مخاطر التدفق الإيراني على العراق
5 محرم 1425

يتهافت الزوار الإيرانيون إلى كربلاء والنجف وسامراء في العراق ،بشكل لم يسبق له مثيل، حيث باتت شوارع هذه المدن تغص بالموجات البشرية الإيرانية، وحيث أصبحت اللغة الفارسية هي السائدة في الشوارع بين الزوار والباعة العراقيين، ومن اللافت للنظر أن الباعة أنفسهم ولاسيما الصغار في السن يتخاطبون فيما بينهم بالفارسية، وما يجذب الانتباه كثافة اللافتات المكتوبة بالفارسية التي بات يتقنها جزء كبير من السكان بعدما كانت محظورة أيام النظام السابق.<BR><BR><font color="#0000FF"> تذمر.. واختناقات: </font><BR>قدر عدد هؤلاء الزوار بمئات الآلاف، واكتظت الفنادق بالنزلاء حتى أصبح من الصعب جداً إيجاد مكان .. ولا يحاول العراقيين إخفاء تذمرهم من هذا الوضع السائد، حيث يبدي سكان كربلاء والنجف تذمراً حيال "التدفق غير المنسق" للزائرين الإيرانيين في المدينتين، وما يثيره ذلك من اختناقات على جهات عدة أبرزها ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وإيجار الشقق السكنية.<BR> <BR>وقال مسؤولون في مقر محافظة كربلاء: إن حوالي 150 حافلة على الأقل تصل يومياً، تحمل كل منها 45 شخصاً في الأيام العادية، أي أكثر من سبعة آلاف زائر، أما في المناسبات الدينية، فيكون الرقم أضعاف ذلك.<BR> <BR>واشتكى عبد الرزاق رشيد ( معلم متقاعد) .. من الازدحام الخانق في حركة المرور، وهو أمر يسير مقارنة مع الاختناقات الأخرى الناجمة عن تدفق الزائرين على النجف وكربلاء، والتي تترك تأثيرها السلبي على العراقيين بشكل غير معقول، بحيث يفقد العراقي العادي القدرة على الشراء أو استئجار شقة للسكن نظراً لاشتداد الطلب عليها، وألقى باللائمة على غياب التنسيق بين السلطات العراقية والإيرانية لتنظيم تدفق الزائرين موضحاًَ أنه ليس هناك تناسب بين حجم البنى التحتية وما تستقبله من أعداد هائلة لا يتفق وقدرتها على الاستيعاب، وأشار إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والشقق السكنية <BR><BR><font color="#0000FF"> موجات بلا تنظيم: </font><BR>ارتفعت الأصوات مطالبة بتنظيم وفود الزوار إلى الأماكن الشيعية، إذ إن الخدمات العامة لم تتعاف بعد، وهي ليست معدة لمواجهة أكثر من نصف مليون زائر من كل أنحاء العالم. <BR>فمنذ انتهاء الحرب وسقوط نظام صدام حسين بدأ عدد الزوار الإيرانيين إلى النجف وكربلاء يتزايد إلا أنه لم يتخطى الحد الأقصى الذي وصل إليه اليوم وأكثر هذه الأماكن ازدحاماً اليوم هو كربلاء، حيث الحسين وأخيه العباس.<BR>وتأتي بعدها مدينة النجف مرقد الخليفة الراشد "علي بن أبي طالب "، ومسجدا الكوفة والسهلة، وفي هاتين المدينتين كان سعر الفندق يراوح بين " 3 إلى 20 دولاراً للغرفة الواحدة للأشهر الأولى لانتهاء الحرب ، أما اليوم فأصبح من الصعب جداً إيجاد غرفة خالية بسبب الاتفاقات السنوية التي أبرمها أصحاب الفنادق مع رؤساء الحملات الإيرانيين، كما أصبح سعر الغرفة للشخص الواحد يراوح بين 20 إلى 50 دولاراً .<BR><BR>واعتاد العراقيون على إفساح المجال أمام الزوار القادمين من أماكن بعيدة للزيارة النجف وكربلاء، إلا أن عدد العراقيين بدأ يتضاءل أكثر فأكثر في هذه الأماكن وأصبح عدد الزوار يتكاثر شيئاً فشيئاً، وأكثر هؤلاء يأتون من إيران والكويت ولبنان وأفغانستان والسعودية وباكستان والهند والبحرين.<BR><BR><font color="#0000FF"> نقاط العبور: </font><BR>ثلاث نقاط رسمية لعبور الزوار الإيرانيين إلى العراق، من الفاو أو " الأهواز " والمنذرية أو " قصر شيرين" وأخيراً من مهران أو إيلام من الجانب الإيراني.<BR>وقد أعلنت إيران رسمياً منذ أشهر أنها مستعدة لزيادة عدد الزوار، ورفع العدد إلى 150 ألفاً شهرياً كنوع من المساهمة لإنعاش الاقتصاد العراقي، إلا أنه لا توجد إحصاءات دقيقة اليوم من الجانبين العراقي والإيراني لتعذر ضبط عدد الزوار الحقيقي.<BR><BR>فهناك أعدادً كبيرة تعبر بطرق غير رسمية بقصد التوفير المادي، إذ يدفع الزائر الإيراني مبلغ نحو 220 ألف تومان تقريباً "250 " دولار عن عشرة أيام تبدأ رحلته فيها من محافظته ليبقى في العراق مدة سبعة أيام كاملة.