الليبرالية.. إلى مزبلة التاريخ
22 ذو القعدة 1425

يكشف تقرير "راند" الأخير الذي صدر مؤخراً، عن عزم أمريكا وحلفائها الذي لا يكل للصد عن سبيل الله، تحت غطاء نشر الحرية والديمقراطية، وتتمثل مفاصل التقرير الأساسية في التصريح بطبيعة الحرب العقائدية، والتأكيد على دور القوى العلمانية والشيعية في العالم الإسلامي التي يمكن أن تمتطى لتحقيق الإقصاء للإسلاميين "الراديكاليين"!؟ ومناهضة ومكافحة القيم والأعراف الإسلامية، واختراق استقلالية الدول والشعوب المسلمة، والاعتماد على الإعلام في أمركة العقل المسلم، والمتأمل في هذا التقرير في سياق الأحداث والتطورات العالمية ليجد أنه يجسد بجلاء قول العليم الخبير: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ" (الأنفال:36).<BR><BR>فالتقرير بشكل إجمالي يوصي بعدد من الوسائل والأساليب التي ستسهم في صد المسلمين عن سبيل الله، وما يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة وحلفاؤها من الدعم "الإنفاق" لتحقيق الهدف الاستراتيجي الذي كشف عنه الحكيم العليم: "وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا..." (البقرة: من الآية217).<BR><BR>وآية الأنفال التي تمثل سنة من سنن الله في الأمم الكافرة تحققت بالأمس القريب فيما كان يسمى بـ"الاتحاد السوفيتي" فقد أنُفقت مئات المليارات من الدولارات للصد عن سبيل الله من خلال أساليب ووسائل متعددة لترويج الفكرة الإلحادية التي تمثل لب الشيوعية، وتضليل الناس عن حقائق الكون، وقتل وتشريد المسلمين بدون ذنب إلا أن يقولوا ربنا الله، ومن أبرز تلك الوسائل والأساليب المراكز العلمية –مختبرات علوم الحياة- التي أقيمت لإثبات عقيدتهم الماركسية الفاسدة وفكرتهم "اللب"، حتى أسقط في أيديهم في العام 1969م عندما صدر تسليمهم بأن الحياة لا يمكن أن تكون بدون الخلايا وأن الخلايا لا يمكن لأحد إيجادها، عندها تبدد الظلام وزهق الباطل، فتحققت فيهم سنة المولى _جلت قدرته_ التي لا تتخلف ولا تتبدل، فدخلوا مرحلة الحسرة "الانهيار والكساد الاقتصادي"، ثم تهاوى ذلك الدب النتن على عفنه وقذره في المرحلة الثالثة كما بين الحق "ثم يغلبون".<BR><BR>والليبرالية اليوم تسلك الطريق نفسه بأمر الله القوي العزيز، فهاهم المبشرون بالحرية والديمقراطية -لب الليبرالية الغربية- ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله بهذه العقيدة والفلسفة الفاسدة، تقول كوندوليزا رايس: "إن الولايات المتحدة تعد نفسها قوة تحرير تكرس جهودها لإحلال الديمقراطية ومسيرة الحرية في الدول الإسلامية، وإن النضال من أجل القيم الليبرالية الأمريكية يجب ألا يتوقف عند حدود الإسلام، كما يجب القيام بمسؤولياتنا في تأمين بيئة آمنة تزدهر فيها قيمنا وتُفرض بتفوقنا العسكري".<BR><BR>وبحسب تقرير "راند" الأخير وغيرهم فهم ينفقون بغير حساب للصد عن سبيل الله بالتضليل والقتل وكل ما يستطيعون في كافة المجالات العسكرية والاستخباراتية والتعليمية والثقافية والإعلامية.<BR><BR>هذا التقرير يبشر بأن القوم ماضون بحكمة الله في استجلاب سخطه وغضبه، كما تبشر كذلك تصريحاتهم وتقاريرهم الاقتصادية بدخولهم مرحلة الحسرة "الانهيار أو الكساد الاقتصادي"، فقد حذر (رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي البنك المركزي الأمريكي) "الان غرينسبان" الشهر الماضي من أن تضخم العجز التجاري قد يؤدي لإحجام الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة مما قد يحدث أضراراً كبيرة بالاقتصاد. وأشار "غرينسبان" أمام مؤتمر للمصرفيين في فرانكفورت إلى العجز التجاري الأمريكي الذي بلغ أرقاماً قياسية عند 166.2 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام الجاري 2004م، وفق وكالة "الأسوشيتد برس".<BR><BR>كما صرحوا أن العجز في ميزان المعاملات التجارية الأمريكية مع الدول الأخرى وصل إلى معدلات قياسية، حيث بلغت قيمته أكثر من 500 مليار دولار في العام الماضي، وهو ما يعادل 5 بالمئة من إجمالي الاقتصاد الأمريكي.<BR><BR>وصدر أخيراً تحذير لـ(وزير الخزانة البريطاني) جوردون براون عندما زار "نيويورك" الشهر الماضي لإجراء محادثات تجارية من أن الشهور القادمة قد تحمل المزيد من الأخبار السيئة لاقتصادات الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وصرح براون للبي بي سي بأن تراجع الأداء الاقتصادي انتقل من الولايات المتحدة إلى البلدان الأوروبية!!!!!<BR><BR>لقد ملأت الليبرالية الدنيا ضجيجاً بدعواتها للحرية والديمقراطية، حتى صارت حلماً وأنشودة لسفهاء أمتنا ومرتزقتها، فضلاً عن غيرهم، ثم صارت اليوم حضارة يجب أن تعيشها الشعوب تحت وطأة السلاح، وغداً ستكون عبرة لمن كان له قلب طال الزمان أم قصر، إن ما يحدث اليوم لا يعدو أن يكون قصة النهاية تكتب لهذا الزبد الذي لا بد أن يرمى في مزبلة التأريخ.<BR><BR>"لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ" (الروم:4-6).<BR><br>