الإعلام ونصرة أهل العراق
25 ذو القعدة 1427

السادة القائمون على هذا المؤتمر الموقر السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد ...<BR>بداية أشكر لكم دعوتي لحضور هذا المؤتمر العامر بأهل العلم والخبرة، وأشكر لكم اهتمامكم بعضو إسلامي عزيز على نفوسنا جميعاً، بل عضو كان رمزاً لخلافة إسلامية عريقة ومزدهرة على مدى قرون، فالأمم والكتل والشعوب الحية هي الحريصة على قراءة مبكرة للمعالم السياسية المحلية والمنطقوية والعالمية، أملاً في تجنب مطباتها أو توظيفها خدمة للصالح العام، وأنتم هنا أيها الجمع الكريم من شيوخ أفاضل ومثقفين ومفكرين ومناصرين لعراق الرشيد أعتقد جازماً أنكم تسعون إلى تحقيق هذا الهدف النبيل، فالله أسأله أن يضع ذلك في موازين حسناتكم يوم يشيب الولد وتضع كل ذات حمل حملها...<BR><BR>أيها الأخوة الأكارم ...<BR>ما أشبه الليلة بالبارحة، ويصر التاريخ إلا أن يعيد نفسه في أحايين كثيرة بشكل استنساخي أو بشكل قريب منه، فها هي الهجمة الصليبية الصفوية تعود من جديد، والتاريخ يذكر لنا شواهد وشواهد أنتم أعلم بها مني .... <BR>عودة إلى الإعلام ونصرة أهل العراق ... فأقول سيل من الأخبار يتدفق على المشاهد والشعوب مما جعل هذا الدفق الإخباري والإعلامي حائلاً ومانعاً لفهم الصورة الأكبر والأشمل، كون أهمية الخبر ليست بذاتها فحسب ؛ وإنما في السياق الذي تُوضع فيه، نسمع كثيراً عن استخدامات للمثقاب وفرق الموت، واستهدافات رموز البلد من علماء وطلبة ومثقفين ومهنيين وحرفيين وطيارين وغيرهم، نسمع عن تدمير ممنهج لدوائر الأحوال المدنية، نسمع عن أنه لولا طهران لما سقطت كابول وبغداد، نسمع عن الحوزة الصامتة، نسمع عن اختراقات إيرانية فارسية للجسم العراقي العربي الأصيل، ونسمع و نسمع، ويسألونك ماذا نسمع ...، لكن ذلك كله لا يتم وضعه في سياق محدد يُمكّن الشعوب من فهم سياقات ما يجري، وذلك لتوحيد الرؤى وتوحيد المسار والتوجه نحو حل لما يجري ...<BR><BR>أردت في هذه الورقة المتواضعة أمام شيوخنا وعلمائنا وزملائنا الأفاضل أن أتحدث عن مسئوليات أربع بارزة متصلة بالمشهد الإعلامي العراقي، نقاط بإمكانها أن تكون بنظري محطات هامة في نصرة أهل السنة في العراق، في زمن غدا فيه ابن بغداد أقرب فيه إلى ابن دمشق والرياض واسطنبول وإسلام آباد منه إلى ابن النجف وكربلاء، وهو ما لا كنا نريده، أما وقد وقع، فعلى علماء الأمة ومفكريها أن يتعاملوا معه بحزم وجدية، فالأمر ليس بالهزل، إنه يطال المؤمنين والموحدين، هدم الكعبة أهون على الله من قتل أحدهم ...<BR>أيها الإخوة ... الأفاضل لقد كان القرنان التاسع عشر والعشرون قرنان للملهمين الذين ألهموا الأمم والشعوب، ونحن الآن ينبغي أن ننحاز لأمتنا وشعوبنا، فالله والتاريخ لن يرحمنا إن نحن خذلنا إخواننا بحجج واهية أوهى من بيوت العنكبوت، خذلان لن يقتصر على العراق وإنما ستمتد جروحه وحروبه إلى الدول المجاورة، وقد بدت معالمه في دمشق وغيرها من المدن السورية، أما المسؤوليات الأربع فهي : <BR><BR>1- مسؤولية العلماء والشيوخ : أعتقد أن لكل خطاب مفرداته ولغته وآلياته، وبالتالي لا يمكن خلط مفردات السياسي بالديني، وهنا أود أن أركز ولتسمحوا لي بالمصارحة أنه في أحايين كثيرة ما نلمس خلطاً بين الخطابين، فالشيخ أو العالم حين يصدر فتوى أو رأياً شرعياً بنظري المتواضع ينبغي أن تكون مفرداته واضحة بارزة ليست بحاجة إلى تأويل أو إرضاء لجهة ما، أما السياسي فذاك شأنه، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالعالم أو الشيخ حين يتحدث بمفردات الخطاب الديني والشرعي هو مبلّغ عن ربه، ينظر إلى الاستراتيجيات، والله أعلم بمن خلق، لا مثل السياسي الذي يكون اجتهاده شخصياً أولاً، وثانياً ربما ينظر إلى مصالح قد يراها مصالح وقد لا تكون ...