طريق عرفات ومتغيرات أبي مازن! 1/2
25 شوال 1425

عاد الكيان الصهيوني إلى لعبته القديمة في التعامل مع السلطة الفلسطينية، لعبة التفاوض وإطلاق التصريحات الناعمة من ناحية.. وعدم تقديم أية تنازلات في الواقع العملي واستمرار القتل بشراسة من ناحية أخرى لتكون محصلة جهد من يتفاوض معهم هي التغطية على عدوانهم شاء أم أبى.<BR>وللأسف، فإن هناك من أظهر أنه جاهز للدخول في شباكه السياسية مرة أخرى –كما الأسماك- رغم مرارات الوقوع في هذا الفخ من قبل.<BR><BR>عاد الصهاينة إلى لعبتهم القديمة، هذه المرة بغطاء غربي غير مسبوق منذ مدة، من زيارات واجتماعات وتصريحات ولجان، دوافعها عند البعض تشكيل غطاء سياسي دولي للخطة الصهيونية التي تسابق الزمن لاستغلال نتائج جريمة قتل عرفات، وما اعترى الوضع الفلسطيني من ارتباك وضعف -كما هو الحال لدى الولايات المتحدة وبريطانيا وكلاهما أيضا تحاولان الخداع بفلسطين لإنقاذ سمعتهما في العراق - ودوافعها عند البعض الآخر السباق مع أمريكا وبريطانيا حتى لا تحصدان وحدهما نتائج الحالة الجديدة، كما حدث من خلال اجتماع اللجنة الرباعية في شرم الشيخ التي عادت للحياة فجأة بعد طول صمت، إن لم يكن بعد موت، وكأن الجميع كان ينتظر ارتكاب” إسرائيل “ لجريمتها، حتى يعود إلى لعبته القديمة.<BR><BR>وعادوا إلى لعبتهم تحت غطاء من نظم عربية/عربية ـ للأسف ـ ما تزال على "عهدها " جاهزة في كل وقت وأوان هي الأخرى.<BR>والبادي للأسف، أن هناك من تعاطى مع لعبة التزييف الدولي هذه، في السلطة الفلسطينية، رغم سابق التجربة، إذ كل هذه اللعبة لم تنجح حتى في إخراج الرئيس عرفات من مكان محبسه داخل المقاطعة، ولو لنيل قسط من شمس رام الله.<BR><BR><font color="#0000FF"> على صعيد اللعبة الصهيونية </font> فالمتابع لتصريحات الصهاينة فيما بعد قتل عرفات، وللممارسات الصهيونية على الأرض يلحظ أن التصريحات الصادرة عن القيادات والمتحدثين الرسميين، باتت تصريحات ناعمة، بل ودودة في بعض الأحيان، بينما ظلت التصرفات "الإسرائيلية" على الأرض على حالها، حيث القوات الصهيونية ما تزال مستمرة -كما كانت- في مسلسل القتل الشرس للمواطنين الفلسطينيين، وفى اغتيال واعتقال القادة وفي حصار المدن الفلسطينية واحتلالها وتعطيل المرور المعابر، ومصادرة الأراضي، وبناء سور الفصل والضم العنصري في الضفة، وتوسيع المستوطنات..الخ.<BR><BR><font color="#0000FF"> وعلى صعيد الموقف الدولي </font> فالمتابع للتحركات بشان القضية الفلسطينية يلحظ أن هجوما دبلوماسيا مكثفا جرى ويجرى، على قيادة السلطة الفلسطينية، فقد قصد فلسطين المحتلة وبعد غياب طال سنوات كلاً من وزير الخارجية الأمريكي –الذي زار أريحا حتى لا يمر حتى على قبر عرفات - ووزير الخارجية البريطاني، وبين هذا وذاك بات (مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة) لارسن، وكأنه يسابق الزمن لإنجاز ما تعطل إنجازه!<BR><BR><font color="#0000FF"> وعلى صعيد الموقف الفلسطيني الرسمي </font> فإن المتابع لتطوراته يلحظ أن هناك تصريحات وتصرفات متنامية مرة أخرى للحديث عن فوضى السلاح وضبط الفلتان، بل إن هناك من بات يتحدث علنا عن عدم الحاجة لسلاح المقاومة في غزة بعد انسحاب القوات الصهيونية –وكأن تحرير غزة يعنى تحرير فلسطين –كما اتخذت خطوات للحد من حرية الإعلام الفلسطيني في حشد الجهود في مواجهة الكيان الصهيوني، تنفيذا لطلب صهيوني بما يسميه وقف التحريض على العنف!