حظوظ التحالفات الشيعية أكبر.. وتفكك السنة يضعف أصواتهم
14 ذو القعدة 1426

275 مقعد هي عدد مقاعد البرلمان العراقي الجديد التي سيجري التنافس عليها صباح الخميس 15 ديسمبر 2005 بين قرابة 21 تحالف انتخابي عراقي تضم 228 كتلة سياسية برلمانية، والتي من المنتظر أن تظهر نتائجها في غضون ثلاثة أيام أخري علي الأقل.<BR><BR>هذه المقاعد الـ 275 موزعة بين 235 مقعد سيجري التنافس عليها داخل العراق، والباقي (45 مقعداً) سيجري التنافس عليها بين المغتربين العراقيين في الخارج، في واحدة من أشرس المعارك الانتخابية التي تجري علي أسس دينية وطائفية وعرقية وعلمانية في أن واحد في ظل الاحتلال الأمريكي الذي يراهن علي فوز أنصاره العلمانيين والمتحالفين معه كي تأتي حكومة أكثر ميلا للمصالح الأمريكية بما يساعد على حفظ ماء قوات الاحتلال التي تتحين الفرصة للهرب من العراق في الوقت الذي يقترب فيه عدد قتلاها إلى الآلاف الثالثة في العراق بمعدل ألف تقريبا كل عام غير أكثر من 20 ألف من المصابين.<BR><BR>أبرز الكتل السياسية العراقية المشاركة بالانتخابات هي ثلاثة تحالفات رئيسة للشيعة والأكراد والسنة بالإضافة إلى تحالف علماني يقوده (رئيس الوزراء العراقي السابق) إياد علاوي ومعه قيادات سنية وشيعية وكردية ومسيحية.<BR><BR>ولأن هناك ضبابية في طبيعة هذه الكتل الانتخابية، وضبابية أخري فيما يتعلق بقدرة هذه الانتخابات علي الوصول بالعراق إلي بر الأمان وإحداث نوع من الوفاق الوطني على اعتبار أن الفائزين في نهاية الأمر سيكونون خليطا من القوي المختلفة العرقية والطائفية متضادة المصالح والأفكار والتوجهات، فهناك توقعات كثيرة أن تفضي الانتخابات إلي معضلة سياسية جديدة تتمثل في فوز خليط من القوي السياسية المتعارضة وتشكيل حكومة غير متجانسة تعبر في انقسامها عن ذات الانقسام الواقع حاليا داخل المجتمع العراقي!<BR><BR><font color="#0000FF">أبرز الكتل السياسية: </font><BR>من بين الـ (228) كتلة سياسية وائتلافاً تتحالف في 21 تحالفاً انتخابياً، يشارك في الانتخابات البرلمانية العراقية الثانية التي ستجرى يوم 15 ديسمبر 2005 للتنافس علي مقاعد مجلس النواب العراقي البالغ عددها 275 مقعداً يمكن القول إن هناك أربعة تحالفات رئيسة فرصها كبيرة في الفوز، وهي تحالفات شيعية وكردية وسنية وأخرى مختلطة.<BR><BR>وعلى حين تتوقع مصادر عراقية - حسبما أبلغت (المسلم) – أن يفوز التحالف الشيعي بحوالي 30-35% من الأصوات، والتحالف الكردي على 20% والتحالف السني على قرابة 25-30 %، تتوقع مصادر أخرى أن يؤدي تفكك القوى السنية ما بين المشاركة والمقاطعة على غرار انتخابات يناير 2005 في حدوث نوع من ضعف تصويت السنة العرب خصوصاً مع استمرار الحملات العسكرية على المدن السنية، ما قد يضعف نسبة السنة في الانتخابات عموما.<BR><BR>وبشكل عام يمكن عرض أبرز هذه التحالفات الانتخابية على النحو التالي:<BR><font color="#0000FF">أولاً: الائتلاف العراقي الموحد (قائمة السيستاني): </font><BR>وهو ما يمكن أن نطلق عليه الائتلاف الحاكم حالياً، والذي يدعمه المرجع الشيعي "آية الله السيستاني" ويطلق عليه (قائمة السيستاني)، وهو يتشكل بصورة أساسية من ائتلاف شيعي مكون من 16 كيانا أهمها (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية) بزعامة عبد العزيز الحكيم و(حزب الدعوة) بزعامة (رئيس الوزراء الحالي) إبراهيم الجعفري، ولهذا التحالف تأثير كبير على الشارع العراقي، وقد انضم له تيار الصدر مما جعله قائمة شيعية خالصة.