الفيض في تحقيق حكم الطلاق في الحيض (1/3)
16 شوال 1430
أ.د. سليمان العيسى

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وأمينه على وحيه، وأرسله الله رحمة للعالمين وبشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وأزال الله به الغمة فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين ..
أما بعد:
فإن الأحكام المتعلقة بالطلاق في الحيض، خاصة حكم وقوع الطلاق أو عدم وقوعه من المباحث الجديرة بالعناية والاهتمام والتي تدعو الحاجة إلى بحثها بحثاً مستفيضاً، لذا رأيت أن أجمع إلى أمهات المؤلفات، ويجد فيها القارئ بحول الله بغيته وأمنيته وقد أسميته (الفيض في تحقيق حكم الطلاق في الحيض) وهذا الموضوع كما لا يخفى على طلبة العلم قد بحثه غير واحد من أهل العلم في مؤلفاتهم ومنهم على سبيل المثال لا الحصر، شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية(1). وتلميذه ابن القيم(2)، وابن حزم في المحلى(3)، وابن حجر(4) في الفتح والصنعاني(5) في سبل السلام والشوكاني في نيل الأوطار(6).
وأحمد شاكر وغيرهم(7) إلا أنني أريد جمع الأدلة وبسط القول في هذا الموضوع مع التحقيق والترجيح خاصة في مسألة وقوع الطلاق في الحيض أو عدم وقوعه وذلك على النحو التالي:
1 – ذكر من قال بوقوع الطلاق في الحيض أو عدم وقوعه.
2 – استقصاء الأدلة لكل من الفريقين ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة.
3 – الاعتناء بالأحاديث الواردة فيها وتخريج ما يحتاج منها إلى تخريج مما لم يكن في الصحيحين أو أحدهما، مع بيان وجه الدلالة من كل دليل، ومناقشة وجه الدلالة من المخالف إن وجدت.
4 – ذكر منشأ الخلاف وثمرته في هذه المسألة وفي غيرها من المسائل المتعلقة بالطلاق في الحيض.
5 – حكمة الشرع فيما نهى عنه أو أمر به مما يتعلق بتلك المسائل.
6 – الخروج من كل مسألة في هذا الموضوع بترجيح مع التوجيه.
معنى الطلاق.
معناه في اللغة:
الطلاق في اللغة له عدة معان منها التخلية والإرسال يقال طلقت الناقة إذا سرحت حيث شاءت وحبس فلان في السجن طلقاً بغير قيد، وأطلقه فهو مطلق وطليق: سرحه فهو رفع القيد مطلقاً(8) ومنه الطلاق المعروف، قال الجوهري في الصحاح، وطلق الرجل امرأته تطليقاً، وطلقت هي بالفتح تطلق طلاقاً فهي طالق وطالقة أيضاً قال الأعمش: أجارتنا بيني فإنك طالق.
قال الأخفش: لا يقال طلقت بالضم، ورجل مطلاق أي كثير الطلاق للنساء، وكذلك رجل طلقه مثال همزةٍ.
وناقة طالق ونعجة طالق أي مرسلة ترعى حيث شاءت، والطالق من الإبل التي يتركها الراعي لنفسه لا يحتلبها على الماء يقال: استطلق الراعي ناقة لنفسه(9).

معناه في الشرع:
أما تعريف الطلاق في الشرع فمعناه متفق عليه بين الفقهاء على اختلاف مذاهبهم وإن تفاوتت ألفاظهم غير أن بعضهم يضيف بعض القيود الخاصة باللفظ.
قال الكمال بن الهمام في فتح القدير: وفي الشرع – يعني معناه في الشرع: رفع قيد النكاح بلفظ مخصص(10).
وعرفه المالكية: بأنه صفة حكمية ترفع حلية تمتع الزوج بزوجته موجباً تكررها مرتين زيادة على الأولى للتحريم(11).
وعرفه الشافعية والحنابلة: بأنه حل قيد النكاح(12) وبناءً على ما تقدم يتبين لنا أن معناه في الشرع ينصرف إلى حل القيد المعنوي وهو في المرأة.

تعريف الحيض.
تعريفه في اللغة:
الحيض في اللغة السيلان يقال: حاض الوادي: إذا سال، وحاضت الشجرة إذا سال صمغها قال الجوهري في الصحاح، حاضت المرأة تحيض حيضاً ومحيضاً فهي حائض وحائضة أيضاً، عن الفراء، وأنشد:
كحائضة يزني بها غير طاهر.
ونساء حيض وحوائض، والحيضة المرة الواحدة، والحيضة بالكسر الاسم، والجمع الحيض، والحيضة، أيضاً: الخرقة التي تستثفر بها المرأة. قالت عائشة رضي الله عنها: (ليتني كنت حيضة ملقاة) وكذلك المحيضة، والجمع المحائض واستحيضت المرأة أي استمر بها الدم بعد أيامها فهي مستحاضة، وتحيضت، أي قعدت أيام حيضها عن الصلاة، وفي الحديث: تحيَّض في علم الله ستاً أو سبعاً، وحاضت السمرة حيضاً وهي شجرة يسيل منها شيء كالدم(13).
هذا وقد نقل النووي رحمه الله في المجموع عن صاحب الحاوي أن للحيض ستة أسماء وردت في اللغة أشهرها الحيض، والثاني الطمث، والثالث العراك، والرابع الضحك، والخامس الإكبار، والسادس الإعصار(14).

معناه في الشرع:
الحيض في الشرع: اختلفت فيه عبارات الفقهاء رحمهم الله غير أن المعنى متقارب.
فقد عرفه الكاساني الحنفي بأنه اسم لدم خارج من الرحم لا يعقب الولادة مقدر بقدر معلوم في وقت معلوم فلا بد من معرفة لون الدم وحاله ومعرفة خروجه ومقداره ووقته(15).
وعرفه المالكية: بأنه الدم الخارج من الفرج على عادة الحيض من غير علة ولا نفاس(16).
وعرفه الشافعية: بأنه دم يرخيه رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة(17).
وعرفه الحنابلة: بأنه دم طبيعي يخرج مع الصحة من غير ولادة من قعر الرحم يعتاد أنثى إذا بلغت في أوقات معلومة(18).
وبناءً على ما تقدم فالحيض هو الدم الخارج من أقصى رحم المرأة في حال صحتها وبلوغها من غير ولادة ولا مرض ولونه عادة أسود ذو رائحة كريهة.

