أنت هنا

مناشدة من "المسلم": الاقتصار على مقاطعة الدنمارك الآن
5 محرم 1427

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله _صلى الله عليه وسلم_
وبعد:
إزاء ما تشهده الساحة الأوروبية من تصعيد باتجاه النيل من شخص النبي الخاتم الشافع المشفع, ولما لامسناه من محاولة أوروبية مكشوفة لإقالة دولة الدنمارك من عثرتها الاقتصادية والسياسية والإعلامية, عبر محاولة خسيسة لتوسيع دائرة الهجوم الأوربية على أفضل البشر, بغية فتح ثغرة تفلت فيها دولة الدنمارك التي صوت شعبها بأغلبية كاسحة في استطلاع أظهر رضاهم وتأييدهم للخط الرسمي الدنماركي المتبني لعدم الاعتذار عما اقترفته الأيدي الآثمة في صحيفة "يولانس بوستن" الدنماركية.
ولما شهدناه من حملة مباركة طيبة توحدت فيها الأمة الإسلامية خلف هدف سامٍ ورغبة جموح في نصرة الحبيب المصطفى _صلى الله عليه وسلم_ أفزعت فريق متنفذ في الإعلام والسياسة الأوربيين؛ فجمحوا إلى توسيع دائرة الهجوم الاستفزازي رغبة في تشتيت جهود المسلمين وحملهم على اتخاذ موقف غير مدروس بتوسيع نطاق المقاطعة الإسلامية لتشمل عدة دول عمدت إلى فك ربقة الدنمارك لما لمسوه من نجاعة الحملة التي قادها شباب العالم الإسلامي وتبعهم غيرهم؛ فبدأت عدة صحف وقنوات في أكثر من 5 دول أوربية بإعادة نشر الصور المسيئة لراسمها والرسول _صلى الله عليه وسلم_ أرفع وأعظم من أن يهز مقامه دعي على الإبداع والفن, وحيال هذه الخطة التي تنم عن فكر أوروبي قديم إستراتيجيا, ـ لأجل كل هذا ـ رأي موقع "المسلم" أن من واجبه أن يلفت نظر المسلمين إلى الانتباه لهذه الحيلة, والعمل على إفشالها ووأدها في مهدها الأثيم؛ ولذا فهو يعلن بكل وضوح عن شده على يد كل مسلم مستمر في مقاطعته لمنتجات الدولة الباغية وعدم تشتيت جهده في التابعين لهذه الدولة من الدول التي تقاطرت للاصطفاف خلف الدنمارك رغبة منها في فك الحصار عن دولة الإساءة بإفشال مخطط المقاطعة الإسلامي لها, لاعتبار أن تشتيتاً كهذا من شأنه أن ينسف هذه المقاطعة ويقوضها في وقت بدأت فيه تؤتي أكلها وثمارها الطيبة.
وإذ يعلن موقع "المسلم" ذلك الرأي الذي يؤيده فضيلة الدكتور ناصر العمر (المشرف العام على الموقع), ويشاركه العديد من قادة الرأي من المسلمين في ذلك, وبالتأكيد فريق من المؤمنين الراجين في بلوغ هذه الحملة شاطئ الانتصار للحبيب الشافع الحاشر _صلى الله عليه وسلم_, يود أن يلفت المسلمين للتيقظ حيال محاولات تخدير المسلمين ببعض المواقف الديبلوماسية غير الاعتذارية التي يحاول بها الساسة الغربيون ـ لاسيما رئيس وزراء الدنمارك ـ والكتاب النافرون من الإجماع الشعبي الناجز في العالم الإسلامي استغفال الشعوب المسلمة وضعضعة همتها الحميدة في تسديد ضربة مؤلمة للاقتصاد الدنماركي.
ومن هنا يرى الموقع أن تصريحات رئيس الوزراء الدنماركي التي بثت قبل يومين وقبلها اعتذارات الصحيفة الباغية المفرغة من مضامينها عزاها الكثير من الكلمات الحاسمة لكي تحظى بقدر من التفكير بالتعاطي معها أو المجادلة عنها على أقل فروض المواقف المضادة, ولزم أن نلفت في هذا السياق إلى أن اعتذارات رئيس وزراء الدنمارك قد لوحظ فيها ما يلي:
1ـ خلا تصريح رئيس الوزراء الدنماركي من أي صيغة اعتذاريه, وإنما تضمن تصريحه التعبير فقط عن "قلق" حكومته, ليس من الفعل وإنما من رد فعل المسلمين.
2 ـ لم يدن رئيس الوزراء الدنماركي ما اقترفته الصحيفة الآثمة, وإنما أوحى بأن ما فعلته قد أسيء فهمه وأن إهانة النبي _صلى الله عليه وسلم_ "لم يكن هو هدف الصحيفة" على حد قوله.
3 ـ أن رئيس الوزراء وهو يزعم أنه ليس له سلطة على الإعلام في بلاده لم يكلف نفسه حتى عناء مناشدة الصحيفة بالاعتذار, وهو حق تكفله له كل دساتير العالم, وهو رأي ولو على النطاق الشخصي كان من الممكن أن يعبر عنه.
4 ـ أن حديثه عن علاقة بلاده بالعالم الإسلامي التي قوامها كما جاء على لسانه "الصداقة والاحترام المتبادل" لم يزد على كونه محاولة لاستجهال العالم الإسلامي واستغفاله.
5 ـ وقع رئيس الوزراء في تناقض لافت حين تحدث عن تقاليد بلاده "العريقة" التي "تقوم على التمييز الواضح بين عالم الأعمال وعالم السياسة، وتدل هذه التقاليد العريقة على أن رجال الأعمال الدنماركيين لا يتدخلون في السياسة", في وقت بدا فيه منزعجاً من رد فعل العالم الإسلامي الاقتصادي بالأساس, والذي لا يتدخل بدوره في السياسة الدنماركية!
6 ـ جانب رئيس الوزراء الدنماركي الصواب لاعتباره أن الصحيفة الباغية قد اعتذرت, فيما هي لم تتجاوز حد رد فعله هو ذاته, حين عبرت عن تأسفها لا للرسوم وإنما لفهم المسلمين الخاطئ لها, حين توجهت بهذا الحديث لدولة إسلامية واحدة!

