ضرورة الوحدة الإسلامية مقابل الحرب البابوية
25 شعبان 1427

إذا كان إظهار الغضب مما أبداه بابا روما من فيه بما كشف عن بعض ما يخفيه صدره من الإسلام وأهله هو أول الدرج، فإن تفعيل موقف وحدوي ناهض في مقابل هذا الاعتداء العقدي السافر والتقديم لحملة عدوانية والتسويق لها باسم الدين هو سقف طموحات المسلمين اليوم وهم يعالجون حملة باباوية جديدة تشرف بالصليب على جيوش العدوان الأوروأمريكي بقيادة صهيونية مسيحية مزدوجة.. أو لنكن واضحين أكثر من غير أن ننتقص من فورة الغضب ولا نساهم من حيث لا نريد في إخماد جذوتها؛ فنقول إن الأمة الإسلامية وهي تعاني فرقة واختلافاً قاصماً لأظهر أبنائها وتسلطاً على شعوبها من فرسان الصليب الجدد، تواقة لأكثر من بيانات تنديد أو مطالبات بالاعتذار. <BR>إن الفاتيكان وكبير كهنته لم ولن يعتذر، وسالف تجاربنا في الدنمارك وغير الدنمارك لا تبشر بغير ذلك، فمبلغ الأسف لن يجاوز اتهامنا المزمن بالغباء وسوء الفهم، لأننا قد "أسأنا فهم عبارات البابا" أو "فسرناها على نحو لم يقصده البابا" وسيكون الأسف لكوننا قوم جهل وغباء لم نفهم ما قاله "الحبر الأعظم"!! <BR>إننا في الحقيقة مدعوون لأن نتخذ موقفاً عملياً من هرطقة البابا وترهاته يقفز فوق المطالبة باعتذار بينديكت السادس عشر من قبل وجهائنا واستجداء الاعتذار من قبل محدودي العزة من بعض مثقفينا، ويحدد أولويات الأمة في هذا المنعرج الوعر الذي تمر به تحوطها المخاطر من كل جانب والاعتداءات المتنوعة أيديولوجياً وعسكرياً وسياسياً وثقافياً واجتماعياً، ذاك أن أبرز ما يمكن قراءته من هذه الهجمة أنها محاولة لتقريب الموقف سعياً وراء تطابقه بين القارة العجوز الأوروبية وأمريكا وتوحيد موقفهما من الإسلام وأهله فيما كثير من المسلمين ذاهلون عن خطورة ما نبست به شفاه الشر الباباوية، إننا إن تتبعنا الخط السياسي للفاتيكان منذ عقود لن نخطئ هذا التجييش الذي تبدت ملامحه القمئة الآن وبأشد أمارات الإعلان والإظهار. <BR>ليست كلمات البابا إلا قذائف لا تقل في عدوانيتها عن قذائف الآلة الحربية الصهيوأمريكية المدمرة، أو لنقل إنها بوق العدوان المشرعن له، فيما الساحة الإسلامية بعدُ خالية من أي محاولة جادة فاعلة في توحيد الصف الإسلامي ورأب الصدع بين فصائل هذه الأمة وعلمائها، وما لم تنجل هذه الأزمة عن تنشيط الوعي الإسلامي برمته مما يدور لا من خلف الكواليس هذه المرة وإنما على خشبة المسرح العالمي ذاتها حيث الجمهور المسلم يشهد حد السيوف والتوطئة للاعتداء على المسلمين إن في أوروبا أو في غيرها.. <BR>وما لنا لا ندق النواقيس، والخطر يقترب حثيثاً، والطبول تقرع والموعد يقترب، ولازم أن نولي الأمر ما يستحقه من الاهتمام لا من أجل تسيير المظاهرات وتدبيج الخطب والمقالات وإنما سعياً خلف اصطفاف أصبح آكد من أي وقت مضى، لاسيما وخرائط التقسيم ومشاريع الاحتلال لم تعد في الأدراج بل وضعت أمامنا على المناضد.. <BR>ولكي نتجاوز الخطاب الإنشائي، نقف على أبرز ما خلفته هذه الكلمات التي خرجت من فم بابا روما: <BR>[] الرجل لم تسبقه كلماته إلى تسعير الموقف وإشعاله، وإنما اختار توقيته بدقة، مترافقاً مع إرادة فاتيكانية في لم شمل الكاثوليك مع البروتستانت أو بعبارة أخرى أوروبا القديمة وأمريكا (أبرز الدول المعنية: ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية) في حرب تشن على المسلمين لا مجال فيها لتعارض المصالح. <BR>الآن أيها الرفاق.. الولايات المتحدة وبريطانيا وهما يعانيان أزمة احتلال حقيقية غلت أيديهما عن تفعيل مشروعهما الإمبراطوري الصهيومسيحي بحاجة إلى دعم غير محدود من القارة العجوز لابد وأن تبذله هذه القارة وتشارك في فاتورة الحرب الحالية واللاحقة بحظ وافر تروج له أيديولوجية متعصبة ثائرة في وجه العدو المزمن/ الإسلام. <BR>[] لا يمكننا أن نخلع هذه الكلمات العدوانية من سياق آخذ في الركوع الفاتيكاني المطرد لليهود يوماً بعد يوم، بدأ يظهر بقوة إبان فترة البابا السابق يوحنا بولس اليهودي الأصل ـ وفقاً لرواية مسيحية أردنية ـ الذي برأ اليهود من دم المسيح (في عقيدتنا أن المسيح رفعه الله رغم إرادة اليهود في قتله بل وافتخارهم بأنهم زعماً قد فعلوا ذلك "وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم"). <BR>الخط البياني آخذ في الصعود باتجاه مزج الكاثوليكية وقد بدأ يأخذ حدة الارتفاع بعد اغتيال البابا قبل الماضي بوضع السم له ثم اختيار كاهن روما من أصل يهودي للقيام بعملية التقريب هذه ثم خلافته بصديق مقرب إليه ساهم معه بقوة في تقويض الشيوعية هو جوزيف راتسينجر الذي تسمى باسم بنديكت السادس عشر، وقام في خلال عام ونصف العام بعدة فعاليات في اتجاه التقريب نستطيع إيجاز أبرز ما فيها فيما يلي: <BR>1 ـ التقى البابا حاخامين يهوديين بروما يوم الاحتفال بالذكرى الأربعين لإصدار الفاتيكان وثيقة تتعلق بالعلاقات مع اليهود(15 سبتمبر العام الماضي) ، والتقى الحاخام الأكبر لروما في يناير الماضي ودعا اليهود والمسيحيين إلى تشكيل اتحاد لمكافحة الحقد، وراسل الحاخام الأكبر في الكيان الصهيوني، طالبه فيها بالاستمرار في التعاون المشترك بين المسئولين عن تسيير الشئون الدينية اليهودية والمسيحية في العالم، استمرارًا لنهج سلفه يوحنا بولس الثاني.( 8 إبريل الماضي).<BR>2 ـ زار كنيساً يهودياً فور توليه منصبه ليعد الثاني بعد سلفه الذي يفعل ذلك على مدى تاريخ الكاثوليكية (لم تمض مدة طويلة كتلك التي أمضاها يوحنا بولس قبل أن يتغلب على خوفه ويزورها لأن سلفه كان قد عبد له الطريق فمضى به وأكمل المسيرة وبدأ من حيث انتهى سلفه). كان له السبق في دعوة رئيس صهيوني للفاتيكان قبل مضي عام من توليه منصبه.<BR>3 ـ لفت نظر زواره من اليهود بأن عام 2006 يشهد الاحتفال بالعام الرابع على إعلان "نوسترا ايتيا" الذي صادق عليه المجمع الكنسي الثاني، والذي ينص على أن العلاقة بين اليهودية والكنيسة الكاثوليكية علاقة فريدة حيث إن أصول الديانة المسيحية تعود لجذور يهودية. وقال لهم: إن "الكنيسة الكاثوليكية سوف تعمل من أجل مزيد من العلاقات الوطيدة مع اليهود، بعد تاريخ مؤلم من العلاقات, لكن اليهود والمسيحيين يسيرون في طريق جديد"<BR> (15 نوفمبر الماضي)، <BR>4 ـ اعترض على احتجاجات سياسية عادية جداً تمس اليهود بحجة معاداة السامية، فقد طالب القساوسة التابعين للفاتيكان باتخاذ إجراءات جذرية للاحتجاج على إذاعة بولندية اعترضت على الابتزاز اليهودي لبلادهم بطلبات التعويض ضد ما قيل عن نزع ملكيتهم إبان الحرب العالمية الثانية، وجعل ذلك بمثابة "معاداة السامية"( 7 إبريل الماضي)، هذه المعاداة التي أعرب عن قلقه أيضاً منها في بيان عاجل أصدره الفاتيكان في أعقاب مظاهرة جرت في مدينة ميلانو الإيطالية احتجاجاً على المجازر الصهيونية بحق المسلمين في فلسطين.