القنبلة النوويّة المغاربيّة !
15 جمادى الأول 1426

أبرزت الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني في يوم من الإيام وقبل سنوات إلى بعض الدول المغاربية حرص هذه الدول على تطوير وإقامة مشاريع نووية , وكانت الجزائر هي السبّاقة إلى اقامة مشروع عين وسارة النووي والذي ما فتئت الجزائر تؤكد أنه يستخدم للأغراض السلمية ولا علاقة له إطلاقا بالقنبلة النووية وتملك الدولة العبرية ومعها دول جنوب أوروبا أكثر من مرصد لمراقبة صيرورة الأمور في مفاعل عين وسارة الجزائري .<BR><BR>وكانت صحيفة البايس الإسبانية قد نشرت في وقت سابق أن أجهزة الإستخبارات الإسبانية قد قدمت معلومات مستفيضة عن مفاعل عين وسارة النووي وذهبت بعض المعلومات إلى القول أن الجزائر قد تنضم إلى النادي النووي في وقت غير بعيد . <BR>ويعترف الجزائريون أن هذا المفاعل أقيم بمساعدة صينية كبيرة حيث للجزائر علاقات متميزة مع الصين منذ استقلال الجزائر عام 1962.<BR><BR>و لا شك أن الجزائر تملك كل القدرات التقنية لانتاج القنبلة النووية على المدى المتوسط , فهي من جهة إستطاعت أن تكوّن نخبة من المهندسين التقنيين في أرقى معاهد الفيزياء والكيمياء في عواصم الغرب , كما أن المادة الأساسية لصناعة القنبلة النووية –اليورانيوم-<BR>منتشرة بكثرة في منطقة الطاسيلي في أقصى الجنوب الجزائري , ويرفض الرسميون الجزائريون الحديث عن أبعاد هذا المشروع وذلك خوفا من أن يجلب لهم السخط الإسرائيلي و الغربي على حدّ سواء , بل يكتفي الرسميون بمجاملة الدولة العبرية حينا وواشنطن حينا أخر لصرف النظر عن هذا الموضوع . <BR><BR>و إذا كانت الدولة العبرية ومعها بعض الدول الغربية ترصد بإهتمام مجريات الأمور في مفاعل عين وسارة , فإن ما ليس عاديّا أن تطلب الرباط من الصين إقامة مشروع نووي في المغرب , و أبدت الصين إستعدادها لذلك وغرض الرباط من ذلك هو إقامة توازن عسكري بينها وبين الجزائر حيث التنافس قائم على أشده بين هاتين الدولتين , وما يدور بين الرباط والجزائر شبيه إلى حدّ كبير بين ما يدور بين الهند و باكستان في شبه القارة الهندية حيث أدّت الأزمة الكشميرية إلى تنافس الهند وباكستان في المجال النووي و النتيجة الخطر المتواصل والحذر المستديم . <BR><BR>والدوائر في الرباط كانت تنظر من زاوية حادة إلى تطور المشروع النووي الجزائري ونفس هذه الدوائر تعلم أن أي تفوق جزائري في المجال العسكري أو النووي قد ينعش آمال جبهة البوليساريو في تأسيس الدولة الصحراوية . غير أن بعض المراقبين في المغرب العربي يرون أن المشاريع النووية في المغرب العربي هي من قبيل :<BR>عجبت لفرخ البط يعتلي نخلة ويرقى إلى العلياء وهو وضيع <BR>وأن كل هذه المشاريع ما هي إلا فقّاعات سياسية بالدرجة الأولى الغرض منها إبراز العضلات ومحاولة الإستقواء على دول الجوار وكيف يمكن لهذه الدول أن تنجح نوويا وهي معطّلة في كل المجالات الإقتصادية والإجتماعية , والذين يردون على هذا الكلام فيقولون بأن المشاريع النووية حقيقة قائمة في حدّ ذاتها وهي بعيدة عن الأضواء على إعتبار أنها تندرج في صلاحيات المؤسسة العسكرية وكل ما يندرج في صلاحياتها سرّي للغاية .<BR><BR> و تؤكد بعض المعلومات أن المشروع النووي الجزائري لا يندرج في سياق الفقاعات السياسية بل هو مشروع حقيقي وواقعي والدليل هو تعقب الموساد له بكثافة , و قد تمّ إعتقال بعض الطلبة العرب في الجزائر والذين كانوا يدرسون في بعض الجامعات الجزائرية و قد كانوا مكلفين من قبل الموساد بجمع كافة المعلومات المتوفرة حول مفاعل عين وسارة النووي .<BR>و من جهتها الصين لا تمانع في تقديم يد العون النووي لمن يطلب خصوصا وأنها تبحث عن مزيد من الأسواق في العالم الثالث وتحاول بصمت مطبق التغلغل الى مناطق نفوذ الإتحاد السوفياتي سابقا .<BR><BR>وجزء من المباحثات التي تدور بين بكين والرباط هو إمكانية قيام الصين ببناء مفاعل نووي في المغرب وقد طلب الملك محمّد السادس عاهل المغرب ذلك شخصيّا من الرئيس الصيني الذي زار قبل فترة من الوقت الرباط .