رعى الرحمن ربعك طالبان
28 جمادى الثانية 1428
إبراهيم الأزرق

رعى الرحمن رَبْعَكِ طـالبانُ X وجنـدَكِ أينما حَلُّوا و ساروا<BR>وسَدَّد للعِـدا منـكم سِهاماً X تُرَدِّي المفسـدين ومن أَجَارُوا<BR>وأظهرَ حُكْمَكُم بعدَ احتجابٍ X ليصلُـح بالشريعـةِ ما أَبَارُوا<BR>فقـد رزئت بلادكـمُ بقوم ٍX لهم عن كُـلِّ صالـحةٍ نِّفَارُ<BR>إذا رأوا الـمكارمَ فـازورارٌ X وإن تَـرِدِ الرذائـلُ فالبـدارُ<BR>لـهم بالسوء جهرٌ وانـتشار ٌX لـهم بالبغي فخـرٌ و اغترارُ<BR>لقـد عاثوا فسـاداً لايبارى X وديدنُهم فسـادٌ حيث صاروا<BR>وقد عظمت مصيبتُـنا ولكن ْX ظـلامُ اللـيل يعقبه النَّـهارُ<BR>ومن نُـكَتِ الرَّزِيئَةِ أن أرتهم X مقامَكِ بعدَ أن خَلَتِ الدِّيَـارُ<BR>جرى القلم بهذه الأبيات بعد قراءتي ما تناقلته صفحات بعض الإذاعات العالمية عن "تقرير مخدرات العالم للعام 2007م"، والذي يعده "مكتب مكافحة الجريمة والمخدرات" التابع لمنظمة الأمم المتحدة، فمما رعى الانتباه فيه أن إنتاج أفغانستان من الأفيون عام 2006م تزايد بنحو 50% من العام الذي سبقه، ليرفع الإنتاج العالمي من المادة إلى معدل قياسي جديد.<BR>وارتفع إنتاج أفغانستان من الأفيون -الذي يستخرج منه الهيروين- من نحو 4500 طن عام 2005م إلى 6700 طن العام الماضي، وفق التقرير.<BR>وساهمت أفغانستان العام الماضي بنحو 92% من إجمالي إنتاج العالم من المادة المخدرة، بارتفاع بلغ 70% عن إنتاجها عام 2000، و52% زيادة عن معدل العقد الماضي.<BR>وتوسعت مناطق زراعة المخدرات في البلاد من 257 ألف فدان عام 2005 إلى 407 ألف فدان العام الماضي- أي بزيادة قدرها 59%.<BR>وذكرتني الأخبار الآنفة تهماً قديمة كانت تروج لها الإدارة الأمريكية ضد حكومة طالبان، وكان مما جاء في التهم الأمريكية أن "حركة طالبان الحاكمة في أفغانستان تدعم زراعة الأفيون في أفغانستان على الرغم من قول طالبان إنها تمنع زراعته"، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية: "إن طالبان استفادت مباشرة من الضرائب التي تتقاضاها عن محصول الأفيون، كما استفادت بصورة غير مباشرة من عمليات تصنيع الأفيون وبيعه"، وأضافت: "إن طالبان تنفق هذا الدخل في مساندة الإرهاب الدولي".<BR>والعجيب أن هذه التهمة وجدت رواجاً في الإعلام العربي إذ ذاك، فكم من رجل قام في صحفنا ومجلاتنا بشن حملة على طالبان كان من جملة حيثياتها انتشار المخدرات. ولم تكن إذاك تشفع لطالبان حملاتها المعلنة ضد زراعة الخشخاش، ولم تخف الحملة على تلك الحكومة حتى بعد سقوطها، مع أنه ما أن بدأ حلف الشمال يكسب أراض في تلك البلاد حتى تنامت الأنباء بأن التحالف قد غدى "أكبر منتج للأفيون في البلاد، وذلك عقب نجاح الحملة التي شنتها حركة طالبان ضد زراعة الخشخاش في خفض الإنتاج العالمي من مادة الأفيون المخدرة بنسبة 60%"، بل قال آن ذاك محمد أمير خيزي (كبير مستشاري مكتب الأمم المتحدة الخاص بالسيطرة على المخدرات): "إن التحالف الشمالي، الذي يحظى بدعم أمريكي في الحرب التي يخوضها ضد قوات حركة طالبان، أنتج زهاء 150 طناً من مادة الأفيون في العام الجاري". يعني: (على عينك يا تاجر) فتلك الكميات ترصد وتحسب وتوزن تحت رعاية الحلفاء!