<BR><BR>وهناك توقعات بفوز معقول لهذه القائمة بسبب الحشد الديني الضخم لها في المناطق والمدن الشيعية المختلفة، وأن ترفع عدد مقاعدها في الجمعية الوطنية (البرلمان) المقبل رغم الهجوم الحالي علي أداء حكومة الجعفري.<BR><BR>ولم تفلح سياسات الجعفري في تهدئة التوترات الطائفية، كما أنها متهمة بمسئوليتها عن العديد من المجازر خصوصا للعرب السنة وكشف سجون للتعذيب أخرها اكتشاف 173 سجيناً معظمهم من العرب السنة في قبو سري تابع لوزارة الداخلية يعانون سوء التغذية، وظهر على بعضهم آثار التعرض للتعذيب.<BR><BR>والأمر نفسه يقال عن عبد العزيز الحكيم الذي يرأس واحدة من أكبر الحركات الشيعية في العراق الذي تأخذ عليه قوى عراقية علاقته الوثيقة بإيران من جهة،ورئاسته منظمة بدر التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية التي يتهمها السنة العرب في العراق بقتل وتعذيب أفراد من السنة رغم نفي منظمة بدر ذلك.<BR><BR><font color="#0000FF">ثانياً: جبهة التوافق العراقية (تحالف السنة):</font><BR>وهي بدورها كيان سني خالص حيث تتألف من 3 كيانات سنية تحمل شعار "بالتوافق مستقبلنا آمن" وهي: الحزب الإسلامي العراقي بزعامة طارق الهاشمي، والمؤتمر العام لأهل العراق بزعامة عدنان الدليمي، ومجلس الحوار الوطني العراقي بزعامة خلف العليان.<BR><BR>ورغم إعلان هيئة علماء المسلمين مقاطعتها للانتخابات (مع ترك الحرية للعراقيين في المشاركة ) وتوقع أن يؤثر هذا الموقف على مقاطعة العديد من السنة للانتخابات، فهناك آراء سنية أخرى تعد موقف الهيئة موقفاً سياسياً استراتيجياً مرتبط بزوال الاحتلال، وتؤكد أن هناك عزم سني هذه المرة علي المشاركة في الانتخابات لكسر احتكار التحالف الشيعي /الكردي الموالي للاحتلال للسلطة في العراق، ورغبة من هذا التكتل في الحصول علي عدد مقعد أكبر في البرلمان يحدث نوعا من التوزان مع الشيعة والأكراد بما يمنع تقسيم العراق طائفيا أو عرقيا ويظهر القوة الحقيقية التصويتية للعرب السنة. <BR><BR>وبرنامج هذا التحالف يقوم علي العمل على إنهاء الاحتلال، وتوفير السيادة العراقية الكاملة، وتوفير الخدمات، واعتمار البلاد، وتعويض المتضررين، واحترام حقوق الإنسان، فضلا عن تشكيل حكومة عادلة على أسس وطنية وليس طائفية، لا تتجاهل كيانات أساسية.<BR><BR>وهناك توقعات أن يسعى هذا التحالف في حالة فوزه بنسبة معتبره داخل البرلمان أن يعيد المطالبة بتعديل الدستور بعدما فشل السنة العرب في وقف الدستور العراقي نتيجة تلاعبات في الدوائر الانتخابية وتزوير حسبما قالت هيئة علماء المسلمين السنية التوجه.<BR><BR><font color="#0000FF">ثالثا: التحالف الكردي:</font><BR>وهو تحالف كردي خالص يضم ثمانية كيانات من كردستان على رأسها الحزبيين الكرديين الرئيسيين في شمال العراق، الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، والحزب الكردي الوحيد الذي انفصل عن هذا التحالف هو الحزب الإسلامي الكردستاني الذي دخل بقائمة منفصلة عن التحالف الكردي، ولوحظ أن حملة اغتيالات لأعضائه بدأت فوز انفصاله عن هذه القائمة الكردية.<BR>ويسعى هذا التحالف بشكل رئيسي لتأمين نسبة تصويت كبيرة له في البرلمان وحجز ثلث المقاعد علي الأقل للحافظ علي المكاسب التي حققها الأكراد منذ الاحتلال الأمريكي للعراق.