هل ينجح الخيار العسكري في ردع طموح إيران النووي؟
21 ربيع الأول 1427

أمام الولايات المتحدة خياران لا ثالث لهما _فيما يبدو_ أمام الملف النووي الإيراني.. فإما أن تصمت وتتغاضى عن تنامي المد النووي في إيران المدعومة من قبل دول شرقية وآسيوية.. أو فعل شيء ما لإيقاف هذا المد.. وإنهائه إلى الأبد..<BR>وطالما أن الخيار الأول من الصعب على دولة تحاول الحفاظ على أحقيتها في التفرد بالحكم.. وقصم الخصوم وعلى رأسهم دول "محور الشر".. والحفاظ على الثقل العسكري والنووي للكيان الصهيوني في منطقة تعج بالاضطرابات.. فإن الخيار الثاني يبدو الأكثر قبولاً وتوقعاً..<BR><BR>هذا على الأقل رأي معظم القادة السياسيين والإعلاميين الذين يرون أن التدخل الأمريكي – أياً كان نوعه – لإيقاف الطموح النووي الإيراني؛ قادم لا محالة.. فيما تبقى جزئية الطريقة التي ستقوم بها أمريكا.. وتوقيت ذلك.. مضرب التساؤل..<BR>الإعلام الأمريكي يؤكد بشكل مستمر على قرب التدخل الأمريكي في إيران.. وهو يرى أنه سيكون تدخلاً عسكرياً لا محالة.. خاصة مع وجود تجربة سابقة لصقور الإدارة الأمريكية الذين لا يزال الكثير منهم على رأس السلطة – وإن كان احتلال العراق لم يجد أصداءً واسعة في أمريكا لصالح حرب بوش فإن استطلاعات الرأي في أمريكا أعطت إدارة بوش 48% لصالح ضرب إيران.<BR><BR>سيمور هيرش (الصحفي الأمريكي المتخصص بالشؤون العسكرية الاستخباراتية)، والذي كانت له بصمة إعلامية في معظم التدخلات والحروب الأمريكية الأخيرة، نشر العديد من التحقيقات الصحفية في مجلة (نيويوركر) أكد فيها أن بوش يستعد لتدخل عسكري في إيران بحال فشلت الجهود الدولية هناك.<BR>من جهتهم، يصرّح القادة العسكريون والسياسيون في طهران على الدوام، أن بلادهم قادرة على ردع أي تدخل عسكري أمريكي وإلحاق خسائر في الكيان الصهيوني بحال تنفيذ أي هجوم على غرار الهجمات الجوية على المنشآت النووية العراقية عام 1981.. وهو ما يعكس بشكل واضح التوقع الإيراني الدائم لهذا التوجه الأمريكي المحتمل.<BR>روسيا والصين.. اللتان لديهما العديد من المصالح الاقتصادية والأمنية في إيران.. أعلنتا على الدوام رفضهما لأي تدخل عسكري في إيران.. بشكل يعكس توقعات مستمرة بذلك أيضاً.<BR>حتى الدول الغربية والعربية باتت تتحدث باستمرار عن أهمية تقديم الحوار والدبلوماسية على التدخل العسكري أو استخدام القوة في حل هذه الأزمة الجديدة في الشرق الأوسط.<BR><BR>.. ورغم ذلك فإن إيران تبدو وكأنها قد استعدت لكل ذلك فيما مضى..<BR>فالمفاوضات الدولية المستمرة في إطار الترويكا الأوربية السابقة (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا) أو المفاوضات السباعية الأخيرة (الدول دائمة العضوية وألمانيا وإيران) لم تستطع تقييد إيران في كل مرة حاولت أمريكا القيام بذلك.<BR>وهذه المفاوضات لم تعط إيران إلا مزيداً من الوقت لاستخدام أجهزة الطرد المركزية لإنتاج المزيد من اليورانيوم المخصب.<BR>حتى المفاوضات الثنائية مع روسيا؛ استغلتها إيران للحصول على دعم روسي مستمر، وعلى وقت هي بحاجته على الدوام..