<BR><BR>2- المسؤولية الثانية : وهي مسؤولية الحكومات العربية والإسلامية التي وضعت كثيراً من القيود الرقابية أو القانونية في وجه فضائيات عراقية سنية أرادت أن تنطلق من هنا وهناك، ولكن للأسف لم يُسمح لها بذلك، في حين نرى هوية الفضائيات الأخرى التي تنطلق من كل فج غير عميق هدفها إفساد العقول والقلوب، تجد الأبواب مشرعة في وجوهها ؛ بل ومدعوة على الرحب والسعة، فالمحطات التي تتحدث عن ما يجري في العراق لا تتعدى الرافدين وبغداد كقنوات متخصصة بالطبع، ولكنها قنوات وتحديداً قناة الرافدين بحاجة إلى دعم ومساندة مالية وتقنية وحكومية وكل أنواع الدعم والمساندة في هذا المجال ...<BR><BR>3- مسؤولية الإعلاميين : وهنا أتحدث عن مسؤولية مهنية تفرض عليهم وضع الخبر في سياقه، وعدم الخلط بين السياسي والإعلامي، وعدم الخوف من قول الشاذ في عالم غدا كثير من أحوالنا فيه شاذة للأسف، فحين تتحدث عما يجري لأهل السنة في العراق تتهم بالطائفية، وهي شرف أن ينتمي الشخص لطائفة أهل السنة والجماعة المنصورة بإذن الله تعالى، لكن ينبغي ألا يضخم في وسائل الإعلام فلان على حساب علان، ولا ننساق وراء تغطيات لتلفتنا عما يجري في فلسطين و العراق، ولا تكون تغطية معينة للتغطية على خطايا وجرائم أخرى ترتكب في بقعة أخرى، الصراحة ينبغي أن تكون شعار الجميع، ولا أحد فوق الإعلام الحر، أو فوق حق الشعوب في معرفة ما يجري، لكن للأسف ما يجري باسم عدم الطائفية والخوف منها أن فضائيات العالم العربي تحديداً لا تتطرق إلى ما يجري حقيقة في العراق، في حين نلمس السم الزعاف في فضائيات طائفية ظهر فحيحها أخيراً .... كما نرى أن الكثير يتحرج من الحديث عن الحرب الطائفية وهي واقعة بلا شك، فما يجري من تهجير لسنة البصرة وبغداد، وما يجري من تغيير الخريطة السكانية للعراق، ولنتذكر العراق قبل مائتي سنة أو أقل، كيف كانت الأغلبية العظمى من أهل السنة، ينبغي تسمية الأمور بمسمياتها، فما فعله مقتدى الصدر وجيشه لم يتم التطرق إليه لا من قبيل وسائل الإعلام والإعلاميين، ولا حتى من المشايخ والعلماء بالذي يستحقه، فقد أمعن القتل والتشريد بأهل السنة ...<BR><BR>4- المسؤولية الرابعة : مسئولية الشعوب، وهي هنا مسؤولة أكثر من أي وقت مضى بما يتصل بالجانب الإعلامي ومعرفة الواقع على الأقل، فالإنترنت لم يدع عذراً لأحد، ومواقع المقاومة ونشر الواقع العراقي لم يعد مبرراً لأحد أن يقول إنه يجهل تفاصيل ما يجري في العراق، ربما غدت الحرب في العراق الأولى من نوعها التي تُنقل عبر الإنترنت، فأشرطة المقاومة تنقلها الفضائيات من الإنترنت، وضع دفع نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني إلى وصفه أن المقاومة العراقية تفوقت على الأميركيين في الإنترنت والحرب الإعلامية، وهو ما أرغم الأميركيين على تأسيس وحدة إعلامية لمكافحة دفق المقاومة العراقية المعلوماتي ...<BR><BR>فالإنترنت غدا سلاح الفقراء من الإعلاميين، إذ بإمكان أي شخص أن يدخل عليه ويتعرف على ما يجري، بل ويشارك برأيه، وربما كثير من المواقع العربية يرتادها ويقرؤها أكثر مما يُقرأ لصحف عربية نافذة . <BR>لا أريد أن أدخل في تفاصيل مطالبتكم بوضع قرارات مناشدات لنصرة أهل السنة في العراق، كل ما أريد أن أطالبكم به هو الشجاعة والتحلي بها في قول الحق والجهر به، دون مواربة أو مداراة لأحد، فالناس تُعرف في مثل هذه الظروف الحرجة، وسيذكر التاريخ فيما إذا كنا نصرنا العراق وأهله وسنته أم أننا أسلمناهم وخذلناهم ..<BR><BR>أخيراً إن كان لي نصيحة للشيعة في العراق ؛ فأقول لهم : إن إيران تستخدمهم كحصان طروادة، كما فعلت في حزب الله لحساباتها الداخلية والأميركية، وبالتالي فعليكم أهل الشيعة في العراق أن تدركوا أن احتلال بغداد ليس نهاية التاريخ، وأنكم تعيشون في جزيرة محيطها العالم السني، وحرائق بغداد على أهل السنة لن تقتصر أبداً على بغداد، فستمتد إلى كل بقعة فيها سنة وشيعة وأنتم الخاسرون، فالعالم الإسلامي الذي هو في غالبيته العظمى من السنة، لا يود احتكاكات مع الشيعة، والتاريخ البعيد والقريب يدل على ذلك ... <BR>في النهاية، فالله أسأله أن يوفقكم لخدمة دينه أولاً، ثم يوفقكم لخدمة العراق وشعبه، كما أسأله أن ينعقد مؤتمركم القادم هذا في عاصمة الرافدين، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ... <BR>والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته <BR><br>