<BR><BR>[] اختير بابا الفاتيكان السابق من أهم دولة أوروبية شيوعية وأكثرها تعداداً سكانياً وهي بولندة البالغ تعدادها نحو 38 ألف نسمة.. كان يهودياً تنصر بظروف غامضة وأصبح راهباً من ثم وأوصل إلى الفاتكيان الذي كان باباواته من إيطاليا دوماً، وتعامل مع الاستخبارات الأمريكية مثلما هو متواتر لدى الجميع من أجل إسقاط الشيوعية وتمهيد الطريق للإمبراطورية الصهيوأمريكية، واختير بابا الفاتيكان الحالي من أكاديميي جامعات ألمانيا اللاهوتية ليكون بمثابة القنطرة التي تعبر منها ألمانيا إلى مساحة التنسيق الكامل مع الصهيومسيحية الجديدة، فالتقى البابا بأحبار ألمانيا في 10 مارس الماضي، ومضى بطريق التأثير على السياسة الألمانية الجديدة التي تقودها ميريكل بعد إطاحة جورهارد شرودر، وكان مفهوماً أن يأتي الدفاع عن البابا أول ما يأتي من برلين مثلما احتضنت وارسو البابا السابق، وقلب طاولة السياسة في وجه الشيوعية بواسطة منظمة تضامن البولندية منها. <BR>(مجلة ذي بلد أم سونتاج الألمانية كشفت في 3 أكتوبر الماضي عن أن أجهزة الاستخبارات الألمانية الشرقية كانت تراقب البابا الحالي بشدة لدوره الخطير في تقويض أركان الشيوعية، لاسيما وهو كان من دعاة توحيد ألمانيا قبل أن يسقط جدار برلين في تسعينات القرن الماضي).<BR><BR>[] أتت انتقادات البابا للعقيدة الإسلامية بعد خمس سنوات من ورود كلمة "الحرب الصليبية" للمرة الأولى على لسان (رئيس الولايات المتحدة الأمريكية) جورج بوش لتوصيف حربه التي شنها على المسلمين في أكثر من دولة من مجموع 60 دولة "إرهابية" (هم للمصادفة عدد الدول الإسلامية تقريبا!!)، وقبل مرور نحو شهر على إعلان الرئيس الأمريكي الحرب على ما أسماه الفاشية الإسلامية، وقبل أقل من عام مر على أزمة الرسوم الدنماركية المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم والتي أشعل أوارها اليهود الذين اتخذوا من نجمة داود شعاراً للصحيفة المسيئة.<BR><BR>[] اتحدت ردود الأفعال الإسلامية في التنديد بما قاله البابا، لكنها تكاد تكون وقفت حتى الآن عند حيز الاحتجاج، وهذه الاحتجاجات بطبيعة الحال لم تكن كافية لجعل البابا يعتذر عما بدر منه.. ونخشى أن نقف عند هذا منها، ولكم يود المرء أن تتنوع ردود الأفعال، لا بل أن تستثمر لجلب الخير لهذه الأمة، لاسيما ولدى الأمة الإسلامية ما يبشرها من قول الله عز وجل فيما رواه النبي _صلى الله عليه وسلم_ في الحديث القدسي: "من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب" فكيف لو كان هذا هو أكرم خلق الله عليه وأفضل الرسل جميعاً صلوات ربي وسلامه عليه، أولم نر فيما نعاصر من عادى الشيخ ياسين رحمه الله ـ ونحسبه من أهل الخير ـ كيف ارتكس في حياته فضاع ذكره ونساه الناس وهو ما زال حياً، فما عاد أحد يذكر اليوم شارون وهو ما زال على قيد الحياة.. إن مما يراه المرء بالغ الأهمية هو البناء على تداعيات هذا العدوان استثماراً له في عدة مجالات: <BR>فأولاً: في تشييد وقفة إسلامية جديدة ورائدة تتجاوز حيز الخلاف وتعبر إلى مساحة الوحدة والاتفاق، وهذا موقف للعلماء ينبغي أن يتخذوه وأن يكونوا