<BR><BR><font color="#0000FF">رابعاً: القائمة العراقية الوطنية (تحالف أمريكا):</font><BR>وهذه هي قائمة (رئيس الوزراء الشيعي السابق) إياد علاوي، وهي أشبه بتحالف ليبرالي ديمقراطي عشائري إسلامي مؤلف من 15 كيانا يترأسها شخصيات علمانية وإسلامية ومنهم شيعة وسنة وتركمان وبينهم قيادات سنية مثل نائب الرئيس العراقي غازي الياور، وعدنان الباجة جي، وشعار هذا التحالف هو (أمان وأعمار، وحدة وسيادة وازدهار).<BR><BR>وتعد هذه القائمة هي المنافس الأساسي للقائمة الشيعية خصوصا حول أصوات العرب السنة، حيث نجح هذا التحالف في كسب التأييد العربي كما أنها تحظى برعاية أمريكية وغربية كونه تيارا علمانيا يقف ندا للتيارات الإسلامية الشيعية والسنية ولهذا يطلق عليها البعض أسم تحالف أمريكيا، ولهذا تخطط القائمة للحصول على أغلبية برلمانية تمكنها من تشكيل حكومة علمانية أو علي الأقل منافسة قائمة السيستاني.<BR><BR>وتواجه هذه القائمة ما يسمي بفضائح الفساد التي اتهم بها وزراء بحكومة علاوي، والتي دفعت سكان النجف للاعتداء على علاوي خلال زيارة انتخابية للمدينة، وهناك توقعات أن يكون هذا خصما من أصوات القائمة في الانتخابات.<BR>ويتركز البرنامج الانتخابي لهذه لقائمة على تكريس الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية والعرقية وإلغاء المليشيات الحزبية، وبناء المؤسسات الأمنية وتعزيز إمكانيات القوات المسلحة. <BR><BR><font color="#0000FF">خامسا: قائمة المؤتمر الوطني العراقي:</font><BR>وهي قائمة أحمد الجلبي أبرز المحسوبين على قوات الاحتلال الأمريكية والمتهم بالفساد، وهي تتكون من 10 كيانات برئاسة " أحمد الجلبي" الذي خرج من قائمة الائتلاف العراقي الشيعية، وهي تخوض الانتخابات تحت شعار "حررنا العراق، ونبنيه معا"، وتضم حركات وشخصيات سنية وشيوعية وليبرالية وإسلامية وعشائرية، إضافة إلى الحركة الملكية الدستورية بقيادة الشريف علي بن الحسين.<BR><BR>وهذه الجبهة تتشابه مع جبهة علاوي من حيث ضمها للعديد من القوي الشيعية والسنية والشيوعية والتركمانية والعلمانية، وتتشابه معها في أن زعيمها متهم بدوره بالفساد ونهب ثروات العراق بالتعاون مع الاحتلال، فضلا عن أنه كان يعيش في أمريكا وأول من وصل العراق مع قوات الاحتلال.<BR><BR>وبجانب هذه التحالفات الانتخابية هناك تحالفات أخري أقل قوة مثل (الجبهة العراقية للحوار الوطني) التي تتألف من خمسة كيانات سنية ومسيحية يترأسها " صالح المطلك " بعد انشقاقه عن مجلس الحوار الوطني السني، و(الائتلاف الإسلامي)، وهو ائتلاف شيعي يتكون من ستة كيانات يقوده رجال مرتبطون بالحوزة الشيعية، وتحظي بدعم مرجعيتين دينيتين هما آية الله السيد صادق الشيرازي وآية الله السيد محمد تقي المدرسي، غير عشرات القوائم الأخري الأقل أهمية.<BR><BR><font color="#0000FF">هل مقاطعة هيئة علماء المسلمين علي مقاعد السنة؟</font><BR>وتثور في هذه الانتخابات مشكلة متكررة تتعلق بالموقف السني العربي من المشاركة خاصة بعدما أعلنت هيئة علماء المسلمين إحدى أكبر الهيئات السنية في العراق عدم الاشتراك في الانتخابات القادمة لكنها أكدت أنها تحترم خيارات العراقيين في الاشتراك في الانتخابات أو عدم الاشتراك فيها.