خطة بناء وتفعيل مجموعات العمل الدعوي والتربوي 2

(تحدثنا في الجزء الأول عن أهمية بناء فريق العمل ثم عواقب الفشل في بنائه كما تحدثنا عن علامات نجاح الفريق و بدأنا في الحديث عن خطوات بناء مجموعات العمل والتي بدأناها بالحديث عن الأهداف ودراستها، وفي هذا الجزء نكمل معا الحديث عن خطة بناء مجموعات العمل حيث نبدأ بالحديث عن الخطوة الثانية من خطوات بناء مجموعات العمل وهي اختيار فريق العمل..).

ثانيا: اختيار فريق العمل:
هي الخطوة الثانية من خطوات بناء الفريق، ويعتور هذه الخطوة كثير من الأخطاء التربوية التي قد يقع فيها المربون والقادة مما يكون لها الأثر السلبي فيما بعد على النتائج المتوقعة.

ومن أجل ذلك نحاول أن نقف معا على عدة نقاط أساسية أثناء القيام بتلك الخطوة:
1- أننا هنا عندما نتحدث عن اختيار الأفراد كفريق للعمل فإن معالم هذا الاختيار أيضا تنطبق أغلبها على اختيار المجموعات التربوية الخاصة التي يريد المربي من خلالها تربية أفراده للوصول بهم نحو تشرب منهج تربوي محدد وتطبيقه وإنجاز أهدافه، غير أن الفارق بينهما فقط يكون في اشتراط شروط زائدة مرادة في المجموعات ذات المهمات المعينة والتي قد تحتاج إلى مؤهلات علمية معينة أو غيرها..

2- يجب أن يتم اختيار الأفراد من خلال تعايش تربوي لا اختبار للهيئة وفقط ولا اختيار عبر لقاء سريع، حيث إن هناك من الأفراد ذوي المواهب من لا يستطيعون إبراز مواهبهم في أول لقاء أو من مجرد أسئلة عابرة، كما أن هناك آخرين قد ينخدع بهم المربي في اختياره بما يبدو عليهم من الفصاحة أو التفتح أو سرعة البديهة فيختارهم ويضمهم لفريقه ويكونون متصفين بسىء الأخلاق وكريه الصفات..

3- من المهم ألا يعتمد القرار في قبول الفرد من عدمه على رأي مرب واحد فقط بل يجب أن يشاركه في ذلك أكثر من مرب متمرس حيث إن البعض قد لا ينفتح للأخر في أول لقاء لسلوك يصدر رغما عنه أو خلاف أو تضارب في وجهات نظر أو عدم راحة لقسمات وجه أو أسلوب حديث أو غيره فيجب أن يخضع الحكم لأكثر من قول مرب لا لواحد.

4- يراعى في اختيار الأفراد تقاربهم النسبي في المستوى العلمي والثقافي والاستيعابي حيث يستطيعون تدارك بعضهم بعضاً في الفهم والتطبيق، كما يجب أن يراعى تناسب الأعمار فلا يلحق صبي بمجموعة شباب ولا صغير بمراهقين أو غيره، بل ننصح بألا يزيد فارق العمر عن سنة واحده في مجموعات الصغار، وسنتين في مجموعات المراهقين وثلاث سنين في مجموعات الشباب... وما هو بعد ذلك يراعى فيه التناسب النسبي فحسب بغير تحديد.

5- ينبغي أن يتصف الأفراد بالنضج العقلي والتيقظ الفكري وسرعة الفهم والاستيعاب.

6- كما ينبغي أن يتصفوا جميعا بقابلية النمو والتطوير، ويستطيع المربي أن يعرف ذلك عن طريق تجارب اختبارية سريعة يقوم فيها بتعليمهم نموذجا تعليميا جديدا في السلوك أو التفكير ويطلب منهم تطبيقه على نموذج آخر أو موقف جديد..وهكذا

7- من المهم في اختيار مجموعة العمل أن تكون محبة للحياة الجماعية ومؤهلة للعمل بروح الفريق والقدرة على التواصل والتفاعل.

