الاعتداء على أطقم وسيارات الإسعاف في فلسطين
24 ربيع الأول 1424

انتهاك الاتفاقيات الدولية<BR>في خطوة تتناقض تماماً مع نصوص اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب لعام 1949، استهدفت قوات الاحتلال سيارات الإسعاف الفلسطينية بشكل واضح، وفتحت عليها النار بشكل متكرر خلال العام الثاني للانتفاضة أيضاً.<BR> وبلغت هذه الاعتداءات ذروتها خلال الاجتياح الإسرائيلي الشامل لأراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، والذي بدأ في يوم الجمعة الموافق 29/3/2002، باجتياح مدينتي رام الله والبيرة، وامتد ليطال كافة مدن الضفة الغربية.<BR><BR>وفي انتهاك لافت للنظر لهذه المواد، أعاق جنود الاحتلال الإسرائيلي بشكل متعمد وصول سيارات الإسعاف إلى الجرحى الفلسطينيين، من مدنيين وعسكريين، وتركوهم في حالات متكررة ينزفون حتى الموت، دون تقديم أيّ مساعدة لهم لإنقاذ حياتهم. <BR>وأصدرت قوات الاحتلال قراراً بمنع سيارات الإسعاف الفلسطينية من التحرك في كافة المناطق التي شملتها عملية الاجتياح. وأكدت المصادر الطبية ومصادر الإسعاف في كافة المدن الفلسطينية أنها أبلغت بهذا القرار هاتفياً من قبل ضباط جيش الاحتلال، كل في منطقته. <BR>وأكدت أيضاً أن مستشفياتها تعرضت إما للحصار، وإما لأعمال القصف، وفي الحالتين منعت سيارات الإسعاف من مغادرة المستشفيات، أو من الوصول إليها.<BR><BR>استهداف سيارات الإسعاف:<BR>خلال الانتفاضة، كانت سيارات الإسعاف الفلسطينية هدفاً مباشراً لآلة الحرب الإسرائيلية، إلا أن ما حدث خلال عملية الاجتياح، كان تصعيداً خطيراً في انتهاك اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب التي وقعت في عام 1949م، وللبروتوكولين الملحقين بها، الموقع عليهما في العاشر من حزيران (يونيو) عام 1977م. وقد تجسدت هذه الانتهاكات بإطلاق النار على سيارات الإسعاف الفلسطينية أثناء توجهها لإسعاف الجرحى وإخلائهم، ومحاصرة المستشفيات وإطلاق النار عليها، ومنع سيارات الإسعاف من إخلاء الجرحى، وتركهم ينزفون حتى الموت.<BR> وقامت بالاستيلاء على عدد من سيارات الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني واتحاد لجان الإغاثة الطبية الفلسطينية والمستشفيات الحكومية والخاصة، واستخدامها في اقتراف جرائمها ضد المواطنين الفلسطينيين، وذلك بعد اعتقال أطقمها أو طردهم من أماكن الأحداث. <BR>وكان ما حدث في مخيم جنين يفوق التصور، إذ أن قوات الاحتلال منعت سيارات الإسعاف من دخول المخيم منذ بداية اجتياح المخيم، واستمر المنع حتى بعد إعلان قوات الاحتلال سيطرتها الكاملة عليه، بما في ذلك سيارات الإسعاف التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر، التي أوقفت نشاطاتها في الخامس من نيسان (أبريل) 2002، احتجاجاً على الإجراءات التعسفية الإسرائيلية ضد أطقم الإسعاف والإغاثة.<BR><BR>وفي ضوء هذه الإجراءات التعسفية قدمت جمعية (القانون)، وبالتنسيق مع مؤسسة (عدالة) وغيرها من منظمات حقوق الإنسان عدة التماسات إلى المستشار القانوني لجيش الاحتلال الإسرائيلي والمحكمة العليا الإسرائيلية ومكتب المدعي العام الإسرائيلي بشأن هذه الأمور الطارئة.<BR> ففي تاريخ 4/4/2002م، قدمت ثلاث التماسات، الأول بشأن الاعتداءات الإسرائيلية على مستشفى جنين الحكومي، والثاني بشأن اعتقال أربعة من طاقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في رام الله، والثالث خاص <BR>بمنع الأطقم الطبية من القيام بمهامها في إسعاف الجرحى في مخيم جنين ومدينة نابلس ومخيماتها، وحرمان سيارات الإسعاف من حرية الحركة في مختلف المناطق، إضافة إلى منع دفن الشهداء بالطريقة اللائقة. وفي تاريخ 9/4/2002، قدمت الجمعية التماسا للمحكمة العليا الإسرائيلية لاستصدار قرار يمنع دفن الشهداء <BR>الفلسطينيين من مخيم جنين في مقابر جماعية.