عصيان الجنود الأمريكيين بالعراق في الإعلام الغربي
7 رمضان 1425

تناقلت معظم وسائل الإعلام الغربية خلال اليومين الماضيين، أنباء العصيان العسكري الذي أعلنه 19 جندياً أمريكياً من أفراد جيش الاحتلال في العراق، خوفاً من المقاومة العراقية التي تستهدف قافلات الإمداد العسكرية لقوات الاحتلال.<BR><BR>بعض هذه الوسائل عرضت معلومات حيادية قدر المستطاع، لأسباب تشكل في حد ذاتها سياسة مخفية، تهدف إلى عدم التعرض لخلفيات وأسباب الحدث، والابتعاد قدر المستطاع عن التعقيب عليه، والذي لابد سيكون سلبياً (على أفضل الأحوال).<BR>فيما أسهبت وسائل إعلام أخرى، حول هذا الموضوع، مناقشة أبعاد العصيان، وأسبابه، ونتائجه، مع إجراء مقابلات مع ضباط جيش أمريكيين في العراق وأمريكا، ولقاءات أخرى مع عائلات بعض الجنود المتمردين.<BR><BR><font color="#0000ff">لماذا قوافل الإمداد:</font><BR><BR>فيما تتحصن معظم القوات الأمريكية المحتلة خلف أبنية وقصور ومدرعات ومعسكرات محمية، تشكّل وحدات الإمداد العسكرية نقاط ضعف في الجيش الأمريكي، تستغلها المقاومة العراقية في تهديد جيش الاحتلال.<BR><BR>فمن جهة، يؤدي استهداف قوافل الإمداد إلى خسائر بين صفوف الجيش الأمريكي والعاملين والمتعاونين معه، ومن جهة أخرى، فإنه يعيق عمليات الإمداد اللوجيستية التي تحتاجها القوات العسكرية المنتشرة في الكثير من المناطق العراقية، من أجل الحصول على مئونتها ودعمها وغذائها.<BR><BR>وهو أمر تعترف بخطورته قيادة الاحتلال الأمريكية، حيث نشرت صحيفة (الواشنطن بوست) الأمريكية الصادرة يوم الاثنين 18 أكتوبر تقول: " إن الجنرال ريكاردو سانشيز (قائد القوات الأمريكية المحتلة في العراق من منتصف 2003م حتى هذا الصيف) أرسل خطاباً إلى البنتاجون في ديسمبر 2003م يشكو فيه من نقص الإمدادات في المناطق الشمالية من العراق، مشيراً إلى أن هذا يؤثر سلباً على قدرة الجنود في العمليات القتالية".<BR><BR>وأضافت الصحيفة تقول: " سانشيز الذي عاد إلى قاعدته الأساسية في ألمانيا، أخبر مسؤولي الجيش الكبار في البنتاغون عبر خطابه، أن هناك نقصاً شديداً في الأجزاء الأساسية للمعدات الحيوية والهامة، وأن المشكلة كانت شديدة جداً لدرجة أنني لا يمكن أن أستمر في مساندة العمليات العسكرية المتواصلة بهذه المعدات".<BR><BR>كما شكت القوات الأمريكية المنتشرة في شمال العراق، من تأخر الإمدادات الغذائية والحيوية الأخرى، مؤكدة على عدم مقدرتها تحمل التأخير في ظل الظروف الصعبة التي تعاني منها في المناطق الملتهبة بالمقاومة العراقية، حول العاصمة بغداد.<BR><BR>وتتعرض قوافل الإمدادات المدنية والعسكرية في العراق وقوات الاحتلال بمختلف أماكنها، لهجمات متكررة وكمائن، حيث قتل أكثر من ألف جندي أمريكي وأصيب عدة آلاف آخرين منذ الغزو الذي قادته واشنطن في مارس 2003م، حسب البيانات الأمريكية التي تؤكد العديد من وسائل الإعلام الغربية والعربية أنها تكشف الجزء الأصغر من خسائر الاحتلال في العراق.