الاحتلال الإثيوبي والأمريكي على الصومال.. نوايا وخفايا

تمر الصومال بمرحلة حرجة في تاريخها بعد الاجتياح الإثيوبي بدعم أمريكى لوجيستي ومخابراتي مباشر, توغلت الدبابات الإثيوبية إلى الصومال واجتاحت عاصمة مقديشو تحمل أمراء الحرب والحكومة الانتقالية,و قررت إثيوبيا هجومها على الصومال بعد ظهور المحاكم الإسلامية كقوة سياسية شعبية دينية نجحت في إعادة الأمن والاستقرار والوئام والوحدة بعد قضاء أباطرة الحرب, وظهرت المحاكم كمشروع وطني قومي يسعى إلى إعادة الكيان الصومالي وسيادته وتنعم الشعب باستتباب الأمن والاستقرار خلال حكمهم, وهذا لم يرضي ولم يقنع إثيوبيا وأمريكا والغرب، حيث يرى كلهم أن أي قوة وطنية إسلامية في الصومال يهدد الوجود الإثيوبي ومصالح الغربية في القرن الإفريقي الذي هو بؤرة استراتيجية في تحكم الانطلاق السياسي الدولي في العالم, والتجارة الدولية بين الشرق والغرب.

الاهتمام الدولي والتنافس العالمي على الصومال ليس أمراً جديداً بل ممتد مئات العقود والصراع الصومالي والإثيوبي صراع تاريخي بدأ منذ وصول الإسلام إلى المنطقة وقيام ممالك الزيلع وهرر, وكان مستمرا حتى دخول الاستعمار الثلاثي الأوروبي الذي مزق الصومال الكبير إلى جزيئات, الهجوم الإثيوبي على الصومال ليس بكسر شوكة المحاكم الإسلامية وليس اعتقال لبعض أفراد الذين تتهمهم أمريكا بانتمائهم إلى تنظيم القاعدة, ولكن السبب الرئيس الذي دفع إثيوبيا بشن هجوم على الصومال بدعم أمريكي وغربي وإسرائيلي وإفريقي هو مقاومة أي مشروع إسلامي قومي وطني ينجح بتوحيد الصومال وإعادة السيادة الصومالية، وإذا حقق هذا يقوى الأمن القومي العربي ويجعل البحر الأحمر بحرا عربياً إسلامياً يضمن أمن البوابة الجنوبية للوطن العربي كما يضمن أمن قناة السويس ومضيق باب المندب وكل هذا يجعل إثيوبيا دولة غريبة في محيط عربي وإسرائيل يقلقها تعريب بحر الأحمر والقرن الإفريقي.

حاول الغرب إلى تحطيم البنية السياسية والاجتماعية والثقافية للصومال بعد سقوط الحكومة الصومالية. نجح بتحطيم النظام السياسي ولكن لم ينجح بتدمير البنية الاجتماعية والثقافية, تزايد تمسك المجتمع بدينه الحنيف ولغته العربية وتعرب البلد أكثر مما كان وتماسكت انتماءاته الوطنية, وفشل كل المخططات الغربية والإثيوبية, فاستخدمت القوة العسكرية كآخر علاج و شنت غارات جوية وبرية وبحرية بسفن أمريكية, وسقطت مقديشو والمدن الأخرى وسببت الحروب الأخيرة كارثة إنسانية جسيمة نزح منها آلاف وأسفرت بموت آلاف أخرى وتعثرت التجارة المحلية.

لم يسترح الشعب الصومالي من المحن البشرية والطبيعية منذ عقدين, ابتلعت البحار آلافاً من النازحين واكتوى بلهب النيران مئات الآلاف واجتاحه الجفاف تارة والفيضانات تارة أخرى ولم يرحمه العالم بل يتصارع عليه ويقتسم ثرواته الطبيعية وحول الصومال إلى مقبرة جماعية, أطول ساحل عربي وإفريقي يتعرض لنفايا النووية ولم نسمع صوتاً عادلاً من العالم, تعدد الجلادون والضحية واحدة.

الصومال دولة عربية إسلامية شعبها مسلم 100% وبالمذهب السني بمذهب الإمام الشافعي وموقعها مثير للجدل ويسيل لعاب الطامعين والمستعمرين, وشهدت هذه المنطقة صراعات دولية متباينة تختلف أزمانها,وفى الوقت الذي تتنافس الأمم على الصومال لم نصادف صوتاً عربياً وإسلامياً يشعر حساسية الصراع ويهتم بالقضية الصومالية كقضية عربية إسلامية, وأبدت دول عديدة من الغرب وإفريقيا موقفها من الهجوم الإثيوبي على الصومال تبارك وتهنئ إثيوبيا, وما زال الصومال يمسك خديه ينتظر المجهول.