حكم الطلاق في الحيض.
الطلاق في الحيض طلاق بدعي مخالف للسنة وقد أجمع العلماء رحمهم الله على ذلك.
قال ابن المنذر ما نصه: (وأجمعوا على أن الطلاق للسنة: أن يطلقها طاهراً قبل عدتها(19) بل قد ذكر النووي وابن قدامة الإجماع على تحريمه).
قال رحمه الله في شرح صحيح مسلم ما نصه: (أجمعت الأمة على تحريم طلاق الحائض الحائل بغير رضاها فلو طلقها أثم)(20).
وقال ابن قدامة في المغني (وأما المحظور) فالطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه أجمع العلماء في جميع الأمصار وكل الأعصار على تحريمه ويسمى طلاق البدعة(21).
الأدلة على تحريم الطلاق في الحيض:
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) (الطلاق: من الآية1).
قال ابن جرير في تفسيره حدثنا أبو كريب قال: حدثنا ابن إدريس قال سمعت الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: الطلاق للعدة طاهراً من غير جماع وروى ابن جرير أيضاً بسنده عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه كان يرى طلاق السنة طاهراً من غير جماع وفي كل طهر وهي العدة التي أمر الله بها.
ومن الأدلة على تحريم الطلاق في الحيض ما جاء في الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال له: مره فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء(22).
وفي رواية لمسلم في قصة طلاق ابن عمر لزوجته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليراجعها فردها وقال: إذا طهرت فليطلق أو يمسك قال ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)(23) وفي رواية لمسلم أيضاً عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال: طلقت امرأتي وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال مره فليراجعها حتى تحيض حيضة أخرى مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيها فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً من حيضتها قبل أن يمسها فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله، وكان عبد الله طلقها تطليقة واحدة فحسبت من طلاقها وراجعها عبد الله كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم(24).
فهذه الأدلة واضحة الدلالة على تحريم الطلاق في الحيض، ولهذا تغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم لطلاق ابن عمر في الحيض ولا يغضب صلى الله عليه وسلم إلا إذا كان حراماً ويدل على الحرمة أيضاً الأمر بإمساكها بعد المراجعة ثم يطلقها في الطهر.
هذا وليعلم أن تحريم الطلاق في الحيض خاص بالمدخول بها أما من لم يدخل بها فيجوز طلاقها حائضاً وطاهراً قال ابن القيم رحمه الله ما نصه: وأما من لم يدخل بها فيجوز طلاقها حائضاً وطاهراً كما قال تعالى: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) (البقرة: من الآية236).
وقال تعالى: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) (الطلاق: من الآية1)، وهذه لا عدة لها وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" ولولا هاتان الآيتان اللتان فيهما إباحة الطلاق قبل الدخول لمنع من طلاق من لا عدة له عليها(25).
هذا وقد قال ابن حجر في فتح الباري، إنه يستثنى من تحريم طلاق الحائض صور: منها ما لو كانت حاملاً ورأت الدم وقلنا الحامل تحيض فلا يكون طلاقاً بدعياً ولا سيما إن وقع بقرب الولادة، ومنه إذا طلق الحاكم على المولى واتفق وقوع ذلك في الحيض، وكذا في صورة الحكمين إذا تعين ذلك لرفع الشقاق، وكذا الخلع(26).
وهذه الشروط كلها مستنبطة من حديث ابن عمر المتقدم في قصة طلاق زوجته، ومن صور طلاق السنة أيضاً أن يطلقها وهي حامل فقد جاء في بعض روايات حديث ابن عمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعمر مرة فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً. رواه مسلم(27).

حكمة المنع من الطلاق في الحيض:
اختلف العلماء رحمهم الله في حكمة المنع من الطلاق في الحيض على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
إن المنع من الطلاق في الحيض لكونه حال النفرة والزهد في الوطء، فلا يطلقها إلا في حال الرغبة في الوطء، وهذا هو المشهور من مذهب الحنفية وهو قول أبي الخطاب من الحنابلة، فقد جاء في تبيين الحقائق للزيلعي ما نصه: "وليس له أن يطلقها في حالة الحيض لأنها زمان النفرة فلعله يندم في زمان الطهر عند توقان النفس إلى الجماع فلا يمكن تفويت ما جعل الشرع نظر له ولا يقال إنما كره في حالة الحيض لأجل تطويل العدة لأنا نقول لو طلقها في حالة الحيض بعدما طلقها في طهر لم يجامعها فيه كان مكروهاً وليس فيه تطويل العدة(28).
وجاء في الإنصاف ما نصه: "أكد الأصحاب على أن العلة في منع الطلاق في الحيض هي تطويل العدة، وخالفهم أبو الخطاب فقال: لكونه في زمن رغبة عنها.
القول الثاني:
أن الحكمة هي تطويل العدة وهذا هو مذهب جمهور العلماء إذ هو المشهور من مذهب مالك والشافعي وقول أكثر أصحاب أحمد وهو قول في مذهب الحنفية، قال ابن رشد في مقدماته ما نصه: "وإنما نهى المطلق أن يطلق في الحيض لأنه إذا طلق في الحيض طول عليها العدة وأضرّ بها لأنما بقي من تلك الحيضة لا تعتد به في إقرائها فتكون في تلك المدة كالمعلقة لا معتدة ولا ذات زوج ولا فارغة من زوج وقد نهى الله عن إضرار المرأة بتطويل العدة عليها بقوله: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً) (البقرة: من الآية231)، وذلك أن الرجل في الجاهلية كان يطلق المرأة ثم يمهلها فإذا شارفت انقضاء عدتها راجعها ولا حاجة له بها ثم طلقها فأمهلها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها راجعها لتطول العدة عليها فنهى الله عن ذلك بهذه الآية(29).
وجاء في الإنصاف للمرداوي الحنبلي ما نصه: "أكثر الأصحاب على أن العلة في منع الطلاق من الحيض هي تطويل العدة".
وقال الكاساني: "في بدائع الصنائع حول الطلاق في الحيض ما نصه: ولأن فيه – أي الطلاق في الحيض – تطويل العدة عليها لأن الحيضة التي صادفها الطلاق فيه غير محسوبة من العدة فتطول العدة عليها وذلك إضرار بها(30).
القول الثالث:
أن منع الطلاق في الحيض تعبدي لا يعقل معناه وهذا القول ذكره ابن تيمية رحمه الله عن بعض المالكية حيث قال ما نصه: وتنازعوا في علة منع طلاق الحائض: هل هو تطويل العدة كما يقوله أصحاب مالك والشافعي وأكثر أصحاب أحمد، أو لكونه حال الزهد في وطئها فلا تطلق إلا في حال رغبة الوطء لكون الطلاق ممنوعاً لا يباح إلا لحاجة كما يقوله أصحاب أبي حنيفة وأبو الخطاب من أصحاب أحمد أو هو تعبد لا يعقل معناه كما يقوله بعض المالكية على ثلاثة أقوال انتهى كلامه(31).
وفي نظري أن الحكمة في المنع من الطلاق في الحيض تتضمن كل ما تقدم فالإسلام نهى عن ذلك لحكمة عظيمة ومصلحة شرعية لها مكانتها، تلك هي المحافظة على الأسرة ومراعاة جانب المرأة وحمايتها، أما المحافظة على الأسرة: فإن الطهر زمان رغبة الرجل في المرأة لا سيما في الطهر الذي لم يجامعها فيه لأن الطلاق أيضاً في الطهر المجامع فيه غير مشروع وإذا كانت المرأة في حال طهر لم تجامع فيه كان الزوج على حال كمال في الرغبة بها والرجل لا يطلق امرأته في زمان كمال الرغبة إلا لشدة الحاجة إلى الطلاق فيكون الطلاق واقعاً للحاجة، ومثل هذا المطلِّق لا يلحقه الندم ولا يكون طلاقه ضرراً بخلاف زمان الحيض فإن الطبيعة تنفر فيه عن المرأة كذلك الأمر بالنسبة لما بعد الجماع فإن الرجل تضعف رغبته في زوجته فقد يتسرع إلى إيقاع الطلاق دون حاجة حقيقية لإيقاعه.
أما مراعاة جانب المرأة فإنها لو طلقت حائضاً لطالت عدتها لأن الحيضة التي صادفها الطلاق فيه غير محسوبة من العدة فتطول عدتها فتعاني مزيداً من الانتظار والتربص فتكون في تلك المدة كالمعلقة لا مطلقة ولا ذات زوج ولا فارغة من زوج وقد نهى الشارع عن الإضرار بالمرأة قال تعالى: (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) (البقرة: من الآية231).
وهكذا نجد أن الإسلام قد منع من الطلاق في الحيض لما يترتب عليه من الضرر والإضرار، ولما يترتب على المنع منه من مصلحة ظاهرة للزوجين بل للأسرة جميعاً فلله الحمد على ذلك وله الحكمة البالغة في أمره ونهيه وقضائه وحكمه (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة: من الآية50).

