أثر مكبرات الصوت على سنن الأذان
3 ذو القعدة 1433

المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، رب الأولين و الآخرين ، رفع قدر أهل العلم و الإيمان، و جعل علامة أعظم شعائر الإيمان: الأذان، و أشهد أن لا إله إلا الله عظيم الشأن، وحده لا شريك له، و أشهد أن محمد عبده ورسوله المبعوث عامة إلى الإنس والجان، أرسله للإيمان منادياً، و إلى الجنة داعياً، ففتح القلوب و البلدان فرفع الله ذكره، قال الله تعالى: " و رفعنا لك ذكرك " (1)، و من رفع ذكره: أنه إذا ذكر الله ذكر معه، قال الشاعر:
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد(2)
اللهم صل على محمد و على آله و صحبه أجمعين ، أما بعد :

فإن الله سبحانه و تعالى فضل أمة محمد_صلى الله عليه وسلم_ على سائر الأمم ، قال الله تعالى : " كنتم خير أمة أخرجت للناس " (3) ، فاختار الله لها من الشرائع أكملها ، ومن الأخلاق أزكاها .
ومن خصائص هذه الأمة : الأذان للصلوات الخمس ، فالأذان من أظهر الشعائر الإسلامية لهذه الأمة ، و هو العلامة المفرقة بين دار الإسلام و الكفر ، و شعار للإسلام وأهله حيث ينادى به في كل يوم خمس مرات .
وقد جد في هذا العصر الأذان عبر مكبرات الصوت والتي لها أثر على جملة من سنن الأذان المشروعة في الأذان مما يستدعي البحث والنظر في هذا الأثر وأحكامه، وذلك من خلال المطالب الآتية:
المطلب الأول : سنن متعلقة بصفة الأذان.
المطلب الثاني : سنة متعلقة بالمؤذن .
المطلب الثالث : سنة متعلقة بما يؤذن له .

المطلب الأول : سنن متعلقة بصفة الأذان.
المسألة الأولى : كون الأذان على علو .
اتفق الفقهاء على أنه يستحب أن يكون الأذان من فوق مكان عال كالمنارة و سطح المسجد و نحوهما (4).
واستدلوا بما يأتي :
1- حديث عروة بن الزبير – رضي الله عنه - عن امرأة من بني النجار قالت : وكان بيتي أطول بيت حول المسجد فكان بلال – رضي الله عنه - يؤذن عليه الفجر ، فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر ، فإذا رآه تمطى ، ثم قال : اللهم إني أحمدك ، أستعينك على قريش أن يقيموا دينك ، قالت : ثم يؤذن .. (5).
وجه الدلالة : أن طلب العلو ظاهر من فعل بلال – رضي الله عنه – حيث يرقى على بيت الأنصارية .
2- ما جاء في بعض روايات حديث عبدالله بن زيد - رضي الله عنه - للأذان : قال :"رأيت في المنام كأن رجلاً قام وعليه بردان أخضران على جذم حائط ، فأذن .." (6).
وجه الدلالة : أنه رآه يؤذن و هو مرتفع على جذم حائط .
3- ما جاء في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :"إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم" قال:" ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا" (7).
وجه الدلالة : في قوله : " يرقي هذا و ينزل هذا " حيث يدل على أنه في مكان عال .
4- ما روي عن أبي برزة الأسلمي-رضي الله عنه-قال : "من السنة الأذان في المنارة،والإقامة في المسجد " (8).
وجه الدلالة : أنه صريح في الدلالة على المراد .
5- ولأن المقصود من الأذان : تبليغ الناس به ، وإعلامهم بالوقت ، والأذان من المكان العالي أبلغ في ذلك (9).

أثر مكبرات الصوت على هذه السنة :
يقصد بهذا الأثر : هل المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر يترك الارتفاع أو لا ؟ فأقول :
المقصد من الارتفاع : أن يبلغ الصوت مسافات بعيدة ، وهذه الوسيلة يقوم بها المكبر أتم قيام ؛ لذا فإنه في هذه الحالة اجتمعت وسيلتان ، تؤديان نفس المقصود ، و لا يمكن الجمع بينهما إلا بنوع مشقة ، فنرجح بينهما ، ومن قواعد الترجيح بين الوسائل : أن الوسيلة القوية في الوصول إلى المقصود مقدمة على غيرها ، ويشهد لهذا النوع من الترجيح : قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ارموا واركبوا ، ولأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا " (10) ، فوسيلة الرماية أفضل من وسيلة الركوب ؛ لما في الرماية من شدة النكاية و قوة التأثير في العدو ، قال الإمام ابن تيمية - قدس الله روحه - : " وكلما قويت الوسيلة في الأداء كان أجرها أعظم من أجر ما نقص عنها " (11) ، و بناء على ذلك فلا يرتفع اكتفاء بالمكبر ، و ذلك لما يأتي :
1- لأن المكبر أقوى في إيصال الصوت للناس من الارتفاع .
2- و لأن استخدام المكبر خال مما قد يترتب على الارتفاع من مفاسد كالنظر في البيوت و الاطلاع على العورات ، و قد قيل :

ليتني في المؤذنين iiنهـاراً
فيشيرون أو يشار iiإليهم
  إنهم يبصرون من في السطوح
حبذا كــل ذات دل مليح

3- و يشهد لهذا أيضاً: أن الفقهاء لم ينصوا على شيء معين ، بل كل ما كان عال فهو مقصود ، لذا بلال – رضي الله عنه – كان يرقى على بيت الأنصارية ، ثم لما بنيت المنارات في عهد معاوية – رضي الله عنه – استخدمت .
وبعدم الارتفاع في حال الأذان بواسطة المكبر أفتى شيخنا العلامة : عبدالله الجبرين (13) - حفظه الله -، و ألمح إليه الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - (14) و الله أعلم .

المسألة الثانية : الالتفات في الحيعلتين .
المقصود بالحيعلتين : ( حي على الصلاة ، حي على الفلاح ) .
اتفق الفقهاء - رحمهم الله - على أنه يسن للمؤذن أن يلتفت في الحيعلتين يمينا وشمالاً (15) و اختلفوا في صفته (16).
ودليل هذه السنة ما يأتي :
1- حديث أبي جحيفة - رضي الله عنه - وفيه :" و أذن بلال فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا ، يقول يميناً وشمالاً : حي على الصلاة ، حي على الفلاح " (17).
2- ولأبي داود - رحمه الله - : " رأيت بلالاً خرج إلى الأبطح ، فلما بلغ ( حي على الصلاة حي على الفلاح ) لوى عنقه يميناً وشمالاً ولم يستدر " (18).
وجه الدلالة : ظاهر من الحديثين ، حيث صرح فيهما بالالتفات .
3- ولأن الأذان مناجاة ومناداة ، ففي حال المناجاة يستقبل القبلة ، و عند المناداة يستقبل من ينادي ؛ لأنه يخاطبهم بذلك فيعمهم الخطاب ، ليكون أبلغ في الإعلام ، كما في الصلاة فعندما يناجي يستقبل القبلة ، وعندما يريد السلام يحول وجهه ؛ لأنه يخاطب الناس (19).