هذا, وإزاء ما يتعرض له العالم الإسلامي من هجوم إجرامي على شخص أعظم رجل وطأت قدماه _صلى الله عليه وسلم_, من كثير من البلدان الأوروبية؛ فإننا نهيب بالعالم الإسلامي الاقتصار على مقاطعة دولة الدنمارك اقتصاديا الآن من دون بقية الدول المسيئة, وعلى صعيد آخر لا يرى الموقع بأساً من توسيع الهجوم الإعلامي والسياسي والدبلوماسي ـ دون الاقتصادي ـ على كامل الدول المتورطة في الجريمة, حيث يبدو في المقابل أن توسيع دائرة المقاطعة في هذا الوقت بالذات من شأنه أن يوهن هذه الحملة ويشتت جهدها وهذا ما يرجوه أعداؤها المستهدفون, بينما توسيع دائرة الاستهداف الإعلامية لا يحصل منها مثل ذلك, وكل هذا اتساقاً مع ما جاءت به الشريعة من وجوب العمل بما يحقق المصلحة ويدرأ المفسدة, ويحقق النكاية في العدو, وحيث يتحقق ذلك في أحايين كثيرة من خلال التركيز على رؤوس الهجمة والعدوان والطغيان, قال الله _عز وجل_: "وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ", ويفسر القرطبي ذلك بقوله : "يحتمل أن يكون المراد [ فَقَاتِلُوا أَئِمَّة الْكُفْر ] أي: من أقدم على نكث العهد والطعن في الدين يكون أصلاً ورأساً في الكفر, فهو من أئمة الكفر على هذا, ويحتمل أن يعنى به المتقدمون والرؤساء عنهم", وحيث الطعن عند ابن كثير هو العيب والانتقاص في الدين, وحيث استبان من الواقع المنظور لاسيما في حملات المقاطعة المشابهة أن توسيع دوائرها يقوض أهدافها, كان المرتجى تسديد الهدف باتجاه واحد رجاء أن ينزجر من تولى كبر هذه الجريمة النكراء من رؤوس الفتنة ومشعلي براكينها, وهم إجمالاً دولة الدنمارك, لاسيما وقد بدأت الجهود الطيبة المباركة تؤتي شيئاً ملموساً من ثمارها, تمثل في انزعاج بات مشهوداً لرجال الأعمال والشركات الدنماركية الكبيرة مما أحدثته الرسوم الشائنة من خسائر جمة اقتصادية وأصداء سحبت بساطها على العالم الإسلامي برمته وبخاصة الدول العربية.
والله نسأل أن يرفع الغمة عن الأمة الإسلامية, وصلي اللهم على خير البشر وخاتم الرسل المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وسلم.