هل تصل رياح سلام تسونامي إلى كشمير؟
10 ذو القعدة 1426

<BR>بعد أن ضربت أمواج المد العالي (التسونامي) جزر إندونيسيا وإقليم آتشيه، بالإضافة لمناطق دول أخرى عديدة، بذلت الحكومة الإندونيسية والمقاتلين في الإقليم المضطرب جهوداً كبيرة ومشتركة من أجل إزالة الآثار المروعة للأمواج بأسرع وقت ممكن.<BR>كان الملايين من المشردين في تلك المناطق بحاجة إلى جهود "إنسانية" بالدرجة الأولى، بعيداً عن المصالح السياسية الخاصة، والأهداف المحدودة لكل فئة، ما أوجد نوعاً من الوحدة في العمل والهدف، كان الأساس الأول الذي بنيت عليه اتفاقية السلام بين الحكومة والمقاتلين بعد سنوات من الصراع للاستقلال.<BR><BR>اليوم تبدو إندونيسيا أقرب للهدوء والسلام، بعد أن دخلت اتفاقية السلام الموقعة بين الطرفين المرحلة الثالثة، بتسليم المقاتلين السابقين أسلحتهم للحكومة، التي سحبت بدورها قواتها العسكرية من الإقليم.<BR><BR>بعد عشرة أشهر تقريباً على التسونامي في جنوب شرق آسيا، وقعت أحداث مروعة أكبر في منطقة نزاع أخرى في العالم، تركزت في كشمير المسلمة، التي لا تزال الهند تحتل جزءً منها.<BR>الزلزال الذي حدث في 8 أكتوبر قتل (حسب آخر الإحصاءات الرسمية) أكثر من 87 ألف شخص، وترك نحو 3.2 مليون مشرّد، معظمهم في الجزء الباكستاني من كشمير.<BR>ورغم مرارة الوضع هناك، ومأساة الملايين، إلا أن نوراً خافتاً بدأ يشعّ للبعض في عتمة المنظر الكئيب هناك.<BR><BR><font color="#0000ff">ستة عقود من الانقسام:</font><BR>بعد أكثر من 58 عاماً على إغلاق الحدود بين الهند وباكستان في كشمير المحتلة، وافقت الحكومة الهندية والباكستانية على فتح الحدود المشتركة، ما مكّن العائلات الكشميرية المنقسمة من الالتقاء ثانية بعد سنوات طويلة من الغربة والبعد عن بعض.<BR>الخطوة الجديدة جاءت بعد أن تقدم الرئيس الباكستاني برويز مشرف باقتراح لفتح الحدود، إثر زيارة لمدينة مظفر آباد (عاصمة الجزء الباكستاني من كشمير)، وشاهد حجم الدمار الذي خلفه الزلزال.<BR>وقال مشرف للصحفيين: "سنسمح لأي أعداد من الناس بعبور خط المراقبة للقاء أقاربهم والمساعدة في إعادة الاعمار".<BR><BR>وكالة الأسوشيتدبرس نقلت بعض مشاهد اللقاء بين كشميريين في القسم المحتل؛ سمح لهم بالدخول إلى القسم الباكستاني.<BR>يقول علي زامان (مدرس متقاعد يبلغ الـ 60 من عمره): " أنا سعيد لأنني قادر على أن أدخل اليوم إلى باكستان، على الرغم من أنني فقدت كل شيء".<BR>وعقّبت الوكالة بالقول: " إن منزل زامان قد دُمِّرَ تماماً بفعل الزلزال، وهو يعيش حالياً مع 14 قريب له في خيمة".<BR>وأضاف زامان بالقول: " سأرى بنات أخي في بلجران. يجب عليّ أن أتأكد إن كانوا قد نجوا من الموت في الزلزال".<BR>فيما يقول خير الله نيساشاه (62 عاماً) الذي عبر الحدود المشتركة لرؤية أقاربه في قرية بارناي: " سأرى من نجا ومن مات". مضيفاً "ليست لدي معلومات حتى الآن عن ذلك".