أنت هنا

ظاهرة الهجوم على منهج السلف 2/2
15 ربيع الثاني 1428

القسم الثالث: العلاج ووسائله:
لا شك أن هذا الدين منصور، وأنه كما جاء في الأحاديث لا تزال طائفة من هذه الأمة قائمة بالحق لا يضرها من خذلها ولا من خالفها حتى يأتي أمر الله تعالى. وكما سبق في المقدمة فإن هذا الذي يجري وقد تكلمنا عن أسبابه ومظاهره لا يخرج عن سنة الله تعالى في الصراع بين الحق والباطل، والعاقبة للمتقين.
ولأن المؤمنين لا بدّ أن يأخذوا بالأسباب وقد أمروا بذلك فإن هذا الهجوم على عقيدة ومنهج السلف الصالح يحتاج إلى أخذ بكافة الأسباب لمدافعة هذا الباطل وتثبيت الحق والدعوة إليه.
وتعداد وسائل العلاج وطرائقه مما يطول ولا يخفى على البصير، ومن نظر في الأسباب والمظاهر استنتج جملة كبيرة من وسائل العلاج التي قد يتجاوز تعدادها المئات، خاصة عند التفصيل.
ومن باب المشاركة في هذا الباب الواسع المتنوع نذكر جملة منها على وجه الاختصار، وقد يكون عند المشايخ الفضلاء ما هو أهم وأجدى نفعاً.
فمن وسائل العلاج:

1 – ثبات المؤمنين السائرين على منهاج السلف على عقيدتهم ومنهاج سلفهم الصالح، وهذا الثبات على الدين هو أحد الواجبات، بل غاية المؤمن في هذه الحياة أن يثبته الله على الحق حتى يلقى ربه تعالى غير مغيّر ولا مبدل.
وأثر هذه الوسيلة العظيمة يظهر من وجوه، أهمها:
أ – الاستقامة وما لها من عواقب وآثار في حياة المسلم في الدنيا وعند الموت وفي الآخرة.
ب – أن الذي يثبت على منهجه هو الجدير بتقديمه منهجه هذا للناس ودعوتهم إليه، أما الشاك المتردد فلا يمكن أن يقنع الآخرين بمنهجه.
جـ - القدوة التي تجعل الآخرين يقتدون به، ومعلوم أن هذه الصفة العظيمة تنهار حين ينهار أو يتغير صاحبها.
د – السلامة من كل آثار الانتكاسة والتقلب التي تصيب الإنسان في قلبه وعلمه وعمله ودعوته... إلخ.

2 – الصبر والمصابرة على الثبات على هذا المنهج مهما تحزبت الأحزاب ضده وضد منهجه. وللمسلم هنا أن يتذكر ثبات المؤمنين لما تحزبت الأحزاب يوم الخندق على المسلمين، قال تعالى: "وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً ، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً" (الأحزاب:22، 23).
ومعلوم أن من أظهر سمات السلف في كل وقت أن منهجهم واحد لا يتغير وأنهم يدعون إليه ولا يغيّرون ولا يتغيرون.
3 – التأصيل العلمي المبنيّ على منهج علمي متكامل، ومعلوم أن أعظم ما يواجه به الباطل والبدعة والانحراف الدليل الصحيح من الكتاب والسنة.
ومن ثم فلا بدّ من إحياء مدارس العلم بين يدي العلماء [التي لا تعكرها نظم المدارس والجامعات النظامية التي أخلت بكثير من شروط طلب العلم النافع – مع ما فيها من فوائد لا تنكر].
ولذا فلا بد من الإكثار من دروس العلم التي تعنى بالعلم النافع عموماً وبعلم الكتاب والسنة و العقيدة خصوصاً، بحيث تشمل كافة الفئات من العامة إلى طلاب العلم المتمكنين.
وينبغي أن يكون هناك تواصٍ وحثٌّ بين طلاب العلم والمشايخ في كل مكان على ذلك. وحبذا لو تحول هذا إلى مشاريع دروس في كل مدينة بحيث تكون أكثر ترتيباً، بدلاً من واقع الدروس الحالية التي كثيراً ما يتيه فيها الطلبة.
[وهناك مشروع لتنظيم دروس يومية في كل مدينة يختار لها أحد الجوامع المناسبة ويأتي المشايخ إليه لإلقاء دروسهم كالدورات العلمية، ولكن ذلك يمتد طول العام بشكل لا يثقل على المشايخ].

