الحرية الغربية تتساقط بطعنات أهلها
9 رجب 1426

<BR> نعم الحرية الغربية تتساقط بطعنات من يدعون ريادتها من قبل، ففي أمريكا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أعلنت الإدارة الأمريكية حرباً على الإسلام تحت عنوان الحرب على الإرهاب وعصفت بكل ما ادعته من قبل من شعارات الحرية والمساواة والعدل وغيرها.<BR> واليوم في بريطانيا و مؤخراً أعلن بلير <BR>أنه بصدد تغيير قواعد اللعبة مع الإسلاميين الموجودين على الأراضي البريطانية وهو اعتراف ضمني بأمرين لا ثالث لهم أعلنهما بوضوح الأول أن ثمة لعبة كانت تمارسها بريطانيا وليس قواعد قيمية وأخلاقية وقانونية حاكمة ـ وهي بلا شك ليست ترفيهيا بل تحمل كل الجدية ـ أن ثمة قواعد لهذه اللعبة ..<BR>ويأتي في داخل سياق هذا الاعتراف أن العلاقة بين الحكومة البريطانية والإسلاميين كانت تتم داخل قواعد لعبة وضعتها الحكومة البريطانية ولكن ما لم يعترف به بلير هو ماهية قواعد اللعبة سابقاً ؟ فقد أخبر بلير العالم بالتغيرات ولم يخبره كيف كانت تسير اللعبة قبل انفجارات السابع من يوليو الشهيرة بانفجارات لندن وهل اللعبة قبل التغيير كانت تتم داخل أم خارج القيم الديمقراطية البريطانية. <BR>المراقب لوجود الإسلاميين على الأراضي البريطانية يستوقفه ملاحظات كثيرة منها : <BR> أولاً : أن وجود الإسلاميين في بريطانيا لم يلاحظ قوة وجوده وصوته العالي إلا في مدة التسعينات التي أعقبت انتهاء الغزو السوفيتي لأفغانستان وظهور ما أطلق عليه الأفغان العرب على الساحة الإعلامية والسياسية في بعض الدول.<BR> <BR>ثانياً : صاحب ذلك في التسعينات أيضاً حالة الصدام والعنف التي شهدتها بعض الدول في التسعينات بين الجماعات والتنظيمات الإسلامية والحكومات كما في مصر والجزائر وبعض البلاد العربية الأخرى، بل والإسلامية التي شهدت حالات معارضة يقودها إسلاميون.<BR><BR>ثالثاً : في نفس التوقيت اندلعت حرب الخليج وخلفت تداعيات وآثار قوية متنوعة في المنطقة العربية.<BR><BR>رابعاً : أن الصدام كان قوياً ومؤثراً في مصر والجزائر في وقت كانت فيه بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية تراقبان ما يحدث باهتمام جعلهما يحاولان التقرب من الحالة الإسلامية بطرق مختلفة ومتنوعة لمعرفة ما يدور وقوتها وأهميتها وسط الجماهير ومدى تأثيرها على نظم الحكم ونلفت الانتباه أن الولايات المتحدة الأمريكية في تلك المدة أيضا في التسعينات استضافت الدكتور عمر عبد الرحمن (أمير الجماعة الإسلامية بمصر) وغيره من الإسلاميين، ولا يفوتنا أن نذكر أن تجربة التدخل الأمريكي في إيران في نهاية عهد الشاه كانت ماثلة بالذهن والفكر السياسي في أميركا وبريطانيا.<BR><BR>خامساً : يلاحظ مما سبق وغيره مما لا يتسع له المقام أن قواعد اللعبة سابقاً كانت تسمح يجمع فسيفساء الجماعات والأفكار الإسلامية تحت مظلة الهايد بارك البريطانية لمعرفة ما يدور داخل الحالة الإسلامية عن قرب وإيجاد روابط قوبة مع القيادات وتوفير العناء والجهد على المخابرات والدبلوماسية البريطانية في جمع المعلومات أو إيجاد وإنشاء العلاقات .<BR><BR>سادساً : برغم أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر كانت فاصلة عند الإدارة الأمريكية وأعلنتها حرباً ضد الحالة الإسلامية وعنونتها بالحرب ضد الإرهاب إلا انه في داخل بريطانيا لم يكن الأمر بنفس الدرجة وإن كان ظهر وبدا التغيير في قواعد اللعبة ذلك لأن بريطانيا لم تستهدف في الداخل بحادثة واحدة حتى السابع من يوليو 2005م. ثانياً كانت الحكومة البريطانية متأكدة من قبضتها المتنوعة التأثير على الإسلاميين داخلها مخابراتيا وأمنياً وسياسياً وأخيراً جاءت الضربة القاصمة من خارج إطار اللعبة الذي يضم الإسلاميين المعروفين في بريطانيا فقد جاءت الضربة في 7 يوليو من مسلمين بريطانيين غير معروفين تماماً لكل الأطراف، ولكن بلير استغل ما حدث، وأعلن عن حالة جديدة للحكومة البريطانية مع الإسلاميين تحت عنوان تغيير قواعد اللعبة، وهى تغيرات وإن كان ظاهرها أمني إلا أنها تستهدف ما يدعى بالقيم الديمقراطية في مقتل وإن تم تنفيذها بما أعلن فلن تنهار أسس الديمقراطية وحرية الرأي في بريطانيا فقط ، ولكن أثرها سوف يمتد يمتد إلى كل مكان حيث يسهل طعن الحرية بما فعلته أم الديمقراطيات ليظهر جلياً للجميع أن الحرية عند الغرب لعبة يسهل تغييرها، وليست ثابتةً في حياة الشعوب، وهو ما يمنح تسهيلات بلا ثمن للمستبدين في كل مكان.<BR> <BR>* محام وكاتب مصري<BR><BR>[email protected]<BR> <BR><br>