حماس... الاستهداف المتعدد الأطراف
2 رمضان 1426

<P><FONT size=3>طالعتنا نتائج المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية والقروية في الضفة الغربية التي جرت في 29سبتمبر الفائت عن تحقيق حركة فتح نتائج بارزة بحصولها على 51 بلدية (بواقع 547 مقعداً) مقابل 13 لحركة المقاومة الإسلامية حماس (بواقع 265 مقعداً)، من أصل 104 مجالس، وحصول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين 55 مقعدا وحزب الشعب 18 مقعداً والجبهة الديمقراطية على 13 مقعداً والجهاد الإسلامي على 3 مقاعد والمستقلين على 58 مقعداً والعائلات على 59 مقعداً، ومن جملتها 40 مجلساً تحتاج لتحالف أكثر من قائمة، حسبما أفاد (رئيس اللجنة العليا للانتخابات المحلية) النائب جمال الشوبكي، وبلغ العدد الإجمالي للمقاعد في المرحلة الثالثة 1018 مقعداً, وبلغت نسبة المشاركة 81% من الفلسطينيين في سن التصويت البالغ عددهم 127 ألفاً.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>وكانت قد جرت المرحلتان الأوليان بين ديسمبر ومايو, أما الرابعة فستجرى في الثامن من ديسمبر في 107 قرى بالضفة الغربية وقطاع غزة. <BR>من الواضح أن حماس قد حققت نتائج جيدة في مواجهة حركة فتح، وخصوصاً في البلديات الكبيرة، وبهذا يزداد انخراط حماس في الحياة السياسية بصورة لافتة بمشاركتها بمثل هذه الانتخابات.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>جاء الموقف الإسرائيلي جلياً عبر بيان أصدرته وزارة الخارجية الإسرائيلية اعتبر فيه أن "على حماس أن تختار بين أن تصبح حزباً سياسياً أو تبقى منظمة (إرهابية)، لا يمكنها أن تكون الاثنين معاً". وادعى البيان أن "مشاركة حماس في الانتخابات ليست سوى محاولة تقوم بها منظمة (إرهابية) إسلامية لتسحب البساط من تحت أقدام الفلسطينيين المعتدلين الراغبين في التعايش مع (إسرائيل). إنهم يستغلون الديموقراطية للترويج (للإرهاب) والعنف كأدوات سياسية". <BR>من جانبه عدّ (نائب رئيس الوزراء الفلسطيني) نبيل شعث في ستوكهولم في ختام مؤتمر صحافي مشترك مع الوزير الإسرائيلي من دون حقيبة العمالي حاييم رامون أن مشاركة حماس في الانتخابات التشريعية المقبلة "مؤشر جيد". وتابع شعث "لا يمكن تهميشهم (..) نعتقد أن لديهم دوراً في الانتخابات. إن الذين يريدون المشاركة في الحكومة ينبغي أن يقوموا بذلك عبر الانتخابات وليس عبر إطلاق النار"، وتأتي هذه التصريحات لتندرج وتصب في سياق تصريحات (وزيرة الخارجية الأمريكية) كونداليزا رايس التي قالت: " إنه من غير الممكن على حركة حماس أن تجمع بين العمل السياسي وحمل السلاح". فأتبعت دولة الاحتلال تصريحاتها بحرب نظامية ضد حماس.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>الحقيقة التي أكدتها المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية هي أن حركة حماس باتت فاعلاً سياسياً حقيقياً على الساحة الفلسطينية ينافس فتح بشراسة، فحماس تملك من الأدوات الدعائية والتنظيمية ما يؤهلها لمزيد من ارتفاع الشعبية الجماهيرية بالقدر الذي ربما يحدث زلزلة في الانتخابات التشريعية المقررة، واكتسبت معها زخماً شعبياً تصويتياً جديداً في الضفة الغربية رغم أن نصيب فتح من عدد مقاعد المجالس البلدية أكبر مما حصلت عليه حماس.