أثر مكبرات الصوت :
يقصد بهذا الأثر : هل يترك المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر الالتفات في الحيعلتين أو لا ؟ فأقول :
المكبرات من الصناعات الحديثة التي لم يمض على استخدامها في الحرمين الشريفين أكثر من سبعين سنة ، فهي نازلة ، ومعلوم أن الالتفات يقصد به تبليغ الصوت ، ومخاطبة الناس ، وهذا يتحقق بواسطة المكبر ، وربما إذا التفت اختل الصوت و قوته ، و عندما ننظر لتقرير حكم هذه المسألة ينبغي النظر إلى أمرين :
1- أن المقصد الأعظم من الأذان هو : إعلام الناس بدخول وقت الصلاة ، كما سبق تقريره .
2- و أن المقصود من الالتفات هو : تبليغ هذا النداء إلى الآخرين ، مواجهتهم به .
و إذا نظرنا إلى استخدام المكبر نجد أننا بين مصلحة و مفسدة ، فالمصلحة هي : تبليغ الناس الأذان ، والمفسدة تحصل عند الالتفات حيث يضعف الصوت ، فماذا نقدم ؟!
قبل البت في هذه المسألة ينبغي تحرير صورة المسألة ، فأقول :
1- إذا كان المكبر ذا حساسية عالية و قوة التقاط ، أو كان اللاقط يسهل تعليقه على بدن المؤذن ، وكان الالتفات لا يضعف الصوت أو يجعله غير متوازن : فإن الالتفات باق على السنية ، و هذه المسألة تخرج عن النزاع ، والله أعلم.
2- إذا كان الالتفات يخل بالصوت أو يجعله على غير مستوى واحد، فهذه المسألة هي محل النظر والاجتهاد، فأقول مستعيناً بالله وسائله السداد والتوفيق:
إن المقصد الأعظم من الأذان هو: تبليغ الناس للصوت، وهذا مقصد مستنبط من نصوص الشريعة، منها :
ا – ما ورد في قصة الأذان (20) .
ب - قوله صلى الله عليه وسلم : " فإنه أندى صوتاً منك " (21).
ج – اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لأبي محذورة رضي الله عنه (22).
د – قوله صلى الله عليه وسلم : " وارفع صوتك بالنداء " (23).
فالذي يظهر لي - والله أعلم -: أن المؤذن في المكبر لا يلتفت في الحيعلتين؛ وذلك لما يأتي :
1- إن هذه الوسيلة - الالتفات - تخل بمقصود الأذان الذي هو : الإعلام ، و من المتقرر : أن العبرة بحصول المقصد ، و لا يلتفت إلى الوسيلة ؛ لأنها غير مقصودة بنفسها ، وفي هذا يقول الإمام الشاطبي – رحمه الله -:"و قد تقرر أن الوسائل من حيث هي وسائل غير مقصودة بنفسها ، وإنما هي تبعٌ للمقاصد ، بحيث لو سقطت المقاصد سقطت الوسائل ، وبحيث لو توصل إلى المقاصد بدونها لم يتوصل بها " (24) ، و هذه القاعدة ما لم يدل الدليل الصحيح على للتكليف بالوسيلة مع انتفاء المقصود ، و لو أريد تطبيق هذه القاعدة على هذا الفرع لقيل : إن الالتفات وسيلة لمقصد هو : تبليغ الصوت ، و يمكن أداء هذا المقصد بغير هذه الوسيلة ، ولم يدل دليل معين على التخصيص بهذه الوسيلة ، و يمكن توضيح هذه القاعدة بما قاله ابن القيم – رحمه الله -في مسقطات الختان، حيث يقول:" أحدهما: أن يولد الرجل ولا قلفة له، فهذا مستغن عن الختان إذ لم يخلق له ما يجب ختانه، وهذا متفق عليه ، لكن قال بعض المتأخرين: يستحب إمرار الموسى على موضع الختان، لأنه ما يقدر عليه من المأمور به، قد قال صلى الله عليه وسلم :" دعوني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " (25)، وقد كان الواجب أمرين: مباشرة الحديدة و القطع ، فإذا سقط القطع فلا أقل من استحباب مباشرة الحديد ، والصواب : أن هذا مكروه لا يتقرب إلى الله به ، و لا يتعبد بمثله ، و تنزه عنه الشريعة ؛ لأنه عبث لافائدة فيه ، و إمرار الموسى غير مقصود ، بل هو وسيلة إلى فعل المقصود ، فإذا سقط المقصود لم يبق للوسيلة معنى ، و نظير هذا : ما قاله بعضهم : إن الذي لم يخلق على رأسه شعر يستحب له في النسك أن يمر الموسى على رأسه ، و نظير قول المتأخرين من أصحاب أحمد وغيره : إن الذي لا يحسن القراءة و لا الذكر أو الأخرس يحرك لسانه حركة مجردة ، قال شيخنا(26): و لو قيل : إن الصلاة تبطل بذلك كان أقرب ؛ لأنه عبث ينافي الخشوع ، وزيادة عمل غير مشروع .." (27) .
2- ثم إن الحاجة داعية إلى مثل ذلك ، إذ كيف يبلغ الصوت من هو بعيد من المسجد نسبياً ، لاسيما في ظل العصر الراهن ؛ حيث الحواجز الإسمنتية و المكيفات ، ولربما لم يحصل للشخص انتباه إلا في الحيعلتين ، و حينها يكون الصوت خافتاً .
3- و يمكن أيضاً أن تقاس مسألتنا على :
• الافتراش في الصلاة ، فإنه سنة ، مع ذلك إذا ترتب عليه تضييق فإنه لا يفعل (28).
• و ترك صلاة ركعتي الطواف خلف المقام لأجل المشقة (29).
فهذه السنن تركت لأجل ( المصلحة ) .
4- و يقال أيضاً :
اجتمع في هذا العمل مصلحتان :إعلام الناس بالأذان ، و تطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، و يترتب على تطبيقهما معاً : الإخلال بالإعلام ، و إذا تركت سنة النبي صلى الله عليه وسلم حصل تمام الإعلام ، فهنا نوازن بين المصلحتين ، و عند اجتماع المصالح فإن القاعدة تنص على : أنه ترتكب أعظم المفسدتين و تفوت أدناهما (30) ، و من المعلوم أن : مصلحة تبليغ الناس أعظم ؛ لأن مجالها و نفعها متعدي ، وهي تقتضي التعاون على البر و التقوى ، بخلاف الاتباع فهو خاص بالمؤذن ، إلى جانب أنه وقع في ظروف ومناسبات لا يعزل عنها في النظر إلى تأصيل الحكم الشرعي .
5- و يقال أيضاً :
يترتب على هذا العمل مفسدتان ، و من المعلوم : أن الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف ، و إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما (31) ، و نطبق هذه القاعدة على موضوعنا :
فالمفسدتان : 1- الإخلال الإبلاغ الذي هو مقصد الأذان .
2- ترك الالتفات .
و الضرر الأشد هو الإخلال بالإبلاغ الذي هو مقصود الأذان ، والضرر الأخف هو : ترك الالتفات ، فيرتكب الضرر الأخف الذي هو ترك الالتفات ، و الله أعلم .
5- ثم : الحكم يدور مع علته وجوداً و عدماً (32) ، فالالتفات لقصد التبليغ و هذا القصد انتفى بوجود المكبر ، بل إنه إذا التفت عاد على الأصل بالإبطال ؛ حيث يختل الإعلام .
6- ثم كون الصوت على مستوى غير ثابت أمر مكروه (33).
و هذا الاختيار هو اختيار :
 اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز – قدس الله روحه - (34) .
 و اختيار الشيخ محمد بن إبراهيم –رحمه الله - (35) .
 و الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله - (36) .
 والشيخ عبد الله الجبرين – سلمه الله - (37) .
و قد منع من ترك الالتفات حال الأذان في المكبر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - (38) ، بحجة : أن الالتفات غير معقول المعني ؛ إذ يحتمل إبلاغ الناس و غير ذلك .
و يمكن أن يجاب عن ذلك :
بأن الالتفات الحكمة منه واضحة ، ثم مقصد الأذان الأكبر : الإعلام ، وهو يؤيد ما ذكر و الله أعلم .
و هنا تنبيه لطيف :
أن الترجيح بين الوسائل المشروعة مجال يتسع فيه الاجتهاد ، وميدان يقبل تعدد الرأي ، ولا ينبغي أن تضيق صدورنا ذرعاً به ، مادامت أن المسألة لا تخرج عن الاجتهاد ، و في هذا يقول ابن عاشور – رحمه الله - : " و هذا مجال يتسع فيه مصداق نظر الشريعة إلى المصالح ، و عصمتها من الخطأ و التفريط ، و لم أر من نبه على الالتفات إليه ، و أحسب أن عظماء المجتهدين لم يغفلوا عن اعتباره .." (39) .

