فكرة للدعوة

دخلت إحدى المكتبات لشراء بعض الأدوات المكتبية فوقعت عيني على بطاقات صغيرة وأشكالها جميلة فجرني حب الاستطلاع إليها ودلني الفضول على فتحها ففتحتها فضجت بموسيقى صاخبة فانزعجت وأقفلتها فانقطع ذلك الصوت ولمحت داخل البطاقة كلمات عشق ورسومات لأسهم وقلوب ووو إلخ .
خرجت من المكتبة وأنا أفكر كيف لو استبدلت هذه الموسيقى المزعجة بشيء مفيد ..!
لبثت بعدها أياما فإذا بأحد أصدقائي يريني شهادة تقدير لطفل إذا فتحتها تسمع منها أناشيد تشجيعية طيبة بنفس ما كانت عليه البطاقات الموسيقية .... وذكرتني بما رأيته في المكتبة .. فأخذت منه الشهادة ورجعت إلى البيت فتحت أجزاءها فوجدتها بسيطة جدا حيث إنها تتكون من ثلاث بطاريات صغيرة متصلة بـ آي سي صغير ومكثفات للصوت وسماعة صغيرة وملصوقة بالبطاقة الورقية إذا فتحت البطاقة فإنها تسمح بمرور الكهرباء من البطاريات إلى الآي سي ليعمل الصوت .. فألقى الله في قلبي هذا السؤال : ماذا لو استبدلنا صوت النشيد أو الموسيقى بقصة هادفة أو موعظة مؤثرة أو تعليم للصلاة أو صفة للوضوء أو حث على الخير .... إلخ ونستبدل الكتابة التي داخل البطاقة بكلمات تناسب التسجيل ... بحيث أن المستمع المستخدم يقرأ ويسمع في وقت واحد ... ونختار الصوت من بطون الأشرطة الإسلامية بحيث أننا نختار المقاطع الأشد تأثيرا ونضيف إليها بعض المؤثرات الصوتية ونبثها على الآي سي ونكتب عليها بعض الكلمات التي تناسب الموضوع المطروح بشرط أن تكون المدة من دقيقة إلى 10 أو 15 دقيقة .

وننزلها بمواضيع متنوعة مثلا : عقوبة تارك الصلاة , الكذب , الغيبة , النميمة , قول الزور وشهادة الزور , الزنا , النظر الحرام , السرقة , السحر والكهانة , الشرك بالله وووو .... إلخ ومثل هذه المواضيع يستفيد منها الدعاة والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر وذلك بإهداء بطاقة منها إليه لتؤدي هي مهمتها , وأيضا يستفيد منها الذين يحجمون عن إنكار المنكر بألسنتهم بسبب الحياء أو غيره فسيستفيدون منها كثيرا

أيضا يمكن أن نضمنها مواضيع للحث على الخير والترغيب في فضائل الأعمال مثلا : فضل شهر رمضان , فضل عشر ذي الحجة, صيام عاشورا , صيام يوم عرفة , .... وغيرها من المقاطع الجميلة المبثوثة في الأشرطة الإسلامية .

ويمكن أيضا أن نضع فيها مجموعة تعليمية : كتعليم الصلاة بالصوت والصورة وتعليم الوضوء وتعليم العمرة والحج و و و إلخ وذلك بوضع صور توضيحية مرقمة داخل البطاقات يتابع المستخدم الصوت مع الصورة ليعرف كيفية الصلاة أو الوضوء .....إلخ ليستفيد من ذلك المدرسون والمربون والحجاج والمعتمرون وغيرهم
كما يمكن أن نضع فيها مجموعة قصصية أو كلمات وعظية مؤثرة وقصص للأطفال و وتعليمات للجاليات بلغات مختلفة وغيرها و غيرها من المواضيع التي لا يمكن حصرها .
وبذلك نكون قد جئنا بوسيلة دعوية جديدة ومشوقة .

الفوائد العملية للفكرة :
1- الجمع بين الشريط والكتاب في آن واحد فهو يسمع ويقرأ .
2- إيصال المضمون مباشرة بدون مقدمات ولا مطولات .
3- تنشيط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع
4- التشويق والإثارة والتجديد .
5- تعدد المواضيع .
6- الاختصار في الوقت وأداء المضمون .


تكملة القصة : اكتملت الفكرة عندي تماما وبدأت في اتخاذ الخطوات التنفيذية للعمل فبدأت بالسؤال عن " الآي سيهات والمكثفات " والجهاز الذي يقوم بإدخال الأصوات على الآي سي وسألت عن أسعارها وطريقة تجميعها .....

وللأسف وجدت القطع غالية هنا في السعودية جدا ولو أردنا صنع بطاقة واحدة فقط لكلفتنا 30 ريال تقريبا بغض النظر عن الأجهزة المهمة لإتمام عمليات البرمجة والحفظ .

شعرت بحزن نوعاً ما لأن غلاء القطع سيرفع سعر القطعة بسعر غير معقول وحينها لن يشتري المنتج أحد، وهذا خلاف ما آمله وأرجوه .