<BR><BR>صفية خانم (إحدى الإيرانيات اللاتي يتواجدن اليوم في كربلاء)، قالت لمراسل المسلم: " أتيت من محافظة كاشان، الطريق طويلة بعض الشيء، ونحن نحتاج إلى ثلاثة أيام ذهاباً وإياباً، ونقضي في العراق سبعة أيام، والحملة تشمل النقل والفندق والطعام ، خططت لهذه الرحلة منذ أكثر من سبع سنين حتى استطعت الوصول إلى العراق .. ولم يكن لدي المال الكافي، وخطر لي الذهاب مع مجموعات أخرى عبر الحدود من دون عبور الحدود الرسمية إلا أنني خفت من الألغام وقطاع الطرق، صحيح أن الكلفة أقل، ولكن الخطر أكبر .. أنا سعيدة جداً بزيارة النجف وكربلاء، وهذا أنساني المبلغ الذي دفعته!!!<BR> <BR>سلمان عبد الرحيم (أحد سائقي باصات النقل على حدود المنذرية) قال : " كل يوم يعبر الآلاف من الإيرانيين ذهاباً وإياباً من وإلى العراق والزحمة على نقاط العبور شديدة جداً لكثرة عدد الزوار الإيرانيين، والعراق غير مؤهل لاستيعاب كل هؤلاء، وعلى السلطات الرسمية إيجاد الحلول ليتسنى لكل زائر القيام بما أتى من أجله بسكينة"!!! <BR><BR><font color="#0000FF"> التومان في كل مكان: </font><BR>يقول سعدون الأنصاري (أحد التجار وأصحاب المحلات مقابل مسجد علي بن أب طالب في النجف): " إن أفضل زبائني من الإيرانيين والكويتيين والأفغان، ليس لدينا عملة عراقية، عندنا تومان (العملة الإيرانية) ودولار، وقد سلبنا الزوار أكثر ما نملك في المحل، الاقتصاد يزدهر والأسعار ترتفع، ونحن نشعر بأن المال أصبح متوافراً أكثر بين يدي الناس".<BR> <BR>أما علي الرهيمي (أحد أصحاب الفنادق في النجف)، فقد قال: " في النجف الأماكن كلها محجوزة لمدة سنة في أكثر الحالات، وسنتين في حالات أخرى ، ويوجد في بعض الغرف مكان لأربعة أشخاص، وفي أحيان أخرى نضطر لإيواء ثمانية أشخاص في غرفة واحدة، لتعذر وجود أماكن شاغرة، ومع ذلك فإن كثرة الإيرانيين بهذا الحجم هو أمر يثير المشاكل والاختناقات". <BR><BR><font color="#0000FF"> العراقيون يتبرمون: </font><BR>الشيخ ضرغام السبتي يقول: "إن العراقيين يبدون تبرماً إزاء كثافة الزوار والازدحام الشديد حتى داخل الأضرحة؛ لأنه لم يعد هناك مجال للقيام بذلك من دون التدافع والانتظار".<BR>وأضاف "إن أصحاب الشقق المؤجرة لمهندسين وأطباء ومحامين في وسط كربلاء قرب ضريحي (الحسين والعباس) يطلبون من شاغليها إخلائها بغية تأجيرها بشكل يومي وبأسعار باهظة للحجاج الإيرانيين".<BR>وتابع، رداً على سؤال حول ما يحققه الزائرون الإيرانيون من منفعة اقتصادية " بالطبع، إنهم يساهمون فيها بشكل كبير جداً لكن الناس لا يجنون أي استفادة، وإنما التجار وأصحاب الشقق فقط".<BR><BR>وفي النجف، قال تاجر أقمشة في السوق الكبير المسقوف المجاور لمسجد الإمام علي: " إن الإيرانيين يشترون كل البضائع المستوردة من الخارج وخصوصاً دبي".<BR>وأضاف " إن كثرة الإيرانيين تسبب اختناقاً في المدينة برغم ما نجنيه من أرباح، لكن لا بد من احتمال ذلك ".<BR><BR>ويشهد السوق الكبير الممتد على مسافة حوالي 300 متر حركة ازدحام شديد، بحيث يخال المرء لكثرة سماعه اللغة الفارسية أنه في إيران وليس في العراق. <BR><BR><font color="#0000FF"> الإيرانيون .. مخابرات وتجار مخدرات: </font><BR>يتحدث العراقيون بقلق عن مخاطر توافد موجات كبيرة من الإيرانيين القادمين بهدف الإقامة الدائمة في العراق، بدعوى أنهم كانوا يقيمون فيها قبل أن يقرر نظام صدام إبعادهم إلى إيران.<BR><BR>ويشكك الكثير من المحللين السياسيين بدوافع هذه الهجرة المنظمة، ويعزونها إلى محاولة تكثيف الحضور الشيعي؛ لغرض التأثير على توازن القوى في حالة إجراء الانتخابات القادمة، خاصة وأن مجلس الحكم الانتقالي في العراق أكد أكثر من مرة على ضرورة منح الجنسية العراقية لجميع العائدين من إيران إلى العراق، رغم أنهم من أصول فارسية.<BR>ويحمل معظمهم جنسيات إيرانية ، معتبراً أن ازدواجية الجنسية هو أمر حضاري تعمل بموجبه معظم دول العالم.<BR> <BR>يذكر أن عدداً من الصحف العراقية أشارت إلى تزايد النشاط الاستخباري الإيراني، والمساهمة في التحريض على القيام بعمليات الانتقام والقتل للعديد من المسؤولين السابقين من قيادات حزب البعث أو الموالين لسلطة النظام السابق. <BR>كما لفتت الانتباه إلى تصاعد نشاط المهربين الإيرانيين الذين يتاجرون ببيع المخدرات بصورة شبه علنية في أسواق كربلاء والنجف والكاظمية، وقيامهم من جهة أخرى بتهريب الآثار والتحف العراقية النادرة .<BR><br>