8- هناك صفة أخرى أساسية ومهمة للغاية يتم الاختيار على أساسها وهي الثقة في النفس – وبينها وبين الكبر والعجب شعرة يعرفها المربي – وهي صفة توفر الكثير من الجهود والأوقات على المربي وتعين في التقدم نحو صفات القيادة، وأهميتها هنا بالخصوص هو القدرة على تخطي المعوقات والصعاب وحل المشكلات أثناء العمل وكذلك القدرة على الاعتماد على النفس في أداء المهام.

ثالثا: التكليف والتوجيه:
واقصد به هنا الخطوة التي تلي الاختيار وهي الحلقة التي تسبق تنفيذ العمل المطلوب وتعتبر الخطوة العملية الأولى في التنفيذ، وهذه الخطوة بها أيضا عدد من النصائح والمحاذير نحاول توضيحها بإيجاز:
1- من المهم في البداية التعرف على قدرات ومهارات كل فرد من أفراد المجموعة وهناك عدة وسائل لذلك منها: (المناقشات والحوارات المفتوحة, المعايشة المخصوصة مع الملاحظة، التاريخ، والاختبارات العملية)

2- هناك عدة خطوات داخلية خاصة عند توزيع المهام والاختصاصات على أفراد الفريق، ومنها: -
- أن يفتح باب الحوار مع الأفراد لوضع توصيف دقيق للمهمة وأهدافها والوسائل المقترحة
- تحديد الاختصاصات، والصلاحيات بدقة.
- تصوير مسبق عن المشاكل المتوقعة، وكيفية التعامل معها وحلها بمشاركة أفراد الفريق
- تحديد قنوات وسائل الاتصال في الظروف العادية و الطوارئ.
- إعدادات اللائحة الداخلية، واعتمادها بمشاركة الفريق.

3- يجب أن يعتمد التكليف بالاختصاص في غالب أحواله على الرضا والقناعة بالمهمة لا على الفرض والضغط على الأفراد، إذ إن المهمة القائمة على القناعة والاختيار غالبا ما تكون أنجح وأكثر قبولاً وراحة عند التنفيذ.

4- ينبغي على المربي توضيح وبيان معنى الطاعة المطلوبة أثناء عمل الفريق، وهنا ينتبه المربي إلى أنه حين يعرض معنى الطاعة يجب أن يتخلى عن رغبته في التقدير والسيطرة والتحكم في الآخرين، بل يجب أن يعرض عليهم معنى الطاعة كمعنى محبب للنفس ينبني على احترام الكبير وتقدير الآخر والرغبة في تميز الأداء، لا من خلال الأمر والنهي والضغط والإلزام فإن تلك الأخيرة معان غالبا ما تتسبب في إفشال العمل وإن بدا للبعض أنها تنشئ الانضباط والنظام..

رابعا: المتابعة والتقويم:
تقوم عملية المتابعة فعليا ابتداء من أول لقاء من المربي للأشخاص حيث يقوم بملاحظة الأفراد وتتبع صفات كل منهم ومدى إمكانية الاستفادة منه لأداء المهمة المنوطة، وكذلك مدى إمكانية تعديل سلوكه أو جانب من جوانب تفكيره..

وتستمر عملية المتابعة باستمرار أداء فريق العمل لمهمتهم، حيث يتابع المربي مستوى الأداء ومدى التفاعل الجمعي بينهم ومدى تأثير الصفات الشخصية على العلاقات بين المجموع ومدى التأثر بالبيئة الجديدة – سابا أو إيجابا – لكل فرد من الأفراد.
كما يقوم المربي والقائد بما يسمى بعملية التقويم: للسلوك، وردود الأفعال، والانطباعات، وآثار النتائج السلبية التي يمكن أن تحدث أثناء العمل.

وعملية التقويم عملية شاقة لا يستطيع أن يقوم بها غير المربي الخبير الذي يستطيع امتصاص المواقف السلبية وتحويلها – عبر إمكاناته الداخلية – إلى نصائح وتوجيهات وتدعيمات عملية ونظرية بحيث ينتفع بها الفرد والمجموع فيما يلي من مواقف.

وقد تبدو عملية التقويم متأخرة في ترتيبها بالنسبة لخطوات بناء الفريق، ولكن الحقيقة الفعلية هي أن عملية التقويم عملية مستمرة ومتتابعة وموجودة منذ البداية، وقد تتبدى في مقولة أو نصيحة أو سلوك يحمل معنى الاقتداء أو تطبيق عملي للفعل الإيجابي المنصوص عليه في القرآن أو السنة.