حريصين على اهتبال هذه الفرصة السانحة التي تجعل الانضواء تحت راياتهم الجامعة أملاً للأمة الإسلامية جميعاً بعد أن عجزت كل المنظمات الإسلامية والعربية الرسمية عن تأكيد هذه الوحدة للأمة التي تتعرض لأشرس ما يمكن أن يتعرض له أبناء دين على وجه الأرض. <BR>وثانياً: في إطلاق حملة واعدة في قلب أوروبا التي جاء منها الهجوم الباباوي للتعريف بالخير العميم الذي جاء به رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ بآبائنا وأمهاتنا، من تحقيق العدل وحقن الدماء وما إلى ذلك، هذه الحملة التي ينبغي لها أن تعرف أنها ما أن تنطلق فإنها منصورة ومؤيدة ـ ما دامت مخلصة ـ بقول الله _عز وجل_ عن نبيه _صلى الله عليه وسلم_: " ورفعنا لك ذكرك ".<BR>وثالثاً: انبراء أصحاب الرأي القويم من أهل العلم من علماء علم مقارنة الأديان في إصدار بيان أو مصنف يرد فوراً على ترهات البابا وهرطقاته، والتي نذكر منها هنا على سبيل المثال كملاحظات أولية: <BR>1 ـ استشهاد البابا بكلام إمبراطور بيزنطي بدلاً من الاستشهاد بكلام عالم دين لاهوتي أو ما هو نحو ذلك، بما يؤشر لاضطراب في طرق الاستشهاد والاستنباط لديه وضعف الحجة الكنسية في هذا الخصوص. <BR>2 ـ ذهول البابا عن طبيعة القضية التي يعالجها وأنها دينية بحتة ـ وفقاً لمفهوم الكنيسة النمطي "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله"ـ فاستدعى حواراً بين إمبراطور بيزنطي ومثقف فارسي، وتجاهل ديانة الاثنين أو على الأقل لم يبرزها كمحل للاختلاف. <BR>3 ـ جهل البابا المطبق بأبجديات البحث العلمي، وهنا أرجع إلى نص كلامه حين قال:" من المؤكد أن الإمبراطور كان على علم بأن الآية 256 من السورة الثانية بالقرآن (سورة البقرة) تقول: لا إكراه في الدين.. إنها من أوائل السور، كما يقول لنا العارفون، وتعود للحقبة التي لم يكن لمحمد فيها سلطة ويخضع لتهديدات. ولكن الإمبراطور من المؤكد أيضا أنه كان على دراية بما ورد، في مرحلة لاحقة، في القرآن حول الحرب المقدسة"، فما خدعه به "العارفون" أو نسبه لهم بأن هذه السورة وتلك الآية لأنهما في أول المصحف هو يعني أنها من الحقبة المكية هو دليل جهل من البابا وعارفيه باختلاف ترتيب نزول القرآن عن ترتيب المصحف، فالسورة (وكذلك الآية) من السور المدنية والتي كان للنبي _صلى الله عليه وسلم_ فيها دولة، ولمزه لنبي الله _صلى الله عليه وسلم_ بأنه يخضع كتاب الله للحالة العسكرية والسياسية لا العكس هو إما صادر عن جهل أو سوء نية واضحين. <BR>4 ـ احتفل البابا كثيراً بعبارة الإمبراطور، وما وصفه بالسؤال المفاجئ وهو لا يعدو كونه سباباً لا يرقى لحدود أصول البحث العلمي:" أرني شيئا جديدا أتى به محمد، فلن تجد إلا ما هو شرير ولا إنساني، مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف". وما أراد البابا تمريره هنا هو أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يأت بخير ألبتة في رسالته، وهو ما ينافي اعتقاد الباباوات أنفسهم بأن الإسلام قد أخذ عن المسيحية أموراً كثيرة، فهل أخذ شرورها؟! <BR>5 ـ ما قاله البابا عن حمل الإسلام الناس على الإيمان به بالإكراه يحتاج لرد مبسط يأخذ بيده وبيد مستمعيه للحقيقة الحرة لهذا الدين واعتماده على الاقتناع في دخول الإسلام ليس إلا. <BR>6 ـ عار على الفاتيكان أن