صمود الفلوجة يفضح مجلس الحكم العراقي
24 صفر 1425

فجأة احتلت الفلوجة دون غيرها موقع الصدارة في الصراع الدموي المرير الذي يخوضه العراقيون ضد قوات الاحتلال الأمريكي البريطاني، وأصبح اسم هذه المدينة الصغيرة التي يبعد 110كيلو متراً غربي العاصمة بغداد حاضراً يتصدر نشرات الأخبار، في كل أنحاء العالم، ومن هنا يتضح سر المدن الخالدة التي وقفت ببسالة وتفرد ضد الاحتلال، وقدمت أرواح أبنائها دفاعاً عن الأرض والأهل والذل فاستحقت بجدارة أن تتربع بزهو على صفحات التاريخ.<BR><BR><font color="#0000FF"> صمود أسطوري: </font><BR>خاضت الفلوجة على مدى عشرة أيام قتالاً شرساً من شارع إلى شارع، ومن حي إلى حي، اشترك فيه كل أبناء المدينة إلى جانب فصائل المقاومة الوطنية، وفي حين كانت هذه الفصائل تقاتل العدو الأمريكي بأسلحة خفيفة، كانت قوات الاحتلال تزج بكامل طاقاتها البشرية واللوجستية وأسلحتها الثقيلة.<BR>فقد قامت الطائرات المروحية والمقاتلة - بشتى أنواعها - بقصف البيوت والمساجد والأحياء السكنية بمئات الأطنان من القنابل العنقودية، وقذائف الدبابات والرشاشات الثقيلة، ودكت معظم أحياء المدينة وحولتها لأكوام حجرية تحتها جثث الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ، بل تحولت بيوتهم وحدائقهم إلى قبور لدفن الشهداء، وكانت نتيجة ذلك سقوط ما يزيد على 600 من الشهداء معظمهم من النساء والأطفال بينما بلغت أعداد الجرحى أرقاماً كبيرة جداً وسط عجز المؤسسات الصحية عن تقديم المساعدة بسبب النقص الحاد بالدم والأدوية والتجهيزات. <BR>وناشد أهالي المدينة حينها كوفي عنان والقادة العرب والقادة المسلمين وكل المؤسسات الدولية بتحمل مسؤولياتهم وإيقاف ما يجري ضد مدينتهم، ولكن لا حياة لمن تنادي. <BR><BR><font color="#0000FF"> مدينة المساجد: </font><BR>ومن نعم الصمود ووقفة العز على الفلوجة أن شاع بين العرب والمسلمين، وعبر وسائل الإعلام والفضائيات اسمها الذي اقترن بالمساجد، حيث أصبح اسمها الكامل "الفلوجة مدينة المساجد "، وهو امتياز يضفي عليها جلال الإيمان والتقوى لكثرة بيوت الله فيها، وذلك مؤشر آخر على التزام أهلها بالتدين والتمسك بشريعة الرحمن وسنة نبيه، وكان لعمق هذا الالتزام أثره البالغ في صلابة الموقف المبدئي الذي شحذ عزيمة الرجال، والهمم الثبات والصبر وهم يقاومون أعتى قوة غاشمة في العالم،وقد أعرب الكثير من شيوخهم في الحديث إلى الفضائيات عن تصميمهم على إلحاق الهزيمة بقوات الاحتلال مهما بلغت التضحيات؛ لأنهم اتخذوا قرار التحدي فإما النصر أو الشهادة. <BR><BR><font color="#0000FF"> دور علماء السنة: </font><BR>لعبت هيئة علماء السنة ومجلس الشورى لأهل السنة والجماعة دوراً بارزاً في دعم وإسناد الوقفة الجهادية لمدينة الفلوجة من خلال حملة التوعية والإعلام في المساجد وإصدار البيانات والمنشورات التي دعت إلى إنقاذ المدينة من همجية العدوان الأمريكي ونظمت الهيئة قوافل إمداد بالمؤن والمياه والمواد الطبية والدوائية حيث قامت معظم جوامع ومساجد بغداد بتوجيه النداءات إلى المواطنين لإغاثة ونجدة الفلوجة، ودعت الهيئة