حقاً.. فالزمن زمن عجائب !
13 ذو الحجه 1425

في كل مرة يحدث فيها صراع سياسي أو عسكري، أو حتى دبلوماسي، يحدث أن تخرج حالة جديدة من حالات "العجائب" التي تصبح خلال مدة بسيطة، فكرة معقولة ومتداولة، وربما أصبحت من أساسيات الفكر الحديث، دون استهزاء !<BR><BR>وبما أن معظم الدول العربية لا تقع في هذا الكون السياسي إلا في موقع "دائرة ردة الفعل"، لذلك فإنها لا بد ستكون متأثرة، غير مؤثرة، في بوتقة الفكر الجديد، الذي يحمل في طياته قدراً كبيراً من المفارقات والتناقضات.<BR><BR>في الأمس، أطل جورج بوش برأس مرة أخرى إطلالة ستستمر 4 سنوات (إلا أن يصيبه مكروه)، ليؤكد أنه سيستمر في تصدير "الديموقراطية الأمريكية" إلى دول العالم، التي لن تكون بأي حال من الأحوال دول العالم، باستئناء الدول العربية وبعض الدول الإسلامية.<BR>وشدد على فكرة أثارت الدهشة في وجوه الكثيرين في العالم، هي أنّ نشر هذه الديموقراطية " لا يمكن أن يفرض بالقوة" !!<BR><BR>وقبل أمس شاهدنا وسمعنا كيف نشرت القوات الأمريكية ديموقراطيتها بالقوة في العراق وأفغانستان، وأطلعتنا واشنطن "مشكورة" على نماذج من الديموقراطية الأمريكية التي يود بوش تصديرها إلينا بالإكراه (وهو ما ينفي عنها صفة التصدير)، منها فضائح "أبو غريب"، والمعتقلات السرية في أفغانستان، وإغلاق ومحاصرة المؤسسات الخيرية الإسلامية، ولصق صفة (الإرهاب) لأي شكل من أشكال مقاومة الاحتلال في العراق أو أفغانستان أو فلسطين أو الشيشان. وغيرها من الأشكال الأخرى الظاهرة والباطنة.<BR><BR>إلى هنا، وكل ذلك لا يعد غريباً أو عجيباً، فلكل دولة أن تقوم بما يناسبها من سياسات، طالما أنها تملك ذلك، كما فعلت دول عالمية في السابق.<BR>إلا أن الغريب حقاً، هي تلك السياسات التي تبنتها دول عربية، موائمة لفكر إدارة بوش، وتماشياً مع سياسته، رغم أنها بالتالي لا تضر سوى مصالحها القومية والاجتماعية والسياسية.<BR><BR>على سبيل المثال لا الحصر، تعالت أصوات في العراق تؤكد ضرورة تأجيل الانتخابات العراقية، بانتظار حصول السنة على فرصة للعودة إلى ديارهم المهدمة، للحصول على أدنى فرصة للمشاركة بالانتخابات، وكان من بين هذه الأصوات، وزراء وأعضاء حكومة و(الرئيس المعين من قبل الاحتلال) غازي الياور، ولكن بمجرد أن أعلن بوش عدم موافقة واشنطن تأجيل الانتخابات بأي شكل، خلال زيارة الياور لأمريكا (كان الهدف الأساس منها إقناع بوش بتأجيل الانتخابات) تراجع الياور وجميع أعضاء حكومته، وبات التأجيل شكلاً من أشكال "محاربة الوطنية ومؤازرة الأعداء" !<BR><BR>ومنها على سبيل المثال أيضاً؛ المؤتمرات التي أقامتها بعض الدول العربية، تحت مظلة واشنطن، باسم "مشروع الشرق الأوسط الكبير"، والذي يهدف إلى إقالة بعض الحكومات العربية، عبر آليات تفرضها الإدارة الأمريكية، لن تقوم بأي حال من الأحوال بإعلاء حكومة معادية لواشنطن، (فمثل هذه الحكومة ليست ديموقراطية حسب وجهة النظر الأمريكية)، بل ستكون شكلاً من أشكال بعض الحكومات المتواطئة مع أمريكا شكلاً ومضموناً.<BR><BR>ومنها ما بدأته أمريكا و(إسرائيل) من اتهام المقاومة والجهاد في الدول العربية والإسلامية بأنه " شكل من أشكال الإرهاب الدولي" لتحمل راية هذه الفكرة -لاحقاً- حكومات ذات الدول ووسائلها الإعلامية، لتلصق صفة (الإرهاب) على حركات مقاومة مشروعة، كحركة حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين والمقاومة العراقية ومجاهدي الشيشان وأفغانستان وغيرها.<BR><BR>ومنها ما وافقت دول عربية عليه من أن تصبح "حرساً خاصاً ومتيقظاً للإسرائيليين" كالحدود الأردنية والمصرية، والفلسطينية !<BR><BR>الحكومة المصرية تلتمس في "اتفاقية كامب ديفيد" ذريعة تؤكد من خلالها عدم مقدرتها على فعل أي شيء ضد "الإسرائيليين" ، طالما تقيدت مصر بهذه الاتفاقية (رغم أنها استطاعت أن تحرر نفسها من جملة اتفاقيات عربية وإسلامية تحضر أي اتفاقية مع "الإسرائيليين") !!<BR>وذات الشيء ينطبق على الأردن، التي قتلت واعتقلت قواتها عدداً من المجاهدين الفلسطينيين خلال محاولتهم دخول أراضيهم المحتلة للدفاع عنها !!<BR><BR>واليوم، وافق محمود عباس (رئيس السلطة الفلسطينية الجديد) على نشر قوات فلسطينية، في وجه المقاومة الفلسطينية، لمنعها من مقاومة الاحتلال.<BR>ولن يكون غريباً في الغد، أن نسمع عن اعتقال أو قتل مجاهدين فلسطينيين حاولوا التسلل إلى أراضيهم للدفاع عنها، من قبل أفراد شرطة فلسطينيين يمتلكون أراض وأعراض، انتهكها نفس المحتل "الإسرائيلي" ! <BR>هل هذا غريب !؟<BR>حقاً.. فالزمن زمن عجائب.<BR><BR><br>