بجيش المهدي)!<BR>- إعلان المراجع الشيعية في إيران، والقيادة الحاكمة، تنديدها بما حدث، داعية إلى القصاص من المسببين، فيما لم يتنطّع أحدهم للتعبير عن موقف مماثل عندما حدثت المجازر الجماعية في المدن السنية.<BR>- خرج عشرات الآلاف من الشيعة في عدة أماكن في العراق، وتوجهوا إلى مساجد أهل السنة، وقاموا بالاعتداء عليها وتخريبها. كما قتلوا العشرات من المسلمين، بعضهم كانوا يؤدون صلاتهم في تلك المساجد.<BR>- أعلن (الرئيس الأمريكي) جورج بوش، موقفه المساند للشيعة، معبراً عن استياءه لتفجير الضريح الشيعي (!)، في وقت لم يقدم فيه أي إعلان مساند للمسلمين السنة، وهي تهدّم مساجدهم ومنازلهم فوق رؤوسهم.<BR>- أعلنت أمريكا ودول أخرى (من بينها إيطاليا) بتقديم مساعدات مالية فورية، بهدف إعادة بناء المسجد الشيعي، فيما لا تزال مئات المساجد السنية مهدمة ومدمرة في معظم المدن السنية، منذ بداية الاحتلال.<BR>- خرجت مظاهرات شيعية منددة بالحدث في لبنان، مساندة لمصاب شيعة العراق!<BR>وبدا الأمر (شيعياً)، كأنما احتجز الشيعة في قلوبهم غلّاً وحقداً تجاه المسلمين السنة في العراق، فجّروه دفعة واحدة حال انفجار الضريح الشيعي في سامراء.<BR><BR><font color="#FF0000">من المستفيد؟</font><BR>لا يبدو أن أحد قد استفاد من هذه الهجمات الأخيرة أكثر من الاحتلال الأمريكي، الذي عجز حتى الآن عن إيقاف المقاومة المسلحة السنية، أو التصدي لتكتيكاتهم المتطورة بشكل مستمر، رغم مليارات الدولارات التي تصرف على الأسلحة والعتاد والوسائل الدفاعية، ورغم المحاولات السياسية في استقطاب جماعات سنية لإشراكه بقدر ضئيل في الحكومة العراقية الشيعية، ورغم العمليات العسكرية المستمرة واسعة النطاق في المدن السنية، وقطع الطريق أمام إمداد المقاومة بالدعم البشري من خارجه، وغيره من السياسات التي فشلت. إذ كانت آخر حصيلة قتلى للجنود الأمريكيين المعلن عنها رسمياً خلال يوم الخميس، 7 قتلى أمريكيين.<BR><BR>وليس بعيداً من الانفجار، يقف الموساد الإسرائيلي، الذي بات متوغلاً في الكثير من مراكز صنع القرار الشيعي، ومكاتب المراجع الشيعية الكبيرة، وهو ما أكده جواد الخالصي (أحد قادة المدرسة الخالصية الشيعية في العراق) لموقع (المسلم) في حوار أجري معه مؤخراً، أشار فيه إلى أن بعض من يساهم في صنع القرار داخل الحوزات والمرجعيات الشيعية من العناصر المندسة من الخارج، ومنهم الموساد.<BR>ولا يخفى على الكثيرين دور الموساد التاريخي في إحداث فتن طائفية، عبر انفجارات تستهدف أقليات أو جماعات معينة، بهدف إشعال فتنة طائفية، كما حدث في مصر، والعراق، وغيرها، بهدف تشجيع الهجرة اليهودية باتجاه فلسطين المحتلة.<BR><BR><font color="#FF0000">العزلة الحقيقية:</font><BR>إن كانت الأحداث الأخيرة قد كشفت مقدار التكاتف والتعاضد الشيعي ضد أهل السنة في العراق، ومقدار الدعم الذي يلقاه الشيعة هناك من أطراف دولية ضد المسلمين السنة، فإن الأحداث نفسها كشفت مقدار العزلة التي يعيشها المسلم السني هناك.