التصور الأمريكي للدولة الفلسطينية .. بلا مقاومة وتحمي أمن "إسرائيل"!
5 صفر 1429

لأن الصهاينة يتوقعون أن يتجه زحف سكان غزة التالي باتجاه الحدود والمعابر مع فلسطين المحتلة عام 1948 (يديعوت أحرونوت) بعدما زحفوا علي حدود مصر بفعل تشديد الحصار ، خصوصا أن المياه تتناقص في غزة بفعل السرقات الصهيونية لها ، كما أن الدعوات تتصاعد بين أهلها – وجزء كبير منهم مهجرون أصلا من جنوب أرض 48 – للزحف لاتجاه شمال وشرق القطاع (إسرائيل) ، فقد بدأت تحركات المنقذ الأمريكي اللولبية !.<BR>التحركات بدأها سابقا الرئيس الأمريكي بوش حينما تحدث عن ضرورة قيام الدولة الفلسطينية خلال العام الجاري 2008 ، ولكن الجديد أنه جري بالتزامن مع هذه المخاوف الصهيونية والأمريكية تحرك من قبل مؤسسة (راند) للأبحاث التابعة لسلاح الطيران الأمريكي والتي تحظي تقاريرها بالأهمية وتنفذ غالبا ، بغرض طرح خطة سبق أن أعدتها المؤسسة عام 2005 بشأن "الدولة الفلسطينية الجديدة" المقترحة .<BR>حيث زار وفد من قادة مؤسسة (راند) الأمريكية التابعة لسلاح الجو الأمريكي مصر الأحد (10/2) لمناقشة هذه الدراسة التي أعدها المركز، ذي التأثير النافذ على السياسة الأمريكية، حول "الدولة الفلسطينية المستقلة"، مع الرئيس المصري حسني مبارك ومع دبلوماسيين مصريين سابقين من "المجلس المصري للشؤون الخارجية"، وعاد الجدال بقوة لهذه الخطة الأمريكية وكأنها طوق النجاة والحل السحري للمشكلة الفلسطينية رغم أن الخطة تتحدث بوضوح عن أن الاتفاق علي حدود وشكل وعلاقات الدولة الفلسطينية مع الجوار أمر ضروري لنجاح هذه الخطة التي تركز علي ما بعد قيام الدولة الفلسطينية وما سيواجهها من مشاكل.. لا علي قيامها في حد ذاته .<BR>وهو ما حرص علي توضيحه جيمس طومسون‏ رئيس مؤسسة راند حينما قال إن مؤسسة‏ "‏راند‏"‏ التي تقوم بدراسة عن الدولة الفلسطينية ركزت على ما سيحدث بعد قيام الدولة الفلسطينية‏ والتحديات الكبيرة التي ستواجه تلك الدولة‏، وبخاصة النواحي الاقتصادية‏ والاجتماعية والتنموية وليس الانخراط في الأبعاد السياسية بتفصيلاتها المختلفة‏، وذلك لتجنب أي معوقات أمام الدراسة‏، مشيرا إلى أن الدراسة تتعلق بالدولة الفلسطينية ككل بما فيها قطاع غزة‏ !.<BR><BR>ولذلك لم تكن مفاجأة أن يطرح زبينجو بريجينسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق‏ وعضو "راند"، و"جيمس طومسون" رئيس مؤسسة راند الأمريكية للأبحاث مع الرئيس المصري مبارك تطورات القضايا الراهنة في المنطقة‏ والتحديات التي تتعرض لها المنطقة‏، وأن يعرض بريجينسكي المشروعات البحثية التي تقوم بها المؤسسة إزاء العديد من القضايا والمشكلات السياسية‏ والاقتصادية‏ والاجتماعية‏ "وبخاصة الجهود الرامية لإقامة دولة فلسطينية تتوافر لها بصفة خاصة سبل البقاء اقتصاديا واجتماعيا‏".<BR>وحرص مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق على تأكيد أن ما صرح به بوش في زيارته الأخيرة للمنطقة بشأن إقامة دولة فلسطينية مستقلة "لم يأت عرضا أو مرة واحدة، بل إنه (بوش) كرره مرات عديدة‏، ولهذا – يقول بيرجينسكي - إنني أعتقد أن الرئيس الأمريكي جاد للغاية فيما قاله بهذا الشأن بخصوص التوصل لحل القضية الفلسطينية‏ ويعكس موقفا جادا من جانب رئيس الولايات المتحدة‏".<BR><font color="#ff0000">دولة لحماية دولة !؟ </font><BR>ولكن ما هي هذه الخطة الأمريكية الجبارة الخاصة بالدولة الفلسطينية الجديدة ؟ .. تقترح الدراسة التي أعدتها مؤسسة راند في 27 إبريل 2005 توصيات شمولية لنجاح دولة فلسطينية مستقلة، أبرزها: إنشاء خط للسكك الحديدية وطريق عام وبنية تحتية تربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة وتفتح الباب أمام تنمية جديدة جذرية في فلسطين تعطي الفلسطينيين فرصاً جديدة للحصول على الوظائف والغذاء والماء والتعليم والرعاية الصحية والإسكان والخدمات العامة، وفقا لتقرير المؤسسة المنشور علي موقعها على الإنترنت.<BR><BR>كما تقترح راند المباشرة الآن بالعديد من الإجراءات التي تقترحها المؤسسة للبدء بتحسين معيشة الفلسطينيين ولوضع الأسس لاستدامة التنمية على المدى الطويل في دولة مستقبلية بها حكومة جديدة وتصبح معتمدة على نفسها من الناحية الاقتصادية وتؤمن الأمن للفلسطينيين و"الإسرائيليين"، حيث يقدم تقرير تم وضعه تحت إشراف البرنامج الصحي في مؤسسة راند بعنوان "بناء دولة فلسطينية ناجحة" [Building successful Palestinian State] وصفاً بالعديد من المقترحات.<BR><BR>بينما يقترح تقرير آخر مرافق له وضعه "مركز مؤسسة راند للسياسة العامة في الشرق الأوسط" [Rand Center for Middle East Public Policy] بعنوان "القوس: بنية منهجية لدولة فلسطينية" [The Arc: A Formal Structure for a Palestinian State] ممراً جديداً من شمال الضفة الغربية إلى قطاع غزة سيساعد في تحقيق الأهداف المحددة في التقرير الأول ولتمكين الفلسطينيين من بناء مستقبل أكثر ازدهارا ومن التغلب على النمو السريع في عدد السكان.<BR><BR>وتقول راند أن هذا الممر - المسمى أيضاً بـ "القوس" - سيدعم خطاً سريعاً للسكك الحديدية بين المدن يبلغ طوله 365 كيلومتراً (140 ميلا) وطريقاً عاماً وقناة لجر الماء وشبكة للطاقة وخطاً من أسلاك الألياف البصرية للربط بين أكبر البلدات والمدن الفلسطينية وسيمثل حافزاً لإنشاء المساكن وإحداث الوظائف وتنمية الأعمال التجارية، وأنه من المقدر أن يخلق بناء هذا القوس من 100.000 إلى 160.000 وظيفة للفلسطينيين على مدى خمس سنوات، علاوة على الآلاف من الوظائف الإضافية في المؤسسات التجارية الجديدة التي تبنى على طول الممر، كما سيعزز إعادة إحياء مراكز المدن التاريخية ويحمي الغابات والمحميات الطبيعية والأراضي الزراعية.<BR><BR>ووفقاً للتقرير الأول، فإن "إنشاء دولة فلسطينية لا يضمن نجاحها، ولكن بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين والكثيرين حول العالم من المهم جداً أن تنجح الدولة"، كما يفيد التقرير بأن دولة فلسطينية فاشلة أو دولة ضعيفة إلى حد أنها تتطلب الدعم والضبط من دول أخرى ستعرض الأمن الدولي للخطر".<BR><BR>والغريب أن التقريرين لا يناقشان كيف يستطيع "الإسرائيليون" والفلسطينيون التوصل إلى تسوية من أجل إنشاء دولة فلسطينية، بل يركزان على ما قد يحدث لو تم إنشاء مثل هذه الدولة، ويوصيان بالإجراءات التي يستطيع الفلسطينيون و"الإسرائيليون" و"المجتمع الدولي" اتخاذها لزيادة فرص نجاح دولة جديدة، فيما سيبحث تقرير سيصدر قريباً عن مؤسسة راند في القضايا الأمنية والمشاركة العسكرية متعددة الجنسيات.<BR><BR>بيد أن "راند" حرصت – ربما تحسبا لرفض فلسطيني - أن تؤكد أن التقريرين "ليسا مجرد مخطط يجب إتباعه بالتفصيل"، وأنهما "مصممان لتوفير آراء يمكن للفلسطينيين وغيرهم من الأطراف المعنية دراستها وتطويرها لتتماشى بشكل أفضل مع احتياجات الشعب الفلسطيني"، كما أنهما "مصممان أيضاً لمساعدة دولة فلسطينية جديدة على تجنب بعض المشاكل التي تواجهها مبادرات بناء الدول في العراق وغيره من البلدان".