برلمان العراق وإجازة الصيف والسيادة
23 ربيع الثاني 1428

إذا كان شر البلية ما يضحك, فإن من المبكيات في العراق المنكوب ما تدفع بالمراقب للشأن العراقي والذي تكاد تذهب نفسه حسرات على ما آلت إليه أوضاع هذا البلد المنكوب باحتلال غاشم وحفنة من الساقطين سياسيا من الذين ارتضوا أن يكونوا غطاءا للاحتلال وأغلالا على الوطن الذبيح, إلى السخرية الممزوجة بالمرارة والألم. أخر فصول الكوميديا السوداء والتي تتوالى تباعا على المسرح السياسي العراقي ما ورد في الأنباء بأن أعضاء في مجلس النواب العراقي قد استنكرو ما اعتبروه «تدخلا» من جانب الإدارة الأميركية في عطلتهم الصيفية، والضغط عليهم لقطعها بغية المصادقة على مشاريع قوانين تعتبرها واشنطن مهمة. <BR>وكان البيت الأبيض قد أعلن أن إدارة الرئيس جورج بوش تحض البرلمان العراقي على إعادة النظر في مشروع أحيل عليه، ويقضي بأخذ إجازة خلال الصيف، وخصوصا أن ثمة مشاريع قوانين عاجلة تتطلب إقرارها. وكان غوردون جوندرو المتحدث باسم البيت الأبيض قد قال بأن أخذ الإجازة الصيفية قد يبعث بـ«إشارة سيئة ليس فقط للمجتمع الدولي بل للشعب العراقي أيضا». غير أن عددا من النواب حذروا من أن الضغط الذي تمارسه واشنطن على البرلمان العراقي، قد يولد نوعا من الإصرار من قبل الأحزاب السياسية على أخذ الإجازة الصيفية التي تستمر لشهرين، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. واعتبر النائب محمود عثمان عن الكتلة الكردستانية، هذا الموقف الأميركي «تدخلا لا موجب له»، مؤكدا أن «البرلمان يشعر بالمسؤولية، وإذا رأى هناك حاجة لتشريع قوانين ملحة فمن المحتمل ألا يأخذ عطلة». وأضاف «أرى هذا التدخل غريبا وقد تكون له نتائج عكسية». ورأى خالد العطية النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي والعضو في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي يتزعمه الحكيم، بأن اخذ عطلة صيفية «شأن داخلي، والمجلس هو الذي يقررها أو يلغيها». من جانبه، قال وائل عبد اللطيف النائب عن القائمة العراقية أن القرار في هذه المسألة «يجب أن ينطلق من البرلمان وليس من خارجه». <BR>هؤلاء هم سياسيو الاحتلال وصنيعته من خلال عمليته المسخ والتي أُطلق عليها زورا وبهتانا العملية السياسية, والتي جاءت بسياسيين لا يفكرون بأبعد من مصالحهم الشخصية ونزواتهم وغرائزهم السياسية ولو كانت على حساب البلد الذين يزعمون الانتماء إليه وعلى حساب مستقبله وأمن مواطنيه وحياتهم وحاجاتهم الأساسية. الكونغرس الأمريكي في حالة من التجاذب والمناقشات النارية والتي تتناول الشأن العراقي حرصا من المشرعين الأمريكيين على المصالح الأمريكية ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الهزيمة العسكرية الأمريكية في العراق, فيما أعضاء البرلمان العراقي يسعون ويجاهدون للحصول على إجازة صيفية ممتعة فيما المفخخات تهز العراق, والجثث تملأ الشوراع والأزقة , والجوع ونقص الدواء يطحن الغالبية العظمى من الشعب العراقي, ومستقبل البلاد في مهب الإعصار تتنازعه وتتجاذبه طموح إيراني وجموح أمريكي وأحقاد صهيونية.<BR>لم يتذكر البرلمانيون العراقيون الشأن الداخلي, وهم والحكومة العراقية أخر من يعلم بزيارة المسئولين الأمريكيين وغيرهم لبلادهم, بل ولا يملكون من أمرهم شورى نقير, هم ضيوف بلا إرادة رهن المنطقة الخضراء-السوداء يتعرضون للتفتيش وقد تتعرض زميلاتهم في البرلمان للتحرش من الحرس الأمريكي كما ذكر بعض البرلمانيين سابقا. قوات احتلال تتحكم بالبلاد وقدراته, مؤتمرات دولية تعقد بين المتنافسين على النفوذ والمصالح في العراق الأمريكي-الفارسي "الجديد", كل ذلك وأكثر منه لا يستدعى من النواب تذكر مسألة الشأن الداخلي, غير أن إجازة الصيف الطويلة حركت مراجل النواب ومن كل الاتجاهات الكردية و"الإسلامية" وغيرهم. فهل يحاول البرلمانيون من سياسي الاحتلال الهروب من العراق بحجة الإجازة الصيفية وهم يشاهدون قوات الاحتلال تترنح وهى تتلقى الضربات الموجعات من المقاومة العراقية وقد تبدأ بهروبها الكبير بأبكر مما يتوقع الكثيرون؟؟!!<BR>الحكومة العراقية والتي يهيمن عليها "الإسلاميون!!!", وائتلافهم الذي باركه المرجع السيستاني, هذا التجمع والذي كان يدعوا ويتبجح بالمقاومة السلمية والسياسية لإنهاء الاحتلال, هو الآن من يحتج على الكونغرس الأمريكي لأنه يطلب جدولة انسحاب قوات الاحتلال من العراق. نعم هم يخافون من انسحاب الاحتلال لأنهم يعلمون أن الشعب العراقي والذي عاني من فسادهم وإفسادهم وتسلطهم على مقدارت الوطن وتفقيره وحرمان المواطن ومن كل المذاهب والأعراق من المقومات الأساسية للحياة في حدها الأدنى, قد نبذهم واعتبرهم السبب الرئيس لمعاناته ومآسيه المتواصلة, وينتظر الفرص المناسبة ليعاقبهم ويثأر من تجاوزاتهم. فمن يرضى أن يكون دليلا ذليلا لقوات الاحتلال تحت أي مسمى لا يرتجى منه خير ولا يتوقع منه إلا ما يسوء ويشين.<BR><br>