<BR><BR><font color="#0000ff">المجموعة التي أعلنت العصيان العسكري:</font><BR><BR>الجنود الـ 19 الذين عصوا الأوامر العسكرية، هم مجموعة من قوات الاحتياط الأمريكية، العاملة في الوحدة 343، التي يقع مركز قيادتها في ساوث كارولينا، فيما تنتشر في منطقة (تاجي) الجنوبية في العراق.<BR>وتضم الوحدة 343 نحو 120 جندياً أمريكياً، تنحصر مهمتهم في نقل الإمدادات الأساسية من ماء وطعام ووقود، إلى مناطق القتال، عبر شاحنات عسكرية مدرعة.<BR>وينتمي أعضاء الوحدة إلى ولايات ألباما، وكنتاكي، ونورث كارولينا، والمسيسبي، وساوث كارولينا. <BR><BR>وجاء العصيان العسكري من قبل الجنود الـ19، بعد تلقيهم أوامر بنقل مؤن طعام وماء ووقود إلى المنطقة الوسطى والشمالية في العراق، والتي تضم المثلث السني الملتهب بالمقاومة العراقية.<BR>ورفض الجنود أوامر نقل الإمدادات لرفاقهم في الجيش، بسبب الخوف من المقاومة، وبحجة نقلهم لوقود طائرات ملوث، ونقص عوامل السلامة في سياراتهم.<BR><BR>الجنرال جيمس تشامبرز (قائد قوات الدعم للفرقة الثالثة عشر) قال: " إن جنود الاحتياط في الجيش الأمريكي الذين رفضوا الأوامر لنقل الإمدادات عبر إحدى الطرق الخطير، هم أعضاء إحدى وحدات الإمداد القليلة التي تضم شاحنات غير مسلحة".<BR>مشيراً إلى أنهم كانوا قد شاركوا من قبل في مهام إمداد وتمويل في مناطق محلية قريبة من وحدتهم الآمنة الواقعة جنوب العراق، وأنهم لم يقودوا قوافلهم من قبل باتجاه المناطق الشمالية، والتي تمر ببغداد وبمناطق أخرى تنشط فيها المقاومة.<BR>وقال: " ليست كل شاحناتهم مدرعة ومحمية تماماً، ولم يكن لديهم الفرصة للحصول على شاحنات أخرى مدرع لإمداد الخطوط الشمالية".<BR><BR><font color="#0000ff">أسباب العصيان:</font><BR><BR>حسب المصادر الأمريكية، فإن الجنود التسعة عشر رفضوا مرافقة قافلة من شاحنات الوقود في مهمة تموين من جنوب شرق العراق إلى بغداد يوم الأربعاء 13 أكتوبر، مبررين ذلك بأن الوقود ملوث وأن ناقلاتهم غير المصفحة في حالة متهالكة، وأنها قد تتعرض للتدمير على يد المقاومة العراقية.<BR><BR>بعض المصادر الإعلامية الأمريكية التقت مع عائلات بعض الجنود الأمريكيين الـ19، حيث نشرت وكالة الأسوشيتدبرس لقاءً مع إحدى هذه العائلات، التي أكدت أن " الجنود شعروا أن عملهم خطير جداً، وأن مركباتهم غير آمنة لتنفيذ المهمة" مشيرين إلى خطورة منطقة بغداد وما حولها، والتي تتمتع بها المقاومة العراقية بانتشار واسع وسيطرة شبه كاملة على بعض المناطق فيها.