في أوزبكستان: أيهما أهون؛ عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة؟

وافق المجلس الأعلى للبرلمان الأوزبكي يوم الجمعة الماضي (29/يونيو/2007م) على قرار إلغاء عقوبة الإعدام واستبدالها بالسجن مدى الحياة.

وبناء على هذا القرار فإن نظرية محاكم التفتيش الأوزبكية تقول:

"إن أخطر المجرمين والإرهابيين الذين يستحقون عقوبة الإعدام في الأصل، لكنهم وبفضل رحمة وشفقة الرئيس الأوزبكي لهم سوف يحكم عليهم بسجنهم مدى الحياة ابتداءً من أول عام 2008م ويقضون ما تبقى من حياتهم في المعتقل الجديد والخاص"!

ونحن أمام هذا القرار "الكريموفي" الجديد نستذكر بعض النقاط المتعلقة به:

1. أوزبكستان هي الدولة الوحيدة في آسيا الوسطى من حيث كون المحاكم فيها تعلن عقوبة الإعدام تجاه الكثير من المتهمين ، وفي حالات كثيرة، ولا سيما منذ بدء حملات الاعتقال الجماعية في عام 1999م بعد التفجيرات التي دبرّتها في الحقيقة الاستخباراتُ الأوزبكيةُ لتبرير سياسة القمع.
2. أوزبكستان هي الدولة الوحيدة التي لم تسلم جثامين الشهداء الذين أُعدِموا إلى أهاليهم ، بل ولَمْ تُسَلِّم أيَّ تقرير طبي يثبت أن عقوبة الإعدام قد نُفِّذَت بالفعل! فهناك العشرات من الشباب الإسلامي الذين صدر بحقهم عقوبة الإعدام لا يُعرَف مصيرُهم الحقيقي بالتأكيد حتى الآن، ولا تزال عند بعض أقاربهم آمال وآلام حول ذويهم الذين صدر بحقهم حكم الإعدام.
3. إن المأساة الحقيقية ليست في عقوبة الإعدام نفسها، فنحن أمام أهوال وطوامّ هائلة قبل أن نصل إلى قضية الإعدام؛ أولها وأخطرها؛ سياسة التعذيب التي تطال كل من يلقى القبض عليه منذ أول لحظة الاعتقال إلى نهاية المصير! فيا ليت جلادي "كريموف" يقدّرون الكرامة الإنسانية ولو بدرجة كرامة الحيوان! فليس هناك مخلوق وحشي يعذب الحيوانات كما تعذب الوحوش "الكريموفية" عموم الناس. وتكاد أن تكون قاعدة: "كل من سُجن في أوزبكستان فقد تعرض هو وأقاربه لأنواع من التعذيب والتحقير النفسي والجسدي غير القانوني بل وغير الإنساني" مطّردة تماماً.
4. وهناك الكثير من الإسلاميين والسياسيين الذين عُذّبوا حتى الموت! منهم من غُمس في المياه المغلية، ومنهم من أدخل في دبره وفي أماكن أخرى من جسده المواسير الحديدية ، ومنهم من نُزعت أظافره وضُرب بالعصي المطاطية والحديدية حتى الهلاك، ومنهم من اغتصبت أمه أو أخته أو زوجته أمام عينيه فلم يستطع تحمل هذا العذاب النفسي حتى مات قهرا وكمداً، ومنهم من حُقن بإبر معدية للأمراض الفتاكة، ومنهم من أصيب بأمراض خبيثة بسبب انتشار الأمراض في داخل الوحدة والغرفة الصغيرة التي يسجن فيها العشرات، ومنهم من أطلق سراحه بسبب تدهور صحته ثم مات في خارج السجن عند أهله، وما أكثرهم، ومنهم ,,, ومنهم ...
5. الحديث عن التعذيبات الراهنة في أوزبكستان طويل ومتشعب، وليس بإمكان مثل هذه المقالة المختصرة الإلمام بجميع جوانب الموضوع، ولو خُيِّر الإنسان بين أمرين أحلاهما مرُّ؛ إما التعذيب النفسي والجسدي مدى الحياة، أو الإعدام الميسّر، لاختار الثاني! فهذه هي أمنية سجناء أوزبكستان باختصار، ولكنها الأمنية التي لن تحصل ما دام المجرم الدموي "كريموف" وجلادوه مسيطرين على الحكم و{إنا لله وإنا إليه راجعون}.
6. فهذه الحقيقة الأليمة تؤكد لنا؛ أن إلغاء عقوبة الإعدام لن يغير شيئاً من هذا الواقع المأساوي الذي يعايشه سجناء أوزبكستان وأقاربهم الذين يشكلون ملايين المسلمين الأوزبك. لأن جميع من أُعلِن بأنهم قد أُعدِموا لا نعرف حتى الآن ما فُعل بهم! وبالتالي؛ فإن جميع من سيحكم عليهم بالسجن مدى الحياة أيضاً لا نعرف عن مصيرهم شيئاً، اللهم إلا المعلومة الواحدة وهي أنهم يُحبَسون ويُعذَّبون في ذلك السجن الخاص الجديد الذي لم ينته البناؤون من تشييده بصورته النهائية حتى الآن، وهو في منطقة نائية غرب أوزبكستان ضمن أراضي جمهورية "قاراقالباغستان" التابعة إدارياً لحكومة أوزبكستان!
7. كلما سبق كان الحديث فيه عن السجناء الذين تعترف الحكومة بإلقاء القبض عليهم، وهناك قضية المخطوفين الذين لا تعترف الحكومة بأنها اعتقلتهم، وهي قضية تكاد تكون منسية تماماً، مع أن عددهم يقترب من المائة مخطوف –حسب بعض التقديرات-، بل الأدهى والأمر أن كثيراً من المخطوفين لا يدرى عنهم شيء، لأن السلطات الأوزبكية إذا تأكدت بأنها تستطيع القضاء على شخص معارض بسرية تامة فإنها لا تقصّر في ذلك أبداً، عملاً بضد التوجيه النبوي: "لا تحقرنّ من المعروف شيئاً"، فهي لا تحتقر من المنكر شيئاً، فمتى ما تيسرت طريقة صامتة للقضاء على أي شخص إسلامي أو سياسي لا يرضى بالتبعية للحكومة فإنها تبادر إلى الاستفادة من هذه الطريقة، فأحياناً تفاجئ بيقظة أصحاب ذلك المخطوف الذين يدافعون عن قضيته ويرفعون صوته إلى العالم، وهذا قليل جداً، وفي أغلب الأحيان تغيب قضية المخطوف مع خطفه بشكل تام، والله المستعان، و{إنا لله وإنا إليه راجعون}.