لا مشروعية لمن لا مشروع له

في كل قضية له رأي وفي كل رأي له قضية، يقيّم الأفراد والجماعات والمشاريع والمؤسسات ..حينما يصف فهو يختار من الصفات أبشعها.. وحينما يحكم يأخذ من الأحكام أحدها... وإذا عبّر استخدم أجرح تعبير .. ورغم قلة مدحه فهو يمدح فرداً نكاية بآخر ، ويثني على مشروع انتقاماً من آخر.. إنها شخصية : (من لا مشروع له ) ..لا مشروع إصلاحيا.. ولا مشروع دعويا.. ولا مشروع تجاريا.. ولا مشروع ثقافيا.. هو من فئة تكاد لا تخطئها العين .. لها صفات مشتركة تعرفها بها:
1- ( من لا مشروع له ) يحكم على كل فرد و على كل مشروع وعلى كل توجه . بينما أصحاب المشاريع يتأنون كثيراً قبل الحكم لأنهم يعلمون أن الحكم صعب دون دراية ومعرفة تفصيلية وتأكد تام من صحة المعلومات.
2- ( من لا مشروع له ) يمتلك مثالية زائفة يتحدث عنها . فهو يصف رؤيته للمشاريع بصفات كمال لا يعذر أحداً بنقصها، بينما من يملك مشروعاً يدرك الصعوبات والعقبات الكثيرة التي تواجه المشاريع فتجده معتذراً لغيره يتحدث بواقعية وتجربة عملية.
3- ( من لا مشروع له ) يحاول تقزيم أصحاب المشاريع بالقدح بالأعمار تارةً وبالشهادات العلمية تارةً وثالثة.. ورابعة.. وإذا أعياه التقزيم تساءل باستغراب : (من وكّلهم بذلك ؟)
4- ( من لا مشروع له ) يستخدم الألفاظ الفضفاضة والكلمات البراقة في حديثه كمثل: (المشاريع العظيمة)، و(تغيير التاريخ)، و...
5- ( من لا مشروع له ) على استعداد تام لطرح رأيه في كل مشروع وفي كل فرد وفي كل قضية، بينما أصحاب المشاريع يدركون أن الحكمة التوقف عن إبداء الرأي في كل صغيرة وكبيرة لأنهم يعلمون أن ذلك يحتاج إلى معرفة تفصيلية وحيثيات فهم وإلمام بجوانب الموضوع ولهذا فهم يكثرون من (: لا أدري.. وليس لي رأي في المسألة.. وأنا غير مختص في هذه القضايا..)
6- ( من لا مشروع له ) يظهر الاستقلال عن غيره والاستغناء عن الآخرين و مع ذلك يعتذر عندما يدعى إلى العمل بضيق الوقت . بينما صاحب المشاريع يظهر عادة افتقاره إلى غيره وحاجته للرأي والمشورة.. وتجده مستعداً لبذل وقته رغم ازدحام أعماله.
7- ( من لا مشروع له ) لا يقدر عملاً ولا فرداً ..يعيّر الجالسين بجلوسهم وهو أكثر جلوساً منهم ويعيّر العاملين بضعفهم وهو أشد ضعفاً منهم، بينما أصحاب المشاريع يقدرون الجهد وإن كان قليلاً ويعترفون بفضل غيرهم.
8- ( من لا مشروع له ) يسوغ إعراضه عن المشاريع بأنها لا ترقى إلى طموحه و أنه لو أراد أن يقيم مشروعاً كما فعل الأخرون فإنه قادر على ذلك ولا شك ولكن أقعده ضعف الناس و مشاريعهم كما يزعم.
9- ( من لا مشروع له ) يحب القادحين ويتقرب منهم ..ويبغض المادحين وينفر منهم.. لا يكاد يسمع مدحاً حتى يلحقه بـ(لكن) فيحيل المدح قدحاً والنجاح فشلاً.
10- ( من لا مشروع له ) إن مدَحَ فهو يمدح نكاية بمشروع آخر، فهو يمدح جمعيات التنصير وضخامة عملها ودقة أدائها قدحاً مبطناً بجمعيات إسلامية دعوية ويمدح رمزاً معادياً للأمة قدحاً في رموزها.. مدحه يأتي تفريغاً لفراغه الدائم.
11- ( من لا مشروع له ) كثير التجمعات والولائم حريص على الدعوات واللقاءات فهي الموقع الخصب لمعاركه الكلامية وتوزيع الأحكام والآراء، بينما أصحاب المشاريع يتقللون من الارتباطات ذات البعد الجدلي وإن حضروا فبقدر يسير ينتهزون الفرصة لتعضيد مشاريعهم.
12- ( من لا مشروع له ) لا تنفك عنه كلمة (ألم أقل لكم) ..ما أن تأتي مصيبة إلا ويقولها ..ولا يتعرض أحد لفشل إلا و يذكره تبكيتا وتقريعا ..يخذل الناس بمقولة (ألم أقل لكم) . .. ولاينجح مشروع أو يكتب له القبول بين الناس إلا ويتصدر ويعنلها بكل ثقة : ( ألم أقل لكم ) ! ..فكأنه يريد سلب النجاح من صانعيه لينسبه لنفسه مع أن ليس له في العير ولا في النفير ..بينما أصحاب المشاريع تجدهم من أول العاذرين و من أقرب المعينين ، ومن أسرع المنقذين ، و تجدهم آخر المستفيدين من الفتوحات التي ربما صنعوها بأيديهم دون غيرهم .

هذه بعض صفات ( من لا مشروع له ) فتأملها جيدا لتحذر من أصحابها ، و لنرفعها شعارا عاليا .. ولنعلنها صارخة مدوية : ( لا مشروعية لمن لا مشروع له).