<BR><BR>أما قيادة القوات الأمريكية المحتلة، فقد أكدت على ضرورة تنفيذ المهمة، في أنها كانت ستزود الجنود الأمريكيين والقوات المتعددة الجنسيات شمال بغداد بالماء والطعام والوقود والمواد التموينية الأخرى<BR><BR>وقالت تريزا هيل التي تلقت إفادة هاتفية مؤثرة من ابنتها الجندية امبر ماكليني: " إن هذه الشاحنات كانت تنقل في السابق وقوداً خاصاً بالطائرات ولم يتم تنظيفها من آثاره قبل أن تحمل بالشحنة الجديدة من وقود الديزل".<BR><BR>وقالت ماكليني في إفادتها التي سجلت على جهاز الرد الآلي على المكالمات الهاتفية وبثتها شبكات تلفزيونية يوم الاثنين "مرحباً أمي... أنا امبر. هذا أمر طارئ حقيقي وكبير، أحتاج منك أن تتصلي بشخص ما، وأن تثيري ضجة كبرى، بالأمس رفضنا أن نخرج في قافلة...كانت شاحنات متهالكة ومركبات غير مصفحة، وكانت تحمل وقوداً ملوثاً".<BR><BR>وقالت هيل لشبكة إن.بي.سي: " إن ابنتها أشارت للخروج مع القافلة باعتباره مهمة انتحارية".<BR>وقالت هيل التي أوضحت أن ابنتها كانت تخشى من أن الوقود الملوث ربما يوضع في هليكوبتر يمكن أن تتحطم في نهاية الأمر، مما يزيد من محصلة قتلى الجيش الأمريكي بالعراق "أحست وكأن الجيش يتخلى عنهم ويتركهم ليغرقوا".<BR><BR>وبحسب مصادر في قيادة الاحتلال الأمريكية بالعراق، فإن نحو 4000 شاحنة عسكرية أميركية موجودة في العراق تستخدم في عمليات الإمداد والتمويل والنقل، منها نحو 80% مزودة بدروع ولوحات حديد للحماية، مشيرة إلى أن بعض الشاحنات العسكرية التي تستخدم في الوحدة الثالثة عشر، وتحديداً في القطعة (343) التي شهدت حالة العصيان، لا توجد فيها دروع الحماية، وذلك بسبب أنها تعمل في مناطق آمنة وبعيدة عن المقاومة في جنوب العراق.<BR>وأضافت المصادر أنه ومنذ فبراير الماضي، لم تصل أي شاحنة عسكرية مدرعة تابعة للفرقة الثالثة عشر إلى العاصمة بغداد، وأن جميع الشاحنات التي وصلت غير مدرعة.<BR><BR>حماية الشاحنات يتم عبر فريق من المهندسين في الجيش الأمريكي ومقاولين، حيث يقومون بلحم صناديق وألواح من المعادن الصلبة حول جسم الشاحنة، من أجل حمايتها من نيران المقاومة الخفيفة والمتوسطة، قدر المستطاع .<BR><BR>وحاولت قيادة الاحتلال الدفاع عن الجنود المتمردين بالقول: " إنهم رفضوا الخدمة بسبب الحالة السيئة التي تشتكي منها شاحناتهم".<BR><BR><font color="#0000ff">تضارب في أنباء العقوبات العسكرية بحقهم:</font><BR><BR>في مؤتمر صحفي عقدته قيادة الاحتلال الأمريكية في العاصمة بغداد، قال الناطق باسم قوات الاحتلال: " إن الجنود الـ19، الذين رفضوا الأوامر العسكرية، قد أعيدوا إلى قطعهم لإكمال مهامهم، ومن المبكر الحديث عن الإجراءات التأديبية التي ستتخذ بحقهم".<BR><BR>إلا أن قيادة الاحتلال أشارت إلى أنها أمرت بإجراء تحقيق حول الشكوى التي تقدم بها الجنود الأمريكيين فيما يتعلق بأمان مركباتهم.<BR>وحسب البيانات اللاحقة لقيادة الاحتلال، فإن الجنود الـ19 سيتعرضون لاحقاً للتحقيق ولتحديد الحكم العسكري الذي قد يعاقبون به؛ بسبب عصيانهم للأوامر العسكرية في وقت "حرب".