فضيحة الإنسانية الغربية في جريمة الإيدز البلغارية
22 رجب 1428

[email protected]<BR> فضيحة نجاح الضغوطات الغربية على ليبيا من أجل الإفراج عن المجرمين البلغاريين المدانين في الحقن العمدي بفيروس الإيدز القاتل لـ 426 طفلاً من الأطفال المسلمين بليبيا توفي منهم حتى الآن 52 طفل، وانتقل المرض إلى 19 أمّا كن يقمن بإرضاع أطفالهن، وذلك بحسب الإحصاءات المعلنة، تلك الفضيحة كشفت بجلاء تام عن الوجه الحقيقي القبيح المتخفي في عباءة الإنسانية المزعومة، والتي يرتديها الغرب المحتل لديار المسلمين، كما كشفت عن الخطوط الحمراء الفعلية لتلك المسرحية الهزلية المسماه بالإغاثة الإنسانية، وهي أن كل دم مستباح إلا الدم الغربي، فهو خط أحمر ممنوع تجاوزه، مهما كانت الجريمة التي اقترفها صاحبه. <BR>كما أن تلك الفضيحة تبطل المزاعم الغربية في الحرص على صحة الطفل المسلم ورعايته، تلك المزاعم المتمثلة في أنشطة وبرامج الأمم المتحدة وفعاليات المنظمات الحقوقية الدولية، والتي وقف مسئولوها موقف المدافع بقوة عن المجرمات البلغاريات، مع عدم الاكتراث بالجريمة الشنيعة التي اقترفوها.<BR>و الغرب صدع مسامعنا كثيراً بمؤتمرات ومساع مكوكية تدعي العمل من أجل الرقي الإنساني، وفي ضوء ذلك سيطر خطاب الرحمة المزيفة على المنظمات الدولية والحقائب الدبلوماسية، وأنفقت المليارات من الدولارات من أجل تلك السياحة المربحة التي يتمتع بها "السائحون على الكوارث" بتعبير " غراهام هانكوك "صاحب كتاب "سادة الفقر" والذي يفضح فيه أكذوبة إغاثة الغرب للإنسانية. وكيف أنهم يصنعون ويستثمرون الكوارث ليسيحون على أشلاء ضحاياها.<BR>ازدواج واضح في المعايير، فالمنظمات والشخصيات التي تدعوا العالم لمواجهة مرض الإيدز الانحلالي المنشأ، ودعوتهم من خلال المؤتمرات الأممية والبرامج الرئاسية، للضرب بقبضة من حديد على يد كل من يعمل على نشر هذا المرض القاتل، كل هؤلاء نجدهم ينتفضون في قضية الحقن العمدي بالإيدز القاتل للأطفال المسلمين بليبيا، ليس من أجل ضرب عنق القاتل، ولكن من أجل الإفراج عن القتلة، ضاربين عرض الحائط بكل المواثيق الدولية الوضعية.<BR> من هذا المنطلق الازدواجي فإن هذا المقال المختصر سيحاول تقديم قراءة في ازدواجيات الإنسانية الغربية في مسألة الإيدز وتقاطعها مع الجريمة البلغارية، لتتضح بذلك بعض جوانب تلك الإنسانية المزيفة، ويتبين مدى استخفافها بالشعوب وبخاصة الإسلامية والعربية.<BR><BR>أولاً ...ازدواجية الأمم المتحدة بين مواجهة الإيدز والمجرمات البلغاريات<BR>الأمم المتحدة معنية بمواجهة الايدز، وعليه تغدق الأموال من كافة دول العالم بما فيها الدول العربية والتي تحظى بنصيب كبير في الالتزام المالي لتلك المؤسسة، وذلك لدعم برامجها في الحد من انتشار هذا المرض. ومؤتمراتها المشبوهة التي هاجمها علماء الإسلام من قبيل مؤتمر القاهرة للسكان (1994) ومؤتمر بكين للمرأة (1995) قدمت فيهما الأمم المتحدة رؤية شاذة لمواجهة الإيدز، تحافظ من خلالها على الوضع الانحلالي في المجتمع، وفي ذات الوقت تحاول الحد من انتشار ذلك المرض بما يطلق عليه الجنس الآمن.