تفجيرات أوزبكستان وحقوق المسلمين المسلوبة
11 صفر 1425

<BR>المواجهات العنيفة خلال الأسبوع الماضي التي أسفرت عن مقتل أكثر من 40 شخصاً في مدينتين كبيرتين في أوزبكستان، والتي استهدفت المسلمين بشكل خاص، ساعدت في لفت الانتباه مجدداً لسجل الانتهاكات الحكومية ضد المسلمين، وحقوق الإنسان السيئ للبلد الآسيوي الاستراتيجي.<BR><BR>إسلامياً، لم تعلن أي دولة موقفها من الانتهاكات التي تحدث في أوزبكتسان، والتي استمرت سنوات طويلة منذ عام 1991، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، واستحواذ إسلام كريموف على الحكم هناك.<BR>كما لم ترهق حكومات الدول العربية والإسلامية نفسها في إقحام مواقفها السياسية وتحركاتها الدبلوماسية في دائرة الصراع هناك، ولو على سبيل التنديد.!!<BR><BR><font color="#0000ff" size="4">بيانات دولية :</font><BR><BR>في تقرير جديد، تزامن إعلانه مع الأيام الثلاثة العنيفة التي حدثت في أوزبكستان، اتهمت هيئة حقوق الإنسان (HRW) حكومة الرئيس اسلام كريموف " بإلقاء القبض وتعذيب الآلاف من المعارضين المسلمين السلميين" وفقاً لبيان المنظمة.<BR>وأشار البيان إلى أن الكثير من المعارضين المسلمين قد أجبروا على النزوح من دولتهم، واللجوء إلى الدول الغربية، التي تعتبر دول حليفة لأوزبكستان، في محاولة منهم للضغط على الحكومة هناك لوقف العنف الحقيقي ضد المسلمين.<BR><BR>يقول راشيل دينبر، المدير المؤقت لمنظمة حقوق الإنسان في أوروبا وقسم من آسيا الوسطى: " الحكومة الأوزبكية تجري حملة قاسية ضد المعارضين المسلمين" مضيفاً أن "حجم و وحشية العمليات ضد المسلمين يجعل من الواضح رؤية الحملة المنظمة والمحكمة للاضطهاد الديني." <BR>بالإضافة لتصريح دينبر، فإن تقريراً بمساحة 319 صفحة صدر يوم أمس الأربعاء، كشف –عالمياَ- أعمال العنف في طشقند و بخارى التي جاءت بسبب الحملة الوحشية من قبل الحكومة ضد المسلمين، ما وضع واشنطن والحلفاء الغربيين لحكومة أزوبكستان في ورطة أخلاقية ودولية، كونهم أكثر الدول قرباً وتعاوناً ورعاية لحكومة كريموف.<BR><BR><font color="#0000ff" size="4">تاريخ العلاقة الأمريكية الأوزبكية :</font><BR>نتيجة لهجمات 11 سبتمبر على نيويورك والبنتاجون، زودت حكومة كريموف واشنطن بالقواعد العسكرية الأساسية، التي استخدمتها القوات الأمريكية في عمليات الغزو اللاحقة ضد أفغانستان،وقامت باحتلالها أواخر عام 2001.<BR><BR>ورغم مرور أكثر من عامين على تلك البداية العسكرية، لا يزال المئات من القوات الأمريكية وضباط المخابرات يشتغلون القاعدة الجوية بخان أباد، التي تعتبر قاعدة لوجستية للعمليات العسكرية المستمرة في أفغانستان.<BR><BR>بالمقابل، أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش (بشكل علني) موقفه المؤيد للحكومة الأوزبكية ضد الحركة الإسلامية في أوزبكستان، معتبرة إياها فرع من تنظيم (القاعدة).<BR>وبعد ذلك، قامت الولايات المتحدة بتقديم المساعدات الأمنية والعسكرية والاقتصادية للحكومة الأوزبكية.<BR><BR>ومنذ ذلك الوقت، أصبحت أوزبكستان (التي كانت قبل نحو 12 سنة إحدى دول الاتحاد السوفيتي) محطة لزيادة كبار القادة الأمريكيين، وخاصة من قبل وزير الدفاع دونالد رامسفلد، الذي كانت آخر زيارة له قبل أسابيع قليلة.