أنت هنا

ومن ألمانيا أيضاً..دلائل على تورط "إسرائيل" في اغتيال الحريري
22 ربيع الأول 1427

بينما استند تقرير (القاضي الألماني) ديتليف ميليتس في تقريريه عن اغتيال (رئيس الوزراء المغدور) رفيق الحريري على شهادة حلاق لبناني وثيق الصلة بالاستخبارات السورية, سرعان ما تراجع عن شهادته المدينة لسوريا إثر فراره من لبنان إلى سوريا, وبعض الدلائل الأخرى الواهية... اعتمدت فرضية التورط المباشر للكيان الصهيوني في اغتيال الحريري والتي نشرت في أوروبا من خلال كتاب لألماني آخر هو يورجن كاين كولبه, على دلائل دامغة تثبت التورط المباشر لـ"إسرائيل" في اغتيال الحريري..
وكتاب "ملف اغتيال الحريري: إخفاء الأدلة في لبنان" لكولبه, لا تعود أهميته إلى تفجيره لمفاجآت معلوماتية تنسف فرضية ميليتس فحسب, وإنما يكتسي الأمر أهمية إضافية بسبب صدوره من مؤلف عُرف كخبير في علوم الجرائم السياسية, وعكف لشهور لتقصي الحقائق, لكن من دون ضغوط كتلك التي تعرض لها (رئيس لجنة التحقيق السابق) ديتليف ميليس.. ميليس الذي قال عنه كولبه: إنه تعمد إغفال دليل قوي يفضي إلى توجيه الاتهام لجهاز الاستخبارات "الإسرائيلي" (الموساد), حيث لا تملك سوريا بالأساس تقنية تمكنها من تعطيل أجهزة التشويش على الأجهزة الإلكترونية المركبة بسيارة رئيس الوزراء اللبناني الراحل والمؤمَّنة جيداً, ومن ثم تفجير موكبه عن طريق جهاز تفجير إلكتروني, لا بل ولا تملكه غير سوريا من دول العالم الأخرى فيما عدا "إسرائيل".
الخبير الألماني أكد من جهته أن هذه التقنية تملكها حصراً شركة "إسرائيلية" هي التي تحتكر التحكم في أجهزة التشويش الخاصة بالسيارة. وإذا كان المحققون قد انقسموا حول طريقة تفجير سيارة الحريري, إن بعبوة ناسفة أو سيارة مفخخة؛ فهم ما كادوا يختلفون حول تعطيل أجهزة التشويش الإلكتروني لموكب الحريري, وهو ما ينحي باللائمة على الطرف "الإسرائيلي" عبر الشركة "الإسرائيلية", التي اتهمها كولبه بـ"تعطيل أجهزة التشويش قبل الانفجار بساعة حيث توقف عمل الجهاز الإلكتروني الخاص بتعطيل استقبال وإرسال أية ذبذبات، ليس فقط لأجهزة التليفون المحمول، بل وأية أجهزة تحكم عن بعض يعرفها العالم وتستخدم للتفجير عن بعد"(؛ فوفقا) "لما بينته الاختبارات التقنية لا يمكن تعطيلها إلا من الشبكة المركزية للتحكم في النظام الإلكتروني لتلك الأجهزة، والتي لا تملكها إلا الشركة الموردة لها وهي شركة إسرائيلية" (قدس برس).
وهذه أخطر ما ورد في كتاب كولبه, والذي بدوره ـ كذلك ـ يميط اللثام عن حقائق تالية, ويدفعنا لاستنتاجات إضافية:
1 ـ أغفل تقريرا ميليس عمداً تورط الشركة "الإسرائيلية" في عملية اغتيال الحريري.
2 ـ تم تحريك آلة الإعلام بإيعاز من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لتوجيه الاتهام "قبل أن تبرد جثة الحريري" إلى السوريين.
3 ـ استجاب الإعلام العالمي على الفور لوجهة النظر "الإسرائيلية" في إلصاق تهمة اغتيال الحريري لسوريا.
4 ـ استُخدمت هيئة الأمم المتحدة مطية لتنفيذ السيناريو الصهيوأمريكي في عزل سوريا والضغط عليها دون تثبت وبغوغائية فريدة.
5 ـ شكلت لجنة غير محايدة, وسارت باتجاه واحد في التحقيق, انطلق باتجاه سوريا ولم يتعداها برغم توافر أدلة قوية تثير الشك ـ على الأقل ـ في تورط "الإسرائيليين".
6 ـ تساوقت توجهات دول عربية وأجهزة إعلامها واستخباراتها مع الرغبة الصهيوأمريكية في إدانة سوريا, وتغليب المصلحة الضيقة على المصلحة العامة لهذه الدول.
7 ـ حملت عملية اغتيال الحريري تهديداً مبطناً لرؤساء وساسة عرب باحتمال تكرارها معهم إذا ما عطلت الشركة "الإسرائيلية" لأجهزة التشويش لمواكبهم.

الأهم من ذلك كله أن الكتاب لم يحظ باهتمام واسع النطاق من الدول العربية وشعوبها, برغم أنه يعالج قضية بالغة الخطورة ليس من حيث عملية الاغتيال نفسها وتداعياتها المحلية والإقليمية فحسب, وإنما من حيث تعاطي النظم والإعلام والشعوب العربية والدولية معها ومع السيناريوهات المشابهة لها.

وفي الأخير نسأل: ألم يكن جديراً بالمحللين السياسيين العرب ـ قبل كولبه ـ وضع دائرة الشك ابتداء حول قوم لم يتورعوا عن اغتيال الأنبياء, وتلطخت أيديهم في معظم حوادث الاغتيال الشهيرة في العالم بالدماء؟!

بقلم: أمير سعيد