قراءة في الحرب اللبنانية

إن المسلم تؤلمه مشاهد الدمار والخراب والقتل التي يقوم بها اليهود عليهم لعنة الله ، سواء في فلسطين أو لبنان ولعل من آخرها الغدر المغرق في الخسة والنذالة - التي هي من طبيعة اليهود وجبلتهم - بأهل مروحين عندما طالبتهم إسرائيل بالمغادرة منها خلال ساعتين بحجة أنها لا تريد قتل المدنيين وعندما ذهبوا إلى الأمم المتحدة رفضت استقبالهم كما فعلوا بأهل طابه من قبل وبعد نزوحهم إلى صيدا أو صور اعترضتهم الصواريخ الإسرائيلي وحصدتهم وغيرها من الصور المروعة والتي تدل على احتقار الكرامة الانسانية وبالذات لنوعية خاصة من البشر وهم العرب والمسلمون .

هذه الأحداث لا يمكن أن ترضى بها أي أمة من أمم الأرض مثل الصين أو كوريا أو أمريكا الجنوبية أوغيرها ومما يزيد الأسى أن تكون هذه المآسي والأرواح المزهقة تتم وفق لعبة سياسية ذات أهداف خاصة ومذهبية ضيقة وبهذا يجتمع على الأمة عدوان على عدوان فليس مهما المحافظة على أرواح الناس ولكن المهم هو تحقيق مكاسب محدودة ولو كان ذلك على حساب دمار وخراب الأمة ومكاسبها .

هذا ما يدعوني لقراءة الأحداث بصورة مختلفة عن المظاهر المؤلمة لأن وراء هذه الأحداث مكونات سياسية وفكرية هي المحرك الفعلي لها وهي صاحبة المصالح الخاصة من ورائها وهذا ما عرفناه من طبيعة السياسة المكيافللية المعاصرة التي تبرر وسائلها مهما كانت قبيحة لغاياتها مهما تكن مغرقة في الذاتية .

هذه القراءة تقوم على أساس أن اللاعب في المشهد اللبناني هو نفسه اللاعب في المشهد العراقي وهم طرفان متعاونان لا ثالث لهما وهما : الشيعة ( إيران وسوريا) ، والصهيونية العالمية(أمريكا وإسرائيل) والداعم الحقيقي لحزب الله الذي يصور على انه جبهة مقاومة ضد الصهيونية هو ذات الداعم للأحزاب الشيعية في العراق المتعاونة مع الاحتلال حتى النخاع وهو( إيران) ..

فإيران تتعاون مع الاحتلال الأمريكي في العراق وتقف ضد المقاومة العراقية وتقوم بعملية تصفية مقصودة للعلماء والدعاة من أهل السنة في العراق وقد صرح الفيضي من هيئة علماء المسلمين بأن المعتقلين من المقاومة العراقية يحقق معهم في سجون الاحتلال الأمريكي ضباط إيرانيون والتعاون الإيراني مع الاحتلال الأمريكي في العراق واضح لكل متابع سواء من خلال الأحزاب التي لا تخرج عن السياسة الإيرانية أو الوقوف ضد المقاومة وإشعال الحروب الطائفية لتصفية الحسابات المذهبية وإشغال المقاومة عن عملها الأساسي وهو طرد المحتل هذا بالإضافة إلى تعاون إيران مع أمريكا في احتلال أفغانستان والعراق من قبل ، الأمريكان يفهمون اللغة الإيرانية جيدا، وهم الذين تعهدوا بأمن إسرائيل .
فهل بعد هذا يصدق عاقل بأن حزب الله حركة مقاومة تهدف لجهاد اليهود لأنهم محتلون لديار المسلمين؟

فماهو الهدف إذن من تحريك الجبهة اللبنانية في هذا الوقت ؟

هناك عدة أهداف إيرانية لتحريك الوضع في لبنان ومنها :
- إظهار القدرة الإيرانية في المنطقة وهي رسالة مزدوجة للأمريكان والإسرائيليين ودول المنطقة الأخرى تشير إلى أن إيران قادرة على خلط الأوراق بما يناسب مصالحها الخاصة وهي رسالة تهديد لكافة الأطراف المعارضة لإيران بالقدرة على إدخال المنطقة في متاهات سياسية وعسكرية لا ترغب فيها كافة الأطراف
- اختطاف الحضور الإعلامي والشعبي في المنطقة وإظهار أن الداعم القوي لحركة المقاومة الفلسطينية واللبنانية هم الشيعة وهو نوع من تصدير التشيع وقد سبق الحرب اللبنانية الحالية تصريحات محمود أحمدي نجاد النارية حول إسرائيل وحقوق الفلسطينيين وهي عملية منافسة للسعودية باعتبار إن الثانية ظهرت منذ وقت طويل على أنها الداعمة للمسلمين في العالم وهذا ما يجعل الحرب اللبنانية بهذه الصورة ووقوف إيران بجوار المقاومة مؤكدا لهذا الاستنتاج فالسعودية هي المسؤلة عن الملف اللبناني والسوري كما أن مصر هي المسؤلة عن الملف الإسرائيلي- الفلسطيني ولهذا جاءت ردة الفعل السعودي على غير المعتاد ، وهذا التنافس لا يعدو أن يكون أمرا شكليا وبهرجة إعلامية لا حقيقة له فالمقاومة الحقيقية في العراق وفلسطين غير مدعومة منهما لأن هذه خطوطا حمراء ومحرمات أمريكية لا يجرأ عليها إلا المجاهدين
- إشغال الرأي العام الإسلامي عن الحرب الطائفية التي تقوم بها إيران في العراق فقد صرح حارث الضاري أن المليشيات الشيعية المدعومة من إيران قتلت ما يقارب المائة ألف سني وهذا لو أخذ حقه من التوضيح والبيان الإعلامي لفقدت إيران بريقها الكاذب في الوقوف مع قضايا الأمة .

وهذا ما حصل بالفعل فقد نسي الناس الحرب الطائفية في العراق وتوجهوا إلى الحرب اللبنانية وهذا التلاعب بعواطف الأمة سيكون له أمد محدد ثم تنكشف حقيقة إيران الطائفية فقد كانت الحكومات الغربية تعزف أنغام الحرية والديمقراطية زمنا طويلا وكان عدد من المغفلين يصدقها وهكذا كانت الحركات القومية خاصة الناصرية ولكن ذلك لم يعد مجديا الآن بعد انكشاف الحقائق وهكذا التلاعب بالوقوف بجوار المقاومة ودعم قضايا المسلمين في مكان مع إعانة المحتل ضد المسلمين في مكان آخر .

قد يقول البعض : انك الآن تبرر للموقف الرسمي تجاه القضية اللبنانية!!
فأقول : لايعنيني الموقف الرسمي في شي ولكن الذي يعنيني هو مصلحة المسلمين المخدوعين بدعاوى إيران وحزب الله مع أن الحقيقة أنهم متعاونون مع الاحتلال ضد المقاومة الشرعية الحقيقية التي تهدف إلى طرد المحتل ويحزنني كثيرا أن أرى أمتي ملهاة سياسية لكافة الأطراف سواء كان الإخراج بصورة المقاوم أو المتعقل الحكيم وهم في النتيجة إفراز لواقع مأزوم لا تعنيه المصالح الحقيقية للمسلمين ولكن تعنيه الشعارات البراقة والشكليات الكاذبة في الوقت الذي لايمرر إلا ما يرتضيه الغزاة المحتلون .