لماذا تتفاوض إسرائيل مع سوريا؟
6 ذو القعدة 1425

تنتشر في الأيام الأخيرة مجموعة كبيرة من الإشاعات منها ذات أساس وبعضها عديم الأساس حول مفاوضات سورية إسرائيلية مع الكثير من التصريحات الصادقة والكاذبة، وبوالين الاختبار من الطرفين لمعرفة جدية كل طرف. من هذه التصريحات إعلان سورية موافقتها على المفاوضات دون شروط مسبقة وتخليها عن وديعة رابين، ومن الطرف المقابل تسريبات حول رغبة الأسد في زيارة القدس ومحادثات مع ماهر الأسد قبل حرب العراق، يلي ذلك تأكيدات وتصريحات مضادة ونفي للأخبار... إلى آخر السلسلة من الألاعيب الإعلامية والسياسية التي تدور في الظاهر، والتي لا تعكس فعلاً شيئاً عما يدور في الداخل إلا بقدر ما يحتاجه الناس لتمرير مواقف جديدة فيما بعد.<BR> <BR>أهم ما يتسرب من معلومات يشير إلى تهافت سوريا على التفاوض مع إسرائيل والتعنت الإسرائيلي مقابل هذا التهافت، والحقيقة أن هذا شيء منطقي جداً، فما الذي ستحصل عليه إسرائيل من السلام أو حتى استئناف المفاوضات مع سوريا؟ ما الضغوط والأوراق التي تملكها سورية لتدخل بها المفاوضات؟ <BR> <BR>ورقة المقاومة سقطت بعد التخلي عن القيادات الفلسطينية وترحيلها من دمشق، كما أن قدوم أبي مازن إلى الحكم أفيد لإسرائيل آلاف المرات من الإعلام المقاوم الساكن في دمشق، وهل سترضى إسرائيل مجرد ترحيل القيادات وإغلاق المكاتب مقابل الجولان والسلام والمياه وكل ما تسيطر عليه حالياً؟ <BR> <BR>ورقة حزب الله أمكن تحييدها عن طريق الضغوط على إيران في قضية المفاعلات النووية، وتملك إيران للطاقة النووية، كما أن تحويل ورقة حزب الله إلى حرب أهلية في لبنان مرة أخرى وارد جداً في أي لحظة يفكر فيها الحزب في تضخيم دوره المرسوم له، عدا عن الأقوال التي تشكك في إمكانية سيطرة سوريا على الحزب، والتي تؤكد أن الحزب قد شب عن الطوق، وصارت له حساباته السياسية الخاصة التي قد لا تناسب سوريا، ولا تستطيع سورية السيطرة عليها، والشيء الوحيد الذي يمكن أن تفاوض عليه سوريا هو نزع سلاح حزب الله، فهل ستستطيع ذلك فعلاً؟<BR> <BR>محاربة الإرهاب ورقة لعبتها سوريا منذ سنوات، وسلمت كل ما لديها من ملفات ومعلومات لأمريكا ولم يعد لديها المزيد.<BR>إعطاء حقوق التنقيب عن النفط في سوريا لشركتين أمريكيتين لم يدم مفعوله طويلاً. <BR>الإغلاق الشكلي لمكاتب بعض الجماعات الفلسطينية انتهى مفعوله منذ زمن طويل. <BR>السكوت على القصف الإسرائيلي لمواقع داخل سوريا، والسكوت على اغتيال مسؤول حماس في دمشق أيضاً لم يفد شيئاً. <BR>إعادة انتشار القوات السورية في لبنان، وسحب جزء منها أيضاً ذهب مفعوله أدراج الرياح، وستنسحب سوريا من لبنان عاجلاً أم آجلاً، شاءت أم أبت، وتأخرها حتى الآن هو فقط بسبب اختلاف الرأي في إسرائيل حول فائدة بقاء الجيش السوري، وبسبب وجود مؤيدين ضمن الحكومة الإسرائيلية لهذا الوجود.<BR>الانفتاح الاقتصادي المزعوم، ومحاولة إدخال شركات وأموال أمريكية إلى سوريا اصطدم بواقع الفساد والمحسوبيات والقمع وعدم وجود قوانين تحكم البلد وانتشار الرشاوى، وقبل كل شيء اصطدم بعدم وجود ضمانات لأي شيء في سوريا. <BR> <BR> في المقابل هناك الضغوط الأمريكية والأوروبية على سورية للخروج من لبنان، وهناك الحدود مع العراق، وهناك الحدود الآمنة تماماً مع إسرائيل منذ أربعين سنة، وهي أوراق كلها بيد إسرائيل.<BR> <BR>فما هي التنازلات الباقية التي تستطيع سوريا أن تقدمها لإغراء شارون الذي يقبع في ذروة مجده الآن لدخول حوار حول الجولان والسلام لن يستفيد منه أي شيء؟ سؤال يبقى بانتظار التكتيكات السورية السياسية المعروفة، والتي أتقنت فن البقاء في الحكم مقابل كل شيء يمكن التنازل عنه.<BR><br>