<BR><BR><font color="#0000FF"> وعلى صعيد الموقف العربي </font> فإن سوريا بدورها عادت لتدخل لعبة المساومات والتنازلات،بإعلانها الأخير عن قبول التفاوض بدون شروط، ولا حتى شرط إقرار الكيان الصهيوني، بالانسحاب من الجولان.<BR><BR>وبهذا نكون قد عدنا مجددا في فلسطين إلى لعبة ما قبل إعادة القوات "الإسرائيلية" احتلال المدن الفلسطينية حينما كانت المفاوضات، واللغة الصادرة عن الأفواه الصهيونية تتحدث عن السلام والتفاوض، في الوقت الذي لا تصمت أفواه الدبابات والطائرات والرشاشات عن حصد المواطنين والقادة، وحينما كانت الوفود تتقاطر على مقر المقاطعة في رام الله بين باول وتينيت وميتشيل، والمبعوثين الدوليين من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الروسي -بل وحتى وبيريز وغيره- وحينما كانوا جميعهم يتحدثون عن السلام وخطط السلام وآمال السلام.<BR>ونكون قد عدنا على صعيد الأوضاع بين الكيان الصهيوني وسوريا من لعبة تفاوض متطاولة من القرن الماضي وتصل في كل مرة إلى نفس النتيجة.<BR><BR><font color="#0000FF"> أسلوب المواجهة! </font><BR>ورغم فظاعة ما يجرى الآن، على الأرض الفلسطينية المحتلة، الذي هو من قبل ومن بعد ليس أكثر من عملية استغلال حادة لحالة قيادة السلطة بعد اغتيال” إسرائيل “ لعرفات، ومحاولة جنى مكاسب سياسية لجريمة الاغتيال، وكذلك ورغم أن هذه الحالة تظهر مجددا وضع الشعب الفلسطينيى محاصراً بين القتل وبين خدع وألاعيب السلام الذي لا يأتي ولن يأتي وفق تلك الأساليب، إلا إن التجربة أثبتت أن الشعب الفلسطيني قادر على احتمال هذا وذاك ومواصلة انتفاضته الباسلة، كما أثبتت أن المشاكل في الداخل الفلسطيني لا تحدث أبدا نتيجة تغيير قواعد اللعبة الصهيونية ، سواء كانت هذه اللعبة قتلا صريحا بالقول أو الفعل، أو كانت تلاعبا بالكلام مع استمرار القتل، وكذلك لا تحدث أبدا من هذا التقاطر الدولي، سواء كانت هذه الوفود تحاول إعانة الصهاينة على خداع الشعب الفلسطيني أو تغطية الجرائم الصهيونية.<BR><BR>التجربة أثبتت أن المشاكل في الداخل الفلسطيني لا تحدث نتيجة لا لهذا ولا لذاك وإنما هي تحدث حينما ينخدع قادة فلسطينيين (الانخداع مختلف عن الاضطرار لمسايرة هذا الوضع الدولي المزور وهذا البغي "الإسرائيلي" المزود)وحين يتصورون أن الأمور تغيرت أو أن "إسرائيل " حينما تنطق سلاما ناعما، لا تحاول إعادة تلميع ما تلطخت به صورتها من جرائم، وإنما هي تغيرت وأصبحت تنشد السلام، وأن بالإمكان إقامة سلام معها من خلال التفاوض، أو حين يعتقد قادة فلسطينيين أن التجاوب مع لعبة الخداع الدولي يمكن أن ينقذ أحدا أو يحقق شيئا.وكذلك أثبتت التجربة أن مشاكل الداخل الفلسطيني تتعقد أكثر حينما يتحول تصور بعض القادة بحدوث تغييرات في الكيان الصهيوني أو بحدوث تغير في الموقف الأمريكي والبريطاني، إلى خطط سياسية تبنى على هذا السلوك المخادع، وحين يتصرف هؤلاء القادة وكأنهم باتوا يحكمون دولة مستقرة فيطلبون -باعتبارهم السلطة- من قادة الفصائل الفلسطينية، أن يقبلوا ويقتنعوا بدورهم بالخداع "الإسرائيلي" والدولي، وأن يتصرفوا على أساس انه واقع وليس خيال وأن يلتزموا بما تراه السلطة، ، فإذا استمرت المقاومة تبدأ لعبة السلطة في ملاحقة المقاومة.