<BR> وعلى الرغم من هذا الشذوذ في معالجة القضايا الاجتماعية، إلا أن وثائق الأمم المتحدة تشدد على دور الحكومات في الحد من انتشار هذا الفيروس، الأمر الذي سنطرحه من أجل تبيان الازدواج لا التأييد، تقول إحدى وثائق الأمم المتحدة " إن فيروس الإيدز يمثل تحدياً فريداً للبشرية. فبينما يتطلب استجابة صحية شاملة وجادة، يتطلب أيضاً عملاً أكثر اتساعاً. وينبغي حشد كافة قطاعات المجتمع وأعلى المستويات في الحكومة من أجل إنجاح جهود الوقاية، وتقليل آثار الوباء". ومن ناحية أخري وفي داخل الأراضي الليبية قال" بومنمي ماكنوا"- المنسق القطري لبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز والممثل لدى المنظمات الإقليمية الإفريقية وذلك على هامش الدورة السابعة للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي والتي انعقدت في سرت بوسط ليبيا - إن "النسبة الكبيرة" لانتشار مرض الإيدز المميت وما تخلفه من أيتام في إفريقيا تتطلب أن تقوم الحكومات بتطوير سياساتها وخططها لمعالجة هذا الوضع". تلك البيانات كانت على مستوى الحكومات، والقضاء الليبي عندما أصدر حكم إعدام المجرمين لم يتخط بدوره تلك الدعوات الأممية. <BR>وعلى الجانب الآخر وعلى صعيد المرضي نجد الأمين العام الثامن للأمم المتحدة "بان كي- مون" الكوري الجنسية، يشدد على حجم مأساة الإيدز وأن مريض الإيدز مسلوب القدرة على حماية صحته، يقول الأمين العام في رسالته بمناسبة اليوم العالمي للسكان " إن انتشار فيروس نقص المناعة البشرية-الإيدز بشكل مزعج بين النساء، إنما يذكرنا بالمأساة التي تعيشها النسوة في أماكن كثيرة حيث يُسلّبن القدرة على حماية صحتهن". <BR>إضافة إلى كل ما سبق فإن تقارير الأمم المتحدة عن الإيدز بليبيا تؤكد أن الحالات المسجلة بليبيا كل عام في الفترة الإحصائية من عام &#1633;&#1641;&#1640;&#1641; إلى عام 1998 - قبيل الإعلان الإحصائي عن جريمة نشر الإيدز العمدي بين أطفال المسلمين بليبيا- لا تتجاوز أصابع اليدين. وبناءً على ذلك فإن ليبيا كباقي البلدان الإسلامية لم تكن موطناً للإيدز يوماً ما وإنما هي حالات فردية محصورة.<BR>هذه البيانات والنصوص وغيرها الكثير والصادرة عن تلك المؤسسة العجوز، نجدها قد نحيت جانباً أثناء فضيحة المجرمات البلغاريات، وظهر الوجه العرقي العدائي الحقيقي، ولم يعد الأطفال ولا النساء الضحايا المسلمين على سلم أولويات الأمم المتحدة لا لسبب إلا لكونهم مسلمين، والمجرم من بني جلدة محركي المؤسسة العجوز، ولم تلتزم الأمم المتحدة الصمت عن الإجرام كعادتها في فلسطين وفي العراق ومؤخراً في أحداث المسجد الأحمر بباكستان، بل كان الدفاع عن المجرمين البلغاريين هو ديدنها. فبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز والذي يتظاهر منسوبوه بالعمل على الحد من انتشار الايدز، وقطع كل السبل الموصلة إليه، نجده يدعو ليبيا لمراجعة أحكام الإعدام بحق المجرمين.<BR> وهذا أمينها العام الكوري الذي رأيناه ينزعج قبل قليل لمأساة انتشار الإيدز بين الضعفاء، نجده يعرب وفي تحد سافر عن قلقه بخصوص حكم الإعدام الصادر في ليبيا بحق خمس مجرمات بلغاريات ومجرم بلغاري الجنسية فلسطيني المولد.<BR> في الوقت الذي لم يحرك فيه الأمين العام ساكناً نحو الأطفال المسلمين المجني عليهم سواء المصابين أو الذين ماتوا منهم. ولعل الزراعة العمدية للإيدز بليبيا تكون بمثابة كارثة جديدة ترتزق على أطلالها الأمم المتحدة، وتفيض عليها الاعتمادات المالية، خاصة بعد إعلانها أن مجموع احتياجات التصدي الشامل للإيدز سيتجاوز، بحلول عام 2010، مبلغ 20 مليار دولار سنوياً، وحيث أن الإيدز قد انتشر في المنطقة العربية بغض النظر عن عمدية النشر، فإن الدول العربية مطالبة باستيفاء تلك الالتزامات المالية للأمم المتحدة وغير مبرر لها الاحتجاج بطهارة المجتمعات الإسلامية من هذا المرض الانحلالي لأنه صار موجوداً بالفعل.