علماء ومشايخ لبنان يستنكرون تدنيس المصاحف
8 ربيع الثاني 1426

v الشيخ ماهر الجارودي:<BR>في لقائنا مع الشيخ الجارودي (رئيس دائرة المساجد في لبنان، و خطيب و إمام مسجد الأمير عسّاف في وسط بيروت)، أجاب على سؤال لنا حول تدنيس الأمريكيين للقرآن الكريم، فقال: "بداية لا بدّ لنا من مقدّمة قبل الإجابة على سؤالكم، نحن نرى كل يوم و نشاهد بأمّ أعيننا تلك الانتهاكات التي تقوم بها الحضارة الأمريكية المزعومة التي تدّعي حرية المعتقد و حرّية الرأي و حقوق الإنسان، والتي تعرضها على مرأى و مسمع من العالم متجاوزة كل الحدود و القيم الإنسانية متعدّية منطق الغابة و الوحشية في التعامل مع الآخرين إلى منطق أدنى بكثير، وهوت به إلى منطقة لم تتعرف عليها البشرية في التاريخ. شاهدنا ما يدور على ساحات البلاد العربية و الإسلامية خاصّة في العراق و أفغانستان و باقي البقع التي تدعم فيها أمريكا كل من يقاتل مسلماً على هذه الأرض، والمشكلة أنّ الذي فسح المجال لهذه الدولة الإرهابيّة "أمريكا"، و سمح لها أن تتجرّأ على فعل ما قامت به و تقوم به بحق المسلمين و بحق عقيدتنا و ديننا هي الأنظمة و لا أستثني أحداً .<BR>فالقادة العرب و المسلمين "دمى" صنيعة أمريكا و حلفائها الغربيين المتحالفين معها خلف أي عدوان على المسلمين؛ لأنّ تلك الأنظمة هي التي كانت تقمع أبناءها و بني جلدتها دوماً و تفتح و تشرّع أبوابها أمام أي عدوان خارجي مستسلمة خائفة و خاضعة، و لذلك فنحن نحمّل المسؤولية على حكّام العرب و المسلمين لما يحصل لنا اليوم، و خاصّة ما يتعلق بقضيّة تدنيس القرآن الكريم على أيدي هؤلاء السفلة.<BR><BR>و أضاف الشيخ الجارودي إنّ ما ستقوم به الدول العربية من استنكار و مطالبة بالتحقيق (هذا إن فعلت) غير كاف، وهو فقط لاحتواء حقن الشعوب و لتنفيس غضبهم و لتهدئة ثورتهم، و حتى لو قامت الولايات المتحدة بالتحقيق فيما حصل من تدنيس للقرآن الكريم فنحن لا نثق بلجانها المهزلة، و الدليل التحقيق السخيف الذي جرى بحق مرتكبي فظائع أبي غريب و التي برّء على أساسها المنتهك و البريء ما زال خلف القضبان.<BR><BR><BR><BR><BR>v الشيخ محمد الأنصاري:<BR>و في حوارنا مع الشيخ محمد الأنصاري (خطيب و إمام مسجد "كيخيا" في صيدا)، قال: " لا يمكن اعتبار أنّ هذا العمل الدنيء الجبان هو عمل فردي انفعالي استثنائي، فهو سياسة أمريكية موجّهة و مدروسة؛ لأنّ الأوامر تنفّذ بتسلسلية قيادية تراتبية. هذا و تعبّر هذه الجريمة بحقّ قرآننا عن سلوك وعقلية الإدارة الأمريكية التي تريد استعادة حقبة الحروب الصليبية، و ذلك من أجل الاصطدام بالإسلام، ممّا من شأنه أن يؤدي إلى حرب عقائدية دينية جديدة خاصة أنّ تدنيس القرآن يشير إلى أنّ مشكلة الأمريكيين ليست مع ما يدّعون أنّه "إرهاب" بل مع العقيدة الإسلامية و إلاّ لما لجؤوا إلى تدنيس القرآن". و أضاف الشيخ الأنصاري "أنّ هذا العمل يدخل في إطار الحرب النفسية على الكل المسلمين لعلمهم أنّ المسلمين الذين يتوقون إلى دولة إسلامية تحكّم الشرع غير قادرين على الرد كون الحكومات الفاسدة المتسلّطة توالي أعداء الإسلام". و اختتم الشيخ الأنصاري بأنّه لا بدّ من استنهاض الوعي الشرعي لدى عامّة المسلمين لمواجهة هذا العمل كما أنّه لا بد من استنفار الأمّة كلّها لاسترجاع مكانة دينها، فمقاصد الشريعة تكمن في حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ المال، وحفظ العرض، و حفظ العقل، و في هذا الإطار فإنّ حفظ الدين أولوية، و يجب على الأمّة كلّها حماية الدين حتى و لو أدّى ذلك إلى هلاك النفس، بمعنى أنّه عندما تحتاج حماية الدين إلى تضحية الإنسان بنفسه فإنّ ذلك يجب أن يكون أولوية.