مقابل المبادرة الأمريكية: مبادرة ( للإخوان) في مصر
15 محرم 1425

قدم الإخوان المسلمون بمصر مبادرة شاملة للإصلاح؛ تستند إلى مبادئ الشريعة الإسلامية، وأعلنوا رفضهم للمبادرة الأمريكية المسماة إعلامياً بـ "الشرق الأوسط الكبير"، مؤكدين رفضهم لكافة أشكال التدخل الأجنبي في شؤون مصر، وكذا المحاولات الأمريكية لـ"فرض الديمقراطية بالقوة" على المنطقة العربية والإسلامية، مشيرين إلى أهمية وضرورة أن تنبع الإصلاحات من داخل شعوب المنطقة، كما نفوا بشكل قطعي ما تردد عن وجود تنسيق أو اتصال مع الجانب الأمريكي لبحث المبادرة .<BR><BR><font color="#0000FF"> الدين الإسلامي أساس الإصلاح: </font><BR>وقد طرح الإخوان مبادرتهم في مؤتمر صحفي عقدته الجماعة مساء الأربعاء 3-3-2004م بنقابة الصحفيين المصريين، بوسط العاصمة القاهرة، وقد مثل وفد الإخوان في المؤتمر إضافة إلى المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر محمد مهدي عاكف، الدكتور/ محمد حبيب (النائب الأول للمرشد)، والدكتور/ محمود عزت (عضو مكتب الإرشاد)، والأستاذ/ أحمد سيف الإسلام حسن البنا (أمين عام نقابة المحامين المصرية)، والدكتور/ عصام العريان (أمين عام مساعد نقابة الأطباء المصرية)، والأستاذ/ محمد عبدالقدوس (عضو مجلس نقابة الصحفيين المصرية، ورئيس لجنة الحريات بها)، كما حضر المؤتمر المهندس/ إبراهيم شكري (رئيس حزب العمل المصري المجمَّد)، وقد غطى المؤتمر جمع غفير من الصحفيين والإعلاميين ومندوبين عن وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة.<BR><BR>وفي افتتاح المؤتمر أعلن المرشد العام للإخوان مهدي عاكف عن استعداد الجماعة- التي تعد أبرز قوة سياسية معارضة في مصر- للتعاون مع الحكومة المصرية في مواجهة الضغوط الخارجية، والتحالف مع الأحزاب والقوى السياسية الوطنية المختلفة لوضع آلية عملية لبدء حركة الإصلاح الشامل. <BR><BR>وقال عاكف: "إن المبادرات الخارجية لإجراء إصلاحات داخلية غير مقبولة؛ فمصر والأمة العربية لديها من الكوادر والخبرات ما يمكنها من إجراء الإصلاحات من الداخل وبأيد مصرية عربية"، موضحاً أن فهمنا للديمقراطية يستند للمعايير التي أقرها الإسلام، وتقوم على العدل والمساواة والشورى، وذلك على عكس ما يحاول الأمريكيون إقناعنا به"، رافضاً المبادرة الأمريكية بقوله :"يكفينا أن ننظر لتجربتهم الديمقراطية بالعراق وأفغانستان وفلسطين !!!؛ فهذه النماذج كافية بأن نتحسب من كل ما يأتينا من واشنطن".<BR><BR>ويرى محللون سياسيون أنه ليس من قبيل المصادفة أن يعقد الإخوان مؤتمرهم الصحفي لإعلان رفضهم للمبادرة الأمريكية، وطرحهم لتفاصيل مبادرتهم للإصلاح الشامل في مصر في وقت يجتمع فيه مساعد (وزير الخارجية الأمريكي) مارك جروسمان بممثلي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في مصر بمقر إقامة السفير الأمريكي بالقاهرة ديفيد وولش لبحث المبادرة الأمريكية، مؤكدين على أن هذا التوقيت مقصود للرد على ما رددته بعض وسائل الإعلام من وجود تنسيق واتصالات بين الإخوان والجانب الأمريكي.