شارون: شلل كياسين وموت سريري كعرفات!!
6 ذو الحجه 1426

[email protected] <BR>من لي ببسمة شارون الآن، وهو يتحدث بشماتة بالغة عن اغتيال (شيخ المجاهدين الفلسطينيين) الشيخ أحمد ياسين, من لي بلقطته المصورة وهو "يبشر" العالم بوفاة عرفات قبل أن يعلن ذلك الأطباء، ويستعظم عليه أن يدفن في القدس, ومن لي بيد لا يرد الله دعاءها, جأرت إليه في ظلمة ليل, ينام عنها الباغي شارون وعين الله عنها لا تنام, من لي بدمعة أم شهيد, اغرورقت بها عينها, وقد استحالت دمعة فرح, من لي بمشهد تنقله لنا خيالاتنا من داخل سجون الطغيان التي يكابدها الأهل في فلسطين, من لي بأم مثقلة وضعت وليدها على حاجز ضربه شارون في طريق بيتها؛ أسألها كم فرحت وكم فرح الوليد لهذه المشاهد التي بثتها لنا الفضائيات لهلع رعايا شارون, من لي بصورة للمسجد الأقصى المبارك وهو شامخ أبي متحدٍ زيارة نجسة لشارون قبل خمس سنوات فتحت للدنيا إثرها دفاتر الاستشهاد وعلمت دروس الفداء, من لي بأحفاد شهداء صبرا وشاتيلا, وبنسل أبطال جنين الغر الميامين, من لي بزهرة نبتت من بين صخور الصلف والغرور.. <BR>تُرى, هل هي آية من آيات الله تجلت في غيبوبة هذا الهازئ من شلل الشيخ ياسين, ومن تسميم عرفات وموته السريري؟! لم يكن صورته بعيدة عن مخيلاتنا حين خرج وملؤه الغرور يشمت بزعماء فلسطين.<BR>كم جرحت شماتته نفس كل أبي, وكم ران الخوف منه على قلب كل غوي.. رباه لا يعظم عليك شيء, ولا يرد قضاءك أحد, فكم ذا تأخذ السياسة بتلابيبنا وقسوتها حتى ننسى كفوف الضارعين وتبتل القانتين. أرأيتم كيف رمى شارون الأحجار كلها فوق حزبه وشتت اليمين قبل أن تتجمد أركانه, أريتم "كاديما" حين أصيب بـ"كدمة" دامية, والسياسة الصهيونية الشارونية وهي تطيش موازينها بين طرفة عين والتفاتتها.. ويقدر الله له أن يفتت حزبه قبل أن يسير إلى الموت..<BR>بين تخثر وسيولة تردد دم السفاح, واضطرب.. ألم يكن يفرح لرؤية دماء الفلسطينيين في كل غارة تذهب بأرواح بريئة وأنفس طاهرة؟!.. ألم يفرح لرؤية دماء المؤمنين تتفجر في بحر البقر ودير ياسين وصبرا وشاتيلا وجنين ونابلس والقدس وغيرهم؟! <BR>دمه المتردد المضطرب شتان بينه ودماء الأبرار الأطهار التي لا يبطئ تدفقها حين يدعوها حادي أرواحها إلى بلاد الأفراح, كما لا سواء بين شلل شارون الذي استدعى غيبوبة لـ"إسرائيل" وتفسخ لحزبه الوليد, وشلل (الشيخ الجليل) ياسين الذي أحدث حراكاً كبيراً في الساحة الفلسطينية, وقاد حركته من انتصار إلى آخر حتى بعد أن قضى الشيخ نحبه شهيداً تزفه الأقدار إلى رب رحيم.. وبالأصل, ومن غير انتصار الأرض, فلا سواء بين شلل جسد طاهر يبث الخير للناس, وجيفة غطريس شلها الله عن الاسترسال في الطغيان.. <BR>ولقد كنا نختلف كثيراً مع عرفات, لكن حلوقنا غصت إذ سمعنا شارون يتحدث بكل صلف بأنه لن يسمح لعرفات بأن يدفن في القدس قبل أن يعلم أحد حقيقة مرض عرفات الغامض ـ الذي تبين أنه تسمم فيما بعد ـ, وبعد أن دلت قرائن متعددة على تسبب شارون شخصياً في حال الموت السريري لعرفات, منها ما ذكره الكاتب الصحفي اليهودي أوري دان في صحيفة "معاريف" العبرية (4/11/2004) بأنه "في الرابع عشر من إبريل2004م أبلغ شارون جورج بوش بأنه لم يعد يرى نفسه ملتزماً بما وعد به بوش في لقائهما الأول في مارس2001م، بعدم المساس بعرفات، فرد عليه الرئيس بوش؛ بأنه لعله من الأفضل ترك مصير عرفات بيد القوة العليا، بمعنى الرب _تعالى اسمه_. فقال له شارون: إنه لعله أحياناً تكون هناك حاجة إلى مساعدة الرب _تعالى اسمه_!".<BR>"مساعدة الرب" تلك المفتراة في موت عرفات سريرياً يبدو شارون ذاته قد دفع ثمن افترائه على الله بها ـ فضلاً عن جرائمه الأخرى ومنها ضلوعه في قتل عرفات ـ فبات في وضع لا يختلف كثيراً عن وضع غريمه (الزعيم الفلسطيني) عرفات قبل رحيله.. "والله من ورائهم محيط".<BR>جمع الله لشارون شللاً أصابه في أول النكسة الصحية وغيبوبة دائمة، اختارت لها المصادر "الإسرائيلية" مسمى ديبلوماسياً هو مصارعة شارون للموت, وتركتا الساسة اليهود في حيرة, وبدأ الخلف في محاولة لملمة صفوفهم وترتيب أوضاعهم وتأجيل الحديث عن حالة رئيس الوزراء "الإسرائيلي" المرضية، وفرضت الاستخبارات العسكرية تعتيماً إعلامياً محكماً عليها لم يسمح لأي قدر من التسريب بالنفاذ إلى خارج مستشفي هداسا "الإسرائيلية" للمراسلين الفضوليين, وقد لا يعني بث خبر موت شارون شيئاً إضافياً عن هذه الحالة التي باتت السياسة "الإسرائيلية" تعيش فيها بعد أن دخلت هي الأخرى مرحلة الغيبوبة ليس لأن شارون كان فقط قائداً "إسرائيلياً" أسطورياً, ولكن لأن الساحة غدت خالية من قادة الكيان الصهاينة التاريخيين والمؤثرين, وأقسى ما في هذه الحال على الكيان الصهيوني أنها ربما قتلت سياسياً آخر قياديين بارزين فيه بلحظة واحدة, فقد أحدث غياب شارون السياسي فراغاً هائلاً في الساحة السياسية لعل أبرز معالمه ـ ربما ـ إقصاء مهندس مشروعي مفاعل ديمونة والشرق الأوسط , شيمون بيريز من الميدان السياسي, بعد انضمامه لحزب كاديما (إلى الأمام) الذي أسسه شارون قبل أسابيع, والذي ربما قد صار الآن "إلى الهاوية" بعد أن خلا من قائده الكاريزمي شارون, وترك (الزعيم العمالي السابق) بيريز في مهب الريح, فكانت قدراً أمضى من سلاح الاغتيالات التي كان يشرف عليه شارون, والتي أدت في النهاية إلى الانسحاب من غزة وانهيار حزب شارون وغيابه نهائياً, بعد أن ظن بعض غائبي العقل من الصهاينة أنه هو ملك اليهود الموعود!, فتراجع, وانهار فذهب, "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".<BR><br>