حكم المراجعة من الطلاق في الحيض:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم المراجعة من الطلاق في الحيض على قولين:
القول الأول: وجوب المراجعة وهو مذهب مالك وقول في مذهب أبي حنيفة وذكر ابن عابدين أنه الأصح، وهو رواية عند الحنابلة.
القول الثاني: استحباب الرجعة وهو قول في مذهب الحنفية وقول الشافعي والمشهور في مذهب الحنابلة.

الأدلة:
أدلة القول الأول:
استدل الموجبون للرجعة بقوله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه في قصة طلاق ابنه في الحيض المتقدمة: مره(32) فليراجعها – قالوا والأمر يقتضي الوجوب، قالوا ولأن الرجعة تجري مجرى استبقاء النكاح واستبقاؤه ههنا واجب بدليل تحريم الطلاق ولأن الرجعة إمساك للزوجة بدليل قوله تعالى: (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) (البقرة: من الآية231).
فوجب ذلك كإمساكها قبل الطلاق، ولما تتضمنه المراجعة من رفع المعصية التي وقع فيها المطلق بالحيض(33).

أدلة القول الثاني:
استدل القائلون باستحباب الرجعة بما يأتي:
قال ابن قدامة في المغني: ولنا أنه طلاق لا يرتفع بالرجعة فلم تجب عليه الرجعة فيه كالطلاق في طهر مسها فيه فإنهم أجمعوا على أن الرجعة لا تجب حكاه ابن عبد البر عن جميع العلماء، وما ذكروه من المعنى ينتقض بهذه الصورة، وأما الأمر بالرجعة فمحمول على الاستحباب كما ذكرنا. انتهى(34).

الترجيح والمناقشة:
قلت والذي يترجح لي هو القول بوجوب الرجعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بها والأمر يقتضي الوجوب إلا لصارف ولم يوجد، ودعوى تعذر ارتفاع الطلاق بالرجعة – على القول بوقوع الطلاق – لا يصح أن كون صارفاً للصيغة عن الوجوب لجواز إيجاب رفع أثرها وهو العدة وتطويلها إذ بقاء الشيء بقاء ما هو أثره من وجه فلا تترك الحقيقة.
أما الاستدلال على عدم وجوب الرجعة من الطلاق في الحيض بالقياس على عدم وجوبها من الطلاق في الطهر المجامع فيه حيث هو مجمع عليه كما ذكره ابن عبد البر فعنه جوابان:
الجواب الأول: عدم التسليم بدعوى الإجماع على عدم وجوب الرجعة من الطلاق في الطهر المجامع فيه قال ابن القيم في شرحه لسنن أبي داود ما نصه: "وقوله صلى الله عليه وسلم ثم ليطلقها طاهراً قبل أن يمس دليل على أن طلاقها في الطهر الذي مس فيه ممنوع فيه وهو طلاق بدعة، وهذا متفق عليه فلو طلق فيه قالوا لم يجب عليه رجعتها.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن الرجعة لا تجب في هذه الصورة، وليس هذا الإجماع ثابتاً وإن كان قد حكاه صاحب المغني أيضاً فإن أحد الوجهين في مذهب أحمد وجوب الرجعة فيه كما تجب في زمن الحيض(35).

الجواب الثاني: لو سلمنا جدلاً بدعوى الإجماع فإن قياس الرجعة من الطلاق في الحيض على الرجعة من الطلاق في الطهر المجامع فيه قياس مع الفارق لعدة وجوه:
الوجه الأول: أن الأمر بالارتجاع من الطلاق في الحيض جاء من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأت من الطلاق فيا لطهر المجامع فيه، نعم قد جاء النهي عن إيقاع الطلاق في كل منهما وكل منهما مخالف للسنة وطلاق بدعة باتفاق العلماء كما تقدم لكن الأمر بالمراجعة لم يأت إلا من الطلاق في الحيض.
الوجه الثاني: أن كثيراً من العلماء رحمهم الله قد فرقوا بينهما في الحكم فقد جاء في المدونة الكبرى لمالك ما نصه: (قلت) أرأيت إن طلقها في طهر جامعها فيه هل يأمره مالك بمراجعتها كما يأمره بمراجعتها في الحيض (قال) لا يؤمر بمراجعتها وهو قرء واحد وإنما الصواب أن يطلق في طهر لم يجامع فيه(36).
وقال ابن حجر في فتح الباري بعد ذكره الأمر بالمراجعة من الطلاق في الحيض ما نصه: واتفقوا على أنها إذا انقضت عدتها أن لا رجعة وأنه لو طلق في طهر مسها فيه لا يؤمر بمراجعتها كذا نقله ابن بطال وغيره لكن الخلاف فيه ثابت قد حكاه الحناطي من الشافعية وجهاً(37).
وقال ابن رشد في بداية المجتهد: وكل من اشترط في طلاق السنة أن يطلقها في طهر لم يمسها فيه لم ير الأمر بالمراجعة إذا طلقها في طهر مسها فيه(38).
الوجه الثالث: ما ذكره ابن القيم رحمه الله بقوله "ولمن فرق بينهما أن يقول: زمن الطهر وقت للوطء وللطلاق، وزمن الحيض ليس وقتاً لواحد منهما فظهر الفرق بينهما، فلا يلزم من الأمر بالرجعة في غير زمن الطلاق الأمر بها في زمنه ولكن هذا الفرق ضعيف جداً فإن زمن الطهر متى اتصل به المسيس صار كزمن الحيض في تحريم الطلاق سواء ولا فرق بينهما.
الوجه الرابع: ذكره ابن القيم أيضاً حيث قال: الفرق المؤثر عند الناس أن المعنى الذي وجبت لأجله الرجعة إذا طلقها حائضاً منتف في صورة الطلاق في الطهر الذي مسها فيه فإنها إنما حرم طلاقها في زمن الحيض لتطويل العدة عليها فإنها لا تحتسب ببقية الحيضة قرءاً اتفاقاً فتحتاج إلى استئناف ثلاثة قروء كوامل، وأما الطهر فإنها تعتد بما بقي قرءاً ولو كان لحظة فلا حاجة بها إلى أن يراجعها، فإن من قال الأقراء الأطهار كانت أول عدتها عنده عقب طلاقها، ومن قال هي الحيض استأنف بعد الطهر، وهو لو راجعها ثم أراد أن يطلقها لم يطلقها إلا في طهر فلا فائدة في الرجعة هذا هو الفرق المؤثر بين الصورتين(39).