<BR><BR>وعقب كلمة المرشد العام، طرح الدكتور/ محمد السيد حبيب (النائب الأول للمرشد العام للجماعة) تفاصيل المبادرة، مؤكدًا أنه لا أملَ لنا في تحقيق أي تقدم يُذكَر في شتى نواحي حياتنا، إلا بالعودة إلى ديننا وتطبيق شِرعتنا، والأخذ بأسباب العلم، والتقنية الحديثة، وحيازة المعرفة بأقصى ما نستطيع، في ظلِّ ثوابت هذا الدين العظيم، ومن منطلق مبادئه وقيمه"، مشيراً إلى أنه من الحق "أن نعترف أننا بَعُدْنا- إلى حدٍ كبير- عن مقتضيات الإسلام الذي يحض على أن نقتبس النافع، وأن نأخذ بالحكمة أنََّّى وجدناها؛ ولكنه يأبى أن نتشبه في كل شيء بمَن ليسوا على عقيدتنا، ونطرح عقائده وفرائضه وحدوده وأحكامه" .<BR><BR>وأوضح حبيب أن " الإخوان يقدمون تصورهم للإصلاح على أساس حقهم في المشاركة الجادَّة والفاعلة في الحياة السياسية المصرية، على أساس كوننا جزءًا مهمًّا من هذا الشعب الحرِّ الأبيِّ"، ومشيرًا إلى أن "هذه المهمة تتمثل- إجمالاً- في العمل على إقامة شرع الله من منطلق إيماننا بأنه المَخرَج الحقيقي الفاعل لكل ما نعاني منه من مشكلات داخلية وخارجية- سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية-، وذلك من خلال تكوين الفرد المسلم، والبيت المسلم، والحكومة المسلمة، والدولة التي تقود الدول الإسلامية، وتقيم شتات المسلمين، وتستعيد مجدهم، وترد عليهم أرضهم المفقودة وأوطانهم السليبة، وتحمل لواء الدعوة إلى الله، حتى تُسعِد العالم بخير الإسلام وتعاليمه".<BR><BR>وقد اشتملت مبادرة الإصلاح التي قدمها الإخوان على تصورهم للإصلاح السياسي الشامل في مجالات : بناء الإنسان المصري والإصلاح السياسي والقضائي والانتخابي والاقتصادي والتعليم والبحث العلمي وإصلاح الأزهر الشريف ومكافحة ظاهرة الفقر والإصلاح الاجتماعي والمرأة والمجال الثقافي والسياسة الخارجية، مؤكداً على أهمية أن تكون البداية بالإصلاح السياسي الذي هو نقطة الانطلاق لإصلاح بقية مجالات الحياة كلها.<BR><BR><font color="#0000FF"> أهم بنود المبادرة: </font><BR>وفي قراءة سريعة لأهم بنود ومحاور هذه المبادرة نجد أنها، في مجال بناء الإنسان المصري، أوضحت أهمية " احترام ثوابت الأمة، المتمثلة في الإيمان بالله وكتبه ورسله وشرع" و دعت إلى "تربية النشء نظريًّا وعمليًّا على مبادئ الإيمان والأخلاق الفاضلة"، وطالبت بحرية الدعوة لشرح مبادئ الإسلام وطبيعته وخصائصه، وأهمها شموله لتنظيم كل جوانب الحياة، و حث الناس على الالتزام بالعبادات والتمسك بالأخلاق الفاضلة والمعاملات الكريمة بكل الوسائل، وأكدت على ضرورة تنقية أجهزة الإعلام من كل ما يتعارض مع أحكام الإسلام ومقتضيات الخلق القويم .<BR><BR>كما طالبت المبادرة بحرية تشكيل الأحزاب السياسية، وألا يكون لأية جهة إدارية حق التدخل بالمنع أو الحد من هذا الحق، وأن تكون السلطة القضائية المستقلة هي المرجع لتقرير ما هو مخالف للنظام العام والآداب العامة والمقومات الأساسية للمجتمع، أو ما يعد إخلالاً بالتزام العمل السلمي، وعدم الالتجاء للعنف أو التهديد به ، و تأكيد حرية الاجتماعات الجماهيرية العامة، والدعوة إليها، والمشاركة فيها في نطاق سلامة المجتمع، وعدم الإخلال بالأمن العام، أو استعمال أو التهديد باستعمال العنف أو حمل أي سلاح ، و تأكيد حق التظاهر السلمي.