المسألة الثالثة : القيام حال الأذان.
اتفق الفقهاء على أن من سنن الأذان : أن يؤذن المؤذن ويقيم قائماً إذا أذن لجماعة (40) ، وحكي الإجماع على ذلك ، قال ابن المنذر - رحمه الله - :" و أجمعوا على أن من السنة أن يؤذن المؤذن قائماً ، وانفرد أبو ثور ، فقال : يؤذن جالساً من غير علة " (41).
واستدلوا لذلك بما يأتي :
1- بقوله عليه الصلاة والسلام :" يا بلال ، قم فناد بالصلاة " (42).
2- وبما جاء في بعض روايات حديث عبدالله بن زيد - رضي الله عنه - و فيه : " رأيت في المنام كأن رجلاً قام وعليه بردان أخضران على جذم حائط فأذن .." (43).
ووجه الدلالة من الحديثين : ظاهر ، حيث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر بلالاً – رضي الله عنه – بالقيام.
3- وبما روي عن وائل بن حجر - رضي الله عنه - أنه قال : " حق وسنة مسنونة ألايؤذن إلا و هو طاهر ، ولا يؤذن إلا وهو قائم " (44).
ووجه الدلالة من هذا الحديث ظاهر.
4- ولأن القيام فعل مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كانوا يؤذنون قياماً (45).
5- و لأن القيام أبلغ في الإعلام بالأذان (46)، و قد جاءت الأحاديث في فضل إسماع المؤذن لغيره ، منها : حديث عبدالرحمن بن أبي صعصعة أن أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال له : " إني أراك تحب الغنم والبادية ، فإذا كنت في غنمك أو باديتك ، فأذن بالصلاة ،وارفع صوتك بالنداء ، فإنه لايسمع مدى صوت المؤذن شيء إلا شهد له يوم القيامة " ، قال أبو سعيد - رضي الله عنه - :"سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم" (47).

أثر مكبرات الصوت على هذه السنة :
يقصد بهذا الأثر : هل يؤذن المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر وهو جالس ؛ لأن الصوت يبلغ الناس من خلال المكبر ، أو لا ؟ فأقول : الذي يظهر لي – و الله أعلم - : أن سنة القيام لا تزال باقية ، و لو استخدم المكبر ؛ للأمور الآتية :
1- إن علة القيام ليست محصورة في الإبلاغ ، بل انضم إلى ذلك مقصد آخر و هو : إظهار الاحترام و التكريم.
2- و صوت القائم أبلغ و أرفع من القاعد ، و معلوم أنه حال قيامه سيزيد الصوت قوة ، لأن القيام مؤثر في ذات الصوت ، و معلوم أن المقصد الأكبر : إبلاغ الصوت للناس ، وزيادة من سيشهد له ، كما جاء في الحديث السابق .
3- و لأن القيام وسيلة لإبلاغ الصوت ، والمكبر وسيلة لذلك ، وإذا أمكن الجمع بين الوسيلتين - القيام و المكبر - كان أبلغ في تحقيق المقصود و تكثيره ، وذلك أمر مشروع لأمرين:
أ - أن مباشرة الوسائل المشروعة كافة أدعى في حصول المقصود .
ب – أن الأصل في الوسائل الشرعية : الإعمال (48).

المسألة الرابعة : جعل الأصبعين في الأذنين .
اتفق الفقهاء على أنه يستحب للمؤذن أن يضع إصبعيه في أذنيه حال الأذان (49) ، إلا أنه يوجد رأي لبعض المالكية بأنه جائز ؛ وذلك لعدم و جوده في مسجد رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ (50) ، ولكن رأي الجمهور أرجح ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ .
واستدل الجمهور لذلك بأدلة منها :
1- حديث أبي جحيفة - رضي الله عنه - وفيه :" رأيت بلالاً يؤذن و يدور ، و يتبع فاه ههنا وههنا ، وإصبعاه في أذنيه " (51).
2- حديث سعد القرظ - رضي الله عنه - أن رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ أمر بلالاً أن يجعل أصبعه في أذنيه ، وقال :" إنه أرفع لصوتك " (52).
3- و لأنه أجمعُ للصوت ؛ لأن الصوت يبدأ من مخارج النفس ، فإذا سَدّ أذنيه اجتمع النفس في الفم ، فخرج الصوت عاليا ، فيكون أبلغ في الإسماع (53).
4- وليستدل به من لا يسمع (54).

أثر مكبرات الصوت على هذه السنة :
يقصد بهذا الأثر : هل يترك المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر وضع الأصبعين في الأذنين اكتفاء بالمكبر ؛ لأن المكبر يبلغ الصوت ، وهذا مقصد وضع الأصبعين ، أو لا ؟
فأقول :
المؤذن يسن له وضع الأصبعين في أذنيه - و إن أذن في المكبر - ، لما يلي :
1- لأن وضع الأصبعين في الأذنين لا يسلم أن المقصد منه : زيادة مدى الصوت فقط ، بل قد ذكر بعض العلماء - كما سبق - أنه لحكمة أخرى وهي : أن يستدل به من لا يسمع ، و يبصره البعيد .
2- ثم إن سلم : حصر الحكمة في زيادة مدى الصوت : فيسن ؛لأنه أبلغ في رفع الصوت ، ووصوله إلى الآخرين ، و بهما يتحقق مقصد الأذان ، و اتباع الهدي النبوي ، و يكون الصوت عالياً ، و لا شك أنه انضم إلى ذلك المكبر ، و الشارع يهدف إلى جلب المصالح وتكثيرها ، ودرء المفاسد وتقليلها (55).
3- و لأنه أيضاً أمكن الجمع بين الوسيلتين و إذا أمكن الجمع بين الوسيلتين كان أبلغ في تحقيق المقصود و تكثيره ، وذلك أمر مشروع لأمرين :
أ - أن مباشرة الوسائل المشروعة كافة أدعى في حصول المقصود .
ب – أن الأصل في الوسائل الشرعية : الإعمال (56) .

المسألة الخامسة : رفع الوجه حال الأذان .
رفع الوجه حال الأذان من مسنوناته عند الحنابلة (57) ، و لم أر لغيرهم ذكر لهذه المسألة .
و استدل لهذا الفعل بما يأتي :
1- لأن الأذان فيه حقيقة التوحيد ، فيستحب فعل ذلك (58) .
2- القياس على الوضوء ، حيث من يفرغ من الوضوء يسن له أن يرفع بصره قبل ذكر الدعاء ، وقد روي عن النبي_صلى الله عليه وسلم_ أنه قال : " من توضأ فأحسن الوضوء ، ثم رفع نظره إلى السماء ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء " (59) ، و الجامع بين رفع الوجه في الأذان وفي الوضوء : أن فيهما إعلان بحقيقة التوحيد ، وإفراد الله بالعبادة (60).
و يمكن أن يجاب عن ذلك بما يأتي :
1- بأن كون الأذان إعلان بحقيقة التوحيد لا يلزم منه رفع الوجه .
2- و لأن الأصل في العبادات التوقيف و الحظر(61) ، و لا يوجد دليل صحيح صريح يفيد ذلك .
3- و ينازع القياس بعدم ثبوت دليل الأصل ؛ إذ فيه رجل مبهم ، ومن شرط صحة الأصل في القياس : أن يكون حكم الأصل متفقاً عليه (62) .
وبناء على ذلك : فالراجح والله أعلم : عدم رفع الرأس حال الأذان .
وبناء على ذلك لا ترد مسألة الأثر .

المسألة السادسة : الترسل في الأذان وجزمه .
أولاً : تعريف الترسل :
الترسل في اللغة هو : التأني والتمهل (63).
و في الاصطلاح هو : التمهل والتؤدة في تحقيق ألفاظ الأذان من غير عجلة ، و يكون بسكتة بين كل جملتين ، من غير تمطيط ، و لا مد مفرط ، والجزم منه (64) .
ثانياً : حكم الترسل :
اتفق الفقهاء على أن الترسل سنة من سنن الأذان (65).
واستدلوا بما يأتي :
1- حديث جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال لبلال : " يا بلال إذا أذنت فترسل في أذانك ، إذا أقمت فاحدر" (66).
وجه الدلالة : أن هذا أمر صريح من النبي_صلى الله عليه وسلم_ بالترسل .
2- حديث علي - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_يأمرنا أن نرتل الأذان ، ونحذف الإقامة "(67) .
وجه الدلالة :
أن ترتيل الأذان بمعنى الترسل فيكون أمراً به .
3- وما روي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال لمؤذن بيت المقدس :" إذا أذنت فترسل ، وإذا أقمت فاحذم " (68).
وجه الدلالة :
أن هذا صريح في الأمر بالترسل .
4- و لأن الأذان لإعلام الغائبين فكان الترسل فيه أبلغ في الإعلام (69) ؛ لأنه إذا مد صوته و تمهل سرى في الآفاق ، و من ثم يصل إلى أكبر عدد من الناس .
5- و للتفريق بين الأذان والإقامة (70).
6- و لأنه هو المتوارث عن السلف (71).