<BR><BR>محاولات لقتل أكبر عدد من الفلسطينيين<BR>وكان واضحاً منذ البداية أن قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأثناء تنفيذ عملياتها الحربية في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية كانت تستهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا في صفوف المواطنين الفلسطينيين. وكان هذا الاستهداف واضحاً في مخيم جنين، أكثر من غيره، بسبب ضراوة المقاومة الفلسطينية في داخله، وسقوط عدد من <BR>جنود الاحتلال هناك، حيث أخذت المعركة الإسرائيلية ضد المخيم طابعاً انتقامياً.<BR><BR>وبعد إعلانها عن سيطرتها على المخيم، استمرت قوات الاحتلال في منع أطقم الصحة والإسعاف والإغاثة والصحافة من الدخول إليه. وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتاريخ 14/4/2002، أنها وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لم يتمكنا لليوم الخامس على التوالي، من دخول منطقة جنين رغم تواجدهم هناك، في انتظار ضوء أخضر من سلطات الاحتلال الإسرائيلي. وأوضحت اللجنة أنها حاولت، ومن خلال التنسيق مع قوات الاحتلال، إدخال خزان مياه إلى جنين نظراً لحاجة العائلات الشديدة للمياه، فيما لا يزال مهندسو بلدية جنين يحاولون إصلاح شبكة المياه رغم تهديدات قوات الاحتلال. وأكدت اللجنة أن سياراتها المحملة بمواد الإغاثة تعرضت للتفتيش من قوات الاحتلال. <BR> <BR> <BR>وخلال السنة الثانية من الانتفاضة استشهد سبعة من الأطباء والمسعفين ورجال الدفاع المدني مقابل عشرة استشهدوا خلال السنة الأولى، وبذلك يرتفع عددهم إلى سبعة عشر شهيداً. وقد أصيب العشرات منهم بجراح مختلفة.<BR>3 قتلى من أطقم الإسعاف خلال 18 ساعة:<BR>ومن الأمثلة الصارخة على استهداف قوات الاحتلال لعمل أطقم الإسعاف ورجال المهمات الطبية ما حدث يومي الخميس والجمعة الموافقين السابع والثامن من شهر آذار (مارس) 2002. ففي غضون ثماني عشرة ساعة قتلت قوات الاحتلال ثلاثة من أطقم الإسعاف ورجال المهمات الطبية، اثنان منهم في مدينة طولكرم قتلا في اقل من <BR>ساعتين، والثالث مدير مستشفى قتل في ساعات ظهر اليوم التالي، وهم:<BR>1. ضابط الإسعاف كمال عبد الرحمن سالم ـ 35 عاماً من مخيم طولكرم ـ بعيار ناري ثقيل في البطن، أدى إلى حدوث تهتك ونزيف داخلي حاد، وأستشهد على الفور.<BR><BR>2. سائق السيارة المواطن إبراهيم محمد أسعد ـ 38 عاماً من مخيم نور شمس ـ أصيب بعيار ناري ثقيل في مقدمة الرأس، وأستشهد على الفور.<BR><BR>3. الدكتور أحمد نعمان عثمان محمود (صبيح) ـ 42 عاماً، من بلدة الخضر، وهو مدير مستشفى اليمامة ـ أصيب بعدة أعيرة نارية في رأسه وصدره<BR><BR><BR>وأفاد الدكتور نضال توفيق جابر سليم ـ 27 عاماً من سكان بيت ساحور، ويعمل بمهنة طبيب عام في مستشفى اليمامة التخصصي، جنوبي مدينة بيت لحم، في تصريحه لجمعية (القانون) بما يلي:ـ<BR> في أعقاب اجتياح قوات الاحتلال لمدينة بيت لحم وضواحيها فجر اليوم الجمعة الموافق 8/3/2002، حاصرت الدبابات الإسرائيلية مستشفى اليمامة، الواقعة على الطريق العام بين مخيم الدهيشة ومدينة بيت لحم، وتمركزت أيضاً على طول الطريق المذكورة ومنعت تلك القوات تحرك الأطقم الطبية وسيارات الإسعاف في المستشفى. <BR>كما أن المستشفى أصبحت تواجه مشكلة بسبب