<BR><BR>وكذلك أثبتت التجربة أن سوريا طالما كانت بعيدة عن ألاعيب المفاوضات –وحتى مع بقاء الوضع الغريب في بقاء الجولان محتلا بلا مقاومة منذ عام 67 وحتى الآن –فان الضغوط على المقاومة الفلسطينية واللبنانية تكون اقل، وكذلك تظل الأوضاع العربية بلا ارتباكات خطيرة، لكن الأمور تتدهور حينما تدخل سوريا في لعبة المفاوضات إذ تكون الرقاب المطلوب المقايضة عليها والأوراق التي تجرى المساومة عليها هي المقاومة وليس غيرها.<BR><BR>وللأسف، فان بعض الشواهد حتى الآن على صعيد السلطة الفلسطينية، تقول بأن الانخداع ممكن –مرة أخرى رغم مرارة تجربة أوسلو -أو هو بدأ يحدث مرة أخرى لدى بعض قيادات السلطة الفلسطينية، وأن مطالبة الآخرين بقبول الخداع الصهيوني، محاولات متنامية، وهنا يصبح من المؤكد أن تعود المعسكرات في الساحة الفلسطينية إلى التحديد والتمايز والتشدد في الخلاف وان تعود الحالة إلى سابقتها، ليفعل كل طرف ما يراه وليتوه المشترك في زحمة الخلاف والتمايز.<BR>فالمتابع لما يجرى في الداخل الفلسطيني، يلحظ أن تصريحات رسمية فلسطينية، عادت للحديث مجددا حول فوضى السلاح، وان التشديد في اللغة بدا يتصاعد، بان حمل السلاح لن يكون مسموحا به إلا للشرطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية المخولة، كما أن هناك من أعلن أن محمود عباس أبو مازن، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية بعد عرفات والمرشح رئيسا، أرسل تعليمات إلى أجهزة الإعلام الرسمية الفلسطينية بوقف التحريض على العنف –أصبح الجهاد والمقاومة عنفا -تنفيذا بطبيعة الحال للمطلب "الإسرائيلي" الذي طالما اتهم أجهزة الإعلام الفلسطينية، خلال مرحلة قيادة عرفات بالترويج للعنف والإرهاب.<BR><BR>وكذلك على الصعيد السوري إذا التقط الصهاينة طرف التنازل السوري، وطوروا هجومهم، فبعد أن أعلنوا أنهم لا يرون جديدا في الموقف السوري، عادوا وتحدثوا عن مشكلة استمرار سوريا في "استضافة الإرهابيين " وأعلن شارون أنه مستعد للقاء الرئيس السورى بشرط يتعلق بإغلاق المكاتب "الإرهابية " وبعد وقت ربما يفاجئ شارون سوريا بقبوله لقاء الأسد بدون شروط، وهنا ستلعب الضغوط الغربية دورها وندخل في الدوامة.<BR><BR>وهي أمور تعيدنا إلى حالة من خداع النفس وخداع الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، بأن السلام مع” إسرائيل “ممكن دون المقاومة، وتعيدنا للأسف للمربع رقم واحد وإلى الدورة الجهنمية التي حدثت مع بدء الفعاليات العسكرية الانتفاضة من تنامي أفكار وآراء لدى أطراف في السلطة الفلسطينية، ترى أن هذه الأعمال تمثل خروجا على صلاحيات السلطة، وتعطي لإسرائيل المبرر السياسي أمام الدول الأجنبية، لممارسة عمليات القتل والاغتيال، تحت ذريعة الدفاع عن نفسها، وأن الانتفاضة يجب أن تظل فعلاً جماهيرياً فقط، وأن هذه الأعمال المقاومة، تضعف المجهود الدولي الداعم للسلام وهكذا إلى أن وصل الأمر إلى إدانة العمليات الاستشهادية...إلخ.<BR><br>