و ليبيا التي لها طموحات أكبر من حجمها تفكر هي الأخرى في دخول السباق النووي على أمل أن يعطي ذلك قوة لإيديولوجيتها الخضراء التي من بنودها جعل الجماهيرية العظمى قطب الرحى في الحقل الجغرافي الذي أطلق عليه القذافي إسم : الولايات المتحدة الافريقية . ورغم كل المحاولات التي بذلها معمر القذافي لتفعيل مشروع نووي في ليبيا من خلال تفعيل العلاقات الليبية –الصينية ومن خلال محاولة إستقدام بعض الخبراء النوويين من الجمهوريات الإسلامية المستقلة في آسيا الوسطى إلا أنّه لم ينجح في تحقيق أي شيئ يذكر بل سلم كل البنى التحتية لإقامة هذا المشروع لأمريكا و الذي بسببه حصل على رضاها . <BR><BR>ويقول عارفون بالبيت المغاربي أن ليبيا تفتقد إلى خبرات ليبية لها الكفاءة العالية في توجيه مفاعل نووي الأمر الذي أدى إلى تراجع ليبيا فى هذا المجال كما أن وضع ليبيا على الصعيد الدولى جرّاء تراكمات قضية لوكربي جعلها لا تضيف إلى شبهتها شبهات أخرى وقد تمكنت من معالجة هذه الشبهة بالتخلي عن كل إلتزاماتها . <BR><BR>غير أن بعض العواصم الغربية وواشنطن تتخوف أن تتمكن ليبيا من شراء قنابل نووية أو رؤوس نووية من الصين أو غيرها على إعتبار أن ليبيا تستحوذ على سيولة معتبرة جراء كثافة النفط فيها وضآلة النسمة السكانية . وقد حاولت ليبيا الإستفادة من المشروع النووي الإيراني وذلك من خلال الإستماع الى معلومات مستفيضة حول كيفية إقامة مشاريع نووية وذلك من خلال مباحثات جرت في طرابلس بين رسميين إيرانيين و ليبيين , كما أن الليبيين حاولوا الإستفادة من العراقيين في هذا المجال وهم الذين قطعوا شوطا في المشاريع النووية و ذلك بمساعدة الفرنسيين والذين وضعوا كل هذه المعلومات في تصرف الإدارة الأمريكية والإسرائيلية عندما دعت الضرورة إلى ذلك .<BR> <BR>وقد حاولت ليبيا إستقطاب بعض الخبراء الذريين من باكستان لكن بعضهم لم يسعفه الحظ في المكوث طويلا في ليبيا وخصوصا مع المتغيرات الليبية المتلاحقة . <BR><BR>وتعتبر تونس وموريتانيا من الدول المغاربية التى لا تفكر تفكيرا نوويا ولسان حالهما : رحم الله إمرءا عرف قدر نفسه . وإنشغالات هاتين الدولتين مغايرة كل المغايرة وربما لا تعرف هذه الدول معنى اليورانيوم , فتونس منشغلة بالقنبلة الساحية و زيادة دخلها في هذا المجال مع إرخاء العنان لإقتصاد السوق والرساميل الأجنبية للإستثمار في تونس وموريتانيا منشغلة بالتطبيع والهرولة مع الدول العبرية عن القنبلة النووية ,و يذهب بعض الباحثين في المغرب العربي إلى القول أن القنبلة النووية وبالمنطق القطري السائد في المغرب العربي لا يمكن أن ترى النور على الإطلاق و مادامت مجهودات الدول المغاربية منفردة وإنعزالية فإن الحديث عن القنبلة النووية الإجتماعية والأمنية أولى من الحديث عن القنبلة النووية المغاربية , ويقول هؤلاء الباحثون أن الدول المغاربية لو تلغي الحزازات السياسية فيما بينها وتتكامل ضمن مشروع سياسي وإقتصادي وعلمي فإن اليورانيوم الجزائري والمال الليبي والعلاقات المغربية قد تفضي إلى مشروع نووي ناجح , لكن ذلك لم يحدث مطلقا مادامت كل دولة مغاربية تحاول التفوق نوويا لتتفوّق أقليميا وتفرض إرادتها على الشمال الإفريقي .<BR><BR>و بعد دخول الدولة العبرية على الخط والإنقضاض الإسرائيلي على المغرب تبدد حلم أن تكون القنبلة النووية المغاربية في حال تمّ التوصل إلى صناعتها حافزا بإتجاه إحداث التوازن في الشرق الأوسط وبالتالي إرداف الموقف التفاوضي العربي بميزات القوة .<BR><BR>و يبقى القول أن القنبلة النووية المغاربية وحتى في حال تمّ تصنيعها فإنها ستبقى كالدمية التي تظل مجمدة في الثلاجة . على إعتبار أن من أسباب إنتكاس الإقتصاديات في المغرب العربي هو البدء في التنمية من الأعلى وبالتالي إهمال الزراعة والصناعات الخفيفة والمتوسطة وكانت النتيجة أن كسدت الصناعات الثقيلة كما كسدت الصناعات الخفيفة وبقيت البضائع الغربية وحدها تتوالى تباعا على المغرب العربي والعجيب أنّ صاحب فكرة التصنيع الثقيل أولا في المغرب العربي هو إقتصادي فرنسي من أصل يهودي , أملى هذه الفكرة على الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين فكانت النتيجة ما تؤكده الأرقام القادمة اليوم من المغرب العربي !!<BR><br>