أثر مكبرات الصوت على هذه السنة :
يقصد بهذا الأثر : هل يترك المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر : الترسل ، بناء على أنه لأجل أن يصل لمن هو في مكان بعيد ؟
فأقول :
لا يترك المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر الترسل ، وذلك للأمور الآتية :
1- لأن الترسل لا يسلم أن المقصد منه : زيادة مدى الصوت فقط، بل قد ذكر بعض العلماء - كما سبق - أنه لحكمة أخرى وهي : التفريق بين الأذان والإقامة .
2- ثم إن سلم : حصر الحكمة في زيادة مدى الصوت : فيسن ؛لأنه أبلغ في رفع الصوت ، ووصوله إلى الآخرين ، و بهما يتحقق مقصد الأذان ، و اتباع الهدي النبوي ، و يكون الصوت عالياً ، و لا شك أنه انضم إلى ذلك المكبر ، و الشارع يهدف إلى جلب المصالح وتكثيرها ، ودرء المفاسد وتقليلها (72).
3- و لأن الأذان مع الترسل وسيلة لإبلاغ الغير الصوت ، و كذلك الأذان في المكبر فأمكن الجمع بين الوسيلتين و إذا أمكن الجمع بين الوسيلتين كان أبلغ في تحقيق المقصود و تكثيره ، وذلك أمر مشروع لأمرين :
أ - أن مباشرة الوسائل المشروعة كافة أدعى في حصول المقصود .
ب – أن الأصل في الوسائل الشرعية : الإعمال (73).
4- و لأن أداء كلمات التوحيد بصوت جميل بتمهل بلا عجلة أدل على التعظيم و الاحترام ، ولذا خطابات الملوك والرؤساء ونحوهم تلقى بصوت هادئ و بلا عجلة ، ولله المثل الأعلى .
5- و فيه تحقيق لمصلحة تتعلق بالمؤذن ، و هي : الراحة وعدم سرعة الأنفاس ، و الشارع تهدف إلى تحصيل المصالح و تحقيقها .
و الله أعلم ..

المطلب الثاني : سنة متعلقة بالمؤذن .
المسألة الأولى : أن يكون صيتاً.
أولاً : المراد بالصيت :
المراد بالصيت : شديد الصوت ، وعاليه (74).
ثانيا" حكم كون المؤذن صيتاً :
اتفق الفقهاء على أنه يستحب أن يختار للأذان المؤذن الصيت ، صاحب الصوت العالي المستحسن (75).
واستدلوا لذلك بما يأتي :
1- ما ورد في حديث عبدالله بن زيد - رضي الله عنه - أن النبي_صلى الله عليه وسلم_ قال له : " فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن ، فإنه أندى صوتاً منك " (76) ، والمراد بأندى : أعلى و أرفع وأبعد ، وقيل : أحسن وأعذب (77).
و جه الدلالة : أن معنى قوله : " أندى " : عالي الصوت ومرتفعه ، و هو الصيت .
2- أن النبي_صلى الله عليه وسلم_ اختار أبا محذورة - رضي الله عنه - للأذان ؛لكونه صيتاً (78) ، و يشهد لذلك :أن أبا محذورة - رضي الله عنه - قال : " كنت غلاماً صيتاً " (79).
3- و لأن المقصود من الأذان الإعلام ، وإذا كان المؤذن صيتاً كان أبلغ في الإسماع (80).
أثر مكبرات الصوت على هذه السنة :
يقصد بهذا الأثر : مع استخدام مكبرات الصوت هل يسن أن يكون صيتاً أولا ؛ نظراً لأن المكبر سيقوي الصوت و يرفعه في الآفاق ؟ فأقول :
الذي يظهر لي و الله أعلم :
بقاء سنية كون المؤذن صيتاً ، وذلك للأمور الآتية :
1- أنه إذا اجتمع قوة الصوت والمكبر : أدى إلى ارتفاع الصوت ، وبثه في الأفق ، و بهما يتحقق مقصد الأذان ، و اتباع الهدي النبوي ، و يكون الصوت عالياً ، و الشارع يهدف إلى جلب المصالح وتكثيرها ، ودرء المفاسد وتقليلها (81).
2- و لأنه – كما سبق - أيضاً أمكن الجمع بين الوسيلتين و إذا أمكن الجمع بين الوسيلتين كان أبلغ في تحقيق المقصود و تكثيره ، وذلك أمر مشروع لأمرين :
أ - أن مباشرة الوسائل المشروعة كافة أدعى في حصول المقصود .
ب – أن الأصل في الوسائل الشرعية : الإعمال (82).
3- و لأن المكبر ربما تعطل أثناء الأذان أو انقطع الكهرباء ، فيكون الصوت فيه قوة .

المطلب الثالث : سنة متعلقة بما يؤذن له .
المسألة الأولى : الأذان بعد أداء الجماعة .
هذه المسألة لا تخلو من حالتين :
الحالة الأولى : أن تكون الصلاة فائتة :
أولاً : صورة المسألة :
إذا فات فرد أو جماعة الصلاة حتى خرج الوقت فهل يشرع الأذان حينئذ ؟
ثانياً : حكم المسألة :
الفرع الأول : إذا كانت الصلاة واحدة
اختلف الفقهاء - رحمهم الله - في ذلك على أقوال :
القول الأول :
يستحب أن يؤذن للفائتة ، وهو مذهب الحنفية (83) ، ورأي لبعض المالكية (84) ، و قول الإمام الشافعي - رحمه الله -في القديم (85) ، وهو مذهب الحنابلة (86) .
القول الثاني :
لا يؤذن لها ، وهو مذهب المالكية (87) ، و قول الإمام الشافعي -رحمه الله - في الجديد (88) ، ورواية عند الحنابلة (89).
القول الثالث : 0
لا يؤذن إلا إذا أمل اجتماع الناس ، وهو رأي لبعض المالكية (90) ، وبعض الشافعية (91).
الأدلة :
استدل أصحاب القول الأول بأدلة ، منها :
1- ما جاء أن النبي_صلى الله عليه وسلم_ نام والصحابة - رضي الله عنهم - ناموا حتى طلع حاجب الشمس ، فقال النبي_صلى الله عليه وسلم_:" يا بلال ، قم فأذن بالصلاة " (92).
وجه الدلالة ظاهر ، حيث أن النبي_صلى الله عليه وسلم_ أمر بلالاً – رضي الله عنه – بالأذان للصلاة الفائتة .
2- و لأن الأذان من سنن الصلاة المفروضة ، فاستوى حال الوقت وبعده (93).
أدلة القول الثاني :
1- ما جاء في قصة يوم الخندق ، وفيها : "فدعا رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ بلالاً فأقام ، فصلى الظهر وأحسن كما كان يصليها في وقتها ، ثم أقام للعصر .." (94).
وجه الدلالة : أن النبي_صلى الله عليه وسلم_ لما فاتته الصلاة يوم الخندق لم يؤذن لها ، بل أقام فقط ، مما يدل على أن الصلاة الفائتة لا يؤذن لها .
ويمكن أن يجاب :
بأن الحديث فيه إجمال ، بينته الروايات الأخرى ، و فيها : " فأمر بلالاً فأذن ثم أقام " (95).

2- واستدلوا أيضاً : بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وفيه :" فدعا بالماء فتوضأ ، ثم صلى سجدتين ، ثم افتتح الصلاة فصلى الغداة .." (96).
وجه الدلالة : أن النبي_صلى الله عليه وسلم_ لم يؤذن للغداة ، و لو كان مستحباً لفعله .
و أجيب عنه :
أ - لا يلزم من ترك الأذان أنه لم يؤذن ، بل لعله أذن ، ولم ينقله الراوي أو لم يعلم به .
ب- و لعله ترك الأذان لبيان جواز الترك ، وإشارة إلى أنه ليس بواجب متحتم لاسيما في السفر (97).

3 -و لأن الأذان إعلام بطلب الحضور ، وعند فواتها هم حضور فلا حاجة (98) .
4 - و لأن الأذان للإعلام بالوقت ، وقد فات (99).
5- و لأن فيه إلباساً للسامعين (100).
و يمكن أن يجاب عن ذلك :
بأن هذه علل إنما يلتفت إليها : إذا عدم النص .
أدلة القول الثالث :
الأذان شرع للإعلام وجمع الناس ، فإذا لم يؤمل الجمع فلا يشرع الأذان ؛ لأنه لا وجه له ، أما إذا أمل الجمع كان له وجه فيشرع (101).