4 – وجود مشاريع دعوية تركز على العقيدة وعلى المنهاج الصحيح في الاستدلال، ويستخدم لذلك كافة الوسائل، ومنها:
- الدروس العلمية كما سبق.
- المحاضرات العامة.
- الندوات والدورات.
- الندوات الفكرية التي تقام في الديوانيات والبيوت [المسماة بالثلوثية أو الأحادية].
- الجولات الدعوية المنتشرة في كل مكان التي تركز على العقيدة.
5 – لا بدّ من مشاريع علمية – وقفية وغير وقفية – لنشر كتب السلف وتوزيعها في كل مكان داخل المملكة وخارجها وفي المناسبات المختلفة من حج وعمرة وغيرها.
فمثلاً: يقترح طباعة عشرات الألوف من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية وتوزيعها في أوسع نطاق... وهكذا.
6 – اختيار كتب أو كتيبات منهجية مركزة تخاطب أكبر شريحة وتعيد الثقة بالمنهج – منهج السلف – ويطبع منها مئات الألوف لتصل إلى كل بيت – وترتيب مسابقات عليها [كما حدث مثلاً لحراسة الفضيلة].
7 – انتشار مراكز بحوث للردود والمناقشات:
أ – مناقشات آنية للبرامج الحوارية في وسائل الإعلام كالإذاعة والتلفزيون.
ب – ومناقشات لما ينشر في الصحف.
جـ - ولنشر الكتب والبحوث المركزة للرد على أهل البدع والمخالفين وبيان تناقضهم وضعف حججهم.

8 – الأقسام العلمية الشرعية في الجامعات تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الميدان، بأن تركز في بحوثها على مسائل العقيدة والمذاهب المعاصرة ضد أعدائها المعاصرين.
9 – تدعو المجلات الإسلامية إلى التصدي لهذا الهجوم على عقيدة ومنهاج السلف، وما كان منها له جهود طيبة فيرجى المزيد والتركيز.
10 – السعي لبث عدة محطات فضائية موثوقة وقوية ومؤصلة لتقوم بالدور المطلوب في هذه الأمور والمسائل العقدية والشرعية [ووجود محطة واحدة لا يكفي].
11 – مواقع الشبكة المعلوماتية ينبغي دراستها بشكل جيد من دعم المواقع المميزة، وإيجاد مواقع أخرى مميزة تحمل المنهج، ويكون لكل موقع مجموعة من الفضلاء في منطقة من المناطق.
12 – الموضوعات المشكلة كالتعليم أو الإعلام أو المرأة ونحوها والتي هي محل الغزو الفكري من الجانب العلماني المنحرف ينبغي فتح ملفات عنها حتى يكشف زيف هؤلاء.
ومثلاً [وثيقة المرأة] التي طبعت يمكن أن تكون نواة مشروع كبير حول المرأة.
13 – الاحتساب على هؤلاء بشتى الوسائل المناسبة، وهذا باب غير الردود، وقد تبيّن أن الاحتساب له دور كبير وملموس في أمور كثيرة، فينبغي أن يكون موضوع المنهج والعقيدة على رأس هذه الأمور.
14 – النصح لهؤلاء المنحرفين، ونعني به تكثيف النصح في كل مدينة ومنطقة يوجد بها هؤلاء، وذلك من أجل إقامة الحجة على هؤلاء ولعلهم يرجعون ويتوبون، ومن أجل إبقاء هذه الأمور حيّة حتى يعلم هؤلاء أن الأمر ليس هيناً.
15 – فضح مخططات هؤلاء: مثل:
- كشف علاقة العلمانيين بأعداء الدين من الصليبيين وغيرهم.
- وكشف ولاء الرافضة وعلاقتهم بمراجعهم الدينية والسياسية خارج المملكة.
- وكشف حقيقة الصوفية والتقاؤهم بصوفية العالم وفضح تاريخهم المخذل في الأمة.
وهكذا.