<BR>أما عن المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فلم تكتف بالاعتراض على حكم الإعدام والدفاع عن المجرمين، بل حولت المجني عليه إلى جان في استخفاف سافر، فبعد أن دعت المفوضية ليبيا لعدم تنفيذ أحكام الإعدام قال المتحدث باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان "هوسيه دياز" إن الظروف المحيطة بصدور أحكام الإعدام في قضية الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني تشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي". أي أن إعدام ستة قتلى بلغاريين يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان، أما نشر مرض قاتل في دولة بأكملها ووفاة العشرات من المسلمين لا يعد انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.<BR> فأي حقوق إنسان إذن يدّعونها ومطلوب منا أن نتقبلها منهم بعد أن أُطلق سراح المجرمين ونزيف دماء الأمهات والأطفال المسلمين قائم ومستمر؟ فسحقاً لمثل هذا القانون الوضعي الإنساني الظالم. <BR><BR>ثانياً...ازدواجية الاتحاد الأوروبي <BR>الاتحاد الأوروبي لديه عدد مكثف من البرامج والمشروعات الإنسانية التي يرعاها ويمولها داخل المنطقة العربية، وذلك إدعاء منه أنها من أجل الوقاية والعلاج من مرض الإيدز.<BR> تلك الفعاليات التي تسمح له بالوصول إلى مناطق حرجة في كيانات الدول العربية، ما كان يستطيع الوصول إليها بغير الأجندات الإنسانية ومنها الإيدز.<BR> والاتحاد الأوروبي كان قد عقد مؤتمراً استمر لمدة يومين في بريمن بعنوان "المسئولية والشراكة - معاً ضد فيروس نقص المناعة الإيدز" أصدر من خلاله المسئولين من الأعضاء الـ 27 للاتحاد الأوروبي إعلاناً سمي "إعلان بريمن" تعهد فيه الاتحاد الأوروبي والبلدان المجاورة، له بمكافحة فيروس نقص المناعة الايدز، وذلك بالاضطلاع بالقيادة السياسية في التصدي للوباء.<BR> وعلى الرغم من تلك النشاطات التي تزعم مواجهتها للإيدز وفي ذات توقيت انعقاد مؤتمر بريمن، إلا أنه بمجرد صدور حكم الإعدام على المجرمات البلغاريات، سارع الاتحاد الأوروبي إلى الإعراب عن خيبة أمله إزاء الحكم، واعتبر الناطق باسم الاتحاد الأوروبي "ديجو دى اويدا" أن هذا الحكم شكل "مفاجأة غير سارة" "وسلبية جداً" للأوروبيين.<BR>وبعث وزير الخارجية الأيرلندي "براين كاون" برسالة إلى نظيره الليبي "عبد الرحمن شلقم" أعرب فيها عن "عميق قلقه" اثر صدور هذا الحكم. <BR>كما تكثفت الاتصالات والوساطات للإفراج عن المجرمين، وطالبت المفوضية الأوروبية من القذافى الإفراج عنهم.<BR>وفور الإفراج عن المجرمين أشاد الاتحاد الأوروبي بهذا الإفراج، حيث أصدر الاتحاد الأوروبي بياناً من مقره في بروكسل حمل توقيعي "ساركوزي" ورئيس المفوضية الأوروبية "جوسيه مانويل باروسو" شكر فيه الاتحاد الأوروبي السلطات الليبية- لما وصفته بـ - "لفتتها الإنسانية" المتمثلة بإطلاق سراح المجرمين.<BR> وهكذا نجد الاتحاد الأوروبي الداعي لحقوق الإنسان، ووقايته من الإيدز، يدافع عن الإجرام ويعتبر إطلاق سراح القتلة "لفتة إنسانية" ليعزز بذلك النشر العمدي للإيدز بين أطفال المسلمين وأمهاتهم. فأي قبول بعد ذلك لبرامجه الإنسانية في منطقتنا الإسلامية؟.