محتل في أزمة.. ودستور باطل
20 رمضان 1426

<P><FONT size=3>تحت سطوة بنادق القوات العميلة، وميليشيات البشمرجة، وبقيادة قوات الاحتلال الأمريكى، جرت المسرحية الهزلية للتصويت على " الدستور " الذي لم يسمح للمصوتين عليه بقراءته، وظلت التغييرات تجرى على مواده حتى اللحظات الأخيرة عشية الاستفتاء، ويقر من أملى عليهم الدستور بأنه قد كتب على عجل، وأنه يحتاج إلى المزيد من الوقت لإنضاج وجهات النظر المطروحة فيه، كما صرح الجعفري (رئيس وزراء الحكومة العميلة) نفسه.. وإن لم يقل من الذي أملى هذه العجلة، ولا لماذا العجلة قال " الدستور كتب في وقت قصير، وفى دول العالم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً، لأن الدستور كائن حي فيه مفاهيم وحريات... وأضاف ولكن الزمن وحده ليس هدفا&nbsp; " وإن لم يقل لأحد ما هو الهدف أو الأهداف الأخرى، إلا أن كلماته التالية تشي بالهدف يقول: " بعد أن يجرى التصويت على الدستور سيتوجب على دول الجوار التعامل مع العراق على أساس حسن الجوار ". انتهى كلام الجعفرى والمعنى واضح فالحكومة العميلة مطلوب إضفاء شرعية زائفة عليها، حتى تلعب أدوارا ضد دول الجوار لعل أولها التصعيد ضد سوريا.&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp; </FONT></P><BR><P><FONT size=3>وقد اتسمت عملية الاستفتاء من الناحية الشكلية بكل مظاهر الخلل والقصور التي شابت ما سمي بانتخابات الجمعية الوطنية المؤقتة، فالسيطرة الكاملة لحكومة الاحتلال على جميع خطوات العملية، بدءاً من قوائم الناخبين، إلى المقار المجهولة لمقار الانتخاب وصولاً لمقار الجان المغلقة بأوامر لجنة الانتخابات في محافظة الأنبار مثلاً لدواعي أو ادعاءات أمنية، حيث لم تقم المقاومة المسلحة بأية عمليات تذكر في يوم الاستفتاء، إلا أن الخوف من تصويت المحافظات ذات الأغلبية الساحقة السنية ـ الأنبار وصلاح الدين ونينوى ـ ضد الدستور بنسبة الثلثين، والتي تعود بتمثيلية الشرعية لحكومة الاحتلال، وبقاء قوات الاحتلال إلى المربع رقم واحد، ليعاد انتخاب جمعية وطنية مؤقتة جديدة في 15 ديسمبر القادم، ولتنزع الشرعية عن الأشكال والبنى التنظيمية التي فرضها الاحتلال. </FONT></P><BR><P><FONT size=3>ومن الناحية الشكلية أيضاً، فإن دستورا يتكون من 139 مادة، في ستة أبواب لا يمكن تصور مصداقية ما للتصويت عليه صباح اليوم التالي للتغييرات الأخيرة فيه،&nbsp; علماً بأنه لم ينشر بين أيدي المستفتين أصلاً لا قبل ولا بعد التغييرات.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>كما يأتي تصويت الأسرى العراقيين في سجون الاحتلال، ليضيف&nbsp; مأخذا فجا على مصداقية هذه اللعبة، وهى تجرى تحت " إشراف " ضباط التعذيب، وبوعد بإطلاق سراح من يصوتون.. بنعم.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>وهى ملاحظات شكلية لأنها تنصب على الجانب الإجرائي، فمن الناحية الموضوعية، يسلب الاحتلال حرية إرادة الشعب العراقي وليس من حق الاحتلال تنصيب حكومة تضع قواعد وتسن قوانين، ناهيك عن وضع دستور.. أي الأداة الرئيسية للاستقرار القانوني والتشريعي في مجتمع ما.. حسب ما يقول المتخصصون، فكيف يمكن تصور وضع دستور يتمتع بالمشروعية من قبل سلطة لا تستطيع التحرك من&nbsp; المنازل إلى المكاتب، إلا في حماية قوات الاحتلال وفى المنطقة الخضراء.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>وبعد أن أوقف المجاهدين العمليات يوم الاستفتاء، وشاركت المحافظات ذات الأغلبية السنية بكثافة في التصويت برفض الدستور، وهو ما يهدد إذا لم تتدخل يد التزوير السافرة بإيقاف اللعبة،&nbsp; ويجدر الإشارة هنا إلى أن معارضة دستور الاحتلال، ليست وقفاً على السنة وحدهم، كما تريد أبواق الاحتلال أن تشيع، لتضفى بعدا طائفيا على رفض شرعنة سلطة الاحتلال، فالتركمان وقوى سياسية علمانية وبعض قطاعات الشيعة يرفضون هذا الدستور، لقيامه على أسس طائفية وعرقية،&nbsp; و لضربه الهوية العربية والإسلامية للعراق، ولتهديده لوحدة أراضى العراق عبر صيغة الفيدرالية المرفوضة.