<BR><BR>v الشيخ محمد عسّاف:<BR>في تعليقه على سؤالنا أجاب قاضي بيروت الشرعي الشيخ محمد عسّاف "إنّ حصر الموضوع بتحقيق أو جندي من أجل التقليل من أهميّته لهو عين التضليل، فهذا العمل هو استراتيجية أمريكية متّبعة من قبل السلطات الأمريكية في واشنطن في مجال حربها على الإسلام الذي تسميه حسب معتقداتها إرهاباً، و الدليل على ذلك أنّ العملية تتضمن تكراراً، فقد حصلت في أبي غريب و في السجون في أفغانستان و بالتأكيد فإنّ إهانة عقيدة المسلمين و دينهم قد تمّت في أماكن أخرى سيأتينا المستقبل بأخبارها. إنّ ما تريده أمريكا من وراء هذا العمل هو إذلال المسلمين بعد أن فشلت في السيطرة على الأراضي التي احتلتها باسم تحرير شعوبها من حكّامها الديكتاتوريين. <BR><BR>و أضاف "المطلوب إزاء التصرفات الأمريكية أن يتّحد جميع المسلمين لمحاربتها و من يقف معها، و إظهار الزيف الأمريكي الذي يدّعي محاربة الديكتاتورية و الاستبداد و مساندة حرية الشعوب...الخ، و ما ذلك إلاّ بالضحك على بسطاء العقول ضعاف النفوس، و أبسط مثال في هذا هو ما حصل في غوانتانامو و أفغانستان و العراق من تدنيس لكتاب الله و بيوت الله و التعرض لمساجد و مقدسات المسلمين و اغتصاب نسائهم و قتل شيوخهم و أطفالهم و إذلالهم كما ظهر في الصور التي نشرت عن فظائع أبي غريب. <BR>هذا و إلى جانب مطالبة المسلمين بالاتحاد من أجل مواجهة أمريكا نطالب أمريكا بمعاقبة جميع المسؤولين عن هذا العمل الشنيع و محاسبة من فعل ذلك حساباً عسيراً أمام الرأي العام الإسلامي و ليس من وراء جدر و خلف ظهورهم كما حصل سابقاً من لجان التحقيق، هذا و نطالب أمريكا أيضاً بتقديم اعتذار رسمي من البيت الأبيض و التعهد بعدم العودة إلى ذلك أبداً وإطلاق سراح جميع المعتقلين المسلمين في سجون الإذلال الأمريكية فهم لم يثبت عليهم شيء مما يدّعون، و لم تتم إدانتهم بشيء كما بات العالم يعرف أنّهم أبرياء فنحن كذلك نرى أنّهم أبرياء، و يجب إطلاق سراحهم فوراً لإظهار حسن النيّة إذا كانت أمريكا جادّة فيما تقول و تريد تصحيح ما حصل".<BR><BR><BR>v الشيخ محمد دليبلطة:<BR>بدأ (قاضي صيدا الشرعي) الشيخ محمد دليبلطة الحديث معنا حول تدنيس الأمريكيين للمصحف الشريف، فقال: "إنّ الولايات المتّحدة الأمريكية تشنّ هجمة شرسة على العالم الإسلامي، وهي بذلك لا توفّر شيئاً ممّا يخص المسلمين سواء في عقائدهم أو في أصولهم لتشريعية و حتى فيما يخص القرآن الكريم، و بطبيعة الحال فهذه الأفعال تعبّ رعن الهمجية الأمريكية و تكشف زيف الحضارة التي يدّعونها و تفضح السياسة الأمريكية التي تدّعي أيضاً الديمقراطية و تحرير الإنسان، وهي في حقيقة الأمر تكشف عنصرية استكبارية في التعامل مع الآخر، مع الإشارة إلى أنّ هذا الفعل الشنيع لا يؤثّر على القرآن الكريم فهو محفوظ في قلوب المسلمين و عقولهم و أرواحهم و سيذلون دائماً كل ما يملكون للتمسك به و بتعاليمه، وهذا حال المسلمين في كافّة العصور و على أمريكا أن تفهم ذلك جيّداً وطبيعة المسلمين و عزّتهم التي قال الله فيها: " و لله العزّة و لرسوله و للمؤمنين" , و أنّ ما يجري اليوم في فلسطين و العراق و أفغانستان من بذل للأرواح لهو خير دليل على التمسّك بالعزّة و بالقرآن. و نحن إذ نقول: إنّ الهجمة الأمريكية الشرسة تدّل على سياسة مدروسة قواها إهانة المعتقدات الإسلامية، و إلاّ فما الذي يدفعنا للتفكير بعكس ذلك و نحن نرى و نسمع كل يوم بأمّ العين و الآذن ما تفعله أمريكا و كيف تتحالف مع الصهيونية المغتصبة لفلسطين فهل هذا ضمن خطة منظّمة أم ماذا؟ <BR><BR> فالمطلوب أن يكون هناك موقف إسلامي على مستوى التحدي، فلا كتاب إلى مجلس الأمن للشكوى ينفع و لا لجنة تحقيق أمريكية بما تمّ بحق قرآننا سينفع، فكل ذلك يدار بأيدي أمريكية ، والمطلوب هو موقف إسلامي على مستوى التحدي و الأسلوب الذي تدار به الأمور الآن لن يجدي نفعاً و لن يحرر شبراً من الأرض، ولن يخرج جندياً من أرض المسلمين، لن يخرجوا إلاّ بمجابهة على مستوى التحدي، و أعني بذلك الوقوف بقوة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى لمقارعة العدو و استعادة الكرامة و العزّة الإسلامية، فالضعيف لا يحترم، و إنما يتم احترام القوي بقوة عدله و حقّه، هذه القوّة التي ما تمسّك بها أحد إلاّ و كفّ الناس عنه أذاهم و مخطّطاتهم.<BR><BR>v الشيخ ماهر حمّود: <BR>هذا و قد عبّر الشيخ ماهر حمّود (إمام و خطيب مسجد القدس، و هو شخصية معروفة في الأوساط الإسلاميةّ و العمل الإسلامي) عن رأيه لنا في الموضوع من وجهة نظر مختلفة قليلاً عمّا ذكره الآخرون مسلّطاً الضوء جوانب أخرى من الموضوع، و بدأ بقوله: سأبدأ جوابي بالتطمين، إذا جاز التعبير؛ فأنا لا أخاف ممّا حصل طالما أن هناك ردة فعل بحجم الذي رأيناه في أفغانستان و باكستان و فلسطين و غيرها، و طالما أن هناك أمثالكم شباب و عاملون و مهتمون يخافون و يغضبون و يثورون لإهانة القرآن الكريم، و لعل ردة الفعل الضعيفة نسبياً في البلاد العربية سببها أن الخبر لم يكن مؤكداً في أول الأمر، و لعل وسيلة إعلامية واحدة انفردت بها و لأسباب أخرى ليس الآن وقت تفصيلها...<BR>و من جهة أخرى لا أعتقد أن الذي حصل هو سياسة أميركية منهجية؛ لأن الأميركيين ليسوا بهذا الغباء أرى أن العكس هو الصحيح بمعنى أن أميركا حريصة على أن تظهر احترامها للإسلام، بل هي معنية (بإيجاد) إسلام أميركي تكون هي القائمة عليه، و هذا الإسلام يتضمن صلاة و صياماً و حجاً و مساجد جميلة و مناسك محترمة، و لعله أيضاً مصاحف مزينة... إلخ، و لكنه إسلام (مسالم) يعترف بحق إسرائيل في الوجود، و يرفض (العنف) لاسترجاع المقدسات، و لا يسعى للحكم و إن سعى فسيكون أول مهماته تثبيت مبادئ السلام و التعايش... إلخ، وإسلام لا يسعى لتنمية اقتصادية في بلاد المسلمين... إلخ، و لا أظنني بحاجة لضرب أمثال تفصيلية و لكن أميركا تدرك تماماً أن مواجهة الإسلام بشكل مباشر سيثير المسلمين و سيجمعهم في ردة فعل عارمة يشارك فيها المتدين و العاصي و السكّير و حتى العلماني... و هذا آخر ما تريده أميركا.<BR><BR>كما أنه من المؤكد أن كثيراً من الجنود يتصرفون على طبيعتهم و ليس غريباً على طبيعة الأمريكي العادي أن ينتهك مقدسات غيره بسبب شعوره بالكبر. و نفس الأمر نقوله في موضوع فضائح أبي غريب. <BR>هذا الكلام نقوله للنخبة أما أمام الجمهور فليس بالضرورة أن نبرّئ الإدارة الأميركية من مثل هذه الأفعال، بل يجب تعبئة الجمهور بكل ما نستطيع ضد الاحتلال الأميركي الفاجر من العراق إلى فلسطين و لبنان و أفغانستان إلى العالم الإسلامي كله...<BR><BR>فأميركا عدو لا شك، و هي عدو ذكي، علينا أن نواجهها بحكمة و حنكة و تخطيط و لا يجوز الاعتماد على ردات الفعل فقط... إنما ردات الفعل دليل على وجود معطيات كافية للتحرك، و أن هناك عدداً كافياً من الجنود للدفاع عن الإسلام هؤلاء الجنود الذين يحتاجون إلى تدريب و توعية و تنظيم و قيادة و غير ذلك.<BR><BR><br>