<BR><BR>ودعت المبادرة إلى تمثيل الشعب عبر مجلس نيابي منتخب انتخابًا حُرًّا، ولمدة محدودة، يُعاد بعدها الانتخاب، مع ضرورة أن تشمل قوانين الانتخاب الضمانات التي تؤكد نـزاهتها وصحتها وحيدة القائمين على إجرائها، والإيمان بأن النظام السليم لإدارة الدولة والمجتمع هو نظام الحكم البرلماني، الذي يجعل الحزب الحاصل على أعلى الأصوات- في انتخابات حرة نزيهة- هو الذي يتولى تشكيل الحكومة" ، و" ضمان حق كل مواطن ومواطنة في المشاركة في الانتخابات النيابية متى توافرت فيه الشروط العامة التي يحددها القانون" .<BR><BR>وطالبت بـ " ضمان حق كل مواطن ومواطنة في تولي عضوية المجالس النيابية متى توافرت فيه الشروط العامة التي يحددها القانون "، و" إبعاد الجيش عن السياسة ليتفرغ للدفاع عن أمن الدولة الخارجي، وعدم استعانة سلطة الحكم به بالطريق المباشر أو غير المباشر لفرض إرادتها وسيطرتها، أو التهديد بمنع الحريات العامة الشعبية، وأن يكون وزير الدفاع مدنيًّا سياسيًّا كسائر الوزراء ، و أن تكون الشرطة وجميع أجهزة الدولة الأمنية وظائف مدنية كما هو نص الدستور، وتحديدُ مهامِّها في الحفاظ على أمن الدولة والمجتمع ككل، وعدمُ تسخيرها للحفاظ على كيان الحكومة، أو اتخاذها أداةً لقمع المعارضة، ووضعُ نظام يحكم عملها، ويحكم قيادتها، وعلى وجه الخصوص منع تدخلها في الأنشطة العامة والانتخابات". <BR><BR>وطالبت المبادرة بتحديد سلطات رئيس الجمهورية، وأن يكون بعيدًا كل البعد عن المسؤولية التنفيذية للحكم، وتحديد مدة رئاسته، بما لا يتجاوز مدتين متتاليتين ،و إلغاء القوانين سيئةِ السُّمعة، وعلى الأخص: قانون الطوارئ ، وقانون الأحزاب، وقانون المدعي العام الاشتراكي، وقانون مباشرة الحقوق السياسية، وقانون الصحافة، وقانون النقابات، وغيرها من القوانين، التي أدت إلى حالة الخنق والجفاف والجمود السياسي الذي تعانيه الحياة السياسية المصرية، واستبدال ما تدعو الحاجة إليه بما يؤكد حرية المواطن وكرامته وحقه في الاشتراك في العمل العام".<BR><BR>وطالبت المبادرة بـ " الإفراج عن المعتقلين السياسيين، وإعادة النظر في الأحكام الصادرة من محاكم استثنائية عسكرية"، و " القضاء على ظاهرة التعذيب داخل مقارِّ الشرطة، ومقارِّ مباحث أمن الدولة، وتطبيق مبدأ (الشرطة في خدمة الشعب)، وتقليص دور الأمن السياسي على حساب الأمن الجنائي، وحفظ كرامة المواطن المصري ، وإلغاء القوانين التي شلَّت حركة العمل الجادِّ في النقابات المهنية والعمالية، وتَبَنِّي مشروعات القوانين التي تؤدي إلى إعادة الحياة إلى النقابات والعمل النقابي في مصر، وتُعلِي من قيمة أداء المِهَن الحرة، وتحقق لها المناخ الملائم للمشاركة السياسية والاجتماعية في نطاقها المهني".