من يحمي الجيش الأميركي في العراق
19 ربيع الأول 1425

أحداث الفلوجة كشفت من ضمن ما كشفت عنه مسألة غائبة حاضرة، وهي حضور شركات الأمن الخاصة التي جاءت لحماية الجيش والقادة الأميركيين وحماية كل من له علاقة بالمشروع الأميركي في العراق.<BR> أثارت قضية الأشخاص الأربعة الذين قتلوا في الفلوجة ومثل بجثثهم زوبعة من ردود الأفعال، حيث أشيع أنهم من رجال الأعمال القادمين للاستثمار، وأن قاتليهم من الأجانب، لكن الحقيقة التي بقيت خفية على الكثيرين أن القتلى الأربعة هم من الجنود الذين خدموا في وحدات البحرية الخاصة بالجيش الأمريكي (المارينز) الذين جاءت بهم شركات الأمن الخاصة ليعملوا في العراق مقابل مبالغ خيالية، أما الذين قتلوهم فكانوا من أفراد عائلة عراقية من الفلوجة، انتقاماً لمصرع 26 فرداً من أقاربهم، قتلهم الجيش الأمريكي في إحدى المواجهات مع عناصر المقاومة و من دون أي مبرر، مما يفسر ردة الفعل العنيفة و غير المسبوقة بإحراق الجثث الأربع والتمثيل بها. <BR>القتلى الأربعة كانوا مستأجرين لدا شركة "بلاك واتر" الأمريكية التي تعهدت حماية المواكب والأبنية الحكومية في العراق الجديد، و قد سبق لهم أن خدموا في الوحدات البحرية من الجيش الأمريكي.<BR><BR><font color="#0000FF">مرتبات خيالية لقاء المخاطرة بالحياة: </font><BR>يوجد اليوم في العراق حوالي 20 شركة أمن خاصة، تتولى حماية المنشآت الحيوية (آبار خطوط النفط ، أبنية مجلس الحكم، الوزارات )، والشخصيات الهامة، و من ضمنها الحاكم الأمريكي "بول برايمر"، كما تتولى مهمة تدريب الجيش العراقي الجديد، بعض تلك الشركات كونت فروعاً خاصة بتجميع و تحليل المعلومات، وتزود موظفيها بأحدث التقنيات الأمنية والعسكرية، مثل: شركة سبيسيال أوبريشيون العاملة في الأراضي العراقية،<BR>وتتراوح مرتبات المرتزقة ما بين 1000 إلى 1500 دولار أمريكي يومياً، يخاطرون بحياتهم من أجلها، وهؤلاء سبق لهم أن خدموا في وحدات الجيش الأمريكي أو المجموعات المستأجرة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، والتي تتعهد حماية الأنظمة الديكتاتورية من غضب الشعوب.<BR>من بين الشركات المذكورة شركة " غلوبال ريسكس " التي تتعهد اليوم حماية مطار بغداد الدولي، وقد جندت لهذا الهدف 500 مرتزق من نيبال، و500 آخرين من جزر الفيجي، والجنسيات المذكورة عادة تكون أقل تكلفة من غيرها من الجنسيات التي تصل اليوم في العراق إلى 30 جنسية مختلفة.<BR>القتلى المرتزقون لا يحسبون عادة عندما يتم الإشارة إلى خسائر قوات التحالف، وبهذا يتم تلافي إحداث المزيد من الصدمات لدى الرأي العام الأمريكي بشأن تكاليف الحرب في العراق خاصة بعد توالي النكبات عليه من الطلبات المستمرة للمزيد من المبالغ لتمويل الحرب، إلى فضيحة تعذيب الأسرى العراقيين التي تفجرت أخيراً على صفحات وشاشات الإعلام الدولي.<BR>وهكذا يتجنب الجيش الأميركي تعريض قواته الدائمة للخطر، كما يتجنب التعويضات الكبيرة التي عليه أن يدفعها للمجندين عند إصابتهم سيما الجرحى منهم والذين يكلفون كثيراً من الأموال لدافع الضرائب الأمريكي.<BR>الشركات المذكورة توجد في أماكن أخرى مختلفة.<BR><BR><font color="#0000FF">تقليص الجيش أدى إلى الاعتماد على المرتزقة: </font><BR>وقد يتساءل المرء عن سر لجوء الجيش الأمريكي إلى الاستعانة بالشركات الخاصة لحمايته وحماية أصدقائه والمتعاونين معه، وعدم قيامه بهذه المهمة، ويجيب بعض المتخصصين الغربيين على هذا التساؤل أن الولايات المتحدة بعد الحرب الباردة قد غيرت مفهومها الإستراتيجي، واتجهت إلى تقليص عدد جنودها، ليصل إلى الثلث مقارنة بالجيش الذي اشترك في حرب الخليج عام 1991م، وهنا تبدو بوضوح خطط الرئاسة الأمريكية بتكوين جيش أصغر عدداً وأكثر فعالية،الجيش البريطاني من ناحيته، قلص قواته لتصل إلى أقل عدد منذ أيام حروب نابوليون بونابرت.