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>الاحتلال يعاود سياسة الاغتيالات والاعتقالات:</FONT></P><BR><P><FONT size=3>عمدت (إسرائيل) إلى شن حملة دعائية وعدوانية وفرض أسلوب التصعيد على الفلسطينيين وللحد من النتائج التي كان يتوقع أن تجنيها حركة حماس في الانتخابات البلدية الأخيرة، و لإجبار السلطة الفلسطينية على عدم السماح لحركة حماس بالمشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة المقرر إجراؤها في 25 يناير المقبل. فقد هدّد (رئيس الوزراء الإسرائيلي) أرئيل شارون باستغلال سيطرة جيش الاحتلال على الضفة الغربية من أجل إعاقة سير هذه الانتخابات خاصة في شن حملة الاعتقالات للفلسطينيين مع العلم أن جيش الاحتلال ينشر مئات الحواجز العسكرية الثابتة والمتحركة على مداخل المدن والبلدات والقرى الفلسطينية.</FONT></P><BR><P><FONT size=3></FONT>&nbsp;</P><BR><P><FONT size=3></FONT>&nbsp;</P><BR><P>&nbsp;</P><BR><P><FONT size=3>ويفهم أن ارييل شارون (رئيس الوزراء الإسرائيلي) اتخذ قرار إجلاء المستوطنين حتى يصبح مطلق اليدين، ليمارس جرائمه في حق المدنيين الفلسطينيين، وسحق كل فصائل المقاومة، وحركتي حماس والجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى على وجه التحديد، فالمدافع والطائرات الإسرائيلية عاودت سياسة الاغتيالات في صفوف قيادات هذه الفصائل العسكرية بشنها حرب نظامية تشارك فيها القوات البرية، والمدفعية، والدبابات، والطائرات، والسفن الحربية، بينما تقوم القـــوات الإسرائيلية باعتقال القيادات السياسية لمنعهـا من خوض الانتخابات التشريعية المقبلة في حال إقرارها، مثلما حـدث في الأيام القليلة الماضية في الضفة، حيث أوقفت إسرائيل العشرات من مرشحي حماس إلى الانتخابات البلدية في إطار حملة الاعتقالات بدليل أن المعتقلين هم ذاتهم من كانت الحركة تعتزم ترشيحهم في الانتخابات التشريعية، ومعهم الفاعلون المتوقعون في الحملة الانتخابية.<BR>وقدم الاحتلال الإسرائيلي حجة واهية تسانده في ذلك الإدارة الأمريكية بزعمها إنه لا يجوز السماح بمشاركة تنظيم يتبنى "العنف والإرهاب" في إشارة للمقاومة ضد الاحتلال، فما الذي يدفع تصعيد دولة الاحتلال من لهجتها وإقدامها على عدوانها ضد قطاع غزة عموما وحركة حماس على وجه الخصوص.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>من الواضح أن (إسرائيل) تعيش منذ جلائها عن قطاع غزة حالة من التفاعل والغليان السياسي في أوساط المجتمع الإسرائيلي وداخل أحزاب اليمين. وتحسباً مما تتوقعه مراكز أبحاثها وسياسييها من أن تحقق حركة حماس نتائج كبيرة وإنجازاً بارزاً، وهو ما سيدعم بالضرورة دعاوى الأقطاب المنافسة للتطرف الشاروني في حزب الليكود في مقدمتهم بنيامين نتنياهو في إطار حرب داخلية حول زعامة حزب الليكود وتنفيذ المخطط السياسي، بدا فيها شارون معتدلاً فخسر أصوات المتطرفين، فأراد أن يبدو متطرفاً من جديد حتى يستعيد الأصوات التي خسرها، وحتى ينفي عن نفسه وأمام الرأي العام الإسرائيلي الرواية اليمينية القائلة أن خطة " فك الارتباط " أدت إلى تعزيز مكانة حركة حماس بدلاً من إضعافها، وبالتالي ستظهر أن حركات المقاومة الفلسطينية قد جنت ثماراً سياسية هامة، مع العلم أن أحد مقومات ضربات الردع الإسرائيلي في مواجهة المقاومة الفلسطينية كان يقوم على حرمان هذه الحركات من أي إنجاز سياسي ملموس بفعل مقاومتها. في نفس الوقت فإن تحقيق حماس لنتائج ظاهرة في الانتخابية المحلية على ثلاث مراحل يمكن وصفها بالكبيرة - دون التطرق إلى ما ستحققه في الانتخابات التشريعية مستقبلاً - سيعني فشل أسلوب القوة الضاربة الذي استخدمته دولة الاحتلال الإسرائيلي، والذي بلغ ذروته بتصفية معظم قادة الحركة جسدياً.