<BR><BR><BR>ثالثاً... موقف منظمة العفو الدولية<BR>تتشدق منظمة العفو الدولية كثيراً بحقوق الإنسان وانتهاكاتها، والطريف أنها تعتبر العقوبات ضد الشواذ جنسياً في العالم العربي انتهاكاً لتلك الحقوق المزعومة، لذا لم يكن من المستغرب عليها أن تقلب الآية في حال القضاء الليبي وتزيد على المنظمات الأخرى بتأكيدها ضرورة إصلاح ليبيا لقضائها، وذلك لزعمها سقوطه في قضية المجرمين البلغاريين، ففور الإفراج القذافي عن المجرمين، رحبت منظمة العفو الدولية بالإفراج عن الستة المجرمين، وقالت "أنه ينبغي لليبيا أن تشرع الآن في إصلاح نظامها المتعلق بالقضايا الجنائية لضمان عدم تكرار قضية من هذا النوع" فحتى لا يكون القضاء الليبي منتهكاً لحقوق الإنسان، فعليه أن يلبي رغبة منظمة العفو الدولية ويطلق سراح أي شاذ جنسياً يقبع في سجونها.<BR>رابعاً... ازدواجية واشنطن<BR>الرئيس الأمريكي جورج بوش لديه خطة عاجلة للإغاثة من الإيدز، تعرف اختصاراً باسم "بيبفار". وتلك الخطة عبارة عن مبادرة لبرنامج يستغرق خمس سنوات وخصص له مبلغ 15 مليار دولار لدعم الوقاية والعلاج والرعاية الطبية للمصابين بالإيدز. وقد ارتفع تمويل الولايات المتحدة للبرامج الخاصة بمكافحة الإيدز من 840 مليون دولار في العام 2001 إلى 3.2 مليار دولار في العام 2006. وعلى الرغم من هذا الاهتمام من قبل الأمريكان لمواجهة الإيدز، إلا أن موقفهم لم يختلف عن الجانب الأوروبي، ففور الإفراج وصفته الولايات المتحدة بأنه تطور "إيجابي جدا". وقالت واشنطن إن هذا التطور يؤذن بـ"تغيرات" في العلاقة بين طرابلس والعالم. فهل هذا التطور سيؤثر على خطة بوش العاجلة للإغاثة من الايدز؟ أم أن الأطفال المسلمين المجني عليهم بليبيا وأمهاتهم خارج دائرة اهتمام الرئيس الأمريكي؟ وما هو موقف الرئيس الأمريكي لو كان الحقن العمدي تم في إحدى المستشفيات الأمريكية ضد أطفال أمريكان؟ .<BR><BR>خامساً... السيدة الأولى وفضيحة المجرمات البلغاريات<BR>الصورة النمطية للسيدة الأولى في أي دولة في العالم، هو اهتمامها بالقضايا الإنسانية وبصفة خاصة قضايا المرأة والطفل، والاهتمام الأكثر يكون لحاملي الأمراض الفتاكة ومنها الايدز، إلا أن " سيسيليا ساركوزي" رفضت ارتداء تلك العباءة الاجتماعية، وبدأت حياتها الرئاسية بزيارة ناعمة أسفرت عن جريمة إنسانية حرقت بها مستقبلها الإنساني، فمن السفاهة والسذاجة وبصفة خاصة في مجتمعاتنا العربية، أن نقبل أي دور إنساني تقوم به هذه السيدة بعد ذلك، لأنه ببساطه شديدة سيكون مخادع، فأمامها الأطفال المسلمين يموتون بليبيا، وتبادر بحمل القتلة والمجرمين على طائرتها إلى بلدهم ليُعفى عنهم فور وصولهم. وتعتبر السقوط والفشل الإنساني الأخلاقي انتصاراً مدوياً تبدأ به رحلتها الإليزيه مع زوجها الساركوزي اليهودي.<BR><BR>سابعاً... وقف تأمل<BR>ازدواجيات تحتاج منا إلى وقفات تأمل ومراجعات للدور الإنساني الغربي في العالم الإسلامي. وذلك حتى لا تستمر تلك المسرحية الهزلية الاستخفافية، وليفيق الغافلون قبل أن تصلهم حقنة مميتة، يبرأ حاقنها على عيون الأشهاد. <BR>كما يستلزم ذلك أيضاً مراجعات من قبل المسئولين عندنا، فإن كان هناك من تخاذل منهم وتواطؤ في تلك الجريمة النكراء التي كان من الممكن أن يكون ابن أحدهم من ضحاياها، فإن ذلك ليس بمستبعد عليهم فديدنهم دائماً هو الخذلان والانهزام، وهذه أعمال انتهاكية تبشر بالنهايات. <BR>إلا أن الأمر يحتاج إلى قرارات عملية من قبل المسئولين الذين لا يحبون أن تتكرر تلك المأساة في ديارهم، وأبسط هذه القرارات وقف الدعم العربي المباشر للمؤسسات الإنسانية الغربية، والتي تضع الأجندات الإنسانية وفق هويتها الانحلالية، على أن يوجه الدعم مباشرة إلى المنظمات المحلية والهيئات الحكومية، لتتولى بنفسها تطبيق البرامج الإنسانية في ضوء هويتنا الإسلامية. <BR><br>