<BR>ومع ذلك فقد كان الإعلام الغربي يروج لحملته ضد طالبان بأمور منها الحد من ترويج طالبان للسموم والمبيدات البشرية!<BR>ثم لمّا استقر الأمر للحلفاء تناقلت وكالات الأنباء -قبل أشهر قليلة- على استحياء خبراً نصه: "تعرضت قوات حلف شمال الأطلنطي الناتو في أفغانستان لانتقادات لبثها إعلانات مدفوعة في إحدى الإذاعات تحمل موافقة ضمنية على قيام الفلاحين بزراعة الأفيون"!<BR>وهذه صورة واحدة من صور لؤم الساسة الغربي ونفاقهم السياسي، وكذبهم على شعوبهم، وعلى المغفلين من أبناء المنطقة، وبالأخص أولئك الذين دربهم الغربي على رمي الكلمة ليتلقونها فيطيرون بها ويذيعونها، كالكلب ترمى له القطعة الفارغة فيسرع إليها يتلقاها محركاً ذيله مغتبطاً بإنجازه العظيم!<BR>وللأسف فإن هذا النهج الغربي في تشويه من يريدون تسويغ الاعتداء الغاشم عليه قديم، وفي القرآن الكريم قص الله تعالى مقال فرعون: "ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدّل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد" سبحان الله! "أليست هي بعينها كلمة كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح؟ أليست هي بعينها كلمة الباطل الكالح عن وجه الحق الجميل؟ أليست هي بعينها كلمة الخداع الخبيث لإثارة الخواطر في وجه الإيمان الهادئ؟ إنه منطق واحد يتكرر كلما التقى الحق والباطل، والإيمان والكفر، والصلاح والطغيان، على توالي الزمان واختلاف المكان؛ والقصة قديمة مكررة تعرِض بين الحين والحين"!<BR>وإن تعجب فعجب من قوم سوء فاسقين استخفهم فرعون قديماً فأطاعوه، وتستخف أشباههم أمريكا حديثاً!<BR>حتى غدت لفظة طالبان وديارها عند بعضهم مدرجة في قاموس الشتائم! <BR>ومن الفضلاء من دفعه التلبيس العالمي إلى تعظيم أمور ربما كان لها وجود على نطاق فردي وليست بمنهج مرضي لمجموع القوم فحسبها على القوم جميعاً، والحديث في هذا الصدد يطول، جاء هنا عرضاً، وإنما الغرض التنبيه على ديدن الغرب في التحَرُّش بمن أرادوا الاعتداء عليه عن طريق تهم يرمونه بها، هو منها براء في الجملة بينما هم أحق بها وأهلها، يرمون بدائهم ثم ينسلون، ويتهمون بجرمهم غيرهم ثم يحرضون عليه ويحاربون.<BR>وما تقرير مخدرات العالم إلاّ أنموذج لحالة طالبان، والنماذج كثيرة، والناس لا تزال تذكر كيف مهد الغرب لغزو العراق بعد أن خَوَّف الناس من دهياء مهلكة يمتلكها النظام العراقي، وكان بعض مغفلي الإعلام يردد ما يقوله الغرب، وهم يعلمون أن الترسانة الغربية ممتلئة بتلك الأسلحة البيولوجية والكيميائية، بل والنووية، حتى جاء الغزو الأمريكي وتكشف الأمر بعدُ عن استخدامهم فيه أسلحة محظورة، كان من جملتها أسلحة الإبادة الفسفورية.<BR>واليوم توجه تهم شبيهة للحكومة السودانية بارتكاب جرائم وفظائع في دار فور، ويتناقل الإعلام الغربي والعربي إحصائيات الغربيين المهولة دون تمحيص وكأنها وحي منـزل! ونخشى أن يأتي اليوم الذي تَصْدُقُ فيه تلك الأرقام على أيدي المنقذين أصحاب الصواريخ الذكية!<BR>وحينها سوف يقال: رعى الله عهدك يا بشير!<BR><BR><br>