أنت هنا

التهرب من الزهار: من "ضيق الوقت" إلى "ضيق الأفق"!
21 ربيع الأول 1427

إذا كان لقاء وزير الخارجية المصري مع نظيره د. محمود الزهار الفلسطيني قد ألغي لـ"ضيق الوقت"؛ فإن محللين كثيرين أردنيين وفلسطينيين وَسَمُوا إلغاء لقاء وزير الخارجية الأردني مع الزهار بـ"ضيق الأفق".. ويوم واحد فقط يفصل ما بين الإعلان عن "ضبط صواريخ ومتفجرات وأسلحة رشاشة" حاولت حركة حماس ـ بحسب البيان الرسمي الأردني ـ "تخزينها في الأردن", وموعد زيارة الزهار الملغاة غير كاف قطعاً لكي يمنح الادعاء الأردني المصداقية المرتجاة؛ فحماس التي استقرت سياستها منذ نشأتها على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وغير العربية محال أن ترتكب هذا المحذور السياسي.

كثير من الخلل اعترى الإعلان الأردني المفاجئ, وجاز به منطقة المعقول, إذ التوقيت مريب, والرواية غامضة, والاتهام غريب على "المتهمين" أو حتى خطهم الفكري المعروف: فالتوقيت ـ علاوة على ما تقدم ـ جاء "تحديداً بعد العملية الاستشهادية الأخيرة في تل أبيب، وبعد التهديدات الإسرائيلية والضغوط الأمريكية على الحكومة الفلسطينية بسبب رفضها إدانة هذه العملية، علماً بأن ترتيبات الزيارة كانت تجري خلال الأيام الماضية." وفقاًَ لبيان حماس هذه الليلة, والرواية " لم تكن متماسكة لأنها لم تحدد المكان والأشخاص المعنيين وكأنها اكتشفت مساء أمس أو صباح اليوم" طبقاً لتصريحات الأستاذ سالم الفلاحات المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الأردنية, وغير مفهومة من جانب حماس التي قال أحد قيادييها في رام الله وهو الأستاذ فرحات أسعد: "لا نفهم لماذا يتم إقحام حماس بمن يُدَّعى أنهم يهربون أسلحةً إلى الأردن، مع أن حماس ملتزمة بعدم العمل من خلال أي دولة عربية أو أجنبية، وفقط حصرت مقاومتها للاحتلال داخل فلسطين؟".

وعطفاً على ما تقدم؛ فإن الإعلان الأردني يتحدث عن واقع افتراضي بدلاً من أن يبعث فيه الزهار مساعديه للتحضير لزيارته للأردن, يرسل شحنات أسلحة إليه من إيران أو غير إيران, متجاهلاً حاجة بلاده لدعم حكومة الأردن لها, وضارباً بأدبيات الحركة عرض الحائط وحتى أدبيات جماعة الإخوان المسلمين التي خرجت حماس من رحمها والرافضة لتنفيذ عمليات عسكرية خارج البلدان المحتلة, وناسفاً لتاريخها مع الأردن الذي خلا من أي حادثة مماثلة في أي وقت لاسيما حين كانت العلاقات الحماسية/الأردنية على غير ما يرام إبان طرد قادة حماس حاملي الجنسية الأردنية إلى خارج البلاد, ومنعهم من ممارسة أدوارهم السياسية انطلاقا من الأراضي الأردنية؛ فهل تترك حماس المعارضة غير المثقلة بالأعباء السياسية والدبلوماسية استخدام الأراضي الأردنية لانطلاق نضالها, وتعبث بعلاقتها الأردنية في أدق أوقات حكومتها؟! ثم أخيراً: كيف تخزن حماس أسلحتها في الأردن من دون أن يقوم رجالها بذلك, هل تحركت الأسلحة من تلقاء نفسها, أو فرطت الأجهزة الأمنية في واجبها فتركت الجناة طلقاء؟!

إن الحقيقة التي ربما تغييب في لحظةٍ يعيد الأردن فيها ترتيب أوراقه, هي أن حاجة الأردن لحماس ربما كانت أكبر من حاجة الأخيرة إليه في الوقت الذي تتدثر فيها دول المنطقة ـ أو هكذا ينبغي ـ بدثار فضفاض في محيط دولها وعلى أبعاد آلاف الكيلومترات منها, وإذا كان قادة حماس يتحركون سياسياً بحرية ـ نسبية ـ في مدينة القدس؛ فإن من مصلحة الأردن أن يكون الأمر كذلك في عمّان أيضاً.
ناهيك عن أن الحكومة الأردنية إذا ما كانت تتحسب لإفادة إخوان الأردن من فوز حماس في الانتخابات بالعمل على تكرار السيناريو في الأردن؛ فإن هذه ليست الوسيلة الناجعة للحؤول دون وصول حكومة إخوانية لسدة الحكم في الأردن ذي الأغلبية الفلسطينية.

بقلم: أمير سعيد