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>(إسرائيل) تدرك أن تحقيق حماس إنجازات إيجابية كبيرة في الانتخابات يعني ضمنيا امتلاكها أوراق ضغط وتأثير على عملية صنع القرار في مؤسسات السلطة الفلسطينية وإضفاء صفة شرعية على الحركة كجزء من المؤسسات الفلسطينية المنتخبة، وهذا سيحد من هامش المناورة أمام الاحتلال الإسرائيلي للمس بالحركة أمنياً والتعرض لقادتها. وتدرك (إسرائيل) أن ذلك يعني إسدال الستار على أي فرصة لتسوية سياسية مع الطرف الفلسطيني، سواء تسوية سياسية نهائية حسب نموذج حزب العمل أو تسوية مرحلية كما يرى شارون تضمن خريطة مصالحها الإستراتيجية في الضفة الغربية، إلى جانب التصفية العملية لقضايا الحل الدائم الرئيسة. سيما وأن مختلف فئات المجتمع الفلسطيني تبدي تقبلاً وتفهماً لرؤية حركة حماس بالمقارنة مع ظاهرة الفساد المحسوبية اللصيقة بمؤسسات وشخصيات السلطة الفلسطينية.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>شارون الذي يرغب جازما بشل المقاومة الفلسطينية دون تمييز يريد أن يتحكم في الانتخابات الفلسطينية سواء البلدية والتشريعية، فيمنع مشاركة حركة حماس فيها، ولذلك لجأ إلى تنظيم حملة اعتقالات واسعة ضد مرشحي حركة حماس للانتخابات البلدية حيث تجاوز الرقم 400 معتقل. ولا ننسى أن (وزير دفاعه) شاؤول موفاز وقف مخاطباً جنوده قائلاً: اضربوا الفلسطينيين بغير رحمة. ووجه خطابه لقادة حركة حماس قائلاً: سأرسلكم إلى حيث يرقد أحمد ياسين والرنتيسي، وهو يعلن بعد التزام حركة حماس بعدم إطلاق الصواريخ من غزة، أنه هو وليس حماس من يقرر مسار المعركة، ويبدأ بعد ذلك فوراً في قصف غزة بالمدفعية والطائرات المروحية وعمليات الاغتيال.</FONT></P><BR><P><FONT size=3>إبعاد حماس عن أي انتخابات مستقبلاً وتحجيم حضورها بما يتنافى مع تمثيلها الحقيقي عند الرأي العام الفلسطيني هدف التقت فيه (إسرائيل) مع الإدارة الأمريكية ونفذته آلة الاحتلال فالخيار الإسرائيلي الأميركي قائم على رفض الحركة والعمل على تحجيمها بكل الوسائل الممكنة، الأمر الذي انسحب على الوضع الدولي الذي ساءت مواقفه من الحركة كما تبدى مؤخراً في موقف الرباعية الدولية المؤيد لشارون بشأن مشاركتها في الانتخابات، وقد لا يكون سراً القول أن بعض مراكز القوة داخل السلطة الفلسطينية وفي حركة "فتح" تخوفت من النتائج التي قد تحققها الحركة فالتقت دون إدراك منها مع (إسرائيل) للحد من قوة حماس، حتى تتوافر ظروف أفضل، وهذا يتداخل أيضاً مع رغبة قوى عربية إقليمية مؤثرة لا ترغب في رؤية حركة حماس تحقق نتائج قوية حتى لا يؤثر ذلك على أوضاعها الداخلية في معادلة يمكن تسميتها الاستهداف المتعدد الأطراف، وهذا لا ينفي حالة الغموض الذي يكتنف الموقف الرسمي الفلسطيني من مسألة مشاركة حركة حماس في الانتخابات وهو ما يتوجب أن ينتهي حفاظاً على العلاقات الفلسطينية الداخلية. فالمخاطر الحقيقية لا تتركز على وضع حماس، على رغم ما ستعانيه الحركة وكوادرها، وإنما على مسار القضية الفلسطينية برمتها، ذلك أن شارون لم يتخل عن المطالبة بتنفيذ تصوره الذاتي للدولة الفلسطينية المؤقتة التي ستنحصر في قطاع غزة، مضافاً إليها كانتونات معزولة عن بعضها البعض في الضفة الغربية واعتباره بمثابة حل نهائي يحول النزاع الفلسطيني الإسرائيلي إلى نزاع حدودي بين دولتين جارتين، وبالتالي التحديات التي تواجهها الحركة ستحتاج إلى قدر كبير من التوفيق وحسن الطالع كي يتم تجاوزها بأقل قدر من الخسائر والمعاناة.</FONT></P><BR><P><FONT size=3><BR></FONT>&nbsp;</P><br>