حكمة الأمر بالرجعة من الطلاق في الحيض:

قال ابن القيم رحمه الله في شرحه لتهذيب سنن أبي داود: ثم اختلف الموجبون للرجعة في علة ذلك:
فقالت طائفة: إنما أمره برجعتها ليقع الطلاق الذي أراده الله في زمن الإباحة وهو الطهر الذي لم يمسها فيه فلو لم يرتجعها لكان الطلاق الذي ترتبت عليه الأحكام هو الطلاق المحرم والشارع لا يرتب الأحكام على طلاق محرم فأمره برجعتها ليطلقها طلاقاً مباحاً يترتب عليه أحكام الطلاق.
وقالت طائفة: بل أمره برجعتها عقوبة له على طلاقها في زمن الحيض فعاقبه بنقيض قصده وأمره بارتجاعها عكس مقصوده.
وقالت طائفة: بل العلة في ذلك أن تحريم الطلاق في زمن الحيض معلل بتطويل العدة فأمره برجعتها ليزول المعنى الذي حرم الطلاق في الحيض لأجله(40).

وقت الطلاق لمريده بعد الطلاق في الحيض:
إذا طلق الرجل زوجته فيا لحيض فإنه يؤمر بالرجعة كما تقدم لكن متى يجوز له أن يطلق إن رغب في الطلاق على قولين:
القول الأول: أن عليه تأخير الطلاق إلى الطهر بعد الطهر الذي يلي حيضة الطلاق ثم إيقاع الطلاق في الطهر الثاني إن أراده، وهذا هو قول أبي حنيفة في ظاهر الرواية عنه وهو قول مالك والأصح في مذهب الشافعي والمشهور في مذهب الحنابلة.

القول الثاني: أنه يجوز له أن يطلق في الطهر الذي يلي الحيضة التي وقع فيها الطلاق وهو رواية لأبي حنيفة، ووجه في مذهب الشافعي إلا أن الأصح عنه المنع وهو رواية عن أحمد.

الأدلة:
أدلة القول الأول: والذي مفاده تأخير الطلاق إلى طهر بعد الطهر الذي يلي حيضة الطلاق:
استدلوا بما جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر من رواية نافع عنه ومن رواية ابنه سالم عنه أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد. وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدّة التي أمر الله أن تطلق لها النساء(41).
وفي رواية لمسلم عن نافع عن عبد الله أنه طلق امرأة له وهي حائض تطليقة واحدة فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض عنده حيضة أخرى ثم يمهلها حتى تطهر من حيضتها فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء(42).
وقد ذكر مسلم عدة روايات كلها تدل بأنه صلى الله عليه وسلم إنما أذن في طلاقها بعد أن تطهر من تلك الحيضة ثم تحيض ثم تطهر.

أدلة القول الثاني: والذي مفاده جواز الطلاق في الطهر الذي يلي الحيضة التي وقع فيها الطلاق:
استدلوا بما رواه مسلم في صحيحه عن قتادة قال سمعت يونس بن جبير قال سمعت ابن عمر يقول طلقت امرأتي وهي حائض فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعها فإذا طهرت فإن شاء فليطلقها، وروى مسلم أيضاً عن طريق عبد الملك عن أنس بن سيرين قال سألت ابن عمر عن امرأته التي طلق فقال طلقتها وهي حائض فذكر ذلك لعمر فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: مره فليراجعها فإذا طهرت فليطلقها لطهرها قال فراجعتها ثم طلقتها لطهرها وروى مسلم أيضاً عن طريق شعبة عن أنس بن سيرين أنه سمع ابن عمر قال طلقت امرأتي وهي حائض فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: مره فليراجعها ثم إذا طهرت فليطلقها(43).
فهذه الروايات تدل على جواز الطلاق في الطهر الذي يلي الحيضة التي وقع فيها الطلاق.
واستدلوا أيضاً بأن التحريم إنما كان لأجل الحيض فإذا طهرت زال موجب التحريم فجاز طلاقها في هذا الطهر كما يجوز في الطهر الذي بعده، وكما يجوز أيضاً طلاقها فيه لو لم يتقدم طلاق في الحيض.
ومما يستدل به لهذا القول أيضاً ما جاء في صحيح مسلم في بعض روايات حديث ابن عمر مره فليراجعها ثم يطلقها طاهراً أو حاملاً وفي لفظ ثم ليطلقها طاهراً من غير جماع(44).