ويمكن أن يجاب عن ذلك :
بأن في الأذان مصالح أخر ، غير الإعلام ، مثل : إظهار التوحيد والبراءة من الشرك وأهله ، والشهادة لمحمد_صلى الله عليه وسلم_ بالرسالة ، و لا يسمع صوت المؤذن أحد إلا وشهد له كما سبق (102)، وما ذكروه هو المقصد الأساس من الأذان .
الترجيح :
الذي يظهر – والله أعلم – أنه يؤذن للفائتة ، و ذلك لقوة ما ذكروا من استدلال ، وما أورد على الأقوال الأخرى من مناقشة ، لكن ينبغي عدم رفعه رفعاً يلبس على الناس و يشككهم في الصلاة .

أثر مكبرات الصوت على هذه السنة :
يقصد بهذا الأثر : هل يؤذن من فاتته الصلاة في المكبر أو لا .
فأقول :
الذي يظهر – و الله أعلم – أنه لا يستخدم المكبر في الأذان للفائتة ، بل يؤذن لها بدون ذلك ؛ و ذلك لما يأتي :
أن استخدامه يؤدي إلى التلبيس على الناس في دخول وقت الصلاة ، و تشكيكهم في وقت صلاتهم ، وذلك يؤدي إلى مفسدة أكبر من تلك المصلحة ، و من المتقرر : أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح (103)،و مقصود الأذان يحصل بدون استخدام هذه الوسيلة ، و كذلك الأجر المترتب عليه ، و الأذان في الأصل إنما كان لأجل : دعوة الناس للصلاة ، و حثهم لذا استحب رفعه ، وفي الغالب : أنه في الأذان للفائتة : العدد يكون قليلاً ، والله أعلم .
الفرع الثاني : إذا كانت الصلوات متعددة.
اختلف الفقهاء القائلين باستحباب الأذان للفائتة في الأذان لها إذا كانت متعددة ، هل يكتفي بالأذان لأولى أو يؤذن لكل فريضة ، و يمكن عرض أبرز الأقوال في ضوء النقاط الآتية :
القول الأول :
يؤذن للأولى فقط ، و هو رأي لبعض الحنفية (104) ، و بعض المالكية (105) ، و هو المعتمد عند الشافعية (106) ، و الحنابلة (107) .
القول الثاني :
يؤذن لهما (108).
الأدلة :
أدلة القول الأول :
استدل أصحاب القول الأول بأدلة منها :
1- ما روي عن النبي_صلى الله عليه وسلم_ في يوم الخندق ، وفيه : " أن المشركين شغلوا رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ عن أربع صلوات يوم الخندق ، حتى ذهب من الليل ما شاء الله ، فأمر النبي_صلى الله عليه وسلم_ بلالاً فأذن ، ثم أقام فصلى العصر ، ثم أقام فصلى المغرب ، ثم أقام فصلى العشاء " .(109)
وجه الدلالة : أن النبي_صلى الله عليه وسلم_ لم يؤذن لبقية الصلوات الفوائت اكتفاء بالأولى .
2-و استدلوا أيضا ً: بأن وقتهما واحد فيقوم الأذان الأول مقام البقية (110) .
3- القياس على الصلاة المجموعة حيث يؤذن للأولى فقط .
أدلة القول الثاني :
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة منها :
1- ما روي عن ابن مسعود – رضي الله عنه – أنه حين شغله الكفار يوم الأحزاب عن أربع صلوات قضاهن ، فأمر بلالاً أن يؤذن ويقيم لكل واحدة منهن (111).
و يمكن أن يناقش :
أ- بأن الحديث لم يرو هكذا ، بل روي كما ذكره أصحاب القول الأول .
ب - ثم هو مرسل .
2 - و استدلوا أيضاً : بأن القضاء يحكي الأداء (112) .
و يناقش :
بأن المقصد من تخصيص كل صلاة بأذان هو: إعلام الناس بدخول وقت الصلاة ، و هذا غير موجود حينما تفوت إذ أن وقت الفوائت حين ذكرها .
الترجيح :
لعل الأقرب – و الله أعلم – أنه لا يؤذن إلا للأولى ، وذلك لقوة أدلة القول الأول ، و ضعف أدلة القول الثاني بما أورد عليها من مناقشة .
أثر مكبرات الصوت على هذه السنة :
تأخذ نفس الأثر السابق الذي ذكر في الفرع الأول .
الحالة الثانية : الأذان في مسجد سبقت فيه الجماعة
أولاً : صورة المسألة :
إذا قيمت الصلاة في مسجد ، ثم حضرت جماعة أخرى لم يصلوا ، فهل يؤذنون أو لا ؟
ثانياً : حكم المسألة
اختلف العلماء - رحمهم الله - في ذلك على أقوال ، يمكن عرضها في ضوء النقاط الآتية :
القول الأول :
التفصيل :
أ – إن كان المسجد له أهل معلوم ، و صلى فيه غير أهله بأذان وإقامة : فلا يكره الأذان مرة أخرى فيه .
ب – و إن كان له أهل معلوم ،وصلوا فيه ، أو صلى بعضهم بأذان : كره لغير أهله ، أو لبقة أهله الأذان .
ج – إن كان ليس له أهل ، كأن يكون على طريق : فلا يكره .
وهذا مذهب الحنفية (113)0
القول الثاني :
يكره الأذان ، والحالة هذه ، وهو قول المالكية (114).
القول الثالث :
يسن لهم الأذان ، ولكن الأولى : عدم رفع الصوت به ؛ لخوف اللبس ، سواء كان المسجد مطروقاً أو غير مطروق ، وهذا مذهب الشافعية (115).
القول الرابع :
يستوي الأمر ، و إن أذّنوا استحب الإخفات به ؛ لئلا يغتر الناس ، و هذا مذهب الحنابلة (116).
الأدلة :
أدلة القول الأول :
استدل الحنفية على قولهم بما يأتي :
أ – الأذان لنداء أهل الحي ، فإذا لم يحضروا كلهم أذن ؛ لأنهم المقصودون .
ب- و إن صلى أهل الحي أو بعضهم فقد خوطبوا بالنداء و لا حاجة إلى الإعادة .
ج - ولأن الأذان للإعلام فيستحب الأذان للمسجد على الطريق حتى يسمع به البعيد (117).
و يمكن أن يجاب عن ذلك :
بأن أهل الحي و إن كانوا مقصودين إلا أن في الأذان مصالح أخر ، كالأجر المترتب للمؤذن ،حيث لا يسمع صوته شيء إلا شهد له (118) ، و كذلك : الأجر المترتب على الترديد مع المؤذن و غير ذلك .
أدلة القول الثاني :
واستدل المالكية على قولهم بما يأتي :
1- ما روي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه صلى بعلقمة والأسود – رحمهما الله - بغير أذان و لا إقامة ، وقال :" يجزئنا أذان الحي و إقامتهم " (119).
2- و لأن الأذان قد ألقي ، و هم مأمورون بإجابته ، وقد أجابوه (120).
و يمكن أن يجاب عن ذلك :
1- بأن فعل عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – محمول على بيان الجواز .
2- و أما التعليل المذكور فلا يسلم حصره في ذلك ، إذ أن الإجابة قد تمت وانقضت بإجابة الجماعة الأولى .
أدلة القول الثالث :
استدل الشافعية على قولهم بما يأتي :
1- فعل أنس - رضي الله عنه - حيث أذن و أقام لما جاء لمسجد صلي فيه (121).
2- أن الدعوة الأولى قد تمت بالإجابة ، فاستحب النداء للثانية (122).
أدلة القول الرابع :الجمع بين أدلة القول الثاني و الثالث .
الترجيح :
الذي يظهر – والله أعلم – أن القول الثالث هو الأقرب و يتأيد بما ورد في فضل الأذان ، والحث عليه ، و الله أعلم .

أثر مكبرات الصوت على هذه السنة :
يقصد بهذا الأثر :
من جاء لمسجد سبقت فيه جماعة و أراد الصلاة فهل يؤذن بالمكبر أو لا ؟
فأقول :
الذي يظهر – والله أعلم – أنه لا يؤذن فيه ، بل يؤذن لها بدون ذلك ؛ وكما سبق : أن استخدامه يؤدي إلى التلبيس على الناس في دخول وقت الصلاة ، و تشكيكهم في وقت صلاتهم ، وذلك يؤدي إلى مفسدة أكبر من تلك المصلحة ، و من المتقرر : أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح(123) ، و مقصود الأذان يحصل بدون استخدام هذه الوسيلة ، و كذلك الأجر المترتب عليه ، و الأذان في الأصل إنما كان لأجل : دعوة الناس للصلاة ، و حثهم لذا استحب رفعه ، وفي الغالب : أنه في الأذان للفائتة يكون العدد قليلاً ، والله أعلم .