<BR><BR>أما مع الدول الأوربية والغربية الأخرى، فإن كريموف الذي يعتبر بنظر منظمات حقوق الإنسان الأجنبية، من أكثر القادة الديكتاتوريين في العالم، يعتبر أوروبياً شخصية هامة ومرغوب فيها، وهو أمر ليس غريباً، طالما أن الديكتاتورية تمارس ضد المسلمين.!!<BR>وكريموف يبرر ديكتاتوريته ضد أبناء شعبه بالادعاء أن " تخفيف القبضة الحديدة على الشعب الأوزبكي سيؤدي إلى تنامي الجماعات المشتبه فيها والملاحقة"، وهو ما يساعد الولايات المتحدة في مساعدة الحكومة بشكل علني.!!<BR><BR>ورغم ذلك، فإن المنظمات الدولية، وعلى الأخص منظمة حقوق الإنسان، تؤكد بما ليدها من أدلة وشواهد، أن المسلمين في أوزبكستان ليس لهم علاقة بالتنظيمات الأخرى، ويعتبرون مسلمين مسالمين، يحاولون تغيير الحكومة بالطرق السلمية.<BR><BR><font color="#0000ff" size="4">السياسة الأمريكية المزدوجة :</font><BR>تلك الازدواجية في المعايير ساعدت إدارة بوش في المشي على الحبلين في السياسة المتعلقة بحكومة كريموف، فمن ناحية، تضغط إدارة بوش على كريموف لحصول على مزيد من الدعم لقواتها في أفغانستان عبر إدانة منظمة حقوق الإنسان (التي يوجد مقرها في نيويورك) لسياسة كريموف التعسفية والديكتاتورية بحق شعبه، ومن جهة أخرى، تستمر حكومة بوش بتقديم الدعم العسكري والاقتصادي لكريموف بحجة مساعدة حليف استراتيجي ضد الحرب الأمريكية التي يطلق عليها اسم (الحرب على الإرهاب).<BR><BR>وهذه السياسة المزدوجة تجاه الحكومة الأوزبكية ظهرت بشكل واضح خلال الأسبوع الماضي، حيث أعلن البيت الأبيض يوم الاثنين الماضي (بعد التفجيرات في طشقند) بالقول: " هذه الهجمات تقوي تصميمنا لهزيمة (الإرهابيين)، حيثما يختبئون و يضربون، من خلال العمل والتعاون الوثيق مع أوزبكستان ومع رفاقنا الآخرين في الحرب العالمية على (الإرهاب)".<BR>فيما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في اليوم التالي (الثلاثاء) الذذي شهد تفجيرات في طشقند ومدينة بخارى بأن " الديمقراطية هي أفضل علاج للعلميات التفجيرية والهجمات في أوزبكستان".<BR><BR><font color="#0000ff" size="4">تفجيرات أوزبكستان وأسبابها :</font><BR><BR>نددت الحكومة الأوزبكية بالعمليات التفجيرية التي شهدتها البلاد خلال الأيام الماضي، والتي تضمنت عمليتين فدائيتين على الأقل، قامت بها سيدتين على الأغلب ( وفقاً لوكالة الأنباء الأوزبكية).<BR>ووجهت الحكومة أصابع الاتهام إلى حزب التحرير الأوزبكي، والذي وصفته منظمة حقوق الإنسان أنه الحزب الذي يتعرض لهدف القمع الوحشي المباشر من قبل الحكومة.<BR><BR>أما التقارير الواردة من الشارع الأوزبكي، فإنها تؤكد أن الهجمات جاءت بسبب النقمة الشعبية على سوء استغلال الشرطة والأمن الأوزبكي ضد المسلمين والمسلمات، والذين يشكلون الغالبية العظمى من الشعب الأوزبكي.<BR>وقد نقلت وكالات أنباء أجنبية عن شهود عيان طلبوا عدم ذكر أسمهم، أن هذه التفجيرات تأتي نتيجة تمرد محلي ضد الضغوطات الحكومية.<BR><BR>تقرير منظمة حقوق الإنسان قالت: " إن العداء الشعبي ضد الحكومة يأتي بسبب الاضطهاد الديني ضد المسلمين، وهذا ما يولد بشكل طبيعي، ثورة محلية ضد لكبت الممارس من قبل كريموف".<BR>ويتابع التقرير الدولي: " إن قرابة 7 آلاف مسلم على الأقل معتقلين في السجون الأوزبكية الحكومية، ويتعرضون للتعذيب وسوء الاستغلال الأخرى".<BR>فيما أعلن مدير المنظمة دينبر بالقول: " لا يمكن أن تختبئ أوزبكستان بشكل دائم خلف مسمى الحرب العالمية على الإرهاب، لتبرير الكبت الديني ضد المسلمين".<BR>إلا أن المنظمات الأوزبكية الخارجية المعارضة، تؤكد أن رقم المعتقلين يفوق هذا الرقم بكثير.<BR><BR><font color="#0000ff" size="4">حوادث شنيعة للحكومة ضد المعتقلين المسلمين :</font><BR><BR>العام الماضي، أثارت وسائل الإعلام العالمية قضية أوزبكستان من جديد، عندما قامت السيدة فاطمة مخاديروفا، بإقناع السفارة البريطانية في طشقند بالتحقيق في موت ابنها المدعو (مظفر أفوزوف) في أغسطس عام 2002 في السجن، بناءاً على وصورة الجثة التي تسلمتها الأسرة المفجوعة بعد موت مظفر في المعتقل.<BR>وقد قامت لجنة مستقلة من جامعة (جلاسجو) بدراسة الموضوع، التي توصلت إلى أن مظفر (الأب لأربعة لأبناء، والذي تتهمه الحكومة بالانتساب لحزب التحرير) قد قتل عبر غمره بالماء المغلي.!!<BR><BR>وشككت بعض وسائل الإعلام إلى هذه النتيجة المتواضعة في قتل مظفر، غير كاملة، مشيرة إلى أن الصور الخاصة بجثة مظفر، تظهر أنه عانى من جروح خطيرة حول الرأس والرقبة، بالإضافة إلى فقدانه لأظافره، والتي تؤكد انه تعرض لتعذيب وحشي همجي.<BR><BR>ورغم الفضيحة العالمية التي تلاشت بسرعة، فقد اعتقلت قوات الأمن الأوزبكية السيدة فاطمة مخاديروفا، وحكمت عليها بالسجن مدة ست سنوات من الأشغال الشاقة، ثم قامت الحكومة بإطلاق سراحها، بعد ضغوطات دولية، وفقا لصحيفة (آسيا تايمز).<BR><BR>لم يكن أفوزوف الوحيد الذي قتل في المعتقلات الحكومية، ولن يكون كذلك، حيث استطاعت المنظمة الدولية توثيق مقتل 10 أشخاص فقط في المعتقلات الأوزبكية، في حين يؤكد الأهالي والمواطنين أن المئات من المعتقلين قتلوا تحت التعذيب الوحشي.<BR>بالطبع فإن جميع المعتقلين هم من المسلمين، وقد استطاعت المنظمة إجراء نحو 200 مقابلة مع ضحايا الاعتقال أو عائلاتهم، وقامت بتوثيق جزء بسيط من المعانات التي يتعرض لها المسلمون هناك.<BR>وأكد التقرير أن الحكومة قامت باعتقالات واسعة شملت الكثير من المسلمين الذين لم يكن لهم علاقة بحزب التحرير أو بأي أعمال عدائية ضد الحكومة.<BR><BR>وأوردت التقرير بعض من نماذج التعذيب التي تتبعها الحكومة ضد المسلمين في المعتقلات، منها على سبيل المثال الضرب والاغتصاب والصدمات الكهربائية والخنق بالغازات، والتعليق من المعاصم والكواحل، الحرق بالسجائر والجمر أو الجرائد. وغيرها الكثير من الوسائل الأخرى.<BR><BR>كما أكد التقرير على الاعتقالات والتعذيبات الجماعية التي تعاني منها أسر المعتقلين أو الملاحقين، حيث تتخذ السلطات الأمنية قوانين العقوبات الجماعية ضد الأهالي والعائلات بالجملة.<BR><BR>وفي مقابل هذا التقرير الصادر من منظمة عالمية، ( بغض النظر عن أهدافها وخلفياتها الغير سوية) لم تورد أي من الدول الإسلامية أو المنظمات أو الهيئات الإسلامية أية بيانات أو تصريحات تذكر فيها موقفها ضد الحكومة الأوزبكية الوحشية، التي لم تهدأ يوماً في التضييق على المسلمين، وملاحقتهم واعتقالهم وتعذيبهم.<BR>فيما يبدو الإحساس العام لكثير من المسلمين في العالم، وقد اتخذ موقف الحياد أو المستمع لهذه الأحداث التي يحسها بعيدة عنه.!!<BR><BR>وربما هذا ما يزيد كربة المسلمين هناك، واختيارهم لدول غربية (كبريطانية وفرنسا والولايات المتحدة) للجوء لها، والهروب من مجازر كريموف، والقيام بمظاهرات وتنظيمات مناهضة للحكومة، بعيداً عن الدول الإسلامية في العالم.!!!<BR><br>