<BR><BR>ويحتاج تنفيذ التوصيات في التقريرين إلى نحو 33 بليون دولار أمريكي من الاستثمار خلال السنوات العشر الأولى من إنشاء الدولة الجديدة، وهو ما يمثل معدلاً سنوياً قدره نحو 760 دولارا أمريكياً للفرد، وهو مستوى مساوٍ لجهود بذلت في الآونة الأخيرة لبناء دول أخرى، فيما يحتاج بناء البنية التحتية الأساسية للسكك الحديدية والطرق في القوس (الممر الآمن) إلى 6 ملايين دولار متوقع أن تأتي من المعونات والاستثمارات الدولية، بالإضافة إلى إنفاق الفلسطينيين واستثمارهم الخاص، في حين ستحتاج لتدابير الأمنية في فلسطين لالتزامات مالية دولية أخرى.<BR><BR>وتفيد الدراستان أن فرص نجاح دولة فلسطينية سوف تزداد بارتفاع مستوى تواصل الأراضي الفلسطينية (باستثناء انفصال قطاع غزة عن الضفة الغربية)، والانفتاح النسبي للحدود مما يتيح تنقل الأشخاص والسلع بين فلسطين والدول المجاورة لها خصوصاً "إسرائيل"، والأمن داخل فلسطين لـ"جيرانها".<BR><BR>ويشدد تقرير "راند" على ضرورة "أن يقرّ الفلسطينيون بشرعية قادتهم وبفعاليتهم"، وهو ما سيعتمد على بنود تسوية السلام النهائية بما في ذلك مساحة الأراضي وتواصلها ووضع القدس وحرية اللاجئين في إعادة الاستيطان في الدولة الجديدة، بالإضافة إلى ممارسات الحكومة الفلسطينية، وأن تكافح فلسطين الفساد والممارسات التعسفية وأن تعزز سيادة القانون وتمنح الصلاحيات للقضاء وأن تعطي للبرلمان المزيد من السلطة وأن تشجع على نظام الاستحقاق في الخدمة المدنية، وأن تناط السلطة بالمسئولين المدنيين.<BR><BR><font color="#ff0000">إخماد نشاط المقاومة ! </font><BR>ويقول إنه "لا يمكن تصور نجاح دولة فلسطينية مستقلة في غياب السلام والأمن للفلسطينيين و"الإسرائيليين" على حد سواء"، وأنه يجب أن لا تشكل الدولة الفلسطينية المستقلة "أي خطر على إسرائيل"، وعلى "إخماد نشاط المنظمات المناضلة (المقاومة) التي تخل باستقرار الدولة الفلسطينية وتهدد إسرائيل، ويتطلب ذلك - وفق التقرير - موارد مالية لإعادة بناء دور القضاء والشرطة، وإعادة هيكلة أجهزة الأمن الداخلي وشراء معدات.<BR><BR>أما الممر الآمن (القوس) الذي تقترحه الدراسة فسوف يربط - مع توقع زيادة سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من نحو 3.6 ملايين إلى نحو 6.6 ملايين نسمة بحلول عام 2020 - البلدات والمدن الرئيسة الفلسطينية بما فيها نابلس ورام الله والقدس والخليل ومدينة غزة مما يجعل من الممكن السفر من جنوب غزة حتى شمال الضفة الغربية خلال أقل من 90 دقيقة، وستكون كل محطة قطار على بعد بعض الكيلومترات من المراكز المدنية والتاريخية القائمة مركزاً رئيسياً للتنمية الجديدة وسترتبط بالمركز المدني التاريخي عبر طرق جديدة ووسيلة متقدمة من النقل السريع بالباص، بما يربط البلد ببواباتها الاقتصادية في مطار ومرفأ في غزة.<BR><BR>كما يطرح التقرير مقترحات بشأن إعادة التفاوض حول الموارد المائية بين "إسرائيل" وفلسطين وتمويل بناء معامل تحليه المياه والتحسينات في البنية التحتية، ودعم النظام الصحي والسياسة الصحية، وأن يكون النظام التربوي منفتحا على الإصلاح، مع تخفيض "التركيز المفرط" على العلوم الإنسانية والاجتماعية، وتوسيع البرامج العلمية والهندسية.<BR><BR>تري هل يمكن القول أن قادة مؤسسة راند – الذين يخططون عمليا سياسات المحافظين الأمريكيين الجدد – حضروا للمنطقة لتدشين خطة هذه الدولة الفلسطينية والاستفادة من حالة العداء بين القاهرة وحماس علي خلفية اجتياح الحدود في توظيف ذلك باتجاه مزيد من الضغوط علي حماس تمهيدا لتنفيذ هذه الخطة ؟ <BR>وهل (راند) التي وضعت خططا سابقة للإدارة الأمريكية تضع فيها كل المسلمين في سلة تطرف واحدة وتقترح خلق شبكات علمانية أو (مسلمة معتدلة) منهم تحارب أصولهم التاريخية ، يمكن أن تكون حريصة علي الشعب الفلسطيني لله وبلا ثمن ؟ .. إنهم باختصار يعملون لصالح الصهاينة ؟<BR><br>