عدم تمكن حضور الكوادر الطبية من منازلهم إلى المستشفى، وحاجتها لبعض الأدوية والمستلزمات الطبية ووجبات الغذاء اليومية للمرضى. وبناءً عليه قمت أنا بالاتصال هاتفياً بالدكتور أحمد نعمان، مدير المستشفى ووضعته في صورة الوضع. ونظراً لعدم تمكنه من التحرك من منزله والحضور إلى المستشفى بسبب حظر التجول في المنطقة والحصار المفروض على المستشفى وعمليات إطلاق النار، اتصلت بالصليب الأحمر الدولي للتنسيق مع الجانب الإسرائيلي، لتأمين حضور الدكتور نعمان إلى المستشفى ليتمكن من الإشراف على عمله، وإحضار ما أمكن من الكادر الطبي الموجود في أحياء المدينة، بعد ذلك ردت علينا ممثلة الصليب الأحمر وأخبرتنا بأنه تم الاتصال والتنسيق مع الارتباط العسكري الإسرائيلي، لتأمين تحرك مدير المستشفى واحتياجاته.<BR><BR>المحاولة المميتة:<BR> عند الساعة العاشرة صباحاً، أبلغني الجانب الإسرائيلي، بأنه يجب على الدكتور نعمان أن يلبس عند مغادرته المنزل وحضوره المستشفى قميصاً أبيض اللون، ولا يلبس فوقه أي شيء ولا يحمل معه أي شيء، وأن أقوم أنا الدكتور نضال بانتظاره على باب المستشفى بملابسي الطبية. وبناءً عليه تحرك الدكتور نعمان من منزله إلى المستشفى الساعة الثانية عشرة ظهراً، وكان الكابتن "جوي" الذي تم التنسيق معه، قد أخذ مني مسبقاً مواصفات الطبيب وسيارته ورقمها، وهذا بالفعل ما تم غادر الطبيب منزله وحضر إلى المستشفى وبعد أن مكث معنا بضع دقائق وفحص ما يلزمنا من موظفين واحتياجات، تم الاتصال من قبلي بالكابتن جوي للتأكد منه بالسماح للدكتور نعمان بالانطلاق على الشارع الرئيسي بسيارته لإحضار موظفين ومستلزمات طبية من بيت لحم، فأكد لي الكابتن استمرار السماح بذلك وضمان تنقله بسلامة، وإنه عمم على كل النقاط والآليات العسكرية في المنطقة. <BR><BR>وبالفعل غادر د. نعمان بسيارته على الشارع نحو مدينة بيت لحم. وبعد أقل من دقيقتين سمعنا إطلاق نار، ثم فوجئنا بعودة الطبيب، وأخبرنا أنه تعرض لإطلاق نار من قبل حاجز الدبابات المتمركزة على الشارع الرئيسي في منطقة معامل (منشار نصار) اتصلت بالكابتن جوي وأعلمته بذلك، فقال لي سوف افحص. وأكد انه سيتصل فوراً ويؤكد على التعميم، ثم اتصل وتحدث على هاتف د.نعمان وطلب منه مرة أخرى المغادرة والسماح بالمرور بأمان، وانطلق د.نعمان الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق بنفس الاتجاه، وبعد نحو دقيقة ونصف الدقيقة، سمعنا صوت إطلاق نار كثيف من رشاشات ثقيلة، فأصبنا بالقلق والذعر. <BR>اتصلت على بلفون د.نعمان، ولكنه لم يرد اتصلت على موظف الأشعة الذي كان من المفترض أن يمر عليه الدكتور، فأكد عدم حضوره إليه، فاتصلت على الفور بالكابتن جوي وأعلمته بعملية إطلاق النار وعدم رد زميلنا الدكتور على البلفون، وقال انه سيفحص الأمر، ثم اتصل علينا وأخبرنا أنه قام بالاتصال لإرسال سيارة إسعاف إلى المكان.<BR> وبعد ذلك ركضت أنا واثنين من الزملاء بالمستشفى نحو الشارع وتوجهنا إلى منطقة إطلاق النار. شاهدنا على بعد نحو خمسمائة متر من المستشفى، سيارة الدكتور على يسار الشارع وكانت أبوابها مفتوحة ومدمرة، كما شاهدنا سيارة إسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تحمل الدكتور وتنطلق به باتجاه مدينة بيت لحم، <BR>وكانت تقف دبابة بجانب سيارة د. نعمان. أجريت اتصالات مع مستشفى الحسين في بيت جالا والهلال الأحمر، فعلمت منهم بوفاة الدكتور احمد نعمان جراء إصابته بعدة أعيرة نارية في رأسه وصدره، أدت إلى تكسير صدره وخروج الأنسجة الدماغية من رأسه)).<BR><BR> <BR><br>