الخاتمة
الحمد لله الذي يسر وأعان على إتمام هذا البحث ، و يمكن أن ألخص أبرز النتائج في النقاط الآتيــة :
• أن استخدام مكبرات الصوت في الأذان جائز ؛ و ذلك لأن الوسائل لها أحكام المقاصد ، و الأصل في الأشياء الإباحة ، و وجود الحاجة الماسة لها ، و الشريعة جاءت بجلب المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها ، و لعدم المحظور الشرعي .
• أن المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر : لا يطلب الارتفاع و العلو ؛ و ذلك لأن بعض المفاسد قد تترتب على العلو من الاطلاع على البيوت و العورات و الافتتان بمن فيها ،و مقصد الأذان يتحقق بواسطة المكبر .
• أن المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر : لا يلتفت في الحيعلتين ؛ وذلك لأن الحكم يدور مع علته وجوداً و عدماً ، و لأنه يرتكب أعظم المصلحتين و تفوت أدناهما ، و لأنه إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما ، و لأن الضرر الأشد يزال بالأخف .
• أن المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر : يسن له القيام حال الأذان ؛ و ذلك لأنه أبلغ في تحقيق مقصد الأذان ، و لأنه إذا اجتمعت وسيلتان في تحقيق مقصود شرعي و أمكن الجمع بينهما جمع .
• أن المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر : يسن له جعل الإصبعين في الأذنين ؛ و ذلك لأنه أبلغ في تحقيق مقصد الأذان .
• أن المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر : لا يرفع وجهه حال الأذان ؛ لعدم ثبوته .
• أن المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر : يسن له أن يترسل في الأذان ؛ و ذلك لأن العبادات الشرعية ينبغي أداؤها على وجه التعظيم ، و لأن في الترسل إراحة للمؤذن ، والشريعة تهدف إلى جلب المصالح و تكثيرها .
• أن المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر : يسن أن يكون صيتاً ؛ و ذلك لأنه أبلغ في تحقيق مقصد الأذان .
• أن المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر : لا يؤذن فيه بعد أداء الجماعة، سواء كانت فائتة أم لا ؛ و ذلك درء المفاسد أولى من جلب المصالح .
و إن كان من توصية فإني اقترح بحث موضوع : الأحكام الفقهية المتعلقة بمكبرات الصوت ، لأنها غير محصورة في الأذان فحسب ، بل تدخل في أبواب متعددة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) الآية رقم ( 4) من سورة الشرح .
(2) البيت من أبيات لحسان بن ثابت – رضي الله عنه – يمدح النبي صلى الله عليه وسلم ، انظر : ديوان حسان بن ثابت الأنصاري ، (47) .
(3) الآية رقم (110) من سورة آل عمران .
(4) انظر: بدائع الصنائع ، (1/248) ، و حاشية ابن عابدين ، (2/48) ، والشرح الكبير للدردير ، (1/312) ، ومواهب الجليل ، (1/439) ، وروضة الطالبين ، (93) ، و المجموع ، (3/114) ، مغني المحتاج ، (1/212) وشرح المنتهى ، (1/267) ، والمغني (2/83) ، .
(5) أخرجه : أبو داود في كتب الصلاة ، باب الأذان فوق المنارة ، (1/254/519) ، والبيهقي في السنن الكبرى ، (2/198) ، وحسنه ابن حجر في الفتح (2/122) .
(6) أخرجه أبوداود في الصلاة ، باب كيف الأذان ، (1/246/506) ، وابن أبي شيبة في المصنف ، (1/185) ، والطحاوي في شرح معاني الآثار ، (1/134) وابن خزيمة (1/197) ، والدارقطني في السنن ، (1/249) ، والبيهقي في السنن الكبرى (2/193) ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/151) .
(7) أخرجه البخاري في الأذان ، باب الأذان بعد الفجر ، (1/127) ، و مسلم في الصيام ، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر ، (7/203/2533) مع شرح النووي .
(8) أخرجه : البيهقي في الكبرى ، (2/198) ، وقال :"" هذا حديث منكر ، لم يروه غير خالد بن عمر ، وهو ضعيف منكر الحديث " ، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف من كلام التابعي : عبدالله بن شقيق رحمه الله ( 1/203) .
(9) انظر : مغني المحتاج ، (1/212) ، وشرح منتهى الإرادات ، (1/267) .
(10) أخرجه : أبوداود في الجهاد ، باب في الرمي ، (3/22/2513) ، والترمذي في فضائل الجهاد ، باب ما جاء في فضل الرمي في سبيل الله عزوجل ، (285/1637) ، و ابن ماجه في الجهاد ، باب في الرمي في سبيل الله ، (307) ، و أحمد ، (28/532/17300) ، والحاكم ، (2/104) ، والبيهقي ، (10/13) ، والدارمي ، (2/269) ، و ابن أبي شيبة ، (4/229) ، وعبدالرزاق ، (11/461) ، قال محققو المسند :" حسن بمجموع طرقه و شواهده ".
( 1) انظر : مجموع الفتاوى ، (29/414) .
(12) انظر : الكامل في اللغة و الأدب ، (2/990) ، الأغاني ، (20/217)
(13) انظر : المفيد في تقريب أحكام الأذان ، (24) .
(14) انظر : الشرح الممتع ، (2/68) .
(15) انظر : حاشية ابن عابدين ، (2/53) ، و فتح القدير ، (1/213) ، ومواهب الجليل ، (1/441) ، وروضة الطالبين ، (91) ، والمجموع ، (3/115) ، و مغني المحتاج ، (1/212) ، وشرح المنتهى ، (1/268) ، و المغني ، (2/84) .
(16) و ليس هذا محل بسطه ، و انظر للاستزادة : فتح القدير ، (1/244) ، و المجموع ، (3/115) ، و المغني ، (2/85) .
(17) أخرجه : البخاري في الأذان ، باب هل يتبع المؤذن فاه ههنا وههنا ، وهل يلتفت في الأذان ، (1/129) ، ومسلم في الصلاة ، باب سترة المصلي ، (4/442/1119) مع شرح النووي.
(18) أخرجه أبوداود في الصلاة ، باب هل المؤذن يستدير في أذانه ، (1/254/520) 0
(19) انظر : فتح القدير ، (1/213) ، و مغني المحتاج ، (1/212) ،والإنصاف ، (3/77).
(20) ما ثبت أن المسلمين لما قدموا المدينة كانوا يجتمعون فيتحينون الصلاة وليس ينادي بها أحد ، فتكلموا يوماً في ذلك ، فقال بعضهم : اتخذوا ناقوساً مثل ناقوس اليهود النصارى ، وقال بعضهم : اتخذوا قرناً مثل قرن اليهود ، قال الراوي : فقال عمر – رضي الله عنه - : ألا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة ؟ ، فقال الرسول : " يابلال ، قم فناد بالصلاة " أخرجه البخاري في الأذان ، باب بدء الأذان ، (1/124) ، و مسلم في الصلاة ، باب بدء الأذان ، (4/297/835) مع شرح النووي ..
(21) أخرجه أبو داود ، في الصلاة ، باب كيف الأذان ،(1/241/499) ، و الترمذي في أبواب الصلاة ، باب ما جاء في بدء الأذان ، (51/189) ، وابن ماجه ، في الأذان ،باب بدء الأذان ، (86/706) ، قال الترمذي : " حسن صحيح " ..
(22) انظر : سنن الدارقطني ، (1/443/910) .
(23) أخرجه البخاري ، في الأذان ، باب رفع الصوت بالنداء ، (1/125) ..
(24) الموافقات ، (2/212) ، و انظر : الفروق ، (2/33) .
(25)أخرجه البخاري ، في كتاب : الاعتصام بالكتاب والسنة ، باب : الاقتداء بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم ، (9/94) ، و مسلم ، في كتاب : الحج ، باب : فرض الحج مرة في العمر ، (9/105/3244) مع شرح النووي .