العراقيين للتجمع في الساعة السابعة من صباح الخميس 8/4 في جامع "أم القرى"، وذلك للمشاركة في الأفواج المتوجهة إلى مدينة الفلوجة للمساهمة في مساندتها وفك الحصار عنها، كما دعت الجوامع المواطنين إلى التبرع بالدم نظراً للحالة الصعبة التي يعاني منها مئات الجرحى في المدينة المحاصرة، وكان " مجلس شورى أهل السنة والجماعة " قد وجه نداء إلى العراقيين جاء فيه : تضامناً مع محنة أهلنا في الفلوجة والرمادي والنجف والبصرة وباقي مدن العراق الجريح نهيب بإخوتنا الغيورين من أهل العراق كافة وبغداد خاصة بمسيرة راجلة ومدولبة باتجاه مدينة الفلوجة للقيام بالتبرع بالدم، والتبرع بالمواد الغذائية، والتبرع بالمواد الطبية والدوائية. <BR>كما دعا البيان إلى التكبير في الجوامع والمساجد والدعاء لنصرة المسلمين. <BR>وفي ذات السياق توجه حشد كبير من سكنة مدينتي الأعظمية والكاظمية بحافلات كبيرة قاصدين مدينة الفلوجة للإعراب عن تضامنهم ومساندتهم لرجال المقاومة. <BR><BR><font color="#0000FF"> موقف أجهزة الإعلام العراقية: </font><BR>ساد الشارع العراقي الغضب والاستياء جراء الموقف السلبي لمعظم وسائل الإعلام الرسمية والصحف الصادرة في العراق بسبب تجاهلها، ما يحدث في مدينة الفلوجة من إبادة جماعية شملت النساء والأطفال والشيوخ، وخاصة في الأيام الأولى للهجوم الأمريكي على المدينة ، وقال الشيخ محمود الدليمي (إمام وخطيب جامع التوحيد) لمراسل موقع (المسلم): إن الإعلام العراقي المشغول باستعراض بطولات بر يمر وجنرالاته، كشف عن تبعية ذليلة لم يألفها العراقيون من قبل، بينما يصمتون عن القتل العشوائي والدمار الهائل الذي يتعرض له إخوتهم في مدينة الفلوجة، ومن أين لنا أن نثق بإعلام يرضخ لاحتلال بلاده بل يشرع هذا الاحتلال، ويسمي أبطال المقاومة الذين يدفعون حياتهم ثمنا لحرية الوطن واستقلاله بالإرهابيين، ويضيف الدليمي "ولقد أفرحني اليوم ما رأيته من تضامن شعبي بين طوائف المسلمين وهم يتوجهون إلى مدينة الفلوجة معقل الثوار الأبطال ليردوا كيد الآثمين عن بيوت الله وأنصاره. <BR>وأضاف : إن ما يجري هو وصمة عار في جبين قوات الاحتلال ومن يسندها من المتخاذلين والعملاء، وإن صمت وسائل الإعلام العراقية عنه سيحول العراق كله إلى مقبرة لأحلام الغزاة والطامعين، وجريمة إبادة المواطنين في الفلوجة يؤكد عمالة هذه الأجهزة وارتباطها المشبوه بقوات الاحتلال التي سوف لن تجد في العراق غير سيوف المقاتلين.<BR><BR><font color="#0000FF"> موقف العالم: </font><BR>تزامن التصعيد الخطير في المواجهة بين أهالي الفلوجة وقوات الاحتلال مع الذكرى السنوية الأولى لاحتلال العراق، وقد عمت العديد من عواصم العالم تظاهرات جماهيرية ضخمة شملت أمريكا وبريطانيا وفرنسا وأسبانيا وإيطاليا واليابان وعدد من الدول العربية والإسلامية منددة بجرائم القوات الأمريكية المحتلة في العراق، ومطالبة برحيل الاحتلال وعودة السيادة إلى العراقيين. <BR>كما وجه العديد من قادة العالم انتقادات حادة للوجود الأمريكي في العراق، وقال (رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي) قسطنطين