هيئة علماء الإسلام والحزب الإسلامي
10 ربيع الأول 1425

أكتب هذه الكلمات، ومدينة الفلوجة العظيمة تدك دكاً بالطائرات الأمريكية، طائرات الديمقراطية والحضارة والمدنية! ومنذ يومين أو ثلاثة أيام سألت إحدى القنوات الفضائية المتحدث باسم هيئة علماء المسلمين في العراق عن رأيه فيما يحدث في الفلوجة، وما يدور من مفاوضات، فاتهم الشيخ أمريكا في نواياها، وأنها تأخذ هدنة للاستعداد لجولة ثانية مع الفلوجة، ثم سألت القناة أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب الإسلامي العراقي، فكان رده: إننا لا نتدخل في النوايا (نوايا أمريكا وكأنه يرتكب إثماً إذا تحدث عن نوايا أمريكا)، وأضاف: أنا بصفتي مهندس، والشيخ بصفته عالم لا نقدر هذه الأمور، هذه أمور تحتاج إلى عسكري ليحكم بها.. ا.هـ كلام عضو المكتب السياسي وتعليقنا على هذا الكلام:<BR>أولاً: كانت نظرة الشيخ وتوقعه صحيحاً، والدليل ما قامت به اليوم، ولا يمكن أن نثق بوعود وعهود أمريكا وأمثالها وحكامها يكذبون علناً وجهاراً نهاراً، والغرب لا يفي بوعوده إلا إذا كنت قوياً ونداً له.<BR>ثانياً: هذه المسألة مسألة سياسية وليست عسكرية كما ظن (عضو المكتب السياسي!) فهذا في فقه معرفة العدو، وفي معرفة سوابقه في نقض المعاهدات وفي قراءة التاريخ.<BR>ثالثاً: كان الأجدر بـ(عضو المكتب السياسي) والأليق به أن يكون مؤدباً مع هذا العالم، ويتكلم كلاماً لبقاً، مثل أن يقول: قد يكون الشيخ على حق ورأيه له وجاهة، ولكني أخالفه... مثلاً.. أو إني أرى المسألة كذا، وتتكلم عن رأيك الخاص، أم أنك لا تحب موافقة الشيخ ولو جزئياً فتصبح متهماً من قبل أمريكا.<BR>رابعاً: إذا لم تقتنع برأي الشيخ، فنقول لك: إذا كنت تعمل بالسياسة فيجب أن تقرأ التاريخ، واقرأ ماذا قيل عن الغرب ونقضه للعهود، وماذا قال الذين جربوا الغرب وعرفوه أكثر مما تعرفه.<BR>يقول الأمير شكيب أرسلان: "ولما كانت معاهدات الدول الاستعمارية مع أهالي الأقطار - التي تضع نصب أعينها الاستيلاء عليها – هي في الغالب محاط استراحة بين الحملة والحملة، ومنازل استجمام بين مراحل الحرب لا غير بحيث لدى توفر القوة لا تعدم عذراً في نقض تلك المعاهدات التي لم تبرمها منذ البداية إلا على نية النقض، وكانت في الواقع مصدقة لقوله _تعالى_: "وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ" (لأعراف: من الآية102)(1).<BR>ويقول أيضاً: "وليعلم أن الدول المستعمِرة لا تقبل من الإسلام حتى ولا الصداقة، وإنها لا ترضى من المسلمين إلا بذل الأرواح والأموال مجاناً"(2).<BR>هذا هو الغرب، فكلام المتحدث باسم هيئة علماء المسلمين صحيح مئة في المئة، وندعو (عضو المكتب السياسي) لمراجعة نفسه.<BR><BR>___________<BR>(1) حاضر العالم الإسلامي 2/170.<BR>(2) حاضر العالم الإسلامي 1/331.<BR><br>