سر على بركة الله ودع عنك بنيات الطريق
4 جمادى الأول 1424

لقد هبَّت في عصرنا رياح التجديد والإصلاح والتغير ؛ أنعشت أصحاب الهمم العالية ، والطموحات المتوقدة بإحياء الأمة من رقدتها ، والنهوض بها إلى قمم الجبال ، ونقلها إلى شاطئ الأمان. </br> فظهر المصلحون والمجددون والمتفرِسُون والرموز فامتطوا صهوة خيولهم ، وأخذوا بزمام أمتهم ليقودوها إلى عزتها ورفعتها ومكانتها التي هيأها الله لها . </br> والتجديد لم تخل منه الأمة في مر تاريخها ففي كل رأس مائة عام مجدد يجدد ما اندثر من أمر أمته إما في الدعوة ، أو العلم ، أو السياسية ، أو الجهاد ، أو الصمود على المبدأ ...... ويظهر هذا بجلاء لمن أعاد ذاكرته إلى الوراء ، وفتش ونقب فيما سطره من أخذ على عاتقه سبر أحوال المجددين ، ومن ثمّ حفظها وتدوينها لمن يأتي في الأزمان القادمة وقد أيسوا واستبعدوا أن يأتي من يكون من بني جلدتهم ، وقد ولد بين أكنافهم وترعرع في أحضانهم من ينفض عنهم غبار اليأس والقنوط ويوصلهم إلى مكانتهم اللائقة بهم ، وليعلموا أنه قد مر على أسلافهم حال مثل حالهم أو أشد ، وما هي إلا أيام وليالي فإذا هم في موضع يشار إليهم بالبنان في جميع شئونهم حضارة و أمناً و رخاءً ..... ولمكانة التجديد وأهله أصبح هذا المصطلح أكثر المصطلحات إثارة وشيوعاً وانتساباً إليه في الفكر المعاصر ، ولحب البعض بالدخول تحت لوائه ؛ اختلف من مفهومه من مفكر إلى آخر ، ومن مصلح إلى مصلح آخر . </br> بل إنه أصبح وسيلة لتحقيق بعض المصالح الشخصية ، أو الأغراض السياسية ، أو شعاراً لتمرير بعض الأفكار الهدامة فالعلمانيون والحداثيون استخدموه شعارا ً وستاراً لتحقيق مأربهم في عشرينيات القرن الماضي في " مصر" مطرزة بأسماء براقة "الإصلاحية الإسلامية " أو " النهضة الإسلامية " . </br> </br> ومن سبر الماضي والحاضر عاين أن هذا المصطلح استغله البعض للعبث بمفاهيم الدين . ولهذا يجب علينا أن نكون على حذر ويقضة من الخلط بين تجديد " الإسلاميين " وعبث البعض من علمانيين وحداثيين وانهزاميين تحت عباءة ومضلة التجديد، والإصلاح . </br> ومشهد التجديد والإصلاح له أسس ومقومات لا بد لمن يريد أن يكون من عداد المجددين والمصلحين أن يتصف بها وأن تتحقق به ، وفي مقدمة هذه الأسس الصبر واليقين ؛ لأن فيهما تُنال الإمامة في الدين .<BR> فالطريق أمام المجدد والمصلح طويل ..... حافل بالاضطراب والتموج ..... ملئ بالمتاعب والمصائب ...... يتخلله قلة المعين والصاحب ...... تحتاج إلى يقين لا يسايره شك ... ، وروح تتطلع إلى آمال من قريب ..... ، وعقد جازم أن آلامك التي قد تحيط بك إحاطة السوار بالمعصم هي محض آمالك . والطمأنينة تنبعث من جنباتك إلى أن دعوتك وتجديدك ستتحول إلى واقع في يوم من الأيام . وهمة عالية ورغبتك في الخير راقية ، ولتكن قدماك في الثراء وهمتك في الثرياء . وتيقن أن غثّكَ خير من سمين غيرك .<BR> ولن تبلغ منشودك حتى تبذل فيه الغالي والنفيس . وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام وتحتاج إلى صدق ترقب إلى أن أفكارك وآراءك ستظهر بجلاء إلى عالم الوجود ولو كانت بداية انطلاقتها من مكان خفي . وشفقة مع عدم تزحزح وتنازل إذا قيد أحد رجالاتك إلى مكان في العراء . <BR> وأنت بأمس الحاجة إلى سياجي التقى و الصلاح يحميانك من الإثم والطمع ، والمراوغة والضغينة . ملاك الأمر تقوى الله فالزم عراها والتُّـقَـاة حلَى الثِّقات وغض الطرف عمن امتهن حرفة الولوغ في الأشخاص والهيئات بدون مسوغ شرعي ساعده على هذا المسلك الذميم الجشأ ، أو الزعامة الاجتماعية ، أو الزعامة الدينية ؛ كأنه ليس في المجتمع من هو مهيأ للتجديد أو الإصلاح أو النهوض بالأمة إلا هو ! أو أن الأمة لا تستطيع أن تصل إلى شاطئ الأمان إلا بقيادته وحنكته ! أو أن البساط لم يكن مهيأ للجلوس عليه إلا هو ! وأنه وحده المهيأ أن يكون الناطق الرسمي للأمة ! أو الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ، أو النفعية الدنيوية . وقد غلف بغلاف شرعي الغيرة ، حماية الدين من الدْخل ، سد الطريق أمام من يريد إقحام الصحوة وشبابها فيما لا تحمد عقباه .