كوساتشوف: إن فشل المهمة الأمريكية في العراق لن يؤدي فقط إلى نشوب حرب أهلية في هذا البلد، وإنما إلى زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأكملها. <BR><BR><font color="#0000FF"> التضامن ضد قوات الاحتلال: </font><BR>وفي تعليقه على الأحداث الجارية في العراق قال كوساتشوف: "إن السعي إلى إسقاط صدام حسين بأي ثمن، والذي أصبح السبب الرئيس للحرب في عام 2003م لم يحقق النجاح المنتظر في دعم المبادئ الديمقراطية بعد سقوط النظام الدكتاتوري"، وأشار إلى أن محاولات نشر الديمقراطية عن طريق القوة دون الأخذ في الحسبان الواقع في الشرق الأوسط، وفي ظل غياب الدور الرئيس للأمم المتحدة في عمليات التسوية الداخلية يدفع جميع القوى في العراق إلى التضامن في مقاومة قوات الاحتلال.<BR><BR><font color="#0000FF"> الفلوجة تفضح مجلس الحكم: </font><BR>إذا كان هناك ما يشبه الإجماع في العراق على أن مجلس الحكم الانتقالي بتركيبته الطائفية واحتوائه على العديد من العناصر الشعوبية ومن أصول غير عربية، ناهيكم عن عدم كفاءة الغالبية بسبب انعدام ثقافتها وتاريخها السياسي، فإن افتضاح حقيقة أمر هذه "الزمرة" ومواقفها غير الوطنية لم يكن ليظهر بالشكل الذي ظهر عليه لولا أحداث الفلوجة، فقد سلطت هذه الأحداث الضوء على طبيعة أفكار ونوايا وجوهر هذا المجلس الذي نصبته قوات الاحتلال ليكون " ملكياً أكثر من الملك " في صيانة مصالح الاحتلال، والدفاع عن جرائم المحتلين والتحريض على قتل العراقيين واعتقالهم وتمزيق وحدتهم إرضاء "للسيد الأمريكي" مقابل البقاء في جوقة المجلس. <BR>ولا شك أن موقف وزير الداخلية " نوري البدران " المثير للاشمئزاز عندما أعلن أن الحاكم المدني "بر يمر" أرغمه على الاستقالة تحقيقاً للتوازن الطائفي، كشف حجم عمالة هذه الزمرة وسقوطها الأخلاقي، فبدلاً من أن يخرج على الناس ليعلن استقالته احتجاجاً على ضرب الفلوجة ، جاء ليقول: إن بر يمر طرده؛ لأنه شيعي ووزير الدفاع شيعي، وهذا إخلال بالتوازن.ويا له من عار. <BR><BR><font color="#0000FF"> طواويس بلا كرامة: </font><BR>جاءت التصريحات التي أدلى بها الزعيم الكردي مسعود البرزاني (الرئيس الحالي لمجلس الحكم)، والتي اتهم فيها مجاهدي الفلوجة بأنهم يمثلون الإرهاب، وكذلك التصريحات المتخاذلة التي أطلقها كل من "إياد علاوي " و "موفق الربيعي " عضوي المجلس لتثير سخط واستهجان الشارع لعراقي. <BR>ولاحظ المراقبون أن أعضاء المجلس أصيبوا بالخرس إثر اشتداد وطيس المعارك واتساع نطاقها لتشمل "15" محافظة عراقية، فصمتوا صمت القبور، ولم يجرأ أي واحد من طواويس المجلس أن يمد برأسه خارج قفص "بر يمر" الذي وضعهم فيه، فكانوا في وضع مخزٍ لا يمكن للعراقيين أن ينسوه أو يغفرونه لهم، ولقد استطاعت فصائل المقاومة في الفلوجة، بل وحتى نساء الفلوجة وأطفالها من خلال صمودهم الأسطوري إلحاق العار بهؤلاء العملاء، وتمريغ وجوههم بوحل الخيانة والذل، فلزموا الصمت، واصطفوا بظهورهم إلى جدران المقرات الأمريكية بينما كانت الطائرات الأمريكية تحرق مدن العراق وقراه،وهم قابعون في جحورهم كأنهم موتى بلا قبور.<BR><br>