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>وقد تراجع خيار التقسيم والذي مثل أحد الخيارات الأمريكية المحتملة لتغطية انسحابها بعد التخبط والفشل&nbsp; الذي منيت به مخططاتها في العراق..ولو في المدى القصير، بعد تصاعد النفوذ الإيراني في الجنوب العراقي، وتسلل أعداد كبيرة من الميليشيات الشيعية من إيران إلى الأراضي العراقية، وهو الأمر الذي نرجح حدوثه وفق صفقة إيرانية شيعية / بريطانية، لتدعيم النفوذ البريطاني ذو البعد التاريخي على حساب السعي الأمريكي بالانفراد،&nbsp; وقد تصاعدت المخاوف الأمريكية من قيام دولة شيعية تابعة لإيران في الجنوب العراقي،&nbsp; وهو أيضاً خطر يثير قلقاً متصاعداً لدى الدول "الصديقة " لأمريكا في جزيرة العرب والخليج العربي والمنطقة عموماً، كما يثير قلقاً أمريكياً متزايداً حول موازين القوى الإقليمية والتغيرات المتواترة فيها لصالح إيران، ويضاف إلى هذه المخاوف الأمريكية، الموقف التركي الثابت، والذي يعد قيام دولة كردية في شمال العراق خطاً أحمر، ويلعب الرقم التركي قيمة ترجيحية حرجة.. سواء إقليمياً، أو في صراع الأفيال للهيمنة على وسط آسيا، أو في معادلة القوى الكبرى، أوروبا، الصين، روسيا.. مع الإمبراطور الأمريكى، خاصة مع تطلع تركيا لانضمام قريب في الاتحاد الأوروبي، ومع الثقل التركي في الصراع الدائر داخل دهاليز الناتو.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>&nbsp;لقد تحول مشروع دستور الاحتلال من محاولة لخلق مخرج عن طريق طرح فكرة التقسيم، وإشاعة الفوضى العرقية والمذهبية ـ عند الضرورة لتغطية انسحاب تفرضه الأوضاع ـ إلى مأزق جديد تتخطى دائرته حدود العراق المحتل، ولعل هذه الحالة تعبر أدق تعبير، عن حالة التخبط وضبابية الرؤية لدى المحتل الأمريكي، ولعلها تقدم صورة واضحة أيضا عن الهوة بين تصورات العدو الأمريكي قبل العدوان، والوقائع الحقيقية على الأرض بعده، وهى حالة نموذجية لتوضيح كيف يكون حال جيش فقد الرؤية الكلية للمعركة، ولا يملك خطة انسحاب مسبقة، بل لم يطرح على نفسه إمكانية الاضطرار إلى الانسحاب، وبالتالي يتصرف وفق رؤية جزئية&nbsp; و في إطار رد الفعل، ليزداد تورطاً في الشباك كلما حاول الخلاص، وقد يكون ما اختلق من أسباب لتأجيل إعلان نتيجة الاستفتاء، هو عدم استقرار الإدارة الأمريكية على إمكانية استخدام هذه الخطوة الآن من عدمه، وبالتالي قد يمثل إعلان رفض ثلاث محافظات وبأغلبية الثلثين المخرج اللازم لكسب مزيد من الوقت وإغلاق الملفات التي كادت تنفجر في وجوه المحتلين وعملائهم على حد سواء.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>وبعيدا عن هذا، وسواء أعلن المحتل وعملائه سقوط دستورهم، أو بدء العمل به.. فقد أثبتت المقاومة بعد فرض الاحتلال الحكومة المؤقتة، ثم الجمعية الوطنية التي "انتخبت " بآليات المحتلين، وبعد قيام الجامعة العربية بدورها الغريب والمتنافي مع ميثاقها، والتي حاولت في خطوة متأخرة استكماله في لعبة الدستور بعد ضغوط أمريكية، أفضت إلى ضغوط عربية، أثبت شعب العراق أنه هو وحده الذي يقرر على الأرض، وفى كل مرة يحاول الاحتلال أن يضفى المشروعية على خطوة من خطوات تنصيب العملاء، جاء رد المقاومة العراقية دامغا متصاعدا، متسعا.. أن لا مشروعية إلا لمقاومة الاحتلال، ويبقى الخيار الثابت والأخير للشعب العراقي،&nbsp; هو استمرار المقاومة وتصاعدها لحين تحرير العراق من الاحتلال، ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تصعيدا شديدا ونوعيا في عمليات المقاومة، لتوضح أين يضع الشعب العراقي أصواته الحقيقية، وليعلن الشعب العراقي خياره الديموقراطي الحر على توابيت الجنود الأمريكيين والبريطانيين المحتلين وأعوانهم من العملاء المحليين وهو ما أثبتته عمليات ما بعد الاستفتاء، ليقول لكل العالم أن دستور الاحتلال باطل بنسبة 100 %.&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp; </FONT></P><BR><P><FONT size=3><BR></FONT>&nbsp;</P><br>