الترجيح والمناقشة:
قلت وما تقدم من الأحاديث في قصة طلاق ابن عمر وأمره صلى الله عليه وسلم بالمراجعة والطلاق إن شاء في الطهر يتضمن مجموعتين:
المجموعة الأولى: وهي ما استدل بها الطرف الأول من أمره صلى الله عليه وسلم لابن عمر بإمساكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك أو طلق.
المجموعة الثانية: وهي ما استدل بها الطرف الثاني والتي تدل على جواز الطلاق في الطهر الذي يلي الحيضة التي وقع فيها الطلاق، والأحاديث كلها صحيحة فما الجواب عن هذا؟ قلت قد ساق أبو داود أكثر الروايات في سننه وقال بعد ذلك:
قال أبو داود: روى هذا الحديث عن ابن عمر يونس بن جبير وأنس بن سيرين وسعيد بن جبير وزيد بن أسلم وأبو الزبير ومنصور عن أبي وائل، معناهم كلهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، وكذلك رواه محمد بن عبد الرحمن عن سالم عن ابن عمر، وأما رواية الزهري عن سالم ونافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، وروى عن عطاء الخراساني(45) عن الحسن عن ابن عمر نحو رواية نافع والزهري والأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير، انتهى(46).
وقال ابن القيم في شرحه لتهذيب سنن أبي داود ما نصه: وأكثر الروايات في حديث ابن عمر مصرحة بأنه إنما أذن في طلاقها بعد أن تطهر من تلك الحيضة ثم تحيض ثم تطهر هكذا أخرجاه في الصحيحين من رواية نافع عنه ومن رواية ابنه سالم عنه، وفي لفظ متفق عليه: (ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض عنده حيضة أخرى ثم يمهلها حتى تطهر من حيضها) ومن لفظ آخر متفق عليه: (مره فليراجعها حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلق فيها) ففي تعدد الحيض والطهر ثلاثة ألفاظ محفوظة متفق عليها من رواية ابنه سالم ومولاه نافع وعبد الله بن دنيا وغيرهم ، والذين زادوا قد حفظوا ما لم يحفظه هؤلاء، ولو قدر التعارض فالزائدون أكثر وأثبت في ابن عمر وأخص به فرواياتهم أولى لأن نافعاً مولاه أعلم الناس بحديثه وسالم ابنه كذلك وعبد الله بن دينار من أثبت الناس فيه وأرواهم عنه فكيف يقدم اختصار أبي الزبير ويونس بن جبير على هؤلاء(47).
قلت ومما تقدم من كلام أبي داود وابن القيم يترجح القول الأوّل المتضمن تأخير الطلاق إلى طهر بعد الطهر الذي يلي حيضة الطلاق لما ذكراه من وجوه الترجيح والله أعلم.

حكمة تأخير الطلاق إلى الطهر الثاني:
قال ابن القيم رحمه الله: وأما أصحاب القول الثاني – يعني الذين يرون تأخير الطلاق إلى الطهر الثاني فاحتجوا بما تقدم من أمره صلى الله عليه وسلم بإمساكها حتى تحيض ثم تطهر ثم تحيض ثم تطهر وقد تقدم، قالوا وحكمة ذلك من وجوه:
أحدها: أنه لو طلقها عقب تلك الحيضة كان قد راجعها ليطلقها وهذا عكس مقصود الرجعة فإن الله سبحانه إنما شرع الرجعة لإمساك المرأة وإيوائها ولمِّ شعث النكاح وقطع سبب الفرقة ولهذا سماه إمساكاً فأمره الشارع أن يمسكها في ذلك الطهر وأن لا يطلق فيه حتى تحيض حيضة أخرى ثم تطهر لتكون الرجعة للإمساك لا للطلاق.
قالوا وقد أكد الشارع هذا المعنى حتى إنه أمر في بعض طرق هذا الحديث بأن يمسها في الطهر المتعقب لتلك الحيضة فإذا حاضت بعده وطهرت فإن شاء طلقها قبل أن يمسها فإنه قال (مره فليراجعها، فإذا طهرت مسها حتى إذا طهرت أخرى فإن شاء طلقها وإن شاء أمسكها) ذكره ابن عبد البر وقال: الرجعة لا تكاد تعلم صحتها إلا بالوطء لأنه المبتغى من النكاح، ولا يحصل الوطء، إلا في طهر فإذا وطئها حرم طلاقها فيه حتى تحيض ثم تطهر فاعتبرنا مظنة الوطء، محله، ولم يجعله محلاً للطلاق.
الثاني: أن الطلاق حرم في الحيض لتطويل العدة عليها فلو طلقها عقب الرجعة من غير وطء لم تكن قد استفادت بالرجعة فائدة، فإن تلك الحيضة التي طلقت فيها لم تكن تحتسب عليها من العدة وإنما تستقبل العدة من الطهر الذي يليها أو من الحيضة الأخرى على الاختلاف في الأقراء فإذا طلقها عقب تلك الحيضة كانت في معنى من طلقت ثم راجعها، ولم يمسها حتى طلقها فإنها تبنى على عدتها في أحد القولين لأنها لم تنقطع بوطء فالمعنى المقصود إعدامه من تطويل العدة موجود بعينه، هنا لم يزل بطلاقها عقب الحيضة فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع حكم الطلاق جملة بالوطء فاعتبر الطهر الذي هو موضع الوطء، فإذا وطئ حرم طلاقها حتى تحيض ثم تطهر.
ومنها: أنها ربما كانت حاملاً وهو لا يشعر فإن الحامل قد ترى الدم بلا ريب، وهل حكمه حكم الحيض، أو دم فساد؟ على الخلاف فيه فأراد الشارع أن يستبرئها بعد تلك الحيضة بطهر تام ثم بحيض تام، فحينئذ تعلم هل هي حامل أم حائل؟ فإنه ربما يمسكها إذا علم أنها حامل فيه، وربما تكلف هي عن الرغبة في الطلاق إذا علمت أنها حامل، وربما يزول الشر الموجب للطلاق بظهور الحمل، فأراد الشارع تحقيق علمها بذلك نظراً للزوجين ومراعاة لمصلحتهما وحسماً لباب الندم وهذا من أحسن محاسن الشريعة.

في بيان المراد بالطهر في قوله صلى الله عليه وسلم: (ثم ليطلقها طاهراً).
اختلف العلماء رحمهم الله في المراد بالطهر في قوله صلى الله عليه وسلم: (ثم ليطلقها طاهراً) وفي لفظ (فإذا طهرت فليطلقها إن شاء) هل المراد به انقطاع الدم، أو التطهر بالغسل أو ما يقوم مقامه من التيمم؟ على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المراد به انقطاع الدم وهو قول الشافعي والمشهور من مذهب أحمد(48)، وبناءً عليه يجوز طلاقها بانقطاع الدم مباشرة ولو لم تغتسل.

القول الثاني: التفصيل وهو قول الحنفية، ومفاده أنه إن طهرت لأكثر الحيض حل طلاقها بانقطاع الدم وإن طهرت لدون أكثر الحيض لم يحل طلاقها حتى تصير في حكم الطاهرات بأحد ثلاثة أشياء إما أن تغتسل، وإما أن تتيمم عند العجز وتصلي، وإما أن يخرج عنها وقت صلاة قالوا لأنه متى وجد أحد هذه الأشياء حكمنا بانقطاع الدم، وأقل مدة الحيض عند أبي حنيفة في المشهور عنه ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام(49).

