كاليفورنيا – كما العراق – تحترق!!
19 شوال 1428

كاليفورنيا تحترق, هذا هو العنوان الأبرز للعديد من وسائل الإعلام الأمريكية هذه الأيام, الولاية الواقعة على المحيط الهادئ وتلقب بالولاية الذهبية والتي تقترب من حيث المساحة وعدد السكان مع العراق المحتل والذي يحترق هو الآخر ولكن بنيران أمريكية آثمة. فمساحة الولاية الأمريكية يبلغ 410 آلف كم2 وعدد سكانها حوالي 34 مليون نسمة فيما مساحة العراق تتجاوز 438 آلف كم2 وعدد سكانه يقترب من ثلاثين مليون نسمة. <BR> المكسيك الجار الجنوبي للولايات المتحدة مدت يد المساعدة للولاية المنكوبة على شكل عربات إطفاء بأطقمها، ورغم كل الجهود والمساعدات فقد فشل سبعة آلاف رجل إطفاء –حتى كتابة المقال- في احتواء الحرائق المشتعلة في جنوبي الولاية، والتي أتت على أكثر من 400 ألف هكتار. فيما أجلت السلطات قرابة 350 ألف عائلة، ما يعني قرابة 950 ألف شخص -حسب تقديرات موقع سي إن إن الإخباري الأمريكي- من "سان دييغو" وحدها، حيث تشتعل أقوى تلك الحرائق، من بينهم أكثر من 4 آلاف من العسكريين في عدة قواعد عسكرية بالمنطقة, كما أشارت مصادر عسكرية إلى اشتعال الحرائق في قاعدتين عسكريتين.<BR>وزارة الدفاع أوضحت من جانبها أن أكثر من 17 ألف من عناصر الحرس الوطني بجانب قوات من الجيش على يستعدون للمساعدة,. كما أعلن البنتاغون أن وحدة من نخبة "المارينز" التي حاربت في العراق، على أهبة الاستعداد للمشاركة في التصدي لكارثة الحرائق.<BR>في حين شككت السيناتور الديمقراطي عن كاليفورنيا، باربرا بوكسر، في قدرات الحرس الوطني في التصدي لكارثة حرائق الولاية نظراً للضغوط التي تضعها حرب العراق على تجهيزات وأفراد القوة العسكرية.<BR>فهل ثمة علاقة تربط ما بين حرائق العراق الأمريكية وحرائق كاليفورنيا الربانية؟ لعل البعض سيعتبر أن الكوارث التي تضرب أمريكا من حين لآخر هي بمثابة عقوبة ربانية على الظلم الأمريكي المتعولم والذي نشر الخراب والموت والدمار في غير مكان من هذا العالم وعلى الأخص في المناطق الإسلامية منه. غير أن ثمة علاقة مادية واضحة بينهما عبرت عنها باربرا بوكسر السيناتور الممثلة لكاليفورنيا من خلال تشككها في قدرات الحرس الوطني في الولاية نظرا لاستنزاف قدرات أمريكا وإمكانياتها العسكرية في العراق. ولعل الحضور العراقي كان واضحا أيضا في إعلان البنتاغون عن وحدة المارينز العائدة من هناك والتي استعدت للمشاركة في إطفاء حرائق كاليفورنيا.<BR>تصريحات الساسة والعسكريين الأمريكيين والتي تحذر من تداعيات الإنهاك الأمريكي في العراق تكررت بشكل واضح في الآونة الأخيرة ولعل من أبرزها ما صرح به مؤخرا الجنرال بروس رايت، قائد القوات الأمريكية في اليابان، بأن العراق استنزف الموارد المخصصة لاستبدال أو تحديث سلاح الجو، وأن العمليات العسكرية هناك تستهلك الطاقة العملياتية القصوى للأسراب المقاتلة, مما يهدد بتفوق قوة الصين العسكرية مقابل القوة الأمريكية الآخذة في التراجع جراء استنزافها في العراق.<BR>الاحتلال الأمريكي للعراق والمقاومة التي واجهته أديا إلى تراجع القدرات الأمريكية على المستوى المحلي (أمريكيا) والعالمي, وأثر دوليا على مكانة الولايات المتحدة وهيبتها. حتى الكوارث الطبيعية والتي تضرب أمريكا بين وقت وآخر أصبحت هي الأخرى تشكل عبئا كبيرا على بلد ينوء بالأثقال والخسائر البشرية والاستنزاف المادي الكبير. تأثير الكوارث أصبح ألان واضحا وبينا, وإذا كان المراقبون والمتابعون يتابعون –على سبيل المثال- تداعيات الأزمة الأمريكية- الإيرانية أو الخيارات الأمريكية في العراق من جهة الحسابات المادية والقدرات العسكرية, فإن إعصارا أو زلزالا أو كارثة طبيعية تضرب أمريكا قد تؤدي إلى تأثير كبير في سيناريوهات الأحداث وفي السبل والتي يمكن للإدارة الأمريكية أن تسلكها أو الأساليب التي تستطيع أن تتعامل معها.<BR><br>