حميدان التركي ..اسم واحد وعناوين مختلفة
16 جمادى الأول 1426
أمير سعيد

أن يصوب مسدس برأس امرأة لتوقيفها بسبب اتهامها بإساءة معاملة خادمتها فهذا أمر مريب , أن يطلب من أسرة دفع كفالة تبلغ 650 ألف دولاراً لنفس سبب الاتهام فهذا أمر محير , وأن يصادر أجهزة حاسب آلي بسبب اشتباه في مخالفة قانون هجرة فهذا عصي على الأفهام. <BR>قضية حميدان التركي الشاب السعودي (36 عاماً) يكتنفها بعض الغموض , لكن بعضاً من هذا الغموض قد يجد طريقاً للدفع بعض طرح عدة حقائق هاهنا : <BR>حميدان أكاديمي يتمتع بطموح في دراسة اللغة الإنجليزية والتعمق في دراستها , ورشحه ذلك للحصول على منحة دراسية من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قسم اللغة الإنجليزية ليتم دراسته العليا في جامعة بولدن بولاية كلورادو الأمريكية , ونجح التركي في الحصول على درجة الماجستير بامتياز من الجامعة ما مكنه من الالتحاق بجامعة دينفر بنفس الولاية الأمريكية للتحضير للدكتوراة في علم الصوتيات. <BR>كان التركي يقضي يومه في منزله بشكل عادي في دنفر بكلورادو نوفمبر الماضي عندما طوقت منزله العديد من سيارات المباحث الفيدرالية الأمريكية F.B.I وصفها جاره محمد جودة بأن عددها كان "هائلاً" , اقتحمت عناصر المباحث منزله وصادرت أجهزة الحاسب في بيته ومكتبه واقتادوه إلى مقر أمني حيث تم احتجازه لعدة أيام بتهمة مخالفة أنظمة الإقامة و ذلك لانتهاء فيزا الإقامة و عدم تجديد أمر بعثته قبل أن يطلق سراحه بعد دفع كفالة مقدارها 25 ألف دولاراً , وأوقفت زوجته وخادمته للتحقيق لذات السبب. <BR>بعد أكثر من 6 أشهر أعيد احتجاز التركي وزوجه بعد أن اقتحم منزليهما من قبل عناصر من المباحث الفيدرالية الأمريكية ووجه أحدهم سلاحه لرأس الزوجة , بتهمة إساءة معاملة خادمتهما الإندونيسية وحرمانها من الرواتب واضطهادها, وأفرجت السلطات عن زوجته بعد أن دفعت كفالة كبيرة (150 ألف دولاراً) , ولا يزال التركي محتجزاً لحين تدبير مبلغ كفالته الباهظة (400 ألف دولاراً). <BR>وإلى جوار دراسة حميدان التركي فإنه شخصية عامة في الجالية الإسلامية والعربية في كلورادو , ويمتلك حميدان التركي دار البشير للنشر والترجمة ، وهي مكتبة لها حضور بين أبناء الجالية الإسلامية والعربية , كما أنه أحد أعضاء الهيئة الإدارية لمدرسة الهلال الإسلامية في دينفر , وأحد المساهمين في تأسيسها. <BR>وهنا قد تبدو بعض المشاهد الداعية إلى التوقف عندها للحظات : <BR><BR>• ما الذي يحمل أكاديمياً مرموقاً على ممارسة سادية معينة في بيته وجلب خادمة من بلادها لاضطهادها في بلاد الاغتراب ؟! أليس الأمر مريباً ؟ وإذا كان رفقاؤه في مسجد الجالية يشهدون له بمساهماته المالية ومساعدته للآخرين , فما الذي يدعوه لوقف راتب الخادمة ؟ وإذا افترضنا إمكانية أن يمارس ذلك في بلاده , فتحت أي عنوان يمكنه أن يمارس ذلك في بلاد من الممكن جداً أن تنتهز هذه الفرصة للتضييق عليه أو إدانته لاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر المفعمة بحالات الاضطهاد الديني للمسلمين ؟ أهذا انفصام في الشخصية أم مؤامرة نفذت ضد الشاب ؟ الإجابة ليست معروفة لكنها ليست عصية على الترجيح. <BR><BR>• إذا لم يك متوافراً لدينا جميع أوراق القضية وجميع ملابساتها فلا يمكننا أن نبرئ حميدان أو ندينه , غير أننا مدعوون لأن نقرأ بعض الصور من دون أن نجزم بدلالاتها الظاهرة حتى لا نظلم أحداً , ومن هذه الصور استجلاب بعض النماذج المشينة في اضطهاد البعض لمخدوميه لاستغلالها في تعميم المشكلة وطرحها كمبرر مفهوم عند الغرب وعند العرب أيضاً في الترويج لهذه التهمة التي ألقيت على كاهل حميدان وزوجته. وهنا يتبادر إلى الأذهان السؤال : لماذا استدعت السلطات هذه التهمة بالذات إذا ما كانت دعواها ملفقة ؟ لابد وأن تقودنا الإجابة إلى نوع من المصارحة مع النفس , والعمل على تضافر الجهود نحو منع استخدام الظواهر السلبية الموجودة في كل مجتمع بنسب متفاوتة للنيل من سمعة الجالية الإسلامية في الخارج. <BR><BR>• هذا الأكاديمي السعودي استدعي في غضون 6 أشهر للتحقيق معه في تهمتين مختلفتين , وفي المرتين اقتحم بيته كإرهابي ورجل خطير , وفيهما اقتادته السلطات إلى "العدالة" قبيل عطلة نهاية الأسبوع حتى لا يبت في أمره إلا بعد مرور العطلة بما يحمل ذلك من معنى مفهوم يفهمه كل من ذاق طعم الإذلال والاعتقال السياسي بالذات في العالم العربي , وهو لدى السياسيين من "المعلوم من التوقيف السياسي بالضرورة" في البلدان العربية , حيث لا يعرض البريء على النيابة إلا بعد أن يكون النظام قد استنفذ صلاحيته القانونية في الإبقاء عليه رهن الاحتجاز , وللعلم فعادة ما يقترن هذا الإجراء بتهافت الأدلة وترجيح الإفراج عنه بعد ذلك.<BR><BR>• الحادثة وإن كانت فردية إلا أنها لابد وأن تفتح ملفين متناقضين : الخادمة الإندونيسية لا نريد أن نجرمها , أو نظلمها ولكن دعونا نسأل لماذا لم تشكو مخدومها إلا بعد 6 أشهر من التحقيق معها أول مرة , ولماذا لم تشكه عندما وطأت قدمها "بلد الحرية الأول" , ومن شجعها على الشكوى , كل ذلك ربما تساؤلات لا تدعنا إلى إدانتها مسبقاً لكن فقط أن نضع النقاط فوق الحروف ؛ فإذا ما قادتنا الحقائق ـ لا التحقيقات الأمريكية ـ إلى اعتبار الرجل مذنباً فلابد من العمل على حل مشكلتها ونظيراتها , وإن قادتنا إلى تبرئته فحينئذ لابد وأن نفتح ملف البعثات العربية إلى الولايات المتحدة الأمريكية , وهل هي ضرورية مع هذا الاضطهاد الذي يلقاه الأكاديميون العرب في الولايات المتحدة الأمريكية ؟ وهل يمكن الاستعاضة عن ذلك ببعثات لدول أخرى لا تعاملنا كعرب ومسلمين بهذه المهانة.. <BR><BR><br>