القول الثالث: أن المراد به التطهر بالغسل وهذا قول المالكية وهو قول في مذهب أحمد هذه أقوال الفقهاء رحمهم الله في المراد بالطهر الذي يحل به الطلاق وإليك بعض نصوص من ذكرت:
جاء في روضة الطالبين مسائل: الأولى: قال لحائض أو نفساء أنت طالق للبدعة طلقت في الحال وإن قال للسنة لم تطلق حتى تتسرع في الطهر ولا يتوقف على الاغتسال(50).
وجاء في تكملة المجموع شرح المهذب (فصل) وإن قال لها وهي حائض: إذا طهرت فأنت طالق طلقت بانقطاع الدم لوجود الصفة.
وجاء في المغني ما نصه (فصل) إذا انقطع الدم من الحيض فقد دخل زمان السنة ويقع عليها طلاق السنة وإن لم تغتسل كذلك قال أحمد وهو ظاهر كلام الخرقي وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة إن طهرت لأكثر الحيض مثل ذلك وإن انقطع لدون أكثره لم يقع حتى تغتسل أو تتيمم عند عدم الماء وتصلي أو يخرج عنها وقت الصلاة لأنه متى لم يوجد فما حكمنا بانقطاع حيضها.
هذا وبخصوص القول الثاني للحنابلة وهو اشتراط الغسل فقد قال ابن قدامة في الكافي: وإن قال لها إذا طهرت فأنت طالق طلقت بانقطاع الدم نص عليه... وذكر أبو بكر قولاً آخر. أنا لا تطلق حتى تغتسل لأن بعض أحكام الحيض باقية(51).
وجاء في المدونة للإمام مالك ما نصه: (قلت) أرأيت المرأة طهرت من حيضتها ولم تغتسل بعد ألزوجها أن يطلقها قبل أن تغتسل أم حتى تغتسل في قول مالك؟ (قال) لا يطلقها حتى تغتسل وإن رأت القصة البيضاء(52).

الأدلة:
أدلة القول الأول: استدل أصحاب القول الأول والذين يرون جواز الطلاق بمجرد انقطاع الدم: بأن انقطاع دم الحيض دليل على الطهور ولو لم تغتسل فهي في حكم الطاهرات فيصح منها الصوم ولو لم تغتسل وتجب الصلاة في ذمتها، قالوا والدليل على أنها طاهر أنها تؤمر بالغسل ويلزمها ذلك ويصح منها وتؤمر بالصلاة وتصح صلاتها ولأن في حديث ابن عمر (فإذا طهرت طلقها إن شاء) وقد طهرت بانقطاع الدم.

أدلة القول الثاني: وهم الذين فرقوا بين ما إذا طهرت لأكثر الحيض أو لأقله: بأنها إذا طهرت لأكثر الحيض فيحكم بانقطاعه فيصح الطلاق ويقع ولو لم تغتسل بخلاف ما إذا طهرت لدون أكثره، قالوا فإننا لا نحكم بانقطاعه فلا يقع الطلاق حتى تغتسل أو تتيمم عند عدم الماء وتصلي أو يخرج عنها وقت صلاة(53).

أدلة القول الثالث: استدلوا بما رواه النسائي في سننه من حديث المعتمر ابن سليمان قال سمعت عبيدالله عن نافع عن عبد الله: (أنه طلق امرأته وهي حائض تطليقة فانطلق عمر فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مر عبد الله فليراجعها، فإذا اغتسلت من حيضتها الأخرى فلا يمسها حتى يطلقها فإن شاء أن يمسكها فليمسكها فإنها العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء(54).
قال ابن القيم عن هذا الحديث، وهذا على شرط الصحيحين وهو مفسر لقوله (فإذا طهرت) فيجب حمله عليه(55).

الترجيح والمناقشة:
قلت والراجح والله أعلم هو القول الثالث والذي مضمونه أن قوله صلى الله عليه وسلم (ثم ليطلقها طاهراً) يراد به التطهر بالغسل لدلالة الحديث الذي رواه النسائي بسنده عن عبد الله بن عمر في قصة طلاقه لزوجته والذي فيه قوله صلى الله عليه وسلم: (مره فليراجعها فإذا اغتسلت من حيضتها الأخرى فلا يمسها حتى يطلقها. الحديث) فهو مفسر لقوله صلى الله عليه وسلم: (ثم ليطلقها طاهراً) وقد تقدم قول ابن القيم رحمه الله بأن هذا الحديث على شرط الصحيحين. وقال ابن القيم لمناقشته للأقوال في هذه المسألة ما نصه: وسر المسألة أن الأحكام المترتبة على الحيض نوعان: منها ما يزول بنفس انقطاعه كصحة الغسل والصوم ووجوب الصلاة في ذمتها.
ومنها ما لا يزول إلا بالغسل كحل الوطء وصحة الصلاة وجواز اللبث في المسجد وصحة الطواف وقراءة القرآن على أحد الأقوال، فهل يقال الطلاق من النوع الأول أو الثاني؟
ولمن رجح إباحته قبل الغسل أن يقول: الحائض إذا انقطع دمها كالجنب يحرم عليها ما يحرم عليه ويصح منها ما يصح منه ومعلوم أن المرأة الجنب لا يحرم طلقاها ولمن رجح الثاني أن يجيب عن هذا بأنها لو كانت كالجنب لحل وطؤها ويحتج بما رواه النسائي... ثم ذكر رحمه الله الحديث السابق الذي ذكرته دليلاً للقول الثالث، والذي فيه: (فإذا اغتسلت من حيضتها الأخرى فلا يمسها حتى يطلقها) قال وهذا على شرط الصحيحين وهو مفسر لقوله (إذا طهرت) فيجب حمله عليه(56).
هذا وقد رجح أيضاً ابن حجر في الفتح هذا القول حيث قال: واختلف الفقهاء في المراد بقوله (طاهراً) هل المراد به انقطاع الدم أو التطهر بالغسل؟ على قولين وهما روايتان عن أحمد والراجح الثاني. ثم استدل بالحديث المتقدم الذي رواه النسائي وقال: إنه مفسر لقوله (إذا طهرت) فليحمل عليه.
قلت وهذه المسألة مرتبطة بمسألتين أخريين إحداهما هل تنقضي العدة بانقطاع الدم من الحيضة الثالثة وتنقطع الرجعة أم لا تنقطع الرجعة إلا بالغسل؟ خلاف بين أهل العلم والراجح أنها لا تنقطع إلا بالغسل وهو قول عدد من الصحابة قال ابن قدامة في المغني (فصل) إذا انقطع حيض المرأة في المرة الثالثة ولم تغتسل فهل تنقضي عدتها بطهرها؟ فيه روايتان ذكرهما ابن حامد إحداهما لا تنقضي عدتها حتى تغتسل ولزوجها رجعتها في ذلك وهذا ظاهر كلام الخرقي فإنه قال في العدة فإذا اغتسلت من الحيضة الثالثة أبيحت بلا زواج، وهذا قول كثير من أصحابنا وروي ذلك عن عمر وعلي وابن مسعود وسعيد بن المسيب والثوري وأبي عبيد وروي نحوه عن أبي بكر الصديق وأبي موسى وعبادة وأبي الدرداء، وروي عن شريك له الرجعة وإن فرطت في الغسل عشرين سنة ووجه هذا قول من سمينا من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم فيكون إجماعاً ولأن أكثر أحكام الحيض لا تزول إلا بالغسل وكذلك هذا قلت ثم ذكر الرواية الثانية ومن قال بها وهي أن العدة تنقضي بمجرد الطهر قبل الغسل. انتهى محل الغرض منه(57).
ويدل على أن الرجعة لا تنقطع إلا بالغسل أيضاً ما رواه البيهقي والطبري(58) بسنديهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنت جالساً عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجاء رجل وامرأته فقال: امرأتي طلقتها ثم راجعتها فقالت المرأة طلقني ثم تركني حتى إذا كان آخر ثلاث حيض وانقطع عن الدم ووضعت غسلي ونزعت ثيابي فقرع الباب وقال: قد راجعتك فتركت غسلي ولبست ثيابي، فقال عمر ما تقول فيها يابن مسعود فقال: أرى أنه أحق بها دون أن تحل لها الصلاة، وفي رواية ما لم تغتسل فقال عمر: نعم ما رأيت وأنا أرى ذلك قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