<BR><BR>في عام 1969 كان في نية تل أبيب استقدام حفارة للتنقيب عن النفط في سيناء مصر المحتلة آنذاك، وخوفاً من استهداف مصر لهذه الحفارة التي ستكون "إسرائيلية " بالدرجة الأولى.. قررت تل أبيب تنفيذ خطة تحرج فيها الحكومة المصرية وتمنعها من استهداف هذه الحفارة، وذلك عبر إشراك أكبر قدر ممكن من الدول الغربية النافذة في مشروعها.. لذلك استأجرت حفارة تملكها شركة أمريكية، قامت ببنائها شركة إنجليزية وتقوم بنقلها بحراً سفينة هولندية وستقف في دول أفريقية للتزود بالوقود قبل وصولها إلى ميناء "إسرائيلي"..<BR>ويبدو أن إيران نحت نفس المنحى في ذلك، حيث اختارت روسيا بالتحديد لإرساء مشروعات إقامة المنشآت النووية الإيرانية عليها من أجل إشراك روسيا في العملية النووية.. إذ إن أي قصف أمريكي أو "إسرائيلي" للمنشآت النووية الإيرانية سيعتبر استهدافاً لأرض إيرانية ولمشروع روسي حكومي.. ذلك أن الحكومة الروسية هي التي تولت الإشراف المباشر على بناء المفاعلات النووية في إيران..<BR><BR>فضلاً عن ذلك فإن إيران استغلت الوقت الذي انشغلت فيه الولايات المتحدة في مستنقع العراق، وانغماسها أكثر في أفغانستان لإعلانها النووي الجديد..<BR>واستبقت تقرير المدير العام لوكالة الطاقة الذرية أمام مجلس الأمن المقرر نهاية شهر أبريل.. مستخدمة دبلوماسيتها وعلاقاتها الخارجية في سبيل الحصول على عضوية كاملة بمنظمة تعاون شنغهاي (التي تضم روسيا والصين وكازاخستان وقيزخستان وطاجكستان وأوزبكستان).. حيث أعلنت المنظمة أنها قبلت عضوية إيران فيها – بعد أن كانت عضواً مراقباً فقط – مشيرة إلى أن إيران ستحضر اجتماع المنظمة القادم في 15 يونيو.<BR>ورغم أن منظمة تعاون شنغهاي التي تأسست في 15 يونيو 2001 ليست ذات طابع عسكري، إلا أن طابعها الأمني والاقتصادي يجعل من إيران حليفاً لتلك الدول التي تقف على الطرف الآخر من موقف أمريكا وحلفائها في أوروبا.<BR><BR>عسكرياً.. قامت إيران قبل أيام قليلة – مطلع شهر أبريل 2006 – بمناورات عسكرية واسعة النطاق في الخليج العربي، اشتركت فيها عدة ألوية وفرق عسكرية إيرانية أعلنت خلالها عن نجاح إطلاق ما وصفته أنه "أسرع صاروخ يطلق تحت الماء" من إنتاج وزارة الدفاع الإيرانية..<BR>كما أعلنت قبيل المناورات نجاح إطلاق صاروخ متعدد الرؤوس، يمكنه إصابة أكثر من هدف في آن واحد.. وأعلنت قبل ذلك نجاح إطلاق صواريخ متوسطة المدى..<BR>ورغم أن الولايات المتحدة حاولت التقليل من أهمية التجارب العسكرية الإيرانية إلا أن طهران أرادت إيصال رسالة إلى كل من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني بقدرتها العسكرية على الردع.<BR>كما أن فشل الاستخبارات الأمريكية في كشف تخصيب اليورانيوم على أراض إيرانية قبل الإعلان الإيراني لذلك.. سجّل إلى صالح التكتم والولاء داخل المنشآت النووية الإيرانية..<BR><BR>أمام ذلك.. تبدو طهران ماضية بخطى مستمرة نحو امتلاك التقنية النووية.. غير آبهة بالمحاذير الغربية.. خاصة وأن مجلس الأمن الدولي مضمون إيرانياً، عبر وجود صوتين وحقين للفيتو – روسي صيني – ضد أي فرض عقوبات على إيران، فالولايات المتحدة فشلت تماماً قبل إعلان طهران تخصيب اليورانيوم محلياً وبعده.. في استصدار أي قرار دولي يذكر بالإشارة فقط، أية عقوبات محتملة ضد إيران، أو يوجه أية رسالة تهديد لها.. بفضل المواقف الروسية والصينية الرافضة لذلك..<BR>أمريكا فشلت حتى الآن دولياً في ردع طهران عبر مجلس الأمن.. وفشلت – فيما يبدو – استخباراتياً في معرفة تفاصيل العمليات النووية في إيران، وفشلت ثالثة في تغيير النظام الحاكم في طهران خلال المدة الماضية.. فهل ينجح الخيار العسكري المرتقب؟<BR><br>