<BR><BR>الحدود المشتركة بين الهند وباكستان أغلقت منذ عام 1948، بعد استقلال البلاد من الاستعمار البريطاني وانتهاء الحرب الأولى بين الدولتين. حيث تم الفصل بين آلاف العائلات منذ ذلك الوقت، بين جانبي الحدود التي عرفت باسم (خط وقف إطلاق النار).<BR>وقد مرّت ستة عقود دون أن يتم السماح للعائلات الكشميرية بفرصة للقاء. إلى أن جاءت أحداث الزلزال الأخير، لتفتح أول فرصة حقيقية لهم.<BR>لدى كل من الهند وباكستان مخاوف من فتح الحدود التي قد تؤدي إلى مرور مقاتلين تابعين لإحدى الدولتين لتنفيذ هجمات ضد الدولة الأخرى. وقد شكّلت هذه الحدود المغلقة صورة حقيقية للقطيعة بين الدولتين التين دخلتا في حربين أخريين حول كشمير المحتلة. والتين تسعيا لتطوير أسلحة نووية كسباق تسلح تهدد به كل منهما الأخرى.<BR><BR><font color="#0000ff">أعمال إنسانية مشتركة:</font><BR>لم تأت عملية فتح الحدود بين البلدين بصورة مفاجئة، بل سبقتها عدد من الأعمال الإنسانية المشتركة، التي هدفت إلى إغاثة المنكوبين الكشميريين في الجانبين، خاصة في ظل وجود مناطق باكستانية لا يمكن دخولها إلا عن طريق الهند، بعد أن دمّر الزلزال الطرق المؤدية لها، وفقد عمال الإغاثة الأمل في الوصول إليها.<BR>فقد سمحت الهند لعمال الإغاثة باستخدام أراضيها للدخول إلى كشمير الباكستانية، وقامت لجان مشتركة هندية وباكستانية بتقديم المعونات للمتضررين، وقدّمت الهند مساعدات لجارتها باكستان لإغاثة المنكوبين، عبر طائرات محمّلة بالمؤمن، خاصة وأن معظم المنكوبين هم من الجانب الباكستاني.<BR>وتم فتح 5 معابر بين الدولتين منذ 7 نوفمبر؛ لتسهيل مرور الإمدادات والمعونات الإغاثية.<BR><BR>كما أعادت الهند إطلاق الخطوط الهاتفية في إقليم كشمير بعد 40 يوماً من الزلزال، وذلك للمرة الأولى منذ قطعتها بعد انطلاق الأعمال الجهادية للمجاهدين لكشميريين لتحرير المنطقة قبل 16 عاماً.<BR>وتقدم الهند الخدمات الهاتفية بالمجان في أربعة بلدات، وهي جامو وسريناغار وتانجدار وأوري.<BR>وتفكر الهند وباكستان في فتح الخط الفاصل بينهما في إقليم كشمير حتى يتسنى لأسر الضحايا البحث عن ذويهم.<BR>وبإمكان السكان أيضا الاتصال من بيوتهم مرورا بالمراكز الهاتفية عن طريق تركيب الرقم 186. <BR>فضلاً عن ذلك، فقد تعهّدت الهند بتقديم مبلغ 25 مليون دولار كمساعدات لمتضرري الزلزال في باكستان، ضمن مؤتمر دولي لإغاثة باكستان.<BR><BR>مشاهد القوات الهندية والباكستانية كانت مغايرة تماماً لما كانت عليه الصورة قبل عامين.<BR>حيث نقلت وكالة الأسوشيتدبرس عن طاهر ناكفي (أحد الضباط الباكستانيين على الحدود المشتركة) قوله: " لو شاهدني جندي هندي أجلس هنا في السابق، لأطلق علي النار".<BR>مضيفاً " كنا نتنافس في السابق، لا ننكر هذه الحقيقة، فقبل وقف إطلاق النار في عام 2003 كانت منطقة الحدود خطيرة، وهذا القطاع كان قطاعاً ساخناً، كان هناك تبادل لإطلاق النار بشكل متفرق".<BR>مؤكداً أنه ومنذ وقوع الزلزال تعمل القوات الباكستانية والهندية على أساس إنساني مشترك.<BR><BR>ويقول المقدم الباكستاني علي خان عن العمل المشترك مع القوات الهندية: " إنه جو ودود جداً. كنا نعمل بجانب بعضنا البعض، نتكلم، لا يوجد شيء يمنعنا من ذلك".