<BR>وفي حالة العراق، حيث استأثرت الولايات المتحدة بالقرار والتنفيذ، ولم تشأ أن تتدخل الأمم المتحدة في المبادرة العسكرية، وقبل ذلك السلمية كان الحل الأمثل يتمثل في الاستعانة بالقوات الخاصة، وبالتقنيات الحديثة الهائلة القدرات، والتي تخفف من الاعتماد على القوة البشرية وبالتالي من الخسائر البشرية في حال تدميرها.<BR>والحصيلة الرسمية لخسائر المرتزقة في العراق اليوم تشير إلى نحو 100 قتيل و 1200 جريح، وإن كان من الصعب التأكد من العدد، بسبب التعتيم الرسمي على الأنباء، وعدم وجود المرتزقة رسمياً على لوائح جيوش الاحتلال.<BR>وتعتمد الاستراتيجية الأمريكية على تخفيض نفقات التكلفة الأمنية مع تقدم عملية البناء وزيادة عدد الجيش العراقي الناشئ، حيث سيتم الاعتماد أكثر فأكثر على عناصره ذوي الأجور الزهيدة جداً مقارنة بالمليشيات المرتزقة، وحيث سيقدر العراقيون أكثر مدى "حسنات النظام الجديد".<BR>اليوم نسبة 25 % من مبلغ الـ 18 مليار دولار التي أقرها الكونغرس الأميركي تذهب إلى العقود الأمنية مع الشركات الخاصة، والتي تحول رجالها إلى أهداف أولية للمقاومة العراقية، وتتكشف كل يوم فضائح ومؤامرات يشتركون فيها مع رجال الحكم المحليين.<BR>وهكذا فإن عملية إعادة بناء العراق ستتأخر؛ لأن شركات الحماية الخاصة وبكل بساطة تستولي على نصيب الأسد من الأموال المخصصة لها.<BR>ويتحدث اليوم كثير من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بكل صراحة عن فضائح وارتباطات مشبوهة، فشركة "هاليبرتون" التي كانت من الممولين الرئيسيين للجمهوريين خلال المدة من 1999 إلى 2002 م حصلت على نصيب الأسد من العقود في العراق.<BR><BR><font color="#0000FF">همجية الجيوش والميليشيات: </font><BR>المرتزقة كما لا يعدون من الجيش الرسمي، فإنهم لا يخضعون لأي نظام، ولا يمكن محاسبتهم على أي شيء يقترفونه من أي سلطة، وهم لا يتعاونون مع الجيش الرسمي ويفرضون النظام الخاص بهم على طريقتهم الهمجية الخاصة، وقد سبق أن اتهم عدد منهم في البصرة بالمتاجرة بالرقيق الأبيض، وبعد انتشار الأخبار تم تسريحهم دون أي عقاب أو محاكمة، وأغلقت القضية بكل بساطة.<BR><BR><font color="#0000FF">حرب الشركات الخاصة: </font><BR>شركة " أرمور غروب" توفر حلولاً للحالات شديدة التعقيد وفي الظروف العدائية، هذا بكل صراحة ما يقول إعلان الشركة نفسها، والموجودة اليوم في العراق.<BR>وتبدأ الشركات أعمالها " المجيدة" ببضعة عشرات الرجال ثم تبدأ الطلبات تنهار للمساهمة بالمزيد سيما من البلاد الفقيرة ( أذاعت الأنباء أن العديد من الأفراد السابقين في الجيش الهندي يتسابقون إلى مكاتب الشركات الخاصة للذهاب إلى العراق.)<BR>وهكذا فشركة " غلوبال ريسكس" بدأت أعمالها ب 90 رجلاً مع بداية الحرب ليصلوا اليوم إلى 1500 رجل، وشركة " ستيل فاونديشن" بدأت ب 50 رجلاً لتصل إلى 500، بينما قامت شركة "أرينز" بمساعدة مرتزقة جنوب أفريقيين بتدريب 1500 رجل من الجيش والشرطة العراقيين.<BR><BR>أخيرا توفر الشركات الخاصة ناحية إنسانية(!!!) لمن يعمل معها، فشركة " بلاك واتر" توفر إمكانية التبرع لعائلات قتلاها الأربعة في العراق عن طريق صفحتها على الإنترنت، لكنها بالمقابل لم تلتفت إلى مئات القتلى العراقيين الذين تسبب مرتزقوها بقتلهم دون سبب، ولم تقدم لهم حتى كلمة اعتذار....<BR><br>