سافرت بعدها إلى الرياض في استضافة مؤسسة الملك عبد العزيز لرعاية الموهوبين – وكان الله قد أكرمني بكوني أحد الفائزين بجائزة الإبداع العلمي للعام الماضي - ووجدتها فرصة لألتقي فيها بخبراء ومهندسين لأعرض عليهم بعض ما أطمح إليه من مشاريع وكان هذا المشروع ( البطاقات الدعوية ) هو الذي شغل بالي في ذلك الوقت أكثر من غيره فحدثت فيه دكتور مهندس في كلية الطيران والعلوم الفلكية فكنت أعرض عليه مشاريعي ويستحسنها فلما وصلت إلى هذا المشروع لم يهتم به كثيراً ..!

اتصلت بعدها بأستاذ إلكترونيات في كلية التقنية وفاتحته في الموضوع وشرحت له فكرتي فقال: ( فكرة رائعة جدا ولكن لن تستطيع تصنيعها في السعودية لغلاء القطع الالكترونية ... وإذا أردت فعلا تنفيذها فلن تستطيع إلا عن طريق الصين وهي مسألة سهلة ويمكنني أن أتفق لك مع الشركات الصينية لتصنعها لك بأقل الأسعار، حيث يكون سعر البطاقة الواحدة أقل من ريال مع مكاسب الوسيط ويقل السعر كلما زادت الكمية المصنعة ونشترط عليهم جودة المنتج ووضوح الصوت وإتقان العمل وما عليك إلا جمع المقاطع الصوتية وتجهيز الكتابة التي تكون داخل البطاقات وتحديد طول البطاقة وعرضها ثم إرسالها للصين وسيأتيك العمل جاهز )..

طرت فرحا بكلامه وسألته هل أنت متأكد من كلامك ؟؟ فقال هذا شغلي وتخصصي وقد عملت أعمالا كثيرة مثل هذه عن طريق الصين وتعاملت معهم .
اتجهت مباشرة لمكتب الدعوة وتوعية الجاليات بأبي عريش مستعينا بهم بعد الله لأني لا أملك مالاً يقوم بالمشروع وكلمت أحد أعضائها فأعجب بالموضوع وتحمس له وجمعني بمدير المكتب وأعضاء المكتب فتحمسوا هم أيضا وزادوني حماسا وبدأت أشرح لهم طريقة تنفيذه وذلك كالآتي :

أولا : نقوم بوضع مسابقة تسمى ( مسابقة أجمل مقطع صوتي ) وننشرها بين الناس بحيث يقوم المتسابق بتسجيل أجمل المقاطع الصوتية من الأشرطة الإسلامية لمدة 10 – 15 دقيقة على شريط كاسيت أو اسطوانة ليزرية ويسجل اسمه وعنوانه في ورقة ويضعها جميعا في ظرف ويرسلها للمكتب لنجمع بذلك أكبر عدد ممكن من المقاطع الصوتية وفي وقت قصير . ولنستفيد من هذه المقاطع مستقبلا في مشاريع أخرى ولنحث الناس على سماع الأشرطة الإسلامية المفيدة .

ثانيا : فرز الصوتيات وكتابة المواعظ والكلمات المناسبة عليها .

ثالثا : تحديد الميزانية وعدد النسخ التي سنطلبها

رابعا : تحديد طول وعرض البطاقة واختيار الصور المناسبة لكل موضوع .

خامسا : الإرسال إلى الصين ثم تسويقها بسعر ريالين لكل بطاقة ليستطيع الناس شراءها

سادسا : العائدات المالية ستكون مضاعفة مرة ونصف تقريبا وكل العائدات المادية ستكون للمكتب التعاوني للاستفادة منها في مجالات دعوية أخرى .

وانتهى الاجتماع واتفقنا أن تكون النسخ 20000 نسخة . مع أنها قليلة جدا ولا تتناسب مع طموحاتنا، حيث إننا كنا نريدها أن تنتشر في كل أسواق المملكة، ولكن هذا جهد المكتب .

في نفس ليلة الاجتماع توفي ولدي الصغير – رحمه الله - فتأخر الموضوع أياما وانشغلت بمواساة أمه التي كادت تجن لموت ولدها...

عدت للمكتب التعاوني بعد ذلك وسألتهم عن الموضوع فأخبروني أنهم اجتمعوا مع أمين صندوق المكتب فأخبرهم أن ميزانية المكتب هذا العام لا تسمح وأن لديهم مشاريع أهم تحتاج إلى تنفيذ . فعدت أفكر ما أفعل فلم أجد حلا إلا أن أقوم بمراسلة أهل الفضل لعلهم يستطيعون أن يدعموا المكتب لتنفيذ هذا العمل أو يقوموا هم بتنفيذه أو عرضه على التجار و أهل الخير لينفذوه ونحن على أتم الاستعداد لمساعدتهم والتعاون معهم علما أنني لا أريد من وراء ذلك طائلا بل أبغي به وجه الله والتقرب إليه جل وعلا عسى أن يغفر به ذنوبي ويرفع به درجتي في عليين وأحببت أن أشرككم معي في هذا الفضل ... والله من وراء القصد