(26) يعني : شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - ، جمعنا الله به في فردوسه الأعلى ووالدينا و مشايختنا .
(27) تحفة المودود ، (171) .
(28) انظر : الدرر المبتكرات ، (1/270) .
(29) انظر : الشرح الممتع ، ( 7/302) طبعة دار آسام .
(30) انظر : منظومة القواعد الفقهية للسعدي ، وشرحها : مجموعة الفوائد البهية ، صالح الأسمري ، (54) ، و شرحها : روضة الفوائد ، د.مصطفى مخدوم ، (36) .
(31) انظر : الأشباه والنظائر، ابن السبكي، (1/47)، و السيوطي، (1/127)، و ابن نجيم، (89)، إيضاح المسالك، الونشريسي، (86)، تقرير القواعد، ابن رجب، (2/463)، شرح القواعد الفقهية، الزرقا، (201)، القواعد ، الحصني، (1/346)، و القواعد، المقري، (2/456)، قواعد الأحكام، العز، (1/79)، مجلة الأحكام مع شرح علي حيدر، (1/37)، المدخل الفقهي العام، الزرقا، (2/995)، المنثور، الزركشي، (1/348)، موسوعة القواعد الفقهية، الغزي، (1/229-231) .
(32) انظر : شرح الكوكب المنير ، (4/97) ، وشرح مختصر الروضة ، (3/315) .
(33) و قد ألمح ابن قدامة ( رحمه الله ) إلى ذلك ، انظر : المغني ، (2/82) .
(34) انظر : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، (6/58) .
(35) انظر : فتاوى الشيخ محمد بن ابراهيم ، (2/123) .
(36) انظر : الشرح الممتع ، (2/72) .
(37) انظر : المفيد في تقريب أحكام الأذان ، (24) .
(38) انظر : الأجوبة النافعة ، (19) .
(39) مقاصد الشريعة ، (148) .
(40) انظر : البحر الرائق ( 1 /458) ، و بدائع الصنائع ، (1/253) ، وشرح الخرشي ، (1/232)، والشرح الكبير للدردير ، (1/312) ، و المجموع ، (3/114) ، ومغني المحتاج ، (1/212) ، وشرح المنتهى ، (1/266) ، والمقنع ، (1/201) ، والمغني ، (2/82).
(41) انظر : الإجماع لابن المنذر ، (38) .
(42) أخرجه البخاري في الأذان ، باب بدء الأذان ، (1/124) ، و مسلم في الصلاة ، باب بدء الأذان ، (4/297/835) مع شرح النووي.
(43) أخرجه أبوداود في الصلاة ، باب كيف الأذان ، (1/246/506) ، وابن أبي شيبة في المصنف ، (1/185) ، والطحاوي في شرح معاني الآثار ، (1/134) وابن خزيمة (1/197) ، والدارقطني في السنن ، (1/249) ، والبيهقي في السنن الكبرى (2/193) ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/151) ..
(44) أخرجه : البيهقي في السنن الكبرى ، (2/148) ، قال ابن حجر _ رحمه الله _ في التلخيص (1/337) :" وإسناده حسن، إلا أن فيه انقطاعاً " .
(45) انظر : شرح المنتهى ، (1/266) ، والمغني ، (2/82) .
(46) انظر : البحر الرائق ، (1/253) ، وشرح الخرشي ، (1/232) ، ومواهب الجليل ، (1/441) ، ومغني المحتاج ، (1/212) ، وكشاف القناع ،( 1/281) .
(47) أخرجه البخاري ، في الأذان ، باب رفع الصوت بالنداء ، (1/125) .
(48) انظر : قواعد الوسائل ، (161) .
(49) انظر : بدائع الصنائع ، (1/252) ، وفتح القدير ، (1/213) ، مواهب الجليل ، (1/441) ، وروضة الطالبين ، (93) ، والمجموع ، (3/117) ،ومغني المحتاج ، (1/213) ، و شرح المنتهى ، (1/267) ، و المقنع ، (1/103) ، والمغني ، (2/81).
(50) انظر : الذخيرة ، (2/49) ، و مواهب الجليل ، (1/441) .
(51) أخرجه : الإمام أحمد في المسند ، (31/52/18759) ، و الترمذي في أبواب الصلاة ، باب ما جاء في إدخال الإصبع في الأذن عند الأذان ، (52/197) ، وابن ماجه ، في الأذان والسنة فيه ، باب السنة في الأذان ، (87/711) ، و البيهقي في الكبرى ، (2/147) ، قال الترمذي :"حسن صحيح " ، و صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي ، (1/126) ، وقال محققو المسند :" صحيح رجاله ثقات ، رجال الشيخين .. إلا أن في قوله (يدور) خلافاً" .
(52) أخرجه : ابن ماجه في الأذان و السنة فيه ، باب : السنة في الأذان ، (87/710) ، والحاكم ،(4/769) ، والبيهقي في الكبرى ، (2/147) ، قال ابن حجر _ رحمه الله _ في فتح الباري ، (2/137) :" في إسناده ضعف " ، و قال البوصيري _ رحمه الله _ في مصباح الزجاجة (1/252) : "هذا إسناد ضعيف ، لضعف أولاد سعد القرظ " .
(53) انظر : فتح القدير ، (1/213) ، ومغني المحتاج ، (1/213) ، والمبدع ، (1/223) .
(54) انظر : البحر الرائق ، (2/453) ، والمجموع ، (3/117) ، والمبدع ، (1/223) .
(55)انظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام ، (1/265) ، والموافقات ، (2/520) و (3/415).
(56) انظر : قواعد الوسائل ، (161) .
(57) انظر : اختيارات شيخ الإسلام ، (38) ، و الروض المربع ، (1/442) ، وشرح منتهى الإرادات، (1/267) .
(58) انظر: اختيارات شيخ الإسلام، ( 38)، والروض المربع، (1/442) .
(59) أخرجه : الإمام أحمد في مسنده : (29/592/17363) ، و أبوداود في : كتاب : الطهارة ، باب : مايقول الرجل إذا توضأ ، (1/90/170) ، وابن السني ، رقم (31) ، والبزار ، رقم (242) ، كلهم من طريق : أبي عقيل عن ابن عم له عن عقبة بن عامر عن عمر به ، قال ابن حجر – رحمه الله – في نتائج الأفكار ، (1/240): هذا حديث حسن من هذا الوجه ، ولولا الرجل المبهم لكان على شرط البخاري ؛ لأنه أخرج لجميع رواته ، من المقرئ فصاعداً إلا المبهم ، ولم أقف على اسمه ". قال الشوكاني – رحمه الله – في النيل ( 1/269) : " ورواية أحمد وأبي داود في إسنادها رجل مجهول " ، و قال الألباني – رحمه الله – في إرواء الغليل (1/135) : " وهذه الزيادة _ يعني رفع البصر _ منكرة ؛ لأنه تفرد بها ابن عم أبي عقيل ، وهو مجهول " ، قال محققو المسند : " حديث صحيح دون قوله :" ثم رفع نظره إلى السماء " و هذا إسناد ضعيف ، لجهالة ابن عم زهرة بن معبد " و لم يأت لرفع البصر متابع أ و شاهد فيما وقفت عليه ، ومن المتقرر أن الإبهام في الحديث مما يضعفه ، قال ابن حجر رحمه في نزهة النظر (136) :" و لا يقبل حديث المبهم ما لم يسم ؛ لأن شرط قول الخبر عدالة راويه، ومن أبهم اسمه: لا تعرف عينه ، فكيف تعرف عدالته ".
(60) انظر : اختيارات شيخ الإسلام ، ( 38).
(61) انظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام ، (29/17) .
(62) انظر : الإحكام ، الآمدي ، (3/382) ، و التمهيد ، أبي الخطاب ، (3/442) ، و روضة الناظر ، (3/877) .
(63) انظر : لسان العرب ، (6/152) ، مادة ( رسل ) .
(64) انظر: بدائع الصنائع، (1/249)، وفتح القدير، (1/213)، و الشرح الكبير للدردير، (1/308)، و مواهب الجليل، (1/437)، و المجموع، (3/118)، و مغني المحتاج، (1/211)، و شرح المنتهى، (1/265) ، و المغني ، (2/60) .
(65) انظر : المراجع السابقة .
