بين يدي المراكز الصيفية

إن من نعم الله عز وجل على أبنائنا وجود المراكز الصيفية والتي تحفظ فيها أوقات الشباب من الضياع والشتات ، وتحفظ أعمارهم من الزيغ والانفلات .

ولا يوجد أحد منا ممن مر بتلك المراكز وعاش في جنباتها إلا ويقر لها ولمن قام عليها بالفضل بعد الله عز وجل .

وقد تأملت في هذه المرحلة التي تمر بها المراكز والصعوبات التي تواجهها والهجوم المتكرر عليها من قبل أعدائها ومبغضيها – وقد يرد في كلامهم من الحقيقة ما ينبغي علينا الإقرار به والاعتراف بوجوده – فخرجت بكلمات أسوقها كاقتراحات للقائمين على المراكز ، لعلي أسهم بها في تطوير المراكز ودفع عجلة تقدمها ، ويمكن حصرها فيما يلي :

1- تعاني بعض المراكز الصيفية من شيخوخة المشرفين وكبر سن القائمين عليها ، وهو ما يوجد فجوة هائلة بين المربي والمتربي ، هذه الفجوة من مظاهرها صعوبة فهم المربي لسلوكيات وتصرفات المتربين والمستهدفين بهذه المراكز ، فالمربي يرى هذه التصرفات خاطئة وفق ما نشأ عليه وربي عليه ، فيتعامل معها بأسلوب لم يعد مقبولاً في ذهن المتربي الذي يرى أن تصرفاته سليمة و لا يجد مبرراً للعقوبة التي نزلت به إلا عجز المشرفين عن فهمه وفهم تصرفاته .

فالمراكز قد تعاني من قيادة شاخت وبيئة شابة ومتطورة لها سلوكياتها وتصرفاتها التي لا يدرك حقيقتها ولا يعرف دلالتها إلا من قرب من سن الشباب وعرف أسرارهم وفهم حركاتهم ، لذا نتساءل متى يتاح للطاقات الشابة والقدرات اليافعة بالقيادة والتصرف والاعتراف بأن الزمن يتغير وهو بحاجة إلى قيادة متغيرة توافق تطوره وتطوع جديدة لخدمة الدين ورفعة الأمة ؟

2- تعاني المراكز الصيفية من عدم وضوح الهدف من إقامتها: فهل هو حفظ أوقات الشباب – أياً كانت وسيلة الحفظ ؟ أم توفير البيئة المناسبة لاستقامة الشباب وصلاحهم ؟ أم استخراج طاقات الشباب وقدراتهم ومن ثم توجيههم إلى الوجهة التي يمكن أن يفيدوا بها أمتهم وبلادهم –بعيداً عن تقييم الاستقامة وعدمها ؟!

وجهة نظر نسوقها للقائمين على المراكز الصيفية أن يكون هدفهم من إقامة المراكز اكتشاف طاقات الشباب ومعرفة توجهاتهم وميولهم ومحاولة دفعهم لتنمية مهاراتهم بما يفيد الأمة حاضراً ومستقبلاً.
وهذا لا يتأتى من مراكز تدار بعقول لا تؤمن بعصر الحوسبة ولا تعرف ما هو الانترنت ! ولا يتأتى من عقول فهمت أن المراكز هي – محطة مؤقتة للشباب تحفظهم من الإقامة على الأرصفة , إن المراكز مجهر يكتشف بها إبداع المبدع فيوجه إلى المكان المناسب لتطوير إبداعه وتحقيق آماله.

3- لا يمكن للعقول التي لا تستطيع أن تتوافق مع تطورات العصر أن تسّير عقولاً لا يدور في خلدها إلا ما تشاهده على شاشة حاسوبها أو شاشة التلفاز أو غيرها من وسائل الميديا الحديثة .
هذه الفجوة تجعل المراكز لا تتجاوز برنامج كرة العصر وحلقة التحفيظ وبرنامج مسرحي يقوم على أداء اعتباطي لا يوجه و لايكتشف .
العقول الشابة تحاكم وتدقق في أذهان من تشاهد فإن رأت ما يوافق تصورها ويستطيع أن يحتويها وإلا أدبرت إلى أماكن الكوفي شوب والانترنت كافيه وصالات البلياردو المظلمة !!.

4- الهجوم الذي تتعرض له المراكز الصيفية من أبرز أسبابه – انعزال المراكز عن وسائل الإعلام التي أصبحت تؤثر تـأثيراً ملحوظاً في القرار , فهل يمكن أن نشاهد في كل مركز صيفي مركزاً إعلامياً يزود وسائل الإعلام بالتقارير ويستضيف الإعلاميين والصحفيين المهتمين ؟ هذا بلا شك لا يعني أن تكون المراكز كلأً مباحاً لكل من هب ودب تحت مسمى الإعلام، فمهمة المركز الإعلامي التنسيق بين إدارة المركز وزواره.

5- من أبرز العيوب التي تعاني منها المراكز الصيفية وغير الصيفية: أنها تدار من غير متخصص!
فإدارة المركز لا يديرها من يجيد فن الإدارة والمتمرس عليها ، وهكذا بقية المناشط المصاحبة للمركز فأين الإعلامي المتخصص ؟ وأين الرياضي المتخصص ؟ وأين المسرحي المتخصص ؟ وأين المهني المتخصص ؟
المتخصص يستطيع أن يكتشف المواهب وأن يطورها وأن يوجهها إلى ما ينفعها وينفع أمتها , والمقصود بالمتخصص من تخصص في أحد هذه المناشط مع تقوى الله عز وجل وحسن الخلق .

لا نريد أن تكون أسماء الأسر في المركز بأسماء الصحابة وغيرهم من الأبطال والنجباء والأدباء ثم يكون ما بداخلها لا يعدل الحبر الذي كتبت به تلك الأسماء !!
بل نريد أسراً ومجموعات يمكن أن تخرج لنا من يكون كأولئك في همه وتطلعه وعمله ، متى ما حدث ذلك فسيكون لأمة غد مشرق يفرح به المؤمن ويغاظ به الكافر .
تلك الكلمات ليست لمراكز الشباب فقط بل حتى مراكز ودور الفتيات والنساء ..والله الموفق