<BR>ولهذا ترى الوشاية ، أو التجني عليه بالثلب والسلب ، أو المزاحمة بالأكتاف والأكعب ديدنه . وأشد ما يكون هذا إذا كان من قريب إما في النسب أو الدين الذي من المفترض أن يكون عضدك وناصرك وحاميك . وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً على النفس من وقع الحسام المهنّد متذكراً قول القائل الأول : لا بد للسؤدد من أرماح ومن سفيه دائم النباح . ولأنه لابد في التمر من سُلال النخل ، و في العسل من إبر النحل . وهذا المسلك من أعظم بنيات الطريق التي تكون أمام المصلح والمجدد من بداية الطريق إلى منتهاه سيما إذا انبرى لها صاحب نفوذ مؤثر ، وثقة الناس فيه سائرة . فعليك أن تهيأ نفسك لمثل هذا " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات " ، واعتنِ بأمر نفسك ودعوتك فإن كل امرئ في شأنه ساعٍٍ . بل الأعظم من ذلك استثمارها والاستفادة منها. فلا تجعل هاجس الحسد أو الحقد شماعة تعلق عليها كل من نقدك أو خطَّأك . <BR>وليس من لوازم مشهد التجديد والإصلاح العصمة ، وصوابة الرأي ، والمشورة فتكون خارج النقد البناء ، أو الاعتراض الهادف " كل بني آدم خطأ " . <BR>وإنه لمن الخلل الواضح في سيرة العظماء والمجددين الاستهانة بآراء الآخرين ، والتقليل من شأنهم ، وعدم الإصغاء إلى النقد ، وخاصة إذا لم يكن بأسلوب لبق يرتضيه ؛ حيث لم يظهر فيه التقدير في ثناياه ! . ولهذا ما إن ينتهي الناقد والمعترض من بغيته إلا ويدندن في مسامعه " إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت" . فوسام التجديد والإصلاح لا يكفي وحده أن يضفي على رأيك أو طرحك الصبغة الشرعية . وإنه لمن الخلل التربوي أو الفكري أو المنهجي أن يريد الواحد منا أن يكون مما يحتويه مضمون النقد أو الاعتراض هو الموجود في مضمون الاستحسان والموافقة من حيث المدح والثناء والإطراء وذكر الجميل المطرز بنوع من المبالغة في بعض أحيانه ؛ مع أنّ هناك بينهما بوناً شاسعاً . <BR>ولا تشغل نفسك ووقتك في كسب ود من عاداك لأجل دينك ومنهجك ودعوتك . فإن راهنت في ذلك فهو رهان خاسر ، وجهد ضائع : كل العدوات تُرجى مودتها إلا مودة من عادك في الدين . وصلى الله وسلم على قدوة المجددين والمصلحين وعلى آله وصحبه أجمعين . كتبه إبراهيم بن محمد السعوي سر على بركة الله ودع عنك بنيات الطريق لقد هبَّت في عصرنا رياح التجديد والإصلاح ؛ أنعشت أصحاب الهمم العالية ، بإحياء الأمة من رقدتها ، والنهوض بها إلى قمم الجبال .<BR> فظهر المصلحون والمتفرِسُون فأخذوا بزمام أمتهم ليقودوها إلى عزتها ومكانتها التي هيأها الله لها . والتجديد لم تخل منه الأمة في مر تاريخها ففي كل رأس مائة عام مجدد يجدد ما اندثر من أمر أمته إما في الدعوة ، أو العلم ، أو الجهاد ، أو الصمود على المبدأ ...... ويظهر هذا بجلاء لمن أعاد ذاكرته إلى الوراء ، وفتش فيما سطره من أخذ على عاتقه سبر أحوال المجددين ، ومن ثمّ تدوينها لمن يأتي في الأزمان القادمة وقد أيسوا أن يأتي من يكون من بني جلدتهم ، من ينفض عنهم غبار اليأس والقنوط ويوصلهم إلى مكانتهم اللائقة بهم ، وليعلموا أنه قد مر على أسلافهم حال مثل حالهم أو أشد ، وما هي إلا أيام فإذا هم في موضع يشار إليهم بالبنان في جميع شئونهم حضارة و أمناً و رخاءً ... ولمكانة التجديد وأهله أصبح هذا المصطلح أكثر المصطلحات إثارة وشيوعاً وانتساباً إليه في الفكر المعاصر ، ولحب البعض بالدخول تحت لوائه ؛ اختلف من مفهومه من مفكر إلى آخر ، ومن مصلح إلى مصلح آخر .<BR> بل إنه أصبح وسيلة لتحقيق بعض المصالح الشخصية ، أو الأغراض السياسية ، أو شعاراً لتمرير بعض الأفكار الهدامة فالعلمانيون والحداثيون استخدموه شعاراً وستاراً لتحقيق مأربهم في عشرينيات القرن الماضي في " مصر" مطرزة بأسماء براقة " النهضة الإسلامية " . <BR>ولهذا يجب علينا أن نكون على حذر ويقضة من الخلط بين تجديد " الإسلاميين " وعبث البعض من علمانيين وحداثيين وانهزاميين تحت عباءة ومضلة التجديد، والإصلاح .