16 – التصدي – عن طريق الاحتساب – لمحاولات هؤلاء كسر حواجز العقيدة – مثل البناء على القبور ونحوها.
17 – ينبغي مداومة الرد على هؤلاء المنحرفين وأهل البدع بالوسائل الممكنة حتى يعلموا أن الأمة ترفضهم وترفض باطلهم، وحتى لا يستريحوا لباطلهم وما يدعونه من نجاح . ذلك الذي يدعوهم إلى نشر باطل آخر...
18 – إظهار تناقض هؤلاء في كل وقت:
فمثلاً: تناقض العلمانيين في ادعاء الوطنية وهم يوالون الأعداء من الصليبيين وغيرهم.
ومثلاً: يهاجم بعض هؤلاء السلف مدعياً أنهم لا يحكمون العقل ثم هو يمجد الرافضة بخرافاتهم التي لا تعقل.
ومثلاً: هناك من يمجد الغرب بعلميته وعقلانيته المزعومة ثم هو يمجد النصارى بخرافاتهم، أو يمجد الصوفية بخرافاتهم.
19 – نشر العقيدة الصحيحة خارج المملكة واجب كبير وهو في النهاية مدّ معنوي مهم، والعقيدة الصحيحة واحدة وصوت أصحابها واحد.
20 – التركيز على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومؤازرة محمد بن سعود له – رحمهم الله جميعاً – وأن هذه البلاد تميزت بهذه العقيدة السلفية الصحيحة، وأنها لا فكاك لها عنها.
21 – العمل على وضع كتاب يضم تراجم الأئمة السائرين على منهج السلف عبر العصور، وكتابة أقوالهم في ذلك، حتى يتبين للجميع وللأعداء خاصة أن هذه العقيدة لا يختص بها ابن تيمية أو محمد بن عبد الوهاب، بل عقيدة هؤلاء الأئمة جميعاً.

22 – هناك مسائل تتعلق في منهج السلف في الأحكام الشرعية، والتي خاض فيها أهل البدع ودعاة التأويل ومدعوا التنوير والعصرانية، وهي تحتاج إلى بيان وردّ ومناقشة لهؤلاء الخائضين فيها بغير حق.
ومن هذه المسائل:
أ – التجديد في مسألة التعامل مع آيات القرآن الكريم وما أدخله هؤلاء من التأويل الباطل.
ب – التحديد في مصطلح الحديث، وطريقة أخذ السنة النبوية والاحتجاج بها.
جـ - التجديد في أصول الفقه وقواعده المعروفة، ومحاولة هؤلاء العبث بها وبما أصله الأئمة في هذا الباب.
د – مسألة التيسير في الشريعة والخلط فيها.
هـ - مسألة المصالح والمقاصد في الشريعة والخلط فيها.
و – مسألة الوسطية ومدلولها ومفهومها الصحيح وخلط هؤلاء فيها.
ز – مسألة الفتوى والترجيح عند اختلاف العلماء وتخليط هؤلاء وزعمهم أن الحق يتعدد.
ح – مسألة تتبع الرخص التي لم يدل عليها دليل، وتتبع شواذ العلماء وفتاواهم المرجوحة، وتأصيل هذا الباب.
23 – أخيراً يقترح إنشاء مركز علمي – مستقل – يتولى شؤون هذه المسائل التي سبقت الإشارة إليها في عدة فقرات، ويتولى التخطيط والتنفيذ.

هذا ما تيسر جمعه في هذه العجالة، ونسأل الله لنا ولإخواننا الثبات والهداية. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.