عصر البغال

... احتد النقاش ، وتعالت الأصوات ، في صحيفة (عيني عينك)
عند مناقشة قضية حوادث السيارات .
أكثر من 40 ألف قتيل ومصاب سنويا، ضحايا حوادث الطرق !
إنها إحصائية مفزعة .
لكن من المتسبب ؟ من الجاني ؟ من المقصر ؟
أهو المواطن؟ أم المرور ؟ أم الإعلام ؟ أم اليابان والأمريكان ؟
وبعد فاصل من القصف الذهني العشوائي في مكتب رئيس التحرير، صرخ الجميع بصوت واحد ، إنها السيارة !
نعم إنها السيارة ، سر مصائبنا ، لقد رملت النساء ، ويتمت الأطفال ، إنها أم الخبائث!
حطموها ، أخرجوها ، ما بنا إليها حاجة .
إننا على استعداد لركوب البغال!
نعم نركب البغال ، وما عيب إلا العيب...
أجل خشونة البغال ، ولا جحيم السيارات ...
ولكن كيف نقنع الناس بركوب البغال ! ؟
الأمر جد بسيط... بحزمة مقالات في صحيفتنا (عيني عينك) ،
وبمسلسل مكسيكي ، وآخر هندي، في قناتنا الفضائية عن أم الخبائث
( السيارة) ، وبحملة إعلانية مكثفة تحمل شعار:

( مع البغال تجد راحة البال !)

نستطيع إقناع الناس بركوب البغال ، والحمير أيضا !

بهذه العبثية ، والفوقية ، والتسطيح ، والسطحية ، تقوم بعض وسائل الإعلام ، بالتعاطي مع مشكلات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وتتوجه إلى القراء ، والمشاهدين ، بخطاب تحريضي ، مؤد لج ، موغل في السطحية ، والإسفاف ، والتخلف . وتناست تلك الصحف والقنوات ، أننا نعيش في وطن لا مكان فيه لتلك المسرحيات،
وتلك البكائيات ، إنه وطن العلم والإيمان .
إنه وطني الحبيب

--
جامعة ام القرى