(66) أخرجه الترمذي في أبواب الصلاة ، باب : ماجاء في الترسل في الأذان ، (152/195) ، والبيهقي في السنن الكبرى ، (2/202) ،و الحاكم ، (1/402) ، قال الترمذي :" حديث جابر هذا لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبدالمنعم ، و هو إسناد مجهول " ، وقال الحاكم :" هذا حديث ليس في إسناده مطعون غير عمرو بن قائد ، والباقون : شيوخ البصرة ، وهذه سنة غريبة لا أعرف لها إسناداً غير هذا ، ولم يخرجاه " و ضعفه البيهقي ، و انظر : التلخيص ، (1/329)
(67) أخرجه الدارقطني في السنن ، (1/445/915) ، والطبراني في الأوسط ، (5026) بلفظ :" كان يأمر بلالاً" .قال ابن حجر في التلخيص (1/330) : "و فيه عمر بن شمر ، وهو متروك " ، و قال النووي في المجموع (3/118) :" إسناده ضعيف " .
(68) أخرجه : الدارقطني في السنن ، (1/445/916) ، والبيهقي في السنن ، (2/203) .
(69) انظر : بدائع الصنائع ، (1/249) ، والمجموع ، (3/117) ، والمغني ، (2/60) .
(70) انظر : المغني ، (2/60) .
(71) انظر : فتح القدير ، (1/213) .
(72) انظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام ، (1/265) ، والموافقات ، (2/520) و (3/415).
(73) انظر : قواعد الوسائل ، (161) .
(74) انظر: لسان العرب، ( 13/10) مادة ( صوت)، والمطلع، (48).
(75) انظر: بدائع الصنائع، (1/248)، والشرح الكبير، (1/311)، ومواهب الجليل، (1/437)، والمجموع، (3/119)، و مغني المحتاج، (1/214)، و المبدع، (1/214)، وشرح المنتهى، (1/262).
(76)أخرجه أبو داود ، في الصلاة ، باب كيف الأذان ،(1/241/499) ، و الترمذي في أبواب الصلاة ، باب ما جاء في بدء الأذان ، (51/189) ، وابن ماجه ، في الأذان ،باب بدء الأذان ، (86/706) ، قال الترمذي : " حسن صحيح " .
(77) انظر :الصحاح ، (6/2505) ،النهاية ، (5/36).
(78) انظر : مغني المحتاج ، (1/214) ، والمغني ، (2/70) .
(79) انظر : سنن الدارقطني ، (1/443/910) .
(80) انظر: مواهب الجليل، (1/437)، و مغني المحتاج، (1/214)، و شرح المنتهى ، (1/263) .
(81)انظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام ، (1/265) ، والموافقات ، (2/520) و (3/415).
(82) انظر : قواعد الوسائل ، (161) .
(83) انظر : بدائع الصنائع ، (1/256) ، وفتح القدير ، (1/217).
(84) انظر : مواهب الجليل ، (1/422) .
(85) انظر : مغني المحتاج ، (1/209) و المهذب ، ( 3/91).
(86) انظر : شرح المنتهى ، (1/260) ، والمغني ، (2/74) .
(87) انظر : شرح الخرشي ، ( 1/228)، و الشرح الكبير ، (1/306 ) ، الفواكه الدواني ، (1/200) .
(88) انظر : مغني المحتاج ، (1/209) ، والمهذب ، (3/91) .
(89) انظر : الإنصاف ، (3/98).
(90) انظر : مواهب الجليل ، (1/422) .
(91) انظر : المهذب ، (3/91) .
(92) أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة ، باب الأذان بعد ذهاب الوقت ، واللفظ له ، (1/122)، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة ، باب قضاء الفائتة و استحباب تعجيل قضائها ، (5/190/1560) مع شرح النووي.
(93) انظر : المغني ، (2/76) .
(94) أخرجه الإمام أحمد (18/45/11465) ، والنسائي في الأذان ، باب الأذان للفائتة من الصلوات ، (89/661) ،والبيهقي ، (1/402) ، والدارمي ، (1/272) ، و ابن خزيمة ، (966) ، و الشافعي في الأم (1/89) ، و الطحاوي في شرح معاني الآثار ، (1/321) ، و صححه ابن خزيمة ، قال الشوكاني في نيل الأوطار (1/491) :" رجال إسناده رجال الصحيح " ، وقال محققو المسند :" إسناده صحيح ، على شرط مسلم ".
(95) أخرجه : الإمام أحمد (6/17/3555) ، و الترمذي في أبواب الصلاة ، باب ماجاء في الرجل تفوته الصلاة بأيتهن يبدأ ،(49/179) ، والبيهقي ، (1/403) ، وابن أبي شيبة ، (2/70) ، قال الترمذي : " حديث عبدالله ليس بإسناده بأس ، إلا أنا أبا عبيدة لم يسمع من عبدالله " ، قال محققو المسند : "حسن لغيره ، وهو إسناد ضعيف ، لانقطاعه ، أبو عبيدة بن عبدالله لم يسمع من أبيه ، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين " .
(96) سبق تخريجه.
(97) انظر : شرح النووي على مسلم ، (5/183) .
(98) انظر : فتح القدير ، (1/217) .
(99) انظر : المغني ، (2/76) .
(100) انظر : المبدع ، (1/327) .
(101) انظر : المهذب ، (3/91) ، المغني ، (2/72) .
(102) راجع مبحث أن يكون المؤذن صيتا.
(103) انظر : الأشباه والنظائر ، ابن السبكي ، (1/105) ، و السيوطي ، (1/217) ، و ابن نجيم ، (90) ، ، ترتيب اللآلىء ، (2/691) ، شرح القواعد الفقهية ، الزرقا ، (205) ، قواعد الفقه ، المجددي ، (80) ، مجلة الأحكام مع شرحها لعلي حيدر ، (1/37) ، المدخل الفقهي العام ، (2/996) ، الوجيز ، (265).
(104) انظر : فتح القدير ، ( 1/217) .
(105) انظر : مواهب الجليل ، (1/422 ) .
(106) انظر: الحاوي، (2/75) ، المهذب مع المجموع، (3/91).
(107) انظر : الإنصاف ، ( 3/98) ، المغني ، (2/75) .
(108) انظر: البحر الرائق، (1/455)، بدائع الصنائع،(1/256).
(109) أخرجه الإمام أحمد (18/45/11465) ، والنسائي في الأذان ، باب الأذان للفائتة من الصلوات ، (89/661) ،والبيهقي ، (1/402) ، والدارمي ، (1/272) ، و ابن خزيمة ، (966) ، و الشافعي في الأم (1/89) ، و الطحاوي في شرح معاني الآثار ، (1/321) ، و صححه ابن خزيمة ، قال الشوكاني في نيل الأوطار (1/491) :" رجال إسناده رجال الصحيح " ، وقال محققو المسند :" إسناده صحيح ، على شرط مسلم "..
(110) انظر : فتح القدير ، (1/217 ) ، المغني ، (2/77) ، و المهذب مع المجموع (3/911) .
(111) انظر : بدائع الصنائع ، (1/256) ، و فتح القدير ، (1/217) ، و المبسوط ، (1/136) .
(112) انظر : المراجع السابقة .
(113) انظر: بدائع الصنائع، (1/256)، حاشية ابن عابدين،(2/49) .
(114) انظر : الشرح الكبير للدردير ، (1/306) ، ومواهب الجليل ، (1/422) .
(115) انظر : المجموع ، (3/93) ، ومغني المحتاج ، (1/209) .
(116) انظر : المغني ، (2/79) .
(117) انظر : بدائع الصنائع ، (1/256) .
(118) أخرجه البخاري ، في الأذان ، باب رفع الصوت بالنداء ، (1/125) ..
(119) أخرجه ابن أبي شيبة ، (1/200) ، و البيهقي في السنن الكبرى، (2/167) ، وهو في صحيح مسلم بلفظ :" فلم يأمرنا بأذان ولا إقامة " صحيح مسلم بشرح النووي ، (5/15) .
(120) انظر : المغني ، (2/76) ، والوسيط ، (2/48) .
(121) أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم ، في الأذان ، باب : فضل صلاة الجماعة ، (1/131) ، ووصله عبدالرزاق في مصنفه ، (2/291) ، وابن أبي شيبة ، (1/200 ) و البيهقي (2/1169) ، و قال ابن حجر في الفتح (2/154) :" ووصله أبو يعلى في مسنده " .
(122) انظر : الوسيط ، (2/48).
(123)انظر : الأشباه والنظائر، ابن السبكي ، (1/105) ، و السيوطي، (1/217) ، و ابن نجيم ، (90) ، ، ترتيب اللآلئ ، (2/691) ، شرح القواعد الفقهية ، الزرقا ، (205) ، قواعد الفقه ، المجددي ، (80) ، مجلة الأحكام مع شرحها لعلي حيدر ، (1/37) ، المدخل الفقهي العام ، (2/996) ، الوجيز ، (265).