المسألة الثانية: هل يباح وطء الحائض بمجرد انقطاع الدم ولو لم تغتسل أم لا بد من الاغتسال؟
على قولين للعلماء، والراجح أنه لا يباح الوطء إلا بعد الاغتسال وهو قول جماهير أهل العلم لقوله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة:222).
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) يعني اغتلسن، ولأن الله تعالى قد أثنى على المتطهرين، فدل على أنه فعل منهم أثنى عليهم من أجله والفعل هذا هو الاغتسال دون انقطاع الدم، ثم إن الآية شرطت لإباحة الوطء شرطين. انقطاع الدم والاغتسال فلا يباح إلا بهما وقد ذكر ابن قدامة عن ابن المنذر أنه كالإجماع، حيث قال رحمه الله في المغني على قول الخرقي (فإن انقطع دمها فلا توطأ حتى تغتسل) قال: وجملته: أن وطء الحائض قبل الغسل حرام وإن انقطع دمها في قول أكثر أهل العلم قال ابن المنذر: هذا كالإجماع منهم، وقال أحمد بن محمد المروزي لا أعلم في هذا خلافاً، وقال أبو حنيفة: إن انقطع الدم لأكثر الحيض حل وطؤها وإن انقطع لدون ذلك لم يبح حتى تغتسل أو تيمم أو يمضي عليها وقت صلاة لأن وجوب الغسل لا يمنع من الوطء بالجنابة.
ولنا قوله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) يعني إذا اغتسلن هكذا فسره ابن عباس ولأن الله تعالى قال في الآية: (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) فأثنى عليهم فيدل على أنه فعل منهم أثنى عليهم به، وفعلهم هو الاغتسال دون انقطاع الدم فشرط لإباحة الوطء شرطين: انقطاع الدم والاغتسال فلا يباح إلا بهما لقوله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) (النساء: من الآية6) لما اشترط لدفع المال إليهم بلوغ النكاح والرشد لم يبح إلا بهما كذا ههنا.
ولأنها ممنوعة من الصلاة لحدث الحيض فلم يبح وطؤها كما لو انقطع لأقل الحيض وما ذكروه من المعنى منقوض بما إذا انقطع لأقل الحيض، ولأن حدث الحيض آكد من حدث الجنابة فلا يصح قياسه عليه(59). وقد قال ابن جرير الطبري في معنى قوله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) الآية.
قال: فتأويل الآية إذن: ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا جماع نسائكم في وقت حيضهن ولا تقربوهن حتى يغتسلن فيتطهرن من حيضهن بعد انقطاعه.
ثم قال واختلف أهل التأويل في قوله تعالى: (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) قال بعضهم: معنى ذلك: فإذا اغتسلن وذكر أنه قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسفيان وعثمان بن الأسود والحسن وغيرهم. ثم قال: وقال آخرون معنى ذلك فإذا تطهرن للصلاة وذكر بسنده عن طاووس ومجاهد أنهما قالا: إذا طهرت المرأة من الدم فشاء زوجها أن يأمرها بالوضوء قبل أن تغتسل إذا أدركه الشبق فليصب، ثم قال: وأولى التأويلين بتأويل الآية قول من قال معنى قوله: (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) فإذا اغتسلن لإجماع الجميع على أنها لا تصير بالوضوء بالماء طاهراً الطهر الذي يحل لها الصلاة.. وفي إجماع الجميع من الأمة على أن الصلاة لا تحل لها إلا بالاغتسال أوضح الدلالة على صحة ما قلنا من أن غشيانها حرام إلا بعد الاغتسال وأن معنى قوله: (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) فإذا اغتسلن فصرن طواهر الطهر الذي يجزيهن به الصلاة(60).
هذا ولم أفصل أقوال العلماء وأدلتهم في تلك المسألتين لأنهما ليستا من موضوع البحث الذي هو الطلاق في الحيض ولقد أشرت إليهما لما لهما من صلة بموضوع قوله صلى الله عليه وسلم: (ثم ليطلقها طاهراً) وقد تحقق لنا من مجموع ما تقدم أن المراد به التطهر بالغسل. والله أعلم.

