لماذا تحالفت الحركات الشيعية العراقية مع أمريكا !.
14 ربيع الثاني 1426

فجرّ المشهد العراقي بركان كل المتناقضات الفكرية و الثقافية والحركيّة و السياسيّة في العراق وفي العالم العربي كما أنّ تداعيات هذا المشهد وإفرازاته السياسية و الأمنية الطويلة المدى جعل الأرض تخرج كل أثقالها وتكشف عن كل العورات التي تلفّ واقعنا السياسي كما الفكري .<BR><BR> ومثلما أماطت الغارة الأمريكية الكبرى على العراق اللثام عن مثقفي المارينز و منظرّي عصر الأمبراطوريّة الأمريكية و فقهاء الدبّابة من ليبيراليين جدد و شيوعيين جدد و مستنيرين جدد و حداثيين و ما بعد حداثيين فقد أماطت اللثام عن فصيل واسع من الإسلاميين الذين كانوا في السابق يعدون أمريكا شيطاناً أكبر وإذا بهم يتخندقون في الصفوف الأمامية في المعركة الأمريكوصهيونية على العراق والعالم العربي و الإسلامي . <BR><BR>و قد نجحت الأجهزة الأمنية الأمريكية في إقامة جسور تواصل واختراق معظم الفصائل الإسلامية العراقية – وهذا لا يعني أنّ الفصائل الإسلامية العراقيّة هي وحدها التي أقامت علاقات وطيدة بالإدارة الأمريكية و مؤسساتها الأمنية فهناك فصائل أخرى من دول أخرى مخترقة هي الأخرى أمريكيّاً .<BR><BR>و لا يمكن في هذه العجالة إحصاء مفردات الخارطة السياسية والحركيّة الشيعية في العراق، ولكن يمكن الإشارة إلى المرجعية الشيعية بزعامة السيستاني باعتبارها إطاراً فقهياً وسياسيّاً ومرجعياً لشيعة العراق و المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الذي كان يترأسّه محمود الهاشمي الشاهرودي (قاضي القضاة اليوم في إيران)، والذي أعقبه في زعامة هذا المجلس الشهيد محمد باقر الحكيم و حزب الدعوة الذي يتزعمه إبراهيم الجعفري والذي تحولّ إلى حزب دعوات في الواقع لكثرة المنشقين عنه وكل فريق منشّق أسسّ فصيلاً في حدّ ذاته و منظمة العمل الإسلامي التي يتزعمها محمّد تقي المدرسي، والتي كانت تتبع فقهياً المرجع الشيعي محمد الشيرازي، الذي كان محاصراً في إيران وتوفيّ فيها، و هناك جماعات صغيرة كجند الإمام الحجّة و حركة العلماء المجاهدين و هناك الشيعة المستقلون الذين كان يمثلّهم (مستشار الأمن القومي الحالي* موفق الربيعي أو كريم شاهبور الإيراني كما يسميّه خصومه المعارضون . <BR>مبدئيّاً كل هذه الأطر الحركية وعندما يغوص الباحث في قراءة أدبياتها مثل ثقافة حزب الدعوة الذي يقع في جزئين أو كتيبات المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وغيرها من الكراسات لبقية الأحزاب يكتشف ما يلي : <BR><BR>كانت هذه التيارات تعد أمريكا شراً مطلقاً و كفراً بواحاً وعاصمة للكفر العالمي و الإباحية السياسيّة , و جزء كبير من هذه الحركات كان مرتبطاً سياسياً وأمنياً بإيران وتحديداً في عهد الخميني، ولذلك كان خطابها السياسي هو عينه الخطاب الإيراني في تلك المرحلة حيث أمريكا عدوة الشعوب وعدوة الإسلام و قتالها واجب شرعاً وعرفاً بحكم ما اقترفته وتقترفه في ديّار الإسلام .<BR><BR> و لعلّ هذه التيارات الشيعية التي جئنا على ذكرها كانت تختلف حول كل صغيرة وكبيرة، حيث لكل فصيل مرجع فقهي معيّن فهذا يقلّد أبا القاسم الخوئي وذاك الخميني و ذاك محمد الشيرازي و غيرهم لكنّها كانت مجمعة على أنّ أمريكا لا تريد الخير للشعوب العربية و الإسلامية , بل حتى (مستشار الأمن القومي العراقي) موفق الربيعي كتب عشرات المقالات في ذمّ أمريكا عدوة الشعوب، وهو الذي استقبل لاحقاً وبضحكة عريضة جي غارنر وبول بريمر و جورج بوش ثمّ مجرم هندوراس قاتل الثوّار في نيكارغوا والهندوراس نيجروبونتي .<BR><BR> وقد تبينّ بالدليل القاطع أنّ وكالة الاستخبارات الأمريكية نجحت بشكل مدهش في إقامة جسور تواصل مع كل هذه الفصائل إلاّ ما ندر وقد خمسّت أمريكا جزءاً كبيراً من أموالها المسروقة من العالم العربي والإسلامي لهذه التيارات التي حصلت على دعم كبير , والعجيب أنّ بعضها يتبجح أن أمريكا تدفع نقداً وعداً أي لا حاجة للصكوك والظروف البيضاء المغلقة , وبعض العمائم وصلت إلى العراق على متن الدبابة وهي تحمل أكياساً مليء بالدولارات . <BR><BR>وهذا التناقض بين النظرية والتطبيق و المفهوم والمصداق بات ملازماً لهذه التيارات المتأمركة، والتي حملت في أدبياتها الفكرية على اليسار العربي والقومية العربيّة والليبيرالية العربية باعتبارها تتميّز بالفجوة الواسعة بين النظرية والتطبيق . <BR>وبعد أن كانت أمريكا عدوة الشعوب أصبحت في عرف الإسلام المتأمرك العراقي مثل النجاشي الذي حمى الدعوة الإسلامية في العهد الإسلامي الأول , وحصل بعض هؤلاء على فتوى تجيز لهم الاستعانة بظالم على ظالم على قاعدة "اللهمّ ارم الظالمين بالظالمين وأخرجنا منهم سالمين" . <BR><BR>و قد مارس زعماء هذه التيارات الكثير من النفاق و الريّاء عندما أخفوا على قواعدهم الحزبية الكثير من اللقاءات التي كانت تجري بينهم وبين ضبّاط الاستخبارات الأمريكية في فنادق بريطانيا وباريس والكويت وأمريكا , بل إنّ بعض الضبّاط الأمريكان كان يحلّ ضيفا على بعض هذه الشخصيات، وكانت هذه الشخصيات تبدي إعجابها بالمطبخ العراقي الدسم .<BR><BR><BR><BR><br>