بين تكريم رشدي ومنع سلمان
7 جمادى الثانية 1428
إبراهيم الأزرق

[email protected]<BR><BR>لفت نظري قبل أيامٍ خبر منع المكتب الفيدرالي للشرطة السويسرية الشيخَ سلمانَ بنَ فهدٍ العودةَ –وفقه الله- من دخول فضيلته الأراضي السويسرية، والحجة المرسلة من الغرب أن الشيخ سلمان: "واحدٌ من كبار النافذين لدى التيار الإسلامي الأصوليّ للوهّابية بالمملكة العربية السعودية"، ومضت على الخبر أيام ثم رعى انتباهي خبراً آخر مفاده تكريم الملكة البريطانية لصاحب آيات شيطانية سلمان رشدي، وخلعها عليه لقب الفارس.<BR><BR>وحينها عجبت ممن لا يزالون يحسنون الظن بالغرب، ويجهلون على الرغم من تجلية الأحداث والوقائع يوماً بعد يوم معايير الغرب التي يقيم بها الإسلام المعتدل الذي يريد، والأصولية الإرهابية التي يحارب!<BR>فرجل مثل الشيخ سلمان العودة يمنع من الدخول ويوصم بالإرهاب، وآخر مثل سلمان رشدي تخلع عليه الألقاب ويقدم للجوائز الغربية، بل ينال لقب الفارس وهو الهارب الفارُّ من مجتمعه وبيئته إلى الغرب، إن هذا لأمر عجاب! <BR><BR>قد يعترض بعض المساكين بأن هاتين حادثتين شاذتين نادتين نتيجة لسوء تصورات وملابسات معينة، ولاينمان عن مقايس غربي للتطرف والإرهاب، ولاشك أن مثل هذا الاعتراض يدل على غفلة قائله أو تغافله، إذ ليست هذه هي المرة الأولى التي يتهم فيها الغرب الشيخ سلمان العودة وأمثاله بالإرهاب، وهذا يعرفه كل من متابع لما تبِع شنشنة الإرهاب في الغرب بعد الحادي عشر من سبتمبر، ونظر في المحاكمات والمصادرات والدعاوى التي طالت الشيخ سلمان وغيره، فلو رجعنا بالذاكرة قليلاً أعقاب الحادي عشر من سبتمبر لوجدنا أن الشيخ سلمان نفسه قد أدرج ضمن قائمة المتهمين في تلك الأحداث ورفعت ضده دعاوى، أما المؤسسات الخيرية التي أغلقت، والشخصيات الإسلامية المعتدلة التي صفدت –وبعضها في جونتناموا- أو طردت فأكثر من أن تحصر هنا.<BR><BR>وبالمقابل فليست هذه هي المرة الأولى التي يرشح فيها سلمان رشدي لجائزة غربية.<BR>فقد رشح هذا الرجل لجائزة الكومنولث وخسرها أمام الجنوب أفريقي جي إم كوتسي.<BR>ورشح كذلك لجائزة نوبل للآداب عام 2002م، بيد أن القوم وجدوا أن اليهودي "كريتش" أولى منه ولاسيما مع قصصه التي يبدي فيها سعادته الغامرة برؤية النجمة السداسية على الدبابات الإسرائيلية المجتاحة للأرضي الفلسطينية، والتي تماثل تلك النجمة الذهبية المتدلية من سلسلة على صدره!<BR>ثم جاءت الجائزة البريطانية لتمنح لقب الفارس لرشدي على كتابه آيات شيطانية الذي نال فيه من القرآن والإسلام ونبي الإسلام، وتلك هي الفروسية! ليؤكد لنا هذا الحدث أن منح الجائزة وخلع اللقب ناتج عن اختيار وتأمل يتفق مع المعاير الغربية التي دلت عليها قضايا سابقة، كما أكد ذلك من قبل نيل ثلة مثل رشدي من منتسبي الإسلام المتهَمِين لبعض جوائز معايير الغرب الثقافية.<BR><BR>إذن فالمعايير الغربية التي تندد بالإرهاب، وتحارب الإسلام المتطرف، تنظر إلى الشيخ سلمان العودة كأحد رموز التطرف والإرهاب.<BR>بينما الذي يمثل الإسلام المعتدل، والثقافة الناضجة المنفتحة التي يريدون هم أمثال سلمان رشدي.<BR>فماذا يقول هؤلاء وبأي إسلام يريدون أن يدين الناس؟<BR><BR>جاء في خبر نشرته هيئة الإذاعة البريطانية نقلاً عن مقالة لسلمان رشدي نشرها في التايمز البريطانية ما نصه:<BR>"يقول الكاتب البريطاني المسلم: إن النظر إلى القرآن بوصف تعاليمه صالحة لكل زمن يضع الإسلام والمسلمين في سجن حديدي جامد، وإنه من الأفضل اعتباره وثيقة تاريخية.<BR>وقال رشدي: (إذا ما تم اعتبار القرآن وثيقة تاريخية، سيكون من الشرعي إعادة تفسيره بشكل يتناسب مع الظروف الجديدة والعصر الحديث... ووقتها وأخيرا يمكن للقوانين التي وضعت للقرن السابع أن تفسح مجالاً لاحتياجات القرن الحادي والعشرين)...<BR>وقال سلمان رشدي: (الإصلاح الإسلامي يجب أن يبدأ من هنا، بقبول كافة الأفكار.وحتى المقدس من الأفكار الدينية يجب أن يتكيف ويتغير وفقاً للواقع)" ، نعوذ بالله من الكفر والخذلان.<BR>ونحن لا ننكر أن الغرب يريد القضاء على الإرهاب المذموم، ولكن من السذاجة بمكان أن نعتقد أن الإرهاب المحرم عندنا هو غاية ما يعنونه بالتطرف والإرهاب، فنحن وإن اتفقنا معهم في ذم جزء يسير من الإرهاب إلاّ أن دائرته الواسعة عندهم أو على الأقل عند المتحكمين منهم تشملنا، وهذا ما تؤكده الوقائع وتفصح عنه الأحداث، ويختلف بسبه تصنيف مثل حماس تنظيم إرهابي!<BR>ألا فليع المغفلون ذلك قبل أن يأتي يوم حربهم، والقضاء عليهم باسم التطرف والإرهاب، بعد أن يستعملهم الغرب في حفر قبورهم بأيديهم وجهلهم.<BR><BR><br>