<BR><BR>ولا يخصص هذا الكلام على الأطراف الدولية فقط، بل يتعداها إلى الدول العربية والإسلامية، التي لم تتخذ حتى الآن أي موقف واضح وحازم تجاه ما يلاقيه المسلمون السنة الآن من قتل وتشريد واستهداف متعمّد من قبل الشيعة، الذين تغذيهم تصريحات مرجعياتهم بضرورة (الثأر) لما حصل، رغم الدعاوى التي تطلب منهم الهدوء، وهو ما لا يمكن أن يتم بين آلاف تتحرك في الشوارع، وتفسح لهم الشرطة العراقية الشيعية قدراً كبيراً من الحرية والحركة، لا تقف عند حد (الوقوف للمشاهدة) بل تتعداها في كثير من الأحيان إلى المشاركة. في قتل المسلمين السنة، وهدم مساجدهم.<BR>ويبدو أن أهل السنة في العراق بأحوج ما يكون الآن لأن يخرج صوت عربي إسلامي موحد لصالحهم، ينصفهم مما يحدث معهم هناك، ويظهر للعالم دعم المسلمين السنة لإخوانهم في العراق، وهو ما يتمناه أهل السنة هناك بالفعل، ولا يثقون بحدوثه.<BR><BR><font color="#FF0000">أهل السنة في مرمى الهدف:</font><BR>أمام هذا الموقف المتواني من قبل الدول العربية والإسلامي، والدعم المعنوي والنفسي والمادي والمسلح، أوغل الشيعة في العراق في تطرفهم، وراحوا يسطرون تاريخ الأيام الأخيرة، بدم المسلمين السنة، وبغبار مساجدهم، التي دكّت في أكثر من مدينة عراقية.<BR>حيث أحصي حتى مساء يوم الخميس 23 فبراير، نحو 90 مسجداً سنياً، تم هدمهم والاعتداء عليهم، في مدينة الحلة والمسيب وبغداد والبصرة وبعقوبة والمناطق المحيطة ببغداد.<BR>كما تأكّد مقتل أكثر من 110 مسلمين سنّة حتى مساء الخميس، في وقت تخشى فيه أوساط عراقية سنية أن يكون العدد أكثر من ذلك بكثير، خاصة وأن الشيعة يقومون بخطف المسلمين بالعشرات، ويعدمونهم رمياً بالرصاص، ويقومون بإلقاء جثثهم في مناطق مهجورة.<BR>فحسب وكالة الاسوشيتدبرس، فإن جثث 47 مسلماً سنياً عثر عليها فجر الخميس ملقاة في مجرى صرف صحي (!) بالقرب من مدينة بعقوبة.<BR>وأشارت الوكالة إلى أن مسلحين يطلبون الثأر لتفجير القبة الشيعية، أوقفوا حافلة تضم عمالاً عائدين من أعمالهم خارج بعقوبة، وأوثقوهم، قبل أن يطلقوا النار عليهم.<BR>كما عثر على جثث العشرات منهم في أماكن أخرى في المدن ذات الأغلبية الشيعية.<BR>مكتب هيئة علماء المسلمين السنة في العراق، أعلنت مساء الخميس، أن المسلحون الشيعة هاجموا 168 مسجداً سنياً حتى الآن، وقتلوا 10 أئمة وخطفوا 15 آخرين، يعتقد أن جثثهم سوف يعثر عليها لاحقاً. ما يعني أن المسلمين السنة فقدوا دفعة واحدة حتى الآن 25 من أئمتهم وعلمائهم!!<BR>واتهم الشيخ عبد السلام الكبيسي (المتحدث باسم هيئة علماء المسلمين السنة بالعراق) الزعماء الشيعة بحشد هذه الطاقات المسلحة، ضد أهل السنة. موجهاً اتهاماً واضحاً لهم بذلك، داعياً لإيقاف الفتنة الطائفية التي قد تذهب بكل مكسب حققته المقاومة حتى الآن.<BR><br>