<BR> ومشهد الإصلاح له أسس ومقومات لا بد لمن يريد أن يكون من عداد المصلحين أن يتصف بها ، وفي مقدمة هذه الأسس الصبر واليقين ؛ لأن فيهما تُنال الإمامة في الدين .<BR> فالطريق أمام المصلح طويل ..... حافل بالاضطراب والتموج ......... ملئ بالمتاعب والمصائب ...... يتخلله قلة المعين والصاحب .......... تحتاج إلى يقين لا يسايره شك ... ، وعقد جازم أن آلامك التي قد تحيط بك إحاطة السوار بالمعصم هي محض آمالك . والطمأنينة تنبعث من جنباتك إلى أن دعوتك وتجديدك ستتحول إلى واقع في يوم من الأيام . وهمة عالية ورغبتك في الخير راقية . وتيقن أن غثّكَ خير من سمين غيرك . ولن تبلغ منشودك حتى تبذل فيه الغالي والنفيس .<BR> وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام وتحتاج إلى صدق ترقب إلى أن أفكارك وآراءك ستظهر بجلاء إلى عالم الوجود ولو كانت بداية انطلاقتها من مكان خفي .<BR> وأنت بأمس الحاجة إلى سياجي التقى و الصلاح يحميانك من الإثم والطمع ، والمراوغة والضغينة . ملاك الأمر تقوى الله فالزم عراها والتُّـقَـاة حلَى الثِّقات وغض الطرف عمن امتهن حرفة الولوغ في الأشخاص والهيئات بدون مسوغ شرعي ساعده على هذا المسلك الذميم الجشأ ، أو الزعامة الاجتماعية ، كأنه ليس في المجتمع من هو مهيأ للتجديد أو النهوض بالأمة إلا هو ! أو أن الأمة لا تستطيع أن تصل إلى شاطئ الأمان إلا بقيادته وحنكته ! وأنه وحده المهيأ أن يكون الناطق الرسمي للأمة ! أو الحسد ، أو النفعية الدنيوية . وقد غلف بغلاف شرعي الغيرة ، حماية الدين من الدْخل ، سد الطريق أمام من يريد إقحام الصحوة وشبابها فيما لا تحمد عقباه ........ولهذا ترى الوشاية ، أو التجني عليه بالثلب والسلب .<BR> وأشد ما يكون هذا إذا كان من قريب إما في النسب أو الدين الذي من المفترض أن يكون عضدك وناصرك وحاميك . وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً على النفس من وقع الحسام المهنّد متذكراً قول القائل الأول : لا بد للسؤدد من أرماح ومن سفيه دائم النباح .<BR> ولأنه لابد في التمر من سُلال النخل ، و في العسل من إبر النحل . وهذا المسلك من أعظم بنيات الطريق التي تكون أمام المصلح من بداية الطريق إلى منتهاه سيما إذا انبرى لها صاحب نفوذ مؤثر ، وثقة الناس فيه سائرة . فعليك أن تهيأ نفسك لمثل هذا " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات " ، واعتنِ بأمر نفسك ودعوتك فإن كل امرئ في شأنه ساعٍٍ . بل الأعظم من ذلك استثمارها والاستفادة منها. فلا تجعل هاجس الحسد أو الحقد شماعة تعلق عليها كل من نقدك أو خطَّأك . <BR>وليس من لوازم مشهد الإصلاح العصمة ، وصواب الرأي فتكون خارج النقد البناء " كل بني آدم خطأ " . وإنه لمن الخلل الواضح في سيرة العظماء الاستهانة بآراء الآخرين ، والتقليل من شأنهم ، وخاصة إذا لم يكن بأسلوب لبق يرتضيه ؛ حيث لم يظهر فيه التقدير في ثناياه ! . ولهذا ما إن ينتهي الناقد والمعترض من بغيته إلا ويدندن في مسامعه " إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت" . فوسام التجديد والإصلاح لا يكفي وحده أن يضفي على رأيك أو طرحك الصبغة الشرعية .<BR> وإنه لمن الخلل التربوي أو الفكري أو المنهجي أن يريد الواحد منا أن يكون مما يحتويه مضمون النقد هو الموجود في مضمون الموافقة من حيث المدح المطرز بنوع من المبالغة في بعض أحيانه ؛ مع أنّ هناك بينهما بوناً شاسعاً . ولا تشغل نفسك ووقتك في كسب ود من عاداك لأجل دينك ودعوتك . فإن راهنت في ذلك فهو رهان خاسر ، وجهد ضائع : كل العدوات تُرجى مودتها إلا مودة من عادك في الدين .<BR> وصلى الله وسلم على قدوة المجددين والمصلحين وعلى آله وصحبه أجمعين .<BR><br>