يقصر "توضيحه" لكلمات البابا على أنه لم ينقل كلامه هو وإنما نقل كلاماً لامبراطور بيزنطي قديم، وهو هنا كأنه يريد التنصل من مسؤولية هذا التهجم السافر على الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم، فمن يستمع لهذه العبارة يوقن بلا ريب أن البابا مؤيد بقوة لما قاله الإمبراطور ".. قال مانويل الثاني إنه ليس من العقل أن ألا يكون التحاور بالكلمة؛ لأن ذلك سيكون معارضا لطبيعة الرب، قال ذلك من خلال منظوره لصورة الرب المسيحية، لمحاوره الفارسي.. بهذه الكلمات وبهذا البعد من العقل ندعو لحوار الحضارات مع شركائنا"، فبهذه الكلمات يدعونا البابا إلى الحوار معه، فكيف لا تكون مطابقة لما يعتقد ويؤمن؟! <BR>7 ـ في ديننا الحنيف نعد أن أهل الكتاب هم أقرب لنا من الوثنيين، ولهذا فرح المؤمنون لما انتصر الروم على الفرس مثلما جاء بهذا القرآن الكريم في سورة الروم "... غلبت الروم في أدني الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله..." ، لكن البابا في المقابل ـ وهو يدعونا لحوار حضارات!! وتأمل الفارق البارز في حديثه عن اليهودية والإسلام فيما سبق ـ يعتبر أن الإغريقية القديمة هي أقرب إليه من الإسلام بل القاعدة المشتركة التي ينبغي أن تؤسس عليها الحوارات، قال البابا:".. "كان هناك تلاق بين الإيمان والعقل، بين التنوير الحقيقي والدين. مانويل الثاني (الإمبراطور البيزنطي الذي أشاد البابا سابقاً بتعلمه من الإغريقية مستشهداً بقول تيودور خوري العالم اللاهوتي" بالنسبة للإمبراطور وهو بيزنطي تعلم من الفلسفة الإغريقية، هذه المقولة واضحة" أ.هـ) كان يمكنه القول، من خلال الإحساس بطبيعة الإيمان المسيحي، وفي الوقت نفسه بطبيعة الفكر اليوناني الذي اختلط بالعقيدة وامتزج بها، من لا يتحاور بالكلمة فإنه يعارض طبيعة الرب". وهو أمر ينم عن تعصب شديد وتفضيل للوثنية على دين نزل من عند الله.<BR>8 ـ من المؤسف للبابا ـ قبل غيره ـ أن يدلل على عدم عقلانية الإسلام بزعمه بقول ابن حزم ويهاجمه بهذه الطريقة الفجة: "هنا يمكن ملاحظة أنه في نهايات العصر الوسيط ظهرت اتجاهات في التفسير الديني تجاوزت التركيبة اليونانية والمسيحية. فتميزت مواقف تقترب مما قاله ابن حزم وتتأسس على صورة تعسف الرب الذي لا يرتبط بحقيقة أو بخير." ولا يحتاج أحد هنا أن ينبه البابا المتحدث عن العقلانية في المسيحية أن ابن حزم العالم العظيم والوزير بدولة الأندلس التي كانت تقود البشرية جميعاً إلى ميادين العلم والمعرفة التي كانت جامعاتها تغص بطلابها هو أعلى كثيراً من أن تمسه اعتراضات تقدح في اهتمامه بالعقل لاسيما إن جاءت من هذا السبيل، فحيث كان ابن حزم يقود المعرفة في أوروبا كان بابوات أوروبا يقتلون العالم جاليليو لأنه أثبت كروية الأرض خلافاً لأهواء الباباوات.. <BR><BR>إن في الحقيقة ما أثار العجب هو أن أحداً في العالم الإسلامي هذه الأيام لا يكاد يتعرض لجهل باباوات أوروبا ولا إلى إلغائهم للعقل، ويحاول كثير من مثقفينا التفريق ـ خطأً ـ ما بين العدوان الغاشم الذي تشنه بلدان مسيحية وخط الفاتيكان نفسه وينتحلون للباباوات أعذاراً لا يستحقونها في الحقيقة، ويضربون صفحاً عن مسألة نشر المسيحية بالسيف في ربوع المعمورة الآن، ومع كل هذا تفارق حمرة الخجل وجه البابا فيهذي بهذه الكلمات!! <BR><br>