أنت هنا

هل هو السر.."أكبر ثروة يورانيوم في العالم بدارفور"؟!
24 ربيع الأول 1427

لم يكن (الرئيس السوداني) عمر البشير راغباً في فتح شهية الغرب لاحتلال بلاده عندما أطلق تصريحه المفاجئ حول ثورة خام اليورانيوم في دارفور, ولعله يدرك قبل غيره أن الأمر لا يحتمل دغدغة مشاعر أفراد شعبه على حساب الأمن القومي السوداني والعربي.. كل ما في الأمر باختصار أن الرئيس السوداني أراد الكشف للإعلام بما تلم أجهزة الاستخبارات الغربية الفاعلة بأطرافه جيداً.
البشير قال أول من أمس: "هناك مساعٍ غربية لإفراغ دارفور من سكانها بعد أن أثبتت الدراسات وجود أكبر مخزون يورانيوم في العالم كله بدارفور(..) الدوائر الغربية تمتلك إحصاءات ووثائق عن الثروات الكامنة في دارفور بعد أن فرطت الحكومات السودانية السابقة فيها".
هناك إذن ـ بحسب ما نفهم من تصريح البشير ـ حافز إضافي عظيم لاحتلال دارفور أو السيطرة عليها عبر سلطة محلية خاضعة مباشرة لأساطين اليورانيوم في العالم ومحتكريه.
وغني عن القول إن من أبسط مبادئ التفوق الاستراتيجي ألا تقتصر على الحصول على أسلحة وأدوات صراع إستراتيجية (كالنفط واليورانيوم, أو الموقع الاستراتيجي, أو ما نحو ذلك) وإنما كذلك تمنع الخصم من الاستحواذ عليها والاستقواء بها, وهو ما تحاول دوماً الدول الكبرى فعله في سياستها الخارجية.
اليورانيوم بكميات وفيرة والنفط بكميات تجارية, وهذا الأخير مارست بسببه الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطها على شركات بتروناس الماليزية وتاليزمان الكندية والنفط الصينية لدفعها للرحيل من السودان. أما الأول؛ فقد ردت القوات الفرنسية ـ بدعمها للرئيس التشادي السابق حسين حبري ـ القوات الليبية على أعقابها أواخر الثمانينات عندما بدأ التنازع بين البلدين على إقليم أوزو الشمالي بتشاد لمعلومات قيل: إن (الزعيم الليبي) معمر القذافي قد تبلغها من العالم الباكستاني النووي الأبرز عبد القدير خان عن مخزون هائل من اليورانيوم في الإقليم.
المطامع مما تقدم كثيرة, والرئيس السوداني يريد أن يجردها أمام الرأي العام العالمي بلغة تناسبه, وإن كان التوقيت المتزامن مع الإعلان الإيراني عن النجاح في تخصيب اليورانيوم ربما لم يك مثالياً في النطاق الدولي على الأقل؛ لأن الحديث عن مطامع كهذه في ظل مخاوف شعبية أمريكية وأوروبية بالأساس لا يخدم الخطاب السوداني في الدوائر الدولية, وإن كان يخدمها في الداخل السوداني والمحيطين العربي و الإسلامي.
غير أنه من جهة أخرى, قد يكون انطلق من أرضية "التمرد" على المشروع الإمبراطوري الأمريكي والتي يحاول السودان تحقيقها مستفيداً من المأزق الذي تعيشه الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الحالي, وهو ما جرَّأَ الكثيرين على الانتقاص من هيبتها الدولية بتصريحات عالية النبرة, وهو ما تمثل في الحالة السودانية بالتصريحات المتحدية من الرئيس السوداني, والتي جاء فيها: "بماذا يخيفوننا؟ لن نموت قبل يومنا", وذكَّر من خلالها الأمم المتحدة بالقضاء على فرقة بريطانية كاملة في معركة شيكان في القرن قبل الماضي, محذراً من مغبة التدخل الأممي... "لا نريد عراقاً ثانيا.. ولا سجن أبو غريب هنا".
التدخل الأممي والغربي خصوصاً في الإقليم السوداني الغني بالثروات المخبوءة جد مريع, لا لضياع النفط ولا الاستحواذ على اليورانيوم, وإنما خوفاً على أعظم ثروة يملكها إقليم دارفور الغربي, وهي ثروة حفاظ القرآن الذين تزخر بها خلاويه المنتشرة بكثرة في ربوعه.. أفريقيها وعربيها, والذين اجتمع الدارفوريون قبل عامين للاحتفال بتخريج دفعة تضم ألفاً منهم, والذين هم هدف للتغريب الثقافي والتعليمي كما في البلدان العربية الأخرى..

بقلم: أمير سعيد