<BR><BR><font color="#0000ff">الزلزال وأحلام السلام:</font><BR>اقتنص الرئيس الباكستاني الأجواء الجديدة بين البلدين، والتجاوب الهندي مع مقترحاته، فأرسل إشارات جديدة تهدف إلى إنهاء الأزمة العدائية بين البلدين منذ 6 عقود بشكل نهائي.<BR>وقال مشرف: " إن أمام الدولتين فرصة عمر لإنهاء الخلاف التاريخي"، مضيفا " فلتكن هذه هبة الهند لكشمير".<BR>وقال مشرف خلال مؤتمر للمانحين الدوليين ضم وفداً وزارياً رفيع المستوى من الهند: " دعونا معاً نحل قضية كشمير بشكل نهائي",<BR>وأضاف " إن الزلزال قد أعطانا فرصة نادرة لإقامة علاقة بين الدولتين. وإذا فشل الزعماء في اقتناص هذه الفرص النادرة، فسيفشلون في دولهم ويفشلون في شعبهم".<BR>وقال: "لندع النجاح والسعادة تولد من بين أنقاض هذه الكارثة، ونقدمها لشعب كشمير المنكوب".<BR>إلا أن الرئيس مشرف لم يقدّم تصوره وأفكاره بعد لحل قضية كشمير، وإنما اكتفى بإطلاق المبادرة السلمية، التي فسرتها مصادر إعلامية وسياسية على أنها رغبة حقيقية لحل القضية بشكل نهائي.<BR><BR>من جهته، أكد ممثل الهند في المؤتمر ووزير الدولة؛ إلتزام بلاده بالإجراءات المبنية على الثقة بين الدولتين الجارتين. دون أن يحدد ما إذا كانت الهند ستحاول تبني فكرة مشرف خلال هذه الفترة أم لا.<BR>إلا أنه لمز في المقاومة المسلحة، قائلاً: " بالنسبة لكشمير فإن موقفنا معروف"، داعياً إلى نبذ ما وصفه بالعنف و(الإرهاب) من قبل المجاهدين الذين يحاولون تحريري أراضيهم من الاحتلال الهندي.<BR><BR>الجارتان النوويتان دخلتا في محادثات ثنائية قبل عام ونصف، من أجل التوصل إلى حل للخلافات العالقة بينهما، حول وضع كمشير المحتلة.<BR>ورغم طول فترة المحادثات السابقة، إلا أنها لم تصل إلى حد الاتفاق على فتح الحدود المشتركة، ما يجعل الوضع الحالي قفزة حقيقية في الإجراءات المليّنة للخلافات.<BR><BR>إلا أن الهند كانت قد أبدت مخاوفها من دخول مجاهدين كشميريين إلى الهند من خلال الحدود المفتوحة، لتنفيذ هجمات تفجيرية ضد القوات الهندية في الجزء المحتل. لذلك فإنه وعلى الرغم من فتح الحدود، فقد أوقفت السلطات الجمركية عشرات الباكستانيين، ولا تزال تجري تفتيشاً أمنياً مكثفاً لمن يحاول الدخول للشطر المحتل. كما أخّر الأمن الهندي ولمدة 6 أسابيع، دخول كشميريين من الجزء المحتل، إلى الجزء الباكستاني، لمساعدة أقاربهم بعد الزلزال.<BR><BR>من جهتها، فإن الحركات الإسلامية تخشى أن يغيّب الصلح المأمول بين الحكومتين، الأهداف التي يقاتل من أجلها الكشميريين المجاهدين، ويعطي صفة شرعية للهند في احتلال جزء هام من كشمير المسلمة.<BR>لذلك فإن على مشرف أن يضمن الحد الأدنى من مطالب الجماعات المسلحة في أي بنود اتفاق قد يقدمها للجانب الهندي.<BR><BR>وفيما يأمل السياسيون إنهاء أزمة الخلاف على كشمير، يبقى ملايين المشردين بانتظار أن تحل أعمال الإغاثة مأساتهم اليومية من الجوع والبرد والبقاء في العراء. فقد أصبح أمل الاستمرار في الحياة هو أكثر ما يتمناه الكشميريون الآن.<BR><br>