<BR><BR>ونقلت الشبكة الإعلامية نفسها، عن الرائد ريتشارد سبيجل، (المتحدث باسم الفرقة الثالثة عشر في تاجي) قوله: " من المبكر جداً أن ندلي بتصريحات حول الإجراءات التأديبية التي سنتخذها بحق الجنود الـ19" في إشارة إلى تقديمهم للمحاكمة العسكرية لاحقاً.<BR><BR>إلا أن مصادر إعلامية أخرى، نقلت عن عائلات الجنود الـ19 تأكيدات، أنهم تلقوا اتصالات من الجنود في العراق، أنه سيتعرضون لعقوبة الطرد من الخدمة العسكرية.<BR>ونقلت شبكة (ABC News) الأمريكية يوم الاثنين 18 أكتوبر، عن عائلات الجنود الأمريكيين في كارولينا قولهم: " إن القادة لم يتخذوا أي إجراء حول الشكاوى المقدمة من أبنائهم في العراق بشأن سلامة مركباتهم وأمانها" أمام المقاومة العراقية.<BR>مشيرين إلى أنهم تلقوا اتصالات من أبنائهم بإمكانية طردهم من الخدمة العسكرية، بسبب عصيانهم للأوامر العسكرية.<BR><BR>فيما نقلت شبكة (CBS) التلفزيونية يوم الاثنين، عن ريكي شيلي ( والد أحد الجنود المشتركين بالعصيان) قوله: " أكد لي ابني أنه سيطرد من الجيش بشكل نهائي، إنه مكتئب حالياً".<BR>وأعقبت الشبكة التلفزيونية أن إجراء الطرد من الجيش سيحرم العسكري من "حقوق التقاعد" والانتماء إلى "المحاربين القدماء" الذين يحصلون على امتيازات أخرى بعد خروجهم بشكل طبيعي من الجيش.<BR><BR>وحسب الكلمة التي نقلتها شبكة (CBS) الأمريكية عن ريكي شيلي، فإنه أكد أنه خاف من المقاومة العراقية، ومن نقلهم وقود طائرات ملوث، مبدياً الخوف الأكبر من سقوط الطائرات الأمريكية بسبب الوقود الملوث.<BR><BR>كما نقلت صحيفة (US Today) عن والد الجندي جاكسون ميسس، (أحد الجنود الـ19) تأكيده، أنه تلقى أنباء من ابنه بأنه سيتم طرد نحو 5 جنود على الأقل من الجيش الأمريكي بسبب العصيان.<BR><BR><font color="#0000ff">صفعة لقيادات الاحتلال:</font><BR><BR>صحيفة (US Today) أكدت في مقال لها نشرته يوم الثلاثاء، أن الجيش الأمريكي المحتل في العراق، قد بدأ تحقيقًاً عسكرياً بحق الجنود الـ19".<BR><BR>ونقلت عن الجنرال جيمس تشامبرز (قائد وحدة دعم الفرقة الثالثة عشر) قوله: " هذا حادث فردي وصغير، ولن يؤثر على أداء الوحدة".<BR>لكنه اعترف قائلاً: " لكن الحادث يثير المخاوف عن الانضباط و عن أمان المعدات، والتحقيق سيحدد ما إذا كانت هذه القضية جريمة يعاقب عليها القانون العسكري الموحد في الجيش الأمريكي".<BR><BR>فيما اعتبر أندرو كريبينيفيتش (المدير التنفيذي للمركز الدراسات الاستراتيجية المتعلقة بلجنة الميزانية في واشنطن) أن هذا العصيان، يشير إلى القيادة السيئة من قبل بعض القادة الأمريكيين في الوحدات العسكرية الأمريكية المنتشرة في العراق.<BR>وأكدت الصحيفة الأمريكية أن الجنود الذين عصوا الأوامر العسكرية، تم نقلهم إلى مكان خاص لعدة أيام، قبل أن يتم إعادتهم لوحدتهم العسكرية، من أجل التحقيق معهم".<BR><BR><BR><BR><br>