الجدار الفلسطيني المائل والسياسة العربية
15 ربيع الثاني 1425

هناك منظومة توازن جديدة وخطيرة باتت تحكم سياسة بعض الدول العربية الداخلية والإقليمية والدولية ، وبالنسبة لمصر فإن هذه المنظومة تضم عدداً من المتغيرات في المجالات الثلاث السابقة ، كما أن لها طرفين يتبادلان الشد والجذب بين هذه المتغيرات ، النظام المصري يمثل الطرف الأول ، والإدارة الأمريكية هي الطرف الثاني ، وعلاقة الشد والجذب هذه يمكن أن نلخصها في كلمة وحدة : التنازلات ، وبالطبع يقدم الطرف الأضعف " مصر " في هذه المنظومة أغلب التنازلات للطرف الأقوى " الإدارة الأمريكية " ، ويساعد فهم الأبعاد السياسية لهذه المنظومة في حل كثير من الإشكاليات السياسية التي تبدو مستعصية على الاستيعاب للوهلة الأولى ..<BR><BR>ونبسط الأمر أكثر فنقول: إن المتغيرات السياسية لمنظومة التوازن من بينها : الصراع العربي " الإسرائيلي " - سياسة الاحتلال الأمريكي في العراق – مبادرة الشرق الأوسط الكبير – الإصلاح السياسي الداخلي – تطورات الأحداث في السودان – الحرب على الإرهاب – المعونة الأمريكية السنوية ... إلخ <BR><BR>والحاصل أن هناك متغيرات يعدها كل نظام خطوطاً حمراء لا يمكن الاقتراب منها أو يلوح بأن التعدي عليها – أمريكياً – ستكون له عواقب وخيمة – على المصالح الأمريكية بالطبع – ولحمابة هذه المتغيرات لابد من تقديم تنازلات في قضايا أخرى ليحدث التوازن حسب موازين القوى بين الطرفين ..<BR><BR>وتعد الحكومة المصرية أن الإصلاح السياسي والمعونة الأمريكية والموقف من مبادرة الشرق الأوسط الكبير قضايا حساسة لا يمكن أن تقدم فيها تنازلات بالصورة التي تريدها إدارة بوش ، ولمحاولة التخفيف من تأثير ذلك سلبياً على العلاقة المصرية الأمريكية يبرز على الفور الجدار الفلسطيني المائل الذي يمكن الاستناد عليه في الأزمات السياسية ، وكل السياسيين العرب الذين تعاملوا مباشرة مع الطرف الصهيوني عن طريق التفاوض كانوا يصعدون على أكتاف القضية الفلسطينية ، حتى عرفات رئيس السلطة والمنظمة وفتح ..<BR><BR>وكتطبيق عملي لمنظومة التوازن الأمريكية، فإن الإعلان عن موقف عربي قوي في مواجهة الولايات المتحدة في إحدى القضايا لا ينبغي أن نعده مؤشراً إيجابياً ، بل هو نذير خطر فمن بعده مباشرة سيقدم تنازل كبير في إحدى القضايا الهامة ، وبذلك يمكن لنا أن ننظم بعض الأخبار المتناثرة في عقد هذه المنظومة، مثل : الرفض المصري لمبادرة الشرق الأوسط الكبير لعدم اعتبارها خصوصيات الدول – رفض مصر لإرسال قوات عسكرية إلى العراق – تمسك الحكومة المصرية برؤيتها الخاصة للإصلاح السياسي الداخلي - حاجة الاقتصاد المصري إلى المعونة الأمريكية السنوية – اتخاذ موقف سلبي من اتفاقية مشاكوس بين الحكومة السودانية وحركة جارانج - الموافقة على صفقة غاز كبرى مع العدو الصهيوني – التوسط لإعادة رفات جنود يهود قتلتهم المقاومة في غزة – واتخاذ موقف سلبي من المذبحة " الإسرائيلية " في رفح، وأخيراً الموافقة على تولي دور أمني في غزة بعد الانسحاب " الإسرائيلي " ..<BR><BR>وللأسف فإن اتباع دول عربية لهذه المنظومة في تحديد علاقاتها مع الولايات المتحدة يؤدي إلى إهدار أوراق مساومة قوية بأيدي السياسي العربي دون الحصول على مكاسب في مقابلها ، فقط إبقاء الأوضاع على ما هي عليه لمدة يعلمون جيداً أنها لن تطول ، كما يعلمون جيداً أن الأمريكيين لا يعقدون عقداً طويل الأجل مع أي دولة إسلامية ..<BR><BR>- ينشر بالتزامن مع ( المحايد )<BR><br>