<BR><BR>فالقوى السنية التي تشدد علي المشاركة تؤكد أن المشاركة هذه المرة تختلف عن مقاطعة انتخابات يناير 2005م، وتشجع السنة العرب على التصويت بكثافة لوقف الاحتكار الشيعي للحكم وإثبات قوة العرب السنة، ويقولون أن مقاطعة السنة للانتخابات السابقة كانت سبباً في قفز الشيعة والأكراد وحدهم علي السلطة وتجاهل المطالب السنية وقيادة حملات بوليسية على المدن والأحياء السنية. <BR><BR>وتعد أوساط سنية أن البيان الصادر عن الهيئة بالمقاطعة من قبل الشيخ عبد السلام الكبيسي (مسؤول العلاقات العامة فيها)، نوعاً من الموقف العام الذي يعبر عن غضب السنة العرب من اجراء الانتخابات في ظل الاحتلال واستمرار المداهمات لمنازل السنة وقتل العلماء، بدليل أن البيان أشار إلى أن الهيئة "تحترم خيارات العراقيين في الاشتراك في الانتخابات أو عدم الاشتراك فيها". <BR><BR>إذ قالت الهيئة: "إنها تجد نفسها ملزمة أمام الرأي العام تأكيد تمسكها بالثوابت الشرعية والوطنية التي درجت عليها منذ تأسيسها وإلى اليوم" وتحدثت عن "موقفها المبدئي من العملية السياسية في ظل الاحتلال" وشددت علي أنها "لا تنزع إلى السلطة ولا تريد أن تعطي الاحتلال مشروعية البقاء في العراق والتصرف فيه كما يحلو له".<BR><BR>ومع هذا تتوقع مصادر عراقية أن يؤدي هذا الموقف لإضعاف نسبة تصويت السنة العرب، رغم محاولات قوى سنية أخرى وقف تهميش السنة العرب من خلال المشاركة علي اعتبار أن عدم مشاركتهم في الانتخابات السابقة أدت لهذا التهميش.<BR><BR>وكانت هيئة علماء المسلمين قاطعت الانتخابات التشريعية السابقة التي جرت في الـ 30 من يناير الماضي ما أدي إلى تهميش العرب السنة في التمثيل البرلماني، ورغم حث أمريكا العرب السنة علي المشاركة وقول وزيرة الخارجية الأمريكية: إن هذه مهمة سعودية ـ فهناك أطراف سنية تعتقد أن الولايات المتحدة تهدف لمنع العرب السنة من المشاركة في الانتخابات، وذلك من خلال الحملات العسكرية الأمريكية العراقية المشتركة والمتكررة غرب العراق، على خلاف الهدف الأمريكي المعلن من هذه الحملات وهو استعادة الأمن وتدمير شبكة القاعدة.<BR><BR>وتستدل الأطراف السنية على صحة اعتقادها بتكرار العمليات العسكرية بالمنطقة للمرة الرابعة على التوالي في مدى زمني قصير لا يتجاوز ستة أشهر، والتي كان آخرها عملية الستار الفولاذي أطلقتها القوات الأمريكية والعراقية السبت 5-11-2005 في محافظة الأنبار على طول الحدود السورية.<BR><BR>وتختلف انتخابات برلمان العراق في ديسمبر الجاري 2005 عن انتخابات يناير 2005 في عدة أمور أبرزها تغير النظام الانتخابي الذي اشتكي منه السنة العرب، بحيث أن كل مقاطعة عراقية ستُعامل كدائرة انتخابية، وليس كما حدث في يناير 2005 حينما اعتُبرت البلاد كلها دائرة انتخابية واحدة؛ الأمر الذي سيعني توزيع 230 مقعدا برلمانيا على جميع المقاطعات العراقية حسب مشاركتها في إجمالي الأصوات المُسجلة؛ الأمر الذي سيعني أيضا عدم "مكافأة" المقاطعات ذات التصويت العالي (كما حدث في المدن الشيعية) كما كان الوضع من قبل، وهو ما سيعطي ميزةً نسبية للمقاطعات ذات الأغلبية السنية التي كانت قد أفرزت عدداً قليلاً من المصوتين في انتخابات يناير 2005.<BR><BR>ويبقي أمر هام يتلخص في أن المشكلة ليست في نجاح هذه الانتخابات أو من يفوز فيها لأن توقع تشكيلة من القوي المختلفة هي المتوقعة، ولكن في أن نتائج الانتخابات لن تحل مشاكل العراق بعصا سحرية، بل على العكس قد تزيدها سوء، والفيصل في هذا ربما يكون طبيعة التحالفات التي ستُسفر عن الانتخابات، وهل سيتم استمرار تهميش السنة العرب أم لا، وهل ينسحب الاحتلال أم لا وكلها أمور يتوقف عليها تصعيد المقاومة أم تخفيفها.<BR><br>