__________________
(1) بحثها رحمه الله بحدود ثلاث صفحات، في مجموع فتاواه جمع وترتيب ابن قاسم ج33 من ص 98 إلى ص 101 وقد ذكر رحمه الله: أنّ بسط القول فيها له موضوع آخر غير أنني لم أجد فيما وقفت عليه من مؤلفاته أكثر بسطاً مما ذكره في فتاواه وهو بحدود ثلاث صفحات كما أسلفت، ولعله فيما لم أقف عليه من مؤلفاته علماً بأنه رحمه الله لم يقل إنه بسط الكلام فيها وإنما قال: بسط القول فيها له موضع آخر، وغالب المؤلفين بعده ممن بحث هذا الموضوع ينسبون التفصيل فيه إلى تلميذه ابن القيم كالصنعاني والشوكاني وغيرهما، وابن تيمية رحمه الله ممن لا يرى وقوع الطلاق في الحيض.
(2) ابن القيم رحمه الله أطال في هذا الموضوع خاصة مسألة وقوع الطلاق أو عدمه في الحيض وذلك في عدد من مؤلفاته غير أنه بسط القول فيها في زاد المعاد وذلك في حدود عشر صفحات ج4 من ص 42 إلى ص 51: طبعة مصرية، الطبعة الثانية عام 1392هـ، وكذا في شرحه لسنن أبي داود والمطبوع مع عون المعبود ج6 ص 252 إلى نهاية البحث وابن القيم رحمه الله كشيخه ابن تيمية لا يرى وقوع الطلاق في الحيض.
(3) ابن حزم رحمه الله ممنأطال البحث في مسألة الطلاق في الحيض فقد بحثها بحدود أربع صفحات في المحلى ج10 من ص 163 إلى 167 وهو ممن لا يرى وقوع الطلاق في الحيض وقد انتصر لهذا القول وبالغ.
(4) بحث هذا الموضوع في فتح الباري شرح صحيح البخاري على ترجمة البخاري رحمه الله (باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق) وقد بحث الموضوع بحدود أربع صفحات من ص 351 إلى ص 355 وكان رحمه الله يميل إلى وقوع الطلاق.
(5) الصنعاني بحث مسألة الطلاق في الحيض في سبل السلام ج3 ص 169 بحثاً مختصراً وقد اختلف رأيه فيها عدة مرات، وتوقف فيها فترة: فكان رحمه الله كما ذكر في المرجع السابق يفتي بعدم الوقوع ثم توقف فترة ثم أفتى بالوقوع، يقول لأدلة ظهرت له ويقول وقد رددت على ابن القيم، ثم رجع إلى ما كان يفتي فيه أولاً وهو عدم وقوع الطلاق وذكر أنه ألف رسالة في هذا سماها (الدليل الشرعي في عدم وقوع الطلاق البدعي) قلت وقد بحثت عنها في كثير من المكتبات العامة وسألت كثيراً من العلماء فلم أعثر منها على خبر.
(6) انظر نيل الأوطار 6/255 وغالب ما ذكره في مسألة الطلاق في الحيض منقول من فتح الباري لابن حجر، هذا وقد ذكر أنه ألف فيها رسالة مختصرة... ولم أطلع عليها بعد البحث عنها.
(7) بحث موضوع الطلاق في الحيض في حدود خمس صفحات من القطع الصغير في كتابه "نظام الطلاق في الإسلام" من ص 19 إلى 23، وكان لا يرى وقوع الطلاق.
(8) انظر لسان العرب 12/95 إلى 100، والقاموس وشرحه تاج العروس 6/424.
(9) مختار الصحاح للجوهري 4/1519.
(10) فتح القدير 3/20.
(11) مواهب الجليل شرح مختصر خليل 4/18.
(12) انظر مغني المحتاج 3/279 والمغني لابن قدامة 7/66.
(13) الصحاح للجوهري 3/1073.
(14) انظر مجموع شرح المهذب 2/34.
(15) بدائع الصنائع 1/39.
(16) مقدمات ابن رشد المطبوع مع المدونة الكبرى للإمام مالك 1/49.
(17) انظر المجموع للنووي 2/342.
(18) كشاف القناع 1/196.
(19) الإجماع لابن المنذر ص 79.
(20) شرح صحيح مسلم 10/60.
هذا وقد نص الفقهاء الأربعة على تحريمه غير أن الحنفية عبروا عنه بأنه مكروه بكراهة التحريم، انظر فتح القدير 3/28 إلى 34ن والشرح الصغير 2/537، ومغني المحتاج 3/37 وما بعدها، والمغني لابن قدامة 7/98.
(21) المغني لابن قدامة 7/97.
(22) أخرجه البخاري في صحيحه 3/458، 480، ومسلم في صحيحه 4/180 وأبو داود في سننه رقم 1279 ورقم 2180، والنسائي 2/94 والدارقطني 4/6.
(23) صحيح مسلم 4/183.
(24) المرجع السابق 4/180.
(25) زاد المعاد 4/43، الطبعة المصرية، الطبعة الثانية 1392هـ.
(26) فتح الباري شرح صحيح البخاري 9/346 وما بعدها.
(27) صحيح مسلم 4/181.
(28) تبيين الحقائق للزيلعي 2/190.
(29) مقدمات ابن رشد مطبوع مع المدونة الكبرى لمالك 2/74 وما بعدها.
(30) بدائع الصنائع 3/94.
(31) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 33/99 هذا ولم أقف على قول المالكية هذا فيما اطلعت عليه من كتبهم، ولهذا نقلته بالواسطة.
(32) قال ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام: ويتعلق بالحديث مسألة أصولية وهي أن الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر بذلك الشيء أم لا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر في بعض طرق هذا الحديث مره فأمره وعلى كل حال فلا ينبغي أن يتردد في اقتضاء ذلك الطلب وإنما ينبغي أن ينظر في أن لوازم صيغة الأمر هل هي لوازم لصيغة الأمر يعني أنها هل يستويان في الدلالة على الطلب من وجه واحد أم لا. انتهى.
(33) انظر حاشية رد المحتار لابن عابدين 3/246، وفتح الباري شرح صحيح البخاري 9/349، والمغني لابن قدامة 7/100.
(34) المغني لابن قدامة 7/101.
(35) شرح تهذيب سنن أبي داود لابن القيم المطبوع مع عون المعبود 6/248.
(36) المدونة الكبرى لمالك 2/70.
(37) فتح الباري شرح صحيح البخاري 9/349.
(38) بداية المجتهد 2/49.
(39) شرح تهذيب سنن أبي داود لابن القيم مطبوع مع عون المعبود 6/248.
(40) المرجع السابق 6/242.
(41) صحيح البخاري 7/36 بكتاب الطلاق وصحيح مسلم 4/179.
(42) المرجع السابق 4/179.
(43) صحيح مسلم 4/182.
(44) المرجع السابق 4/181 وما بعدها.
(45) المرجع السابق 4/181 وما بعدها.
(46) سنن أبي داود 2/256.
(47) شرح ابن القيم لتهذيب سنن أبي داود والمطبوع مع عون المعبود 6/244.
(48) انظر في مذهب الشافعية روضة الطالبين للنووي 8/9، وتكملة المجموع 17/164. وانظر في مذهب الحنابلة المغني 7/106، والكافي 2/195.
(49) انظر بدائع الصنائع للكاساني 1/40.
(50) روضة الطالبين 8/9.
(51) الكافي لابن قدامة 3/195.
(52) المدونة الكبرى لمالك 2/70.
(53) انظر المغني 7/106.
(54) سنن النسائي 6/140 في باب ما يفعل إذا طلق تطليقة وهي حائض.
(55) شرح سنن أبي داود لابن القيم المطبوع مع عون المعبود 6/247.
(56) المرجع السابق 6/247.
(57) المغني لابن قدامة 7/280 وما بعدها.
(58) انظر جامع البيان للطبري 2/439 وما بعدها.
(59) المغني لابن قدامة 1/338.
(60) جامع البيان في تأويل آي القرآن للطبري 2/386 وما بعدها.