<BR><BR><font color="#0000FF"> في مجال الإصلاح القضائي: </font><BR>طالبت المبادرة باستقلال القضاء بجميع درجاته، وبكل الإجراءات، ووضع كل الشروط لإبعاده عن أية مَظَنَّة أو مَطمعٍ، وألا يُحاكَم أحد إلا أمام قاضيه الطبعي، وأن تُلغَى جميع أنواع المحاكم الاستثنائية، ويقتصر اختصاص المحاكم العسكرية على جرائم ومخالفات العسكريين فقط ،والفصل بين سلطتَي الاتهام والتحقيق، وأن تكون النيابة مستقلة غير تابعة لوزير العدل، ويحقُّ لكل من تحبسه احتياطيًّا أن يتظلم فورًا من قرارها أمام جهة قضائية، و تعديل القوانين وتنقيتها بما يؤدي إلى تطابقها مع مبادئ الشريعة الإسلامية، باعتبارها المصدر الرئيس للتشريع، إعمالاً لنصِّ المادة الثانية من الدستور".<BR><BR><font color="#0000FF"> في مجال الإصلاح الاقتصادي: </font><BR>أكدت المبادرة على ضرورة تحريم وتجريم الربا كمصدر للتمويل أو الكسب، وهو ما أكده المرشد العام للإخوان خلال المؤتمر الصحفي، موضحاً أن تحديد المعاملات التي يدخل الربا في نطاقها سيتحدد وفق ما يراه مجمع البحوث الإسلامية والجهات الشرعية الأخرى ، ودعت إلى تشجيع القطاع الخاص، من خلال برنامج مدروس للخصخصة يتسم بتقييم عادل للمشروعات العامة موضع الخصخصة، وشفافية كاملة عنه، مع الحفاظ على الحقوق الكاملة للعمال، مطالبة بإقامة المشروعات العامة الكبرى، شريطة دراسة متأنية لجدواها الاقتصادية، والتمويلية والفنية، ومشاركة عامة في الإحاطة بها ودراستها واعتمادها، وبتغليظ العقوبات على جرائم الفساد الاقتصادي والمالي". <BR><BR><font color="#0000FF"> في مجال إصلاح الأزهر الشريف: </font><BR>أكدت المبادرة على أن "الأزهر الشريف مؤسسة فريدة في العالم، حبا الله _تعالى_ بها مصر، ولقد قامت على دراسة وحماية ونشر علوم القرآن والشريعة واللغة العربية في مصر، وتخرج منها علماء من كل بلاد الإسلام، فكانوا خيرَ رسلٍ من مصر لشعوبهم"، وطالبت بـ" التوسع في إنشاء الكتاتيب والحضانات مع التركيز على حفظ القرآن الكريم وجزء من السنة النبوية الشريفة، وتعلم الأخلاق الفاضلة ، ودعم المعاهد الأزهرية بالمعلمين الأمناء الأكفاء، ووضع المناهج التي تناسب ظروف العصر،و دعم الكليات الشرعية بما يؤهل المتخرجين منها للدعوة والتدريس والفتيا والاجتهاد في علوم الشريعة، والاهتمام بالكليات الأزهرية المدنية حتى تخرج الطبيب والمهندس والمحاسب... إلخ، الداعية الذي يدعو إلى المعروف بلسانه وكيانه وسلوكه كما كان مستهدفًا منها، وإعادة تشكيل هيئة كبار العلماء بالانتخاب من العلماء".<BR><BR>كما طالبت المبادرة باختيار شيخ الأزهر بالانتخاب من هيئة كبار العلماء، ويقتصر القرار الجمهوري على تسمية من ينتخبه العلماء، وإعادة أوقاف المسلمين إلى هيئة أوقاف مستقلة عن ميزانية الدولة، وصرف عوائدها فيما أوقفت عليه، وبالذات مخصصات الأزهر ومرتبات شيخه وعلمائه وطلبة العلم فيه"، و " إطلاق حرية الدعاة والأئمة والوعاظ في شرح مبادئ الإسلام وشريعته وقيمه وأخلاقه وتنظيمه لشؤون الحياة، وحله لمشكلاتها